دور المال اليهودي في تغذية مشاريع التهويد
لقد لعب المال اليهودي الخاص دوراً مركزياً في دعم
الكيان الصهيوني منذ الإعلان عن اغتصاب فلسطين.إلا أن المفارقة تكمن في أنه على
الرغم من مرور 68عاماً على قيام هذا الكيان،إلا أن المال اليهودي لازال يفرض
تأثيره على اتجاهات الصراع مع الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية.
إن المثال الأبرز على دور هذا المال المتعاظم هو ما يقوم
به الملياردير اليهودي الأسترالي إسحاق جوتنيك،الذي يتولى تمويل عمليات التهويد والإستيطان
في مدينة الخليل المحتلة،التي تقع في أقصى جنوب الضفة الغربية ومحيطها.
وبفعل التبرعات السخية التي قدمها جوتنيك،فقد تمكن
المستوطنون من شراء الكثير من العقارات في الخليل ومحيطها.
ويخصص جوتنك الذي جمع ثورة طائلة من الإتجار بالمجوهرات أموالاً
طائلة لدعم البناء في في البلدة القديمة من الخليل، فضلاً عن تمويل إقامة أحياء سكنية
كاملة في المستوطنات التي تقع في محيط المدينة، مثل مستوطنة " كريات أربع
".
ولا يتردد جوتنيك في تمويل الأنشطة السياسية والإجتماعية
التي ينظمها المستوطنون في الخليل الذين يعتبرون من غلاة المتطرفين.
ويسارع جوتنيك إلى تمويل الأنشطة القانونية التي تخصص للدفاع
عن المستوطنين أمام المحاكم، مع العلم أن المستوطنين في الخليل لا يترددون عن الإعتداء
على المواطنين الفلسطينيين والتنكيل بهم.
والمثال الثاني لدور رأس المال اليهودي في دعم المشروع
الاستيطاني يتمثل في الملياردير اليهودي الأمريكي شيلدون أدلسون، الذي يدعم مشاريع
استيطانية وتهويدية في الضفة الغربية. ويعد أدلسون أحد أبرز الداعمين لجامعة
"أرئيل"، التي تعتبر أول جامعة يهودية تدشن في الأراضي الفلسطينية التي
احتلت عام 1967، ويتولى تمويل برامج تعليمية فيها.
ويتولى أدلسون دعم مشاريع "قومية"، تضعها
مؤسسة الحكم ضمن أولياتها. فقد تبرع أدلسون في شهر يونيو الماضي بمبلغ 17 مليون
دولار لدعم برنامج الفضاء الإسرائيلي،وفي شهر آب تبرع بملغ 7 ملايين دولار لمؤسسة
"ياد فشيم"،التي تخلد ذكرى اليهود الذين قضوا في الحرب العالمية
الثانية.
ويعتبر أدلسون الذي كون ثروته الطائلة من خلال إقامة
كازيونات القمار في أرجاء الولايات المتحدة وكثير من دول العالم، المتبرع الرئيس
لحملات الليكود الانتخابية.
ولا يقتصر دور
أدلسون على دعم الليكود،بل أنه لكن مما لا شك فيه أن أهم إسهام لأدلسون يتمثل في
دعمه الكبير لسياسة الحكومة اليمينية في الولايات المتحدة من خلال الاستثمار في
تمويل الحملات الانتخابية للحزب الجمهوري ومرشحيه للرئاسة والكونغرس.
وهناك من يرى أن أدسلون لعب دوراً حاسماً في تحقيق
الجمهوريين الفوز الكبير في الانتخابات النصفية التي أجريت الأسبوع الماضي.
وقد كشفت صحيفة
"هارتس" في عددها الصادر في 14-10 النقاب عن أن أدسلون تبرع بـ 100
مليون دولار للمرشحين الجمهوريين الذين تنافسوا على مقاعد في مجلسي الشيوخ
والنواب. ونوهت الصحيفة إلى أن تحقيق أغلبية جمهورية في كل من مجلس الشيوخ والنواب
مثل هدفاً أسمى لأدلسون.
ومثل صديقه
نتنياهو، فأن حماس أدلسون للجمهوريين يأتي بسبب تبنيهم التلقائي لسياسات الحكومة
اليمينية في تل أبيب ودفاعهم عنها ومهاجمتهم لإدارة أوباما.
ومما لا شك فيه أن أدلسون يراهن من خلال دعم الجمهوريين
على إملاء موقف الكيان الصهيوني على الإدارة الأمريكية في قضايا عديدة،على رأسها
الملف النووي الإيراني والموقف من الاستيطان والتهويد والمفاوضات مع السلطة
الفلسطينية.
