فتنة السفر إلى بلاد الكفر والفسق
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ،،
فلا يخفى على المتأمل في واقعنا المعاصر ما ظهر فيه من الفتن المتتابعة التي يرقق بعضها بعضا وينسي بعضها بعضا حتى تحولت في حياة كثير من الناس من كونها فتنة ومنكر يجب الابتعاد عنه إلى كونها أمرا مألوفا ومعتادا في حياتهم . وهكذا المنكرات عندما لا يحصل الإنكار لها فإنها تصبح وقد ألفها الناس وهنا مكمن الخطر. إذا أن فعل المنكر والوقوع في فتنته مع الشعور بأنه محرم وأن من هذه الفتن التي بدأت تكثر في السنوات الأخيرة فتنة السفر إلى بلاد الكفر والفسوق من دون حاجة ومن باب النصح لنفسي ولإخواني المسلمين أذكر فيما يلي بعض المفاسد التي يقع فيها أو في بعضها يفعله آثم أهون بكثير من فعله مستحلا له لكونه أصبح مألوفا لا ينكره الناس .ولا ضرورة وإنما بقصد السياحة والترفيه !!
بعض من ابتلي بهذه الأسفار والتي لا يستطيع المسافر أن ينفك عنها أو عن بعضها .
تعريض النفس لفتنتين عظيمتين لا يبالي الشيطان من أيهما دخل على الإنسان ألا وهما فتنة الشهوات وفتنة الشبهات . ولست في حاجة إلى ذكر أنواع الشهوات والشبهات التي يتعرض لها المسافر إلى بلاد الكفر والفحش والمنكرات ولا سيما إذا كان في صحبته زوجه وأولاده فهي معروفة ومشهورة.
والمطلوب من المسلم أن يفر بدينه من الفتن لا أن يفر إليها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن ) [البخاري : 18]. ولو سلم المسلم من الوقوع في الفواحش والخنا فلن يسلم من وقوع بصره في كل شارع وسوق ومطار على النساء المتبرجات الشبه عاريات فكيف سيحقق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ وكيف يغض بصره ؟ والخطير في الأمر أن تتحول هذه المنكرات إلى شيء مألوف يخلو القلب من إنكارها بسبب كثرة الامساس وتكراره ، وإذا خلا القلب من إنكار المنكر أصبح على خطر في إيمانه كما قال صلى الله عليه وسلم ( وذلك أضعف الإيمان ) أي إذا خلا القلب من الإنكار صار القلب مهددا بخلوه من الإيمان . وأما ما يسمع ويقرأ في تلك البلدان من الشبهات فحدث ولا حرج وتتأكد هذه المفسدة في حق من يصحب أهله وأولاده إلى تلك البلدان. وقد يقال إن هذه الأحاديث السابقة فيمن أقام الإقامة الطويلة بين الكفار وهذا صحيح ولكن المسافر إلى تلك الديار وإن كانت إقامته قصيرة ومؤقتة فلا يسلم في الغالب من الوقوع في الإثم وإن كان ليس كالمقيم الدائم وكل الوقوع فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، قال في ( النهاية في غريب الأثر ) في معنى الحديث : ( أي يلزم المسلم ويجب عليه أن يباعد منزله عن المشرك ولا ينزل بالموضع الذي إذا أوقدت فيه ناره تلوح وتظهر لنار المشرك إذا أوقدها في وعند أبي داود أيضا عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله صلى الله وسلم وقد يقول قائل بأني لا أسافر إلى بلد الكفر ولكن إلى بلاد إسلامية كتركيا وإندونيسيا وماليزيا ، والجواب على ذلك أن يقال : هناك الكثير من الناس يذهبون إلى ديار الكفار في الغرب والشرق كبريطانيا وفرنسا والنمسا وأمريكا وغيرها وأما الديار التي يسكنها غالبية مسلمة فإنها لا تختلف كثيرا قالوا : يا رسول الله ، لم ؟ قال : لا تتراءى ناراهما ) " أبو داود : 2647 ". منزله ولكنه ينزل مع المسلمين في دارهم) " النهاية 2 / 447 ".: ( من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ) " أبي داود :2789 " .
عن ديار الكفر من حيث الفتن والمنكرات وانتشار الفحش والفساد ومناظر العاريات الكاسيات وانتشار الخمور واستحلالها وغير ذلك من المنكرات فصار التفريق بينها وبين ديار الكفر لا محل له.
وهذه المفسدة تختص بمن يصحب أهله وأولاده بنين وبنات إلى تلك البلدان. ألا وهي تصوير الزوجة والبنات في جوازاتهم من غير حاجة شرعية أو ضرورة وتقديم هذه الصور لموظف الجوازات في تلك البلدان واطلاعهم عليها وقد يكون رجلا فكيف يرضى الرجل باطلاع الأجانب على صورة زوجه وهناك وفي تلك البلدان نسمع أن كثيرا من النساء لا يلتزمن بالحجاب الشرعي فيكشفن وجوههن وبناته من غير ضرورة ؟!!.
وأيديهن بل وشعورهن محاكاة لنساء تلك البلدان فما الذي أحل لهم ذلك.
المفسدة الرابعة: التعرض لأكل الطعام المشتبه في حله إما أن يكون لحما لم يذبح ذبحا شرعيا أو أكل بعض المأكولات التي تعود أهل تلك البلدان في أن تكون من مشتقاتها شيء من مشتقات لحم الخنزير أو الحيوانات الغير مذكاة ذكاة شرعية وقد يضطر للأكل في المطاعم التي تبيع الخمور ويجلس على موائدها وكل ذلك.
