تتجه مصر شرقًا نحو الصين لتطوير قدراتها العسكرية وتبدو أن أمريكا بدأت في فقدان هيمنتها الكاملة على الشرق الأوسط، مما ينذر بتحولات استراتيجية غير مسبوقة في المنطقة.
المصدر ناشونال انترست
بقلم: براندون ج. ويشيرت
براندون ج. ويشيرت محرر أول لشؤون الأمن القومي في مجلة "ذا ناشونال إنترست". وهو
أيضًا كاتب في مجلة " بوبيولار ميكانيكس"، ويقدم استشارات منتظمة للعديد من
المؤسسات الحكومية والمنظمات الخاصة حول القضايا الجيوسياسية.
لقد أفلت الشرق الأوسط تماماً من قبضة الولايات المتحدة، وسقط في أيدي خصومها. وليس
من المستغرب أن تكون واشنطن غافلة تماماً عن هذه التطورات. وكذلك إسرائيلي، التي
عادةً ما تكون شديدة الانتباه حتى لأبسط التحولات الجيوسياسية في منطقتها.
منذ الغارات الجوية الإسرائيلية على أهداف يُشتبه في أنها تابعة لحماس في الدوحة،
قطر، بات العالم العربي في حالة تأهب قصوى، وهو أمرٌ مُبرر. وسعياً لإعادة تشكيل
الوضع الأمني
بما
يُناسب مصالحهم، وإدراكاً منهم أن الولايات المتحدة لن تُوفر لهم الدعم
الاستراتيجي، يسعى العرب بهدوء إلى إيجاد ترتيبات جديدة.
أولًا، يتقدم الأتراك ببطء ولكن بثبات نحو المنطقة. ثانيًا، ردًا على سلوك الحكومة
الإسرائيلية غير المستقر، بدأ السعوديون في ممارسة دبلوماسية ودية مع خصومهم
الإقليميين في إيران. ثالثًا، يدعو المصريون إلى إنشاء قوة رد فعل سريع للعالم
العربي... ليس لاحتواء إيران، كما كان يأمل صناع السياسة الأمريكيون لسنوات، بل
لردع الإسرائيليين.
مصر تتطلع شرقاً للحصول على مساعدة عسكرية
لذا اتجهت مصر نحو الصين (والروس). ففي الأشهر الأخيرة، دعت مصر بهدوء جهات عسكرية
صينية إلى أراضيها. وقد أجرى جيشا البلدين مناورات عسكرية مشتركة في مصر مطلع هذا
العام.
وردت أنباءٌ تفيد بأن شركة نورينكو الصينية، عملاق صناعة الأسلحة المملوكة للدولة،
بصدد افتتاح مصانع إنتاج مشتركة في مصر لإنتاج طائرات مسيّرة مسلحة. وتحديداً،
تتعاون مصر مع الصين على توطين إنتاج طائرة
ASN-209
المسيّرة المسلحة الصينية، تحت مظلة مشروع "حمزة-2".
وستتولى الهيئة العربية للتصنيع (AOI) نحو
85% من الإنتاج المحلي في مصر ، مما يُمكّن مصر من إتقان تصنيع هذه الطائرات
باستخدام المدخلات الصينية. وتتيح هذه الصفقة للصين توسيع نطاق أعمالها في الشرق
الأوسط، وخلق سوق جديدة لشركة نورينكو.
مصر تبني طائرات مسيرة متطورة لردع إسرائيل
على الرغم من أن المواصفات الدقيقة لطائرة حمزة-2 المسيّرة لا تزال مجهولة، يُعتقد
أنها طائرة استطلاع ومراقبة وهجوم متوسطة الارتفاع. تتميز بتصميم ذراع مزدوج ومحرك
مكبسي بسيط، مما يمنحها مدى طيران طويل (حوالي 1500 كيلومتر/932 ميل) وقدرة تحمل
عالية. تُقدّر سرعتها القصوى بـ 200 كيلومتر في الساعة (124 ميل في الساعة).
صُممت هذه المركبة غير المأهولة لأغراض الاستطلاع والضربات الدقيقة، وهي تمثل نقلة
نوعية هامة للقوات المسلحة المصرية.
علاوة على ذلك، يُعدّ قرار التعاون مع الصين في تطوير طائرات مسيّرة مسلحة جزءًا من
حشد عسكري مصري أوسع نطاقًا. ومن الواضح أن هذا التوجه يستهدف جيران مصر
الإسرائيليين شرقًا، الذين ترى القاهرة أنهم تجاوزوا الحدود في حربهم ضد حماس في
غزة، وفي معاملتهم لجيرانهم العرب.
منذ أن غزت إسرائيل غزة في أعقاب الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر، سعت إسرائيل إلى
إجبار غالبية السكان العرب في غزة على الخروج من منازلهم واللجوء إلى صحراء سيناء
المصرية جنوباً.
وتبدو أهداف مصر واضحة من جراء تلك الصفقة مع الصين وهو إحداث ثورة في الشؤون
العسكرية لمصر لكي تتمكن من ردع ما تعتبره عدوانًا إسرائيليًا غير مرغوب فيه موجهًا
ضدها. بالطبع، سيرد الإسرائيليون بأنهم يدافعون عن أنفسهم فقط ضد جيران يزدادون
عدائية.
بغض النظر عمن هو على حق ومن هو على خطأ، تبقى الحقيقة أن مصر تتطلع إلى الصين
للمساعدة في إطلاق ثورتها في الشؤون العسكرية - وهذه الثورة تدور حول ردع دولة
واحدة فقط، وهي إسرائيل.