• - الموافق2024/04/28م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha

تعد أجهزة المخابرات إحدى أهم الأجهزة التي قامت عليها الدول تاريخيًا، وحتى يومنا هذا، بل إن إحدى مظاهر سيادة العالم اليوم تكمن في تصدر قائمة أفضل أجهزة المخابرات في العالم


ينشغل الكثير من الناس، بين فترة وأخرى بالبحث عن فرضية أن ثمة قوى خفية تحكم العالم، يتجدد هذا الحديث مع كل حدث خاصة منها التي يكون أطرافها أجهزة المخابرات الدولية، تبقى هذه الفكرة في الرؤوس تغيب وتعود، ولكنها لا تُكذَب مع دخول الأساطير فيها، ولا تُصدَق مع اختلاطها بالكثير من الحقائق، وفي ذلك تم تأليف الكتب، وإجراء البحوث، والاستقصاء، وكتبت في ذلك المقالات، ولكن لم يجزم شخص ما حتى اليوم بحقيقة أو كذب ذلك.

إحدى هذه الفرضيات أن المتحكمين في العالم، هم مجموعة من أجهزة المخابرات، ولا دليل على صدق أو كذب هذه المعلومات، لكن الكواليس الحقيقية التي تسيطر على هذا العالم تعتمد على مبدأ أن الحكم والسيطرة دائمًا تعود إلى من يحوز ويملك المعلومة ثم الثروة، لأنك إذا كنت تملك المال، فأنت بالتأكيد تمتلك القدرة على تمويل المشاريع الكبيرة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، وصولاً إلى إقراض البلدان والشعوب والسيطرة عليهم من خلال الديون، أما إذا ملكت المعلومة فبمقدورك تمويل الانقلابات والحروب والمظاهرات والفوضى.

تعد أجهزة المخابرات إحدى أهم الأجهزة التي قامت عليها الدول تاريخيًا، وحتى يومنا هذا، بل إن إحدى مظاهر سيادة العالم اليوم تكمن في تصدر قائمة أفضل أجهزة المخابرات في العالم، وهو ما يبرر الأموال الطائلة التي تفرد لهذه الأجهزة ميزانية لتمويل أنشطتها، العلنية منها والخفية.

 

اجتماع سنغافورة المخابراتي السري فتح شهية الحديث عن "المؤامرة"، لكنها وإن كانت حقيقة موجودة، كفكرة عامة لا يمكن إثباتها أو نفيها

ويمكن تعريف المخابرات أو الاستخبارات بأنها جهاز ومؤسسة من مؤسسات الدولة تختص بجمع المعلومات وتحليلها، وللمخابرات مهمتين أساسيتين تتعلّق الأولى بجمع المعلومات عن البلدان والمؤسسات الأجنبية وتقييمها، وتتعلق الثانية بالدّفاع عن الدّولة ضد التجسس، والأعمال الأخرى التي تستهدف إضعاف البلاد، وتشارك بعض أجهزة المخابرات في عمليات سرية، أي أنها تتولى بشكل سري أنشطة سياسية مصممة للتأثير في مجريات الأحداث في بلدان أجنبية بهدف تحقيق مكاسب للدولة.

ولم يكن العالم الإسلامي استثناء من حيث اعتماده على أجهزة المخابرات، فمنذ القدم كان للمخبرين دور فعال في توفير المعلومة للحاكم، ومع تطور الإنسانية تحول أولئك الأفراد إلى أجهزة ومؤسسات طالما احتفظت لنفسها بدرجات كبيرة من الغموض.

وفي مطلع شهر يونيو الجاري 2023 سربت مصادر مطلعة اجتماعًا سرياً حضره مسؤولين كبارًا من نحو 20 من أجهزة المخابرات الكبرى في العالم، على هامش اجتماعات "حوار شانغريلا" الأمني في سنغافورة.

هذه الاجتماعات تنظمها حكومة سنغافورة وتعقد سرًا في مكان منفصل إلى جانب القمة الأمنية منذ عدة سنوات، ولم يتم الكشف عن هذه الاجتماعات من قبل.

اجتماع سنغافورة المخابراتي السري فتح شهية الحديث عن "المؤامرة"، لكنها وإن كانت حقيقة موجودة، كفكرة عامة لا يمكن إثباتها أو نفيها، وما يقدمه الباحثون عن المؤامرة لا يختلف مهما بدا متماسكا عن الافتراضات والتحليلات المستمدة من النظريات العلمية ومن المصادر المتاحة في كونها جميعًا محاولات للمعرفة.

فما يقال عن مؤامرة الاجتماع السري لمخابرات العالم في سنغافورة يفترض أنه معلومات خفية، ولا يمكن الوثوق بالمعلومات التي يزعم المؤمنون بالمؤامرة أنها دليل أو وثائق سرية أو متسربة فمن يجزم بأن المؤتمرين أنفسهم هم من قدم أو سرب هذه المعلومات والوثائق؟

ووفق الوكالة فقد شاركت مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية أفريل هينز في الاجتماع السري ممثلة للولايات المتحدة، في حين كانت الصين من بين الدول الأخرى الحاضرة، رغم حالة التوتر بين القوتين الكبيرتين.

 

مع ظهور ما يعرف بحروب الجيل الرابع، تعاظم دور أجهزة المخابرات حتى أصبحت الأجهزة الرئيسية في حكم العالم، وصاحبة التأثير الأقوى

وقال مصدر هندي إن سامانت جويل مدير جهاز المخابرات الهندية، جناح البحث والتحليل، حضر الاجتماع أيضًا، وقال شخص مطلع على المناقشات إن "الاجتماع عنصر مهم على أجندة الظل الدولية، وبالنظر إلى مجموعة البلدان المعنية فإن هذا ليس اجتماعا مخابراتيا بل بالأحرى هو وسيلة لتعزيز فهم النوايا وبواطن الأمور على نحو أعمق".

ويرى المفسرون لهذا الاجتماع الفريد، أن "هناك شفرة غير معلن عنها بين أجهزة المخابرات تتمثل في أن بوسعهم التحدث عندما تكون هناك صعوبة في التواصل والتعامل الدبلوماسي.. إنها عامل مهم للغاية خلال أوقات التوتر واجتماع سنغافورة يساعد في تعزيز ذلك".

بينما يرى بعض المحللين أن أجهزة المخابرات لم تعد تنفذ ما يطلبه منها الساسة، لكنها أصبحت تقود السياسة وترسم السياسات، بل وكثيرًا ما تحدد توجهات رأس المال الباحث عن الفرص الاستثمارية، ولم تعد المخابرات مجرد أجهزة لجمع المعلومات، بل تخطت هذا الدور إلى أن تحولت إلى أجهزة توجيه الرأي العام.

ومع ظهور ما يعرف بحروب الجيل الرابع، تعاظم دور أجهزة المخابرات حتى أصبحت الأجهزة الرئيسية في حكم العالم، وصاحبة التأثير الأقوى على القرار السياسي لمعظم من نطلق عليهم قادة العالم.

وتعتمد الهيمنة على العالم على عدة ركائز أساسية أهمها، الرقابة المالية وإنشاء التنظيمات السرية ومراقبتها مثل الماسونية، المتنورين، وغيرها الكثير، إضافة إلى السيطرة السياسية على الحكومات من خلال التلاعب بالأشخاص الرسميين والمؤثرين.

وذلك إما بأن يصبحوا أعضاء في هذه المنظمات السرية أو عن طريق الديون الشخصية أو بدفع أجورهم، والعمل على ضبط موارد الطاقة ومصادر المياه والشركات الزراعية وكذلك شركات الأسلحة والأدوية، كما أن عملهم جاد ومستمر للسيطرة على أهم مصدرين للمعلومات للناس، التعليم والإعلام، والتي من خلالها يمكن السيطرة على عقول الناس لتغيير الأفكار والأديان وقناعات المنظمات ومبادئ التجمعات، وكل ذلك بوسائل الدمار الموجهة كالحروب، الثورات، الانقلابات والاغتيالات.

ربما يفسر ذلك فكرة إنشاء المنظمات العالمية مثل منظمة التجارة العالمية، منظمة الصحة العالمية، صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وحتى الأمم المتحدة نفسها، والتي أقامت بناءها على أرض قدمها الملياردير الأمريكي "روكفيلر"، ما هي إلا جزء من هذه المنظومة والقوة الخفية.

الباحث الأمريكي، فوستر جامبل، واحد من الذين سلطوا الضوء على آلية عمل هذه المجموعات قائلًا "إننا نحن الشعوب في المستوى الأدنى نعيش حياتنا اليومية، وفوقنا الحكومات وهم الذين يحتكرون القوة ويستخدموها لفرض ضرائب علينا ومراقبتنا سواء وافقنا أم لا، ولكن من يسيطر عليهم في المستوى التالي هي الشركات وليس الدول القومية التي حكمت العالم قديمًا.

حيث إن نظام الشركات – والحديث لـ جامبل- يعمل للحصول على موارد العالم والسيطرة على الأسواق، كما أن هذه الشركات الكبرى تحصل على قروضها بأسعار خاصة من البنوك الكبرى، مما يعني أن أولئك الذين يسيطرون على البنوك الكبرى، وهي النخبة المالية، تسيطر في النهاية على الشركات، وهذه النخبة هي مجموعة من العائلات المصرفية فائقة الثراء مثل عائلة روتشيلد، وروكفيلر، ومورجان والشيف واربورغ.

وتلتحم أنسجة المخابرات في العالم مع تنظيمات أكثر ثراء ودهاء وقوة، أهمها الحركة الماسونية، إذ يعتبر المحفل الماسوني الكبير المتحد في لندن، بمثابة المحفل الأم للماسونية في العالم وربما منه يخرج الخيط الرفيع الذي يتشابك مع أجهزة المخابرات.

ومن المفارقات أن بوش الأب الرئيس الأمريكي كان رئيسًا للمخابرات المركزية الأمريكية أثناء تفكك الاتحاد السوفيتي، وأن بوش الابن لم يكن يومًا من المنتمين للمخابرات الأمريكية، لكنه كان شديد الولع والطاعة أيضًا لتعليمات المخابرات الأمريكية حتى أنه اشتهر بأنه يدير البلاد بعقل وأفكار رجال المخابرات. وأن الرئيس بوتين قيصر روسيا الحالي، جاء إلى الحكم من جهاز المخابرات.
ربما لن يتسنى لأحد الاطلاع على ما دار في الاجتماع السري للمخابرات الذي انعقد في سنغافورة، ولم نعرف من يحكم العالم لكننا تأملنا في الأصابع التي تحرك المخابرات ومنها القوة والتأثير والنفوذ مثل السلطة والجيوش والدين والعائلات والتجارة والاقتصاد والعولمة ثم تحولاتها الجارية والتي تغير فيها اليوم جذريًا بسبب الحوسبة والشبكية، وكأن العالم يفكك ويعاد تركيبه من جديد على نحو يبدو فوضويًا.

أعلى