باكستان.. صفعة جديدة لأمريكا
قالت تقارير نشرتها رويترز إن الجيش الباكستاني
قرر قطع الطريق على إمدادات الولايات المتحدة وحلف الناتو المتوجهة إلى أفغانستان
وكذلك طلبت الحكومة الباكستانية من الولايات المتحدة إخلاء قاعدة شمسي الواقعة في
إقليم بلوشستان بعد مقتل 28 جندي باكستاني نتيجة غارة من طائرة بدون طيارة استهدفت
نقطة عسكرية على الحدود مع أفغانستان.
وتفيد التقارير الواردة من إسلام أباد أن حديث
باكستان السياسي جدي وصارم بعد أن توقعت مصادر سياسية أن يخلف هذا الهجوم حالة جدل
سياسي في الأوساط الباكستانية عن طبيعة العلاقة بين حكومة باكستان والولايات
المتحدة وخصوصا بعد الأزمة الأخيرة التي سببها حادثة اغتيال زعيم تنظيم القاعدة "أسامة
بن لادن".
وصرح مسؤول حكومي باكستاني بأن العلاقة مع
أمريكا لن تكون كسابق عهدها، وفي نفس السياق ذكرت مصادر أن القوات الأمريكية في
القاعدة بدأت تستعد لإخلاء القاعدة التي تستخدمها الاستخبارات المركزية الأمريكية
لملاحقة " المجاهدين" على الحدود الأفغانية الباكستانية.
ويتعين على الولايات المتحدة أن تجد طرق جديدة
لإدخال إمدادات لقواتها في أفغانستان بعد أن قطعت باكستان طريق الإمدادات، فيما
قال عضو في الكونغرس الأمريكي إن لديهم شبكة واسعة لتغطية طريق الإمدادات في حال
تم تنفيذ القرار الباكستاني الذي يخص قطع الإمدادات.
ويعتقد أن الأجواء تلطفت قليلا بين باكستان
وواشنطن بعد مرور أشهر على مقتل "بن لادن" لكن الحادث الأخير دمّر كل
شيء وأعاد العلاقات إلى أسوء مما كانت عليه، ويقول الجيش الباكستاني إنه زود قوات الناتو
بعلامات ونقاط لأماكن تواجد عناصره، حتى يتم تفادي حالة الارتباك أثناء تنفيذ
عمليات عسكرية، لكن الأمريكيين يقولون إن عناصر من الجيش الباكستاني لربما تكون
متورطة مع "الإرهابيين"، أو أن ما تصفهم الإدارة الأمريكية "بالإرهابيين"
يقومون بتنفيذ عمليات بالقرب من مواقع عسكرية باكستانية لافتعال نزاع مسلح بين
الجيش الباكستاني و "الناتو" أو الجيش الأفغاني.
ووصل وزير خارجية دولة الإمارات الشيخ "عبد
الله بن زايد آل نهيان" إلى إسلام أباد في زيارة غير معلنة، و اجتمع مع الرئيس
"آصف علي زردارى" و طلب منه سحب الموعد النهائي المحدد للولايات المتحدة
لإخلاء القاعدة الجوية.
و عقد اجتماع طوارئ للجنة الدفاع بمجلس الوزراء
الباكستاني يوم السبت عقد برئاسة رئيس الوزراء "سيد يوسف رضا جيلاني" القرار
بمطالبة الولايات المتحدة بمغادرة القاعدة الجوية. و قررت اللجنة أيضا الإغلاق الفوري
لخطوط الإمدادات اللوجيستية للناتو و الإيساف في باكستان.
و قال الرئيس "زرداري" لوزير خارجية
الإمارات إن اللجنة اتخذت القرار و لا يمكن الرجوع فيه. ووردت تقارير بأن وزير خارجية
الإمارات نصح الرئيس الباكستاني بتأجيل إخلاء القاعدة حتى يكمل الناتو التحقيق في الحادث.
و قال "يجب أن تظهر باكستان الصبر"، وفقا لما نقلته قنوات التليفزيون المحلي
عن وزير خارجية الإمارات.
وصرّح قائد سلاح الجو الباكستاني الفريق أول "راو
قمر سليمان" في البرلمان في مايو أن قاعدة شمسي الجوية تستخدمها دولة الإمارات.
و قال الإعلام الباكستاني بعد ذلك إن دولة الإمارات سمحت للولايات المتحدة باستخدام
القاعدة الجوية.
وتشهد باكستان حالة استياء شعبي من تعامل
الحكومة مع الملف الخاص بالعمليات العسكرية التي تنفذها القوات الأمريكية على
الحدود، لذلك فإن الحكومة تخشى من حالة الغليان التي تصاعدت مع اغتيال "بن
لادن" زعيم القاعدة.
وقبل أيام قدم "حسين حقاني" سفير باكستان
في الولايات المتحدة استقالته بسبب ما تردد عن أنه سعى إلى طلب مساعدة الإدارة الأمريكية
ضد القادة العسكريين في بلاده.
وكان "حقاني" قد اتهم بكتابة مذكرة يطلب
فيها مساعدة الولايات المتحدة لتجنب قيام العسكريين بالاستيلاء على السلطة في أعقاب
مقتل "أسامة بن لادن" في شهر مايو الماضي.
وقد أضاف هذا الخلاف مزيداً من التوتر في العلاقات
السيئة بالفعل بين الحكومة الباكستانية وقادة العسكريين في باكستان.
وكانت فضيحة المذكرة قد ظهرت أول الأمر في مقالة
في صحيفة فاينانشال
تايمز كتبها رجل الأعمال الأمريكي الباكستاني الأصل "منصور إعجاز"
ونشرها في العاشر من أكتوبر هذا العام.
وقال "إعجاز" في المقالة إن الرئيس الباكستاني
"زرداري" عرض على الولايات المتحدة مقابل دعمه للإطاحة بقادة الجيش، قطع
جميع الصلات بالجماعات العسكرية في أعقاب مقتل "أسامة بن لادن" في شهر مايو
الماضي ومحاربة الجماعات الإسلامية المناهضة للولايات المتحدة.
وكانت القضية قد أدت إلى فتح وسائل الإعلام الباكستانية
لمسألة دور العسكريين والولايات المتحدة في السياسة الباكستانية.
ورفض الجيش الباكستاني إعتذار الناتو عن
الحادث الأخير، وصرح المتحدث باسم الجيش اللواء "أطهر عباس"، بأن الاعتذار
لن يكون كافيا و أن باكستان لم تعد تحتمل الاعتداءات التي راح ضحيتها 72 جنديا و
250 جريحا خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
و من جانبها, نقلت وزيرة الخارجية "حنه رباني
كهر" رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية مفادها بأن الحادث يعد انتهاكا صارخا
لسيادة أراضي باكستان و استخفافا بالقانون الدولي، وقالت إن بلادها سيكون من الصعب
عليها مواصلة التعاون مع القوات الأمريكية و الناتو.
وقرّر اجتماع للحكومة الباكستانية مقاطعة "
مؤتمر بون حول مستقبل أفغانستان" المقرر عقده الاثنين المقبل في بون في ألمانيا
حول مستقبل أفغانستان، احتجاجاً على الغارة الأمريكية.