• - الموافق2024/11/23م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الحوثيون يسرعون انفصال الجنوب

الحوثيون يسرعون انفصال الجنوب

بعد أن سقطت العاصمة اليمنية صنعاء في قبضة المسلحين الحوثيين، أصبحت خيارات الجنوبيين مفتوحة أمام كافة الاحتمالات، حيث دفعت أحداث سقوط العاصمة بمشاعر الاستقلال في الجنوب إلى الواجهة بعد اكتسابها مزيداً من المتعاطفين خلال السنوات الأخيرة الماضية.

وأصبح الشارع الجنوبي يراقب بقلق بالغ تطورات الأوضاع في الشمال في ظل تمدد جماعة الحوثي وسيطرتها الفعلية على عدد من المحافظات الشمالية بما فيها العاصمة.

وشهد الشارع الجنوبي نشاطاً مكثفاً لفصائل "الحراك الجنوبي" المختلفة خلال الأيام الماضية، حيث أحييوا الذكرى الـ51 لثورة 14 أكتوبر ضد المحتل البريطاني 1963م، بتظاهرة جماهيرية كبيرة في مدينة عدن تعد الأولى من نوعها.

ويرى مراقبون أن فرص دعوات الانفصال في جنوب اليمن باتت أوفر حظاً؛ بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء في ظل عملية سياسية هشة مهددة بالانهيار في أية لحظة، والتدهور غير المسبوق في أجهزة الدولة المختلفة.

وفي تقرير حديث أصدره مركز أبعاد للدراسات والبحوث، أكد فيه أن اليمنيين في الجنوب يشعرون أن فرصة تقرير مصيرهم وفك ارتباطهم بالشمال أصبحت سانحة الآن، وأن احتفالياتهم في ذكرى انتصار الثورة على الاستعمار الانجليزي في 14 اكتوبر 1963م بداية العد التنازلي لانفصال عدن عن صنعاء.

 وأشار التقرير الذي أصدره فرع المركز في عدن إلى أن الجنوبيين يرون أن مشروعية الانفصال هذه المرة وفرها اجتياح الحركة الحوثية المسلحة للعاصمة صنعاء في 20 سبتمبر بعد فرضها لواقع مسلح جديد بديلا للحكم الانتقالي الذي تضمنته المبادرة الخليجية الراعية لانتقال سياسي سلمي للسلطة الموقعة بإشراف اقليمي ودولي في نوفمبر 2011م.

 وأضاف التقرير ”يعتقد اليمنيون في الجنوب أن الصمت الرسمي والتواطؤ الاقليمي والدولي أمام سيطرة الحوثيين على المؤسسات المدنية والعسكرية ومنظومة السيطرة والحكم ، أدت إلى فشل مبكر للعقد الجديد للوحدة الفيدرالية التي تضمنتها مخرجات الحوار الوطني، وأدت إلى عدم فاعلية وجدوى قرارات مجلس الأمن بالذات القرار 2140 القاضي بعقوبات لمعيقي الانتقال وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".

مواقف الأحزاب

لأول مرة في تاريخ حزب الإصلاح الإسلامي، يعلن بصراحة تأييده لاستقلال الجنوب عن الشمال في احتفالية ذكرى ثورة 14 أكتوبر بساحة العروض بعدن، حيث أكد في بيان رسمي له على حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم.

وقال الحزب في بيان له "يجدد الإصلاح على موقفه الثابت في دعوة كافة أعضائه ومناصريه للمشاركة في الفعالية الاحتفائية التي ستقام في ساحة العروض بعدن تأييداً مطلقاً للقضية الجنوبية وعدالتها وحق أبناء الجنوب في تقرير مصيرهم".

كما طالب باحترام الإرادة الشعبية الجنوبية والاستجابة لتطلعاتها وفق أسس مدروسة تضمن السلم وتصون الأرواح وترتقي إلى مستوى عدالة القضية.

ويعد هذا البيان هو الأول في تاريخ حزب الإصلاح بعد أن ظل يتخذ معارضة شديدة لمسألة انفصال الجنوب، وهو تغير جذري يراه مراقبون أن الحزب بعد أن رأى علامات وواقع الانفصال في الجنوب أمراً حتمياً، أراد أن يحافظ على مكتسباته التي بناها في الجنوب خلال ثلاثة عقود ماضية.

بالإضافة إلى حزب الإصلاح، فقد توالت الدعوات المؤيدة لحق تقرير مصير الجنوب من أحزاب ومنظمات وسياسيين في الشمال، حيث أعلن الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي والمقرب من الرئيس اليمني السابق، صلاح الصيادي، تأييده المطلق والكامل لفك الارتباط بين الشمال والجنوب باعتبار أن الدولة التي توحد فيها الشمال والجنوب زالت وأصبحت تحت حكم المليشيات والجماعات المسلحة.

