مخطط صهيوني لتغليب كفة المتدينين اليهود
يشهد الكيان الصهيوني جهود محمومة لتحويل أكبر عدد من العلمانيين للدين عبر التأثير عليهم من قبل مرجعيات دينية ومؤسسات الكيان الرسمية.
وتشير مراكز البحث ووسائل الإعلام الصهيونية إلى بروز دور لافت لحاخامات تخصصوا في "التبشير" واقناع العلمانيين بالتحول للدين، حيث يعمل هؤلاء في معظم المدن والمستوطنات.
وتؤكد وسائل الإعلام الصهيونية أن معظم هؤلاء الحاخامات ينتمون لأحزاب دينية حريدية وأحزاب دينية قومية، سيما حركة "شاس" وحزب "يهدوتهتوراة"، منوهة إلى أن هؤلاء الحاخامات يتوجهون للمقاهي والملاهي والفنادق والسجون وشواطئ البحر والأسواق، حيث يحتكون بالجمهور العلماني ويستغلون ذلك في محاولة إقناعهم بالتحول للدين.
وأوضحت قناة التلفزة الصهيونية الثانية أن الحاخام إيلي بلبز، المولود في المغرب، يعد أكثر الحاخامات نشاطاً في مجال "استتابة" العلمانيين، وهي العملية التي يطلق عليها بالعبرية "حزرا بتشوفا".
وذكرت القناة أن بلبز يعمد خلال محاولاته اقناع الشباب العلماني بالتحول إلى ضرب أمثلة يسخر بها من الدين الإسلامي ونبيه صلى الله عليه وسلم،مشيرة إلى أن هذا الحاخام تمكن من اقناع آلاف الصهاينة العلمانيين من التحول للدين.
في الوقت ذاته، كشفت قناة التلفزة الصهيونية العاشرة النقاب عن أن حاخامات نجحوا في إقناع عدد من الجنرالات العلمانيين بالتحول للدين، مشيرة إلى أن ضابطاً رفيعاً برتبة عميد في سلاح الجو أعلن تحوله للدين مؤخراً.
في الوقت ذاته عمدت مؤسسات الكيان الصهيوني الرسمية إلى تطبيق برامج وخطط تهدف إلى تحويل العلمانيين إلى متدينين، في مؤشر آخر يدلل على تعاظم تأثير النخب المتدينة على مقاليد الأمور في هذا الكيان.
وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني، الذي لازال العلمانيون يشكلون أغلبية قيادته، لم يسبق أن تبنى تنفيذ مشاريع وبرامج تهدف للتأثير على قناعات العلمانيين بغرض تحويلهم لمتدينين.
ومما يدلل على الأهمية التي تنظر بها نخب الحكم في تل أبيب إلى هذا المشروع فقد تم تدشين مؤسسة وزارية خاصة تعنى بالعمل في أوساط العلمانيين لإقناع بالتحول نحو التدين.
فقد أعلن وزير الأديان والاقتصاد نفتالي بنات مؤخراً عن تأسيس "إدارة الهوية اليهودية" التي تعمل بشكل خاص في صفوف العلمانيين، خصوصاً طلاب المدارس بهدف تغيير أنماط تفكيرهم عن الدين وصولاً إلى تحويلهم إلى متدينين.
وقد عين بنات، الذي يتزعم حزب "البيت اليهودي"، الذي يمثل اليمين الديني، المقرب منه الحاخام الجنرال احتياط أفيحاي رونتسكي، الذي شغل في الماضي منصب الحاخام الأكبر للجيش الصهيوني.
وفي مقابلة أجرتها معه مجلة "عولامكتان"، التي تعبر عن التيار الديني الصهيوني، في عددها الأخير، قالرونتسكي إن "الإدارة"، التي يقودها، شرعت بالعمل فعلاً في أوساط المدارس التي يرتادها بشكل خاص الطلاب العلمانيون.
وتحدث رونتسكي بانفعال عن حجم "تفاعل" الطلاب مع الأنشطة التي تنظمها الإدارة، مشيراً إلى أن الإقبال على المشاركة في هذه الأنشطة يفوق قدرة "الإدارة" على الاستيعاب .
ويزعم رونتسكي أن مدارء المدارس، وجميعهم علمانيون، يطالبون بتكثيف أنشطة الإدارة في مدارسهم، بل أن منهم من يبادر بالمطالبة بتعميم أنشطة الإدارة التي تحتضنها مدارسهم في جميع المدارس في أرجاء الكيان الصهيوني.
وقد أعلنت وزارة الأديان الصهيونية مؤخراً أن رغبة الطلاب المتعاظمة في التعرف على الدين وميلهم لتعزيز مركبات الهوية اليهودية لديهم، يفرض التوسع في أنشطة وبرامج "إدارة الهوية اليهودية".
وقد ذكرت صحيفة "هارتس" مؤخراً أن وزارة الأديان اقتطعت جزءاً من موازنتها وحولتها لـ "إدارة الهوية اليهودية" من أجل تمويل بناء عدد من المعاهد الدينية داخل المدارس، التي يرتادها الطلاب العلمانيون بشكل خاص بغية استقطاب المزيد منهم نحو الدين، ولتشجيعهم على أداء الصلوات والطقوس التعبدية اليهودية داخل حرم المدرسة.
ونوهت الصحيفة إلى أنه من أجل تعزيز ميول الطلاب العلمانيين للإقبال على الدراسات الدينية، فقد قررت الوزارة تخصيص منحاً دراسية للطلاب المعنيين بالإقدام على هذا النوع من الدراسات، حيث تقرر أن يتم منح مبلغ 4000 شيكل( حوالي1000دولار) لكل طالب يبدي استعداداً لخوض هذه التجربة.
وحسب معطيات الوزارة، فأنه في غضون وقت قصير انتظم 8000 في برامج للدراسات الدينية. لكن مهمة تخطيط وتنفيذ البرامج الهادفة لتحويل العلمانيين إلى متدينين لا يقتصر فقط على "إدارة الهوية اليهودية" ووزارة الأديان، التي تشرف على أنشطتها نخب متدينة، بل أن وزارات أخرى باتت تلعب أيضاً دوراً في تحقيق هذا الهدف.
وقد فرضت وزارة التعليم مساقات تعليمية وقررت برامج غير منهجية تساعد على التأثير على قناعات طلاب المدارس الابتدائية الذين ولدوا في عائلات علمانية بهدف تقريبهم من الدين.
فمن المفارقة أن وزير التعليم شاي بيرون السابق، الذي ينتمي لحزب "ييشعتيد"، الذي يقدم نفسه كـحامي حمى العلمانية في الكيان الصهيوني، هو تحديداً الذي أمر بفرض مساق تعليمي جديد يرمي إلى التأثير على توجهات الطلاب من الدين.
فحسب تعليمات بيرون، فقد تقرر فرض مساق جديد يطلق عليه "ثقافة إ يهودية"، ويهدف بشكل أساس إلى التأثير على توجهات الطلاب من الدين.
وقد ألزمت المدارس بتدريس هذا المساقل طلاب المدارس من الصف الأول وحتى الصدف السادس الابتدائي.
وقد خصصت الوزارة أيضاً مبلغ 45 مليون شيكل(15 مليون دولار) لتمويل مشروع "مطاح"، الهادف أيضاً إلى تعزيز العلاقة بين طلاب المدارس العلمانيين والدين اليهودي، ناهيك عن تطبيق مشروع "رحلة إسرائيلية"، الذي يهدف إلى تحقيق نفس النتيجة.
وقد أكدت صحيفة "هآرتس" أن الأنشطة والبرامج التي تشجعها حكومة نتنياهو أنما تمثل مرحلة متقدمة في إستراتيجيتها الهادفة لتغليب الطابع اليهودي على أي الطابع الديموقراطي، علاوة على تكريس الفروق الواضحة بين "مواطني الدولة" اليهود وغير اليهود.
اللافت أن هناك ما يدلل على أن بعض المشاريع الهادفة لتحويل العلمانيين إلى متدينين تهدف بشكل غير مباشر لتعزيز حضور وحظوظ اليمين الديني.
فعلى سبيل المثال، يتنافس الجنرال رونتسكي، الذي يعلب دوراً مركزياً في تنفيذ هذه المشاريع حالياً على قائمة مرشحي حزب "البيت اليهودي" في الانتخابات القادمة.
علاوة على أنه معروف بمواقفه الأيدلوجية التي تصل في تطرفها إلى حد الهذيان. فعندما كان حاخاماً أكبر للجيش أثناء حرب غزة الأولى في 2008،حرص على تزويد الضباط والجنود بعدد كبير من الفتاوى التي تجيز استهداف المدنيين الفلسطينيين.