التقاء المصالح مع حزب الله يثير حماس الصهاينة
تسود حالة من التناغم غير المسبوق العلاقة بين حزب الله والكيان الصهيوني وصلت لدرجة أن النخب الأمنية لم تعد تتردد في كيل المديح لسلوكه الذي بات يعلب دوراً في تحسين البيئة الأمنية للصهاينة بشكل جذري.
ولم يعد قادة القادة الصهاينة من أمنيين وسياسيين ينكرون التقاء المصالح الواضح بينهم وبين الحزب، سيما في الساحة السورية.
فقد اعتبر الجنرال يائير جولان، نائب رئيس هيئة أركان الجيش أن قتال حزب الله إلى جانب نظام الأسد ودوره في مواجهة التنظيمات الإسلامية السنية كان له بالغ الأثر في تقلص مستوى الأخطار التي يتعرض لها الكيان الصهيوني.
وحسب منطق جولان، فأنه نظراً لأن كل التقديرات تؤكد أن التنظيمات السنية ستمثل تهديداً جدياُ للكيان الصهيوني في أعقاب سقوط الأسد، فإن كل طرف يسهم في إضعافها مسبقاً يسهم في الواقع في تحسين مكانة تل أبيب الإستراتيجية والإقليمية.
في الوقت ذاته، فأن جولان يشير إلى أن انخراط حزب الله في القتال سيسهم في إضعافه مما يقلص من رغبته لقتال الصهاينة مستقبلاً.
وقد أكد إفرايم هليفي رئيس جهاز "الموساد" الأسبق هذا المعنى عندما شدد على أن مشاركة حزب الله في القتال الدائر في سوريا يخدم المصالح الإستراتيجية للصهاينة بشكل لا يمكن للجيش الصهيوني أن يتقنه.
وقال هليفي:" قدرة حزب الله على ضرب الجماعات السنية التي تقاتل في سوريا أكبر من قدرة جيشنا وهذا يدلل على أنه يقوم بالعمل الذي يجب أن نقوم به دون أن ندفع أي ثمن لقاء ذلك"، مؤكداً أن جهود حزب الله تسهم في تمكين التنظيمات السنية من استهداف إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد.
وشدد هليفي على وجوب أن تأخذ تل أبيب عامل التقاء المصالح بينها بين أعدائها وأن تأخذ ذلك بعين الاعتبار عند تخطيط السياسات والإستراتيجيات في ظل التحولات المتلاحقة التي تتواصل في المحيط.
ومن اللافت أن الصهاينة قرأوا بتعمق مغزى حرص نصر الله على القاء الخطابات بوتيرة عالية مؤخراً مشيرين إلى هذا الواقع يدلل على الوضع النفسي البائس لنصر الله في أعقاب إدراكه حجم تراجع نظام الأسد.
وقال عاموس هارئيل، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هارتس" إن خسارة النظام معاقله بهذا الشكل أصاب نصر الله بالإحباط، مما دفعه إلى محاولة رفع معنويات رجاله عبر إطلاق الخطابات.
وأوضح هارئيل أن ما فاقم الشعور بالإحباط لدى نصر الله هو تمكن المعارضة السورية المسلحة من الافتراب من معاقل العلويين في الساحل السوري بشكل غير مسبوق، مشيراً إلى أن حزب الله والإيرانيين يعون تماماً دلالات هذا التطور.
من ناحيته قال المعلق الصهيوني آفي سيخاروف إن حزب الله بات يدرك أن استثماره الكثير من الطاقات وتقديمه الكثير من التضحيات لم يفلح في وقف تقدم الثوار السوريين وأن قدرة نظام الأسد على البقاء تراجعت إلى حد كبير.
وأوضح سيخاروف أن قرار قوى المعارضة التوحد في "جيش الفتح" مثل معضلة كبيرة لحزب الله، على اعتبار أن هذا التطور أسهم في زيادة فاعلية الجهد الحرب لهذه القوى.
وقد وصلت حالة التناغم بين الكيان الصهيوني وحزب الله لدرجة أن حكومة تل أبيب حرصت على إحاطة الحزب وإيران بأن المناورات العسكرية الكبيرة التي تجريها في شمال الكيان الصهيوني لا تهدف للتمهيد لضرب الحزب أو إيران.
