سقوط "القذافي" – بداية نهاية "الأسد" ؟
المجتمع الدولي يتفرغ للانشغال في الملف السوري,
وظهرت أقطاب في المعارضة السورية باتت لأول مرة منذ ستة أشهر تطالب العالم بتبني النموذج
الليبي والتدخل العسكري في سوريا أيضاً بهدف إسقاط نظام "الأسد" رغم اختلاف
الظروف بين الدولتين المعروف للجميع.
ومع شعور "الأسد" بأنه بدأ يفقد
حلفاءه التقليديين واحداً تلو الأخر يرد على الضغوط الدولية المتزايدة بتكثيف حملات
القمع ضد شعبه. والهدف من ذلك هو محاولة لحسم المعركة عسكرياً وسريعا بهدف إبعاد سيناريو
التدخل الدولي وبهدف تسويق مقولة أن التدخل العسكري من شأنه تفجير الأوضاع إقليميا
ربما عن طريق حلفاء دمشق التقليديين – طهران وحزب الله.
الدكتور "علي نوري زاده" مدير مركز الدراسات الإيرانية
– العربية في لندن في حديث نشرته
الإذاعة الإسرائيلية يعقب على تواصل إيران مع عناصر من المعارضة السورية في أوروبا
بالقول إن مثل هذه اللقاءات قد جرت بالفعل فإن هذا لا يمثل أي تغيير في سياسة طهران
إزاء الملف السوري مؤكداً أن النظام الإيراني ربما يريد أن يكرر ما فعله في ليبيا
: حتى اليوم الأخير لنظام "القذافي" كان علم النظام الليبي يرفرف فوق السفارة
الليبية في طهران.
ويتابع: كما أن طهران كانت لها علاقات أمنية وعسكرية مع نظام القذافي
ولذلك لم تعترف طهران بالمجلس الانتقالي الليبي الذي شكله الثوار.
ورغم ذلك اتصل وزير الخارجية الإيراني "علي صالح" بالدكتور "مصطفى عبد
الجليل" رئيس المجلس الانتقالي الليبي, وهذا الاتصال قد تمخض في نهاية المطاف
عن وصول بعض المعونات الإيرانية إلى الثوار الليبيين في بنغازي, وهكذا يمكن لطهران
اليوم بعد سقوط "القذافي" أن تدعي بأنها كانت مع الثوار.
الشيء ذاته يتكرر بالنسبة لموقف طهران من سوريا:
إيران اليوم متورطة بالحرس السوري وبفيلق القدس وباستخباراتها وعناصرها في قمع الشعب
السوري. وهناك أدلة تشير إلى وجود قناصة ومستشارين إيرانيين وخبراء في مجال الحرب ضد
مستخدمي المواقع الالكترونية في سوريا. ولذلك إجراء اتصال مع شخص ما في أوروبا محسوب
على المعارضة السورية لا يعتبر تحولا في الموقف الإيراني: إيران حليفة إستراتيجية مع
سوريا ولن تتخلى عن نظام "الأسد", بل على العكس كل توصيات خامنئي كلها قائمة
على أساس ضرورة التصدي للشعب السوري وقمع الانتفاضة مهما كان الثمن.
ويضيف الدكتور "علي نوري زاده" أن هناك
جهات في النظام الإيراني وخاصة في الحكومة في إشارة إلى "أحمدي نجاد" وحكومته
تطالب بتغيير الموقف الإيراني, ولكن من يقرر في إيران هو المرشد الأعلى "علي خامنئي".
وبالنسبة "لخامنئي" "بشار الأسد" حليف عزيز وبدون النظام السوري
طهران لا تستطيع حماية حزب الله ولا تستطيع نقل الأسلحة إلى حزب الله وإلى حماة وإلى
جماعات مرتبطة بها في المنطقة. وهكذا دعم النظام السوري يشكل ركناً من أركان السياسة
الإقليمية الإيرانية "ولا أعتقد أن الحكومة الإيرانية قادرة على تغيير مسار هذه
السياسات". ربما هناك محاولات من بعض الدبلوماسيين الإيرانيين في الخارج لإجراء
اتصال بالمعارضين السوريين ولكن هذا لا يشكل تحولاً في الموقف الإيراني.
ويشير بعض المراقبون إلى أن التنافس بين أنقرة
وطهران على المنطقة يؤثر بشكل واضح في الأحداث في الشرق الأوسط، وفي هذا الصدد
يقول الدكتور "نوري زاده"إن عدداً من كبار العلماء المقربين للمرشد الإيراني
الأعلى "خامنئي" أصدروا في الأسبوع الماضي بياناً أدانوا فيه بشدة تركيا
وسياساتها الخارجية التي تتعارض مع المصالح الإيرانية في المنطقة. وإيران قلقة جداً
إزاء التحركات التركية في المنطقة وبث نفوذ أنقرة على حسابها.
وحول تبعات ما يحدث في سوريا على الوضع في
إيران يقول "زاده" الشارع الإيراني ينظر اليوم إلى التطورات في سوريا باهتمام بالغ.
ولذلك على ضوء نتائج الانتفاضة السورية سنرى تطورا في موقف الجماهير الإيرانية وخاصة
الحركة الخضراء التي سبقت وأعلنت دعمها لانتفاضة الشعوب العربية لا سيما الشعبان الليبي
والسوري.
فانتصار الثورة في سوريا سيعني تحريك الجبهة الداخلية
في إيران وسوف نرى عودة الإيرانيين إلى الشارع فور سقوط "بشار الأسد".