المفسدة الخامسة: الإنفاق الكبير على مثل هذه الأسفار من تذاكر للسفر وفنادق للسكن وأكل وشرب ونقل وغيرها ترهق الرجل بعشرات الآلاف من الريالات. وقد تكون حال هذا المسافر وسطا وقد يكون فد استدان لذلك فهل يجوز للرجل أن يحمل نفسه ديونا لغير حاجة وضرورة؟ من سيوفي عنه ديونه إذا مات؟ وهب أنه لم يستدن فلماذا لا يوفر هذه الأموال في نفقات شرعية هو محتاج إليها كبناء سكن له ولأهله أو وقد يكون على هذا المسافر ديونا لعباد الله عز وجل عليه يطالبونه بها قد حلت فكيف يماطل في حقوق الخلق ليذهب بهذه الأموال يستمتع بها وأهله في سفر لا يحتاج إليه شرعا ؟!! إن هذا أمر لا يقره شرع وقد حدثني أحد الإخوان بأنه أقرض أخا له مبلغا كبيرا وقد حل عليه سداده فطالبه بذلك فاعتذر بالإعسار ثم فوجئ به مسافرا مع أهله لدولة سياحية تكلفه عشرات الآلاف فكيف يجيز لنفسه هذا الظلم جاء في جريدة اليوم السعودية في عددها11/ذي القعدة /1432هـ تقريرا للإحصاءات الدولية عن السياح السعوديين وأنهم تزداد أعدادهم سنويا حيث ذكرت هذه الإحصاءات إلى أن عدد السياح السعوديين المتجهين للخارج عام 1432هـ2011 م . قد بلغ نحو 4 ملايين سائح ينفقون على ما يزيد بذلها في وجوه الخير للاجئين والجائعين والخائفين من المسلمين ؟ وما أكثرهم اليوم.
لعباد الله والاستهتار بحقوقهم ؟!!
على خمسين مليار دولار سنويا على السياحة . هذا منذ أربع سنوات فكيف اليوم ؟
المفسدة السادسة : مفسدة طاعة النساء و الأولاد في معصية الله عز وجل وذلك لأن كثير من الرجال يوافق غلى السفر بأهله تحت ضغط الأطفال والزوجة للمباهاة والتكاثر والتفاخر والمحاكاة ويغض الطرف عن المفاسد الكبيرة السابقة التي تسخط الله عز وجل لإرضائهم وقد حذرنا الله عز وجل من هذه الطاعة بقوله سبحانه : }يا أيها الذين أمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم{ [التغابن : 14] وقال سبحانه : }يا أيها الذين أمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون { [المنافقون :9 ].
وذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في كتابه النفيس ( اقتضاء الصراط المستقيم ) كلاما نافعا في معرض حديثه عن مخالفة النصارى في أعيادهم وعدم حضورها ونبه على الحذر من النساء والولدان في كونهم يطالبون أولياءهم بحضورها فقال رحمه الله تعالى : ( فهذا من مقتضيات المشابهة لكن يحال الأهل على عيد الله ورسوله ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره فإن لم يرضوا فلا حول ولا قوة إلا بالله ومن أغضب أهله لله أرضاه الله وأرضاهم ، وليحذر العاقل من طاعة النساء في ذلك ففي الصحيحين عن إسامة بن زيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما تركت بعدي على أمتي من فتنة أضر على الرجال من النساء ) " البخاري : 5,96 "، مسلم 2740 " وأكثر ما يفسد الملك والدول طاعة النساء ، وفي صحيح البخاري عن أبي بكر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) "البخاري : 4425" (اقتضاء الصراط المستقيم ) " 1/224 ".
وأختم المقال بفتوى صريحة في حكم السفر إلى بلاد الكفر والفسق للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى أنصح من ابتلي بمثل هذه الأسفار بقراءتها بتجرد وإخلاص وهل هي تنطبق على حاله في مثل فضيلة الشيخ بعض الشباب يريدون أن يتعلموا الطب وبعض العلوم الأخرى ولكن هناك عوائق مثل فأجاب : نصيحتي لهؤلاء أن يتعلموا الطب لأننا في بلادنا في حاجة شديدة إليه أما مسألة الاختلاط فإنه الاختلاط والسفر إلى بلاد الخارج ما الحل وما نصيحتكم لهؤلاء الشباب ؟
هنا في بلادنا والحمد لله يمكن أن يتقي الأنسان ذلك بقدر الاستطاعة .
وأما السفر إلى بلاد الكفار فلا أرى جواز السفر إلا بشروط : الأول : أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات ، لأن الكفار يوردون على أبناء المسلمين الشبهات.
الثاني : أن يكون عند الإنسان دين يدفع به الشهوات فلا يذهب إلى هناك وهو خفيف الدين ، فتغلبه حتى يردوهم عن دينهم . الشهوات فتلقي به إلى الهلاك.
الثالث : أن يكون محتاجا إلى السفر بحيث لا يوجد هذا التخصص في بلاد الإسلام .
فهذه الشروط الثالثة إذا تحققت فلتذهب فإن تخلف واحد منها فلا تسافر .
وبعد فهذا ما أردت بيانه والنصح به وما توفيقي إلى بالله عليه توكلت وإليه أنيب والحمد لله رب.