حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة بالكونغو
قرار حظر النقاب في الفضاءات العامة، والذي اتخذته السلطات في الكونغو برازافيل، في الآونة الأخيرة، لم يتوقّف عن إثارة الجدل صلب الطائفة المسلمة بالبلاد التي تطرح تساؤلات مشروعة بشأن قرار لم تدرك المغزى من ورائه، خصوصا وأنّ البلاد لم تسجّل أيّ حوادث لها علاقة بارتداء النقاب في الأماكن العامة، بحسب شهادات متفرقة للأناضول. في سوق "بوتو بوتو"، عند الدائرة الثالثة من العاصمة برازافيل حيث يعيش أكبر عدد من المسلمين في البلاد، تدور نقاشات لا نهاية لها بشأن إعلان وزير الداخلية الكونغولي، زيفيريان مبولو، الأسبوع الماضي، أمام بعثة المجلس الإسلامي العلى بالكونغو، حظر ارتداء النقاب في الفضاءات العامة. فهم لم يدركوا الأسباب الكامنة وراء هذا الإجراء الذي برره الوزير بـ "الأخطار" المرتبطة بارتداء النقاب الذي "يمنح الفرصة لغير الحاملين لبطاقة الهوية وللمجرمين للتسلل إلى صفوف السكان"، دون الإشارة لوقائع محددة. بل إنّ البعض لا يقفون عند حدود التساؤل، ويبدون احتجاجا صريحا على "قرار يناقض القوانين الكونغولية وخصوصا المادة 18 من دستور 2 يناير (كانون الثاني) 2002 التي تنص على حرية المعتقد والضمير". "ديمبا"، سيدة من مسلمي الكونغو برازافيل، قالت من وراء محل المصاغة الذي تديره بسوق بوتو بوتو، في تساؤل من يرغب في الغوص إلى عمق الأشياء: "ارتداء النقاب هو أمر ينبع من تقاليدنا، لماذا يمنعوننا، اليوم، من القيام بذلك؟".. ديمبا ليست الوحيدة التي تبحث عن إجابات مقنعة لتساؤلاتها، فالكثيرون غيرها يتوقون إلى الوقوف على "السبب الحقيقي وراء صدور هذا القرار الوزاري". قرار غير مفهوم وغير "مرحب به"، و "يمكن أن يشكل عقبة أمام حرية الرأي والمعتقد على حد تعبير أحد الأئمة الذين التقتهم الأناضول في باحة المجلس الإسلامي الأعلى بالكونغو، والذي أضاف، مفضلا عدم ذكر اسمه: "لسنا راغبين في إثارة القلاقل عقب اتخاذ هذا القرار، ولكن وجب التذكير بأن الكونغو بلد علماني، وهو يحرص على ضمان حرية الرأي والمعتقد، وإن تم اتخاذ قرار مماثل بفرنسا فإنه لا يمكن أن يفرض علينا هنا، فنحن لم نكن أبدا نمثل تهديدا للكونغو ولمؤسساته ولم يصدر منا أبدا أية أعمال عدائية، أو أفعال إرهابية. واليوم حين نمنع ارتداء الحجاب، فأي قرار سيصدر بشأن الفتيات اللائي يرتدين التنورات القصيرة؟". ومن جانبه، اعتبر "روك اولوج نزوبو، رئيس دائرة حقوق الإنسان والتنمية، وهي منظمة غير حكومية ناشطة في الكونغو برازافيل، بأنّ "الحكومة من واجبها أن تتشارك معلومات أكثر مع السكان والمجتمع المدني، قبل اتخاذ أي قرار". وتابع نزوبو موضحا موقفه من المسألة: "لم يحصل وأن تعرضت الكونغو إلى تهديدات مصدرها الدين الإسلامي، هل إن القانون وقائي؟ وإن كان الأمر كذلك، فإن الحريات هي التي تتعرض للتهديد، فالمادة 22 من دستور 20 يناير (كانون الثاني) تنص على أن "الحق في الثقافة وفي احترام الهوية الثقافية لكل مواطن، مضمون" طالما أن ممارسة هذا الحق لا تضرّ بالأمن العام أو بالغير أو بالوحدة الوطنية". آنا ديمو، مسيحية تقطن بحي المسلمين بوتو بوتو، تقول من جهتها في نبرة تحمل البداهة: "طالما إن ارتداء النقاب يحترم الأخلاق العامة ولا يؤثر على حرية الآخرين، فإن هذا الحظر لا معنى له". إزاء هذا الإجراء الذي لم يلق قبولا من كافة الأطراف الكونغولية، اتسم موقف مسلمي الكونغو بالهدوء و لم تخرج مسيرات تندد بالقرار، كما لم يصدر عن المجلس الإسلامي الأعلى أي تعليق عن الموضوع وكل ما قام به رئيسه، الحاج جبريل عبد الله بوباكا إنه نقل القرار إلى الأئمة واستسمح من السلطات "بعض الوقت لتمرير القرار الجديد إلى الطائفة المسلمة"، الذي من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ بعد يوم غد الأربعاء، مضيفا أنّه، وزيادة على حظر ارتداء النقاب في الفضاء العام، فإن القرار يشمل أيضا منع إيواء المسلمين غير الكونغوليين (خصوصا الكاميرونيين ومسلمي إفريقيا الوسطى) في المساجد. وعلى صعيد آخر، قال مصدر أمني كونغولي، إن الشرطة الكونغولية أطلقت في شهر يناير/كانون الثاني عملية "مباتا يا باكولو" الهادفة إلى الحد من الإجرام و الهجرة غير الشرعية.ويعيش بالكونغو في الوقت الراهن نحو 800 ألف مسلم (أي نحو 5.8 % من إجمالي عدد السكان)، 20 % منهم أصولهم كونغولية، وفقا لتقديرات رسمية.