يعيش (ملك ملوك أفريقيا)
الزعيم الليبي "معمر القذافي" لحظات تاريخية حيث نهاية حكمه الذي استمر
لأكثر من أربعين عاماً لليبيا.
وبعد أن أعلنت المعارضة عن
سيطرتها على بلدة إستراتيجية ثانية قرب طرابلس في غضون 24 ساعة ليكملوا بذلك تطويق
العاصمة الذي يعد المرحلة الأخيرة من مراحل الصراع المستمر منذ أشهر.
وأطلقت قوات "القذافي"
صواريخ على بلدة الزاوية الساحلية بعد يوم من سيطرة الثوار عليها وقطع الطريق السريع
الساحلي الذي يمتد من طرابلس إلى الحدود التونسية في نقطة تحول محتملة في الحرب.
وقال معارضون انهم سيطروا على
بلدة غريان الواقعة جنوبي طرابلس. وبحسب رويترز فإن المعارضة أحكمت سيطرتها على
بلدة غريان بالجبل الغربي وهي تبعد 75 كيلومتراً عن طرابلس من جهة الجنوب.
وبحسب وكالات الأنباء فقد
تمكن الثوار من إنزال هزيمة ساحقة بكتيبة سحبان
مركز القيادة الرئيسي "للقذافي" في الجبل الغربي. وأخذوا الأسلحة الثقيلة
والخفيفة للكتيبة."
واعترف "موسى ابراهيم"
المتحدث باسم الحكومة الليبية في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي بوجود مقاتلين للثوار
في غريان.
ويخوض مبعوث الأمم المتحدة
الخاص بليبيا "عبد الإله الخطيب" مفاوضات مع نظام العقيد الليبي "معمر
القذافي" في جزيرة جربة التونسية على ما يبدو ستكون للبحث عن مخرج "للقذافي".
وربما يفتقر الثوار إلى جيش
كبير لمحاصرة طرابلس ودخولها لكنهم يعولون على الزمن لإرهاق "القذافي" وإجباره
على تركها بعد حصارها أو حدوث انتفاضة داخلية عليه.
ووصل "نصر المبروك عبد الله"
وزير الداخلية الليبي إلى مطار القاهرة بصحبة تسعة من أقاربه قادما من مدينة جربة التونسية.
وقال للمسؤولين أنه في عطلة ولم
يرد تعليق على الفور من طرابلس بشأن توجهه إلى مصر.
وقال مسئولو "القذافي"
في طرابلس إن عبد الله كان وزيراً سابقاً للامن العام ويشغل الآن منصباً أمنياً كبيراً.
وقالوا إن سفره غير رسمي. وقال مصدر في السفارة الليبية في القاهرة انه لم يجر أي اتصال
معها. واعتبرت أوساط إعلامية إن هذه الخطوة بداية تخلي المتبقين من حول "القذافي"
عنه.
وبعد عدة أشهر من المكاسب المحدودة
في الصراع ضد "القذافي" أحدث تقدم المعارضة في اليومين الأخيرين تحولا في
الموقف بدءا من السيطرة على بلدة الزاوية التي قطعت طريق الإمدادات الرئيسي غربا إلى
طرابلس.
وفي مستشفى قال مسعفون أن ستة
معارضين قتلوا وان 26 أصيبوا بجروح. وقالوا أيضا إن إطلاق النار من جانب قوات "القذافي"
أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين. وأصيب رجل في رأسه وتوفيت فتاة في