وقد سبق لأدلسون
أن تبرع بمبلغ 100 مليون دولار لحملة ميت رومي، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة
الماضية،الذي زاود على اليمين في تبني المواقف الصهيونية خلال حملته الانتخابية.
ويجاهر
أدلسون شخصياً بتبنيه مواقف يمينية متطرفة من الصراع مع الشعب الفلسطيني،ولا يتردد
في القول إنه: "لا يوجد شئ اسمه الشعب الفلسطيني، وهؤلاء (الفلسطينيون) كل ما
يعنيهم هو إبادة إسرائيل،لذا يتوجب على الدولة اليهودية أن تبني حول نفسها سور ضخم
لتأمين ذاتها". وقد عرض أدلسون على الملياردير اليهودي الأمريكي حاييم سبان
أن يقوما بشراء صحيفة "نيويورك تايمز" من أجل أن تتبنى الرواية
الصهيونية عند تغطيتها للأحداث في الشرق الأوسط.
ومما
لا شك فيه أن أحد أهم رجال الأعمال اليهود الذين يؤثرون على الصراع هو أورفينغ ميسكوفيتش، المسؤول الوحيد عن تمويل أنشطة منظمة
"عطيرات كوهنيم"،المسؤولة عن عمليات التهويد في القدس القديمة.
ولا يتردد ميسكوفيتش في تمويل أي مشروع إستيطاني في القدس
ومحيطها.
ولا يكاد يخلو تقرير صهيوني يتعلق بمشاريع التهويد التي تعصف
بالمدينة دون الإشارة للدور الذي يقوم به ميشكوفيتش.
فهذا العجوز الذي
جمع ثروة طائلة من خلال المضاربات لا يتردد في دفع أي مبلغ بهدف دفع مشاريع التهويد
قدماً في المدينة المقدسة.
وإلى جانب ذلك فإن
هناك تبادل أدوار واضح حكم العلاقة بين ميسكوفيتش من جهة وبين النخب السياسية الحاكمة
في تل أبيب بشأن مشاريع التهويد في القدس.
وفي الوقت الذي كانت فيه النخب الحاكمة تحرص على إصدار القرارات
والتشريعات المتعلقة بدفع مشاريع التهويد قدماً فإن ميسكوفيتش كان يتولى تمويل هذه
المشاريع.
وقد نشأت علاقة خاصة
بين ميسكوفيتش ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق أرئيل شارون والتي تجذرت بشكل خاص منذ أن
كان شارون يشغل منصب وزير الأسكان في العام 1990 والتي أعلن خلالها عن انطلاق مشروع
" القدس الكبرى "، والذي كان يهدف إلى رفع عدد اليهود القاطنين في المدينة
ومحيطها إلى مليون مستوطن.
وقامت خطة شارون
على بناء 26 حي يهودي جديد في البلدية القديمة من القدس ومحيطها، حيث لعب ميسكوفيتش
الدور الحاسم في تمويل معظم مشاريع البناء التي أقيمت في المدينة منذ ذلك الوقت.
ومن نافلة القول
أن ميسكوفيتش يعمل من منطلقات دينية متطرفة، حيث أن مشاريع التهويد التي يعكف على تمويلها
تهدف إلى إقتطاع كل المناطق التي يدعي اليهود
أنها تنتمي إلى ما يسمى بـ " الحوض المقدس "، الذي يضم قبور أنبياء وملوك
اليهود بزعمهم.
وهذا الذي يفسر حماس
ميسكوفيتش الشديد للإستثمار في البناء في بلدة " سلوان "، التي تقع شرق القدس،
حيث يزعم اليهود أن هذه البلدة تحتضن المدينة التي بناها النبي داود قبل ألفي عام.
وقد مول ميسكوفيتش شراء 560 دونم في الحي المذكور ، حيث أقيمت
على هذه الأرض ما يطلق عليه المستوطنون " مدينة داود "، فضلاً عن مسؤوليته
عن شراء معظم العقارات والمنازل في المدينة.
وهناك من يرى أن تبرعات ميشكوفيتش تكشف تواطؤ الولايات
المتحدة مع المشروع الاستيطاني التهويدي.
فالمبالغ الطائلة التي يقدمها ميسكوفيتش لدعم مشاريع التهويد
والإستيطان من المفترض أن تدفع كضرائب للخزانة الأمريكية، لكن يتم إعفاؤه من ذلك حيث
أنه أقنع سلطات الضرائب الأمريكية أنها يقدم هذه الأموال كتبرعات لجمعيات خيرية!!!.
وتعتبر هذه وسيلة مثلى يلجأ إليها الكثير من رجال الأعمال
والأثرياء اليهود للتملص من دفع الضرائب وفي نفس الوقت دعم المشاريع الإستيطانية في
إسرائيل.