وكشفت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن مصادر صهيونية قولها إن هذه الرسالة قد تم إبلاغها لكل من نصر الله وطهران عبر قنوات دبلوماسية غير مباشرة.
وفي السياق، واصل الإعلام الصهيوني التركيز مجدداً على دور التعاون السعودي التركي في تحسين المعارضة السورية في المواجهة ضد النظام.
فقد نقلت صحيفة "هارتس" عن مصدر عسكري صهيوني قوله إن السعودية وقطر وتركيا لعبت دوراً مهماً في ترجيح كفة المعارضة على النظام من خلال الدعم العسكري الكبير الذي حسن من قدرة الثوار على التقدم البري.
وأشار المصدر إلى أن الدول الثلاثة تعاونت في تزويد المعارضة السورية بصواريخ "تاو" المضادة للدروع والتي لعبت دور في تحييد مدرعات النظام بشكل كامل.
وقد طالب "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يديره وكيل وزارة الخارجية الصهيونية دوري غولد بمعاقبة تركيا لدورها في مساعدة الثوار.
وزعم المركز في ورقة تقدير موقف صادرة عنه أن الأتراك معنيون بإحداث تغيير جذري في سوريا من خلال بسط سيطرة المعارضة المسلحة على مناطق الشمال بشكل كامل.
ودعا المركز الغرب للتحرك ضد تركيا لإرغامها على التخلي عن هذه النهج.
وزعم المركز أن السماح بسقوط نظام الأسد في الوقت الحالي يعني تهيئة الظروف أمام قيام دولة خلافة إسلامية على أنقاض نظامه، محذراً من أن الإسلاميين "السنة لن يكتفوا بما أحرزوه في سوريا وسيتوجهون للإطاحة بنظام الأردن.
وقد توقعت قناة التلفزة الصهيونية الثانية سقوط نظام الأسد بشكل درامتيكي ودفعة واحدة وليس بشكل تدريجي.
وشددت القناة على أنه بدون تدخل مباشر وواسع من قبل كل من إيران وحزب الله وروسيا، فأن فرص النظام في البقاء تؤول إلى صفر، سيما في ظل تراجع معنويات جنود النظام واعتماده بشكل خاص على العلويين، بعد أن تسرب معظم الجنوب من الخدمة العسكرية.
وأكدت القناة أنه نظراً لإدراك طهران حرج وضع نظام الأسد، فأن مسؤولين إيرانيين باتوا لا يترددون في الدعوة لتوقيع اتفاق "دفاع مشترك" لتبرير تدخل إيراني على نطاق واسع.
وفي السياق شددت نخب أمنية صهيونية على وجوب عدم السماح بإسقاط نظام الأسد.
وقال الجنرال دان حالوتس، قائد سلاح الجو ورئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني السابق إن العالم بأسره سيدفع الثمن في حال تم السماح بسقوط نظام الأسد.
وزعم حالوتس أن الكيان الصهيوني سيتأثر بشكل واضح بحالة الفوضى التي ستعقب اسقاط نظام الأسد بشكل يهدد عمقها.
وحذر حالوست من أن التنظيمات "السنية" ستعمد إلى استهداف الكيان الصهيوني تماماً بعدنجاحها في إسقاط نظام الأسد، محذراً من أن مواجهة هذه التنظيمات ستكون مكلفة ومضنية وطويلة.
ولفت حالوتس الأنظار إلى حقيقة أن التنظيمات السنية لا يمكن ردعها مما يستدعي بذل جهد حربي كبير لتقليص قدرتها على العمل ضد العمق الصهيوني.
وتوقع حالوتس أن تتمكن التنظيمات السنية من شل طابع الحياة في الكيان الصهيوني من خلال استهداف العمق الحضري وضرب المنشآت العسكرية الحساسية ومرافق البنى التحتية ذات الأهمية الاستثنائية.
ويذكر أن نخب أمنية وسياسية وبحثية صهيونية قد حذرت من خطورة المس باستقرار النظام الأردني، على اعتبار أن وجود النظام يمثل مصلحة إستراتيجية للكيان الصهيوني.