ووصف الصيادي ما حدث في صنعاء بـ «المؤامرة التي حاكتها مراكز نفوذ الشمال ضد الرئيس الجنوبي»، داعياً «المسؤولين الجنوبيين في صنعاء وبينهم الرئيس هادي إلى سرعة المغادرة والتوجّه إلى عدن لإعادة بناء الدولة الجنوبية بعيداً عن التخلّف والهمجية والرجعية»، على حد وصفه.

ويبقى موقف حزب المؤتمر الشعبي العام (الشريك الأول في صناعة الوحدة عام 1990م) غامضاً في ظل تدافع الكثير من قياداته الجنوبية بمباركة تقرير مصير جنوب اليمن.

الانفصال قادم لا محالة

ثمة من يرى من الجنوبيين أن جماعة الحوثي قد مهدت الطريق وجعلته معبداً للسير نحو تحقيق هدف فك الارتباط الذي ظل قطاع واسع من الجنوبيين يناضلون للوصول إليه منذ العام 2007م، ويعتبرون أن الحوثيين قد أسدوا للجنوب خدمة القضاء على المناوئين لفكرة الانفصال، بل وقد دفعت تطورات المشهد في العاصمة صنعاء إلى انفتاح دول اقليمية على مطالب الجنوبيين لتقرير المصير.

ويرى الناشط والصحفي الجنوبي فتحي بن لزرق "أن المكونات الجنوبية تعتقد أن سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء تمثل أخر مسمار يمكن أن يدق في نعش الوحدة بين شمال اليمن وجنوبه".

وينظر الجنوبيون إلى جماعة الحوثي –حسب الصحفي فتحي بن لزرق- باعتبارها جماعة دينية متشددة تحمل توجهات سياسية ودينية لا تتفق بالمجمل مع توجهات سكان الجنوب حيث لا تتمتع جماعة الحوثي بأي نفوذ سياسي في الجنوب".

وأضاف بن لزرق "تمثل سيطرة جماعة الحوثي على مقاليد الحكم في شمال اليمن تعزيزاً ودافعاً قوياً لمشاعر الانفصال في الجنوب، بل ستدفع بمن تبقى من الجنوبيين المؤيدين للوحدة مع الشمال بتغيير قناعاتهم السياسية".
وتابع حديثه "ستعزز سيطرة الحوثيين على الأوضاع في اليمن القناعة لدى قيادات بارزة في حزبي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح بضرورة فك الارتباط بالمركز الرئيسي في صنعاء وهو ما يبدو ان قيادات سياسية في هذه الاحزاب بدأت التوجه صوبه، وبالتالي فإن كل هذه العوامل ستساهم قدماً في تمكن الجنوبيين من استعادة دولتهم التي ناضلوا لأجلها منذ سنوات طويلة" .

في حين يرى الأكاديمي والباحث في مركز الجزيرة للدراسات نجيب غلاب إن "الاستراتيجية التي تحكم كل أفعال الحراك الجنوبي هي الانفصال، والوضع الراهن الذي فرضه الحوثيون في صنعاء، يمكن أن تستغله قوى الحراك في إتمام مشروع الانفصال واقعيا".

وأوضح غلاب "أن الحوثيون صاروا اليوم رأس حربة الانفصال حيث يعملون بجهد عالٍ على إضعاف وتدمير الحاضنات السياسية والاجتماعية للوحدة شمالا وجنوبا، وكل أفعالهم تقود إلى تهيئة الجنوب للانفصال ولديها خطوط تواصل مع تيارات جنوبية في هذا السياق".

وبيّن أن "الحوثية هي الوجه الآخر للانفصال، وتكاملها مع أشد أصوات التطرف الجنوبي - الحراك الجنوبي فصيل البيض- واضح وكلاهما تربطهما صلة بإيران"، لافتا إلى أن "جنوب اليمن مرتبط بالتحولات الدراماتيكية في الصراع القائم في صنعاء ومصيره ستحدده طبيعة تلك التحولات فالانفصال وإن كان خيار تيارات جنوبية معروفة، إلا أن تحققه متصل بنسق الأحداث في الشمال والأقاليم ناهيك عن الاستراتيجيات الغربية الغير معلنة".

وبالنسبة للحوثيين فإن انفصال الجنوب لا يعنيهم، كونهم يريدون الحفاظ على مكتسباتهم في حكم الشمال الذي يرونه حقاً أزلياً لهم دون غيرهم، ويؤكد ذلك زيارة عدد من القيادات السياسية للجماعة إلى محافظة عدن ليلة إقامة الفعالية الكبرى في الجنوب، غير أن اللجنة التحضيرية للفعالية رفضت لقائهم ورحبت بهم كضيوف فقط، وسط مخاوف جنوبية من تمكن الحوثيين الوصول إلى مناطق جنوبية نفطية وصناعية خلال موجة توسعهم المتدفقة.

ويبدو واضحاً أن الحوثيين -بدون قصد-  سيدفعون عجلة انفصال جنوب اليمن عن شماله إلى الأمام، من أجل ترتيب أوراقهم في شمال البلد وترك الجنوب في حال سبيله كون بيئة الجنوب لا تتوافق مع بيئة وفكر الحكم الحوثي.

 

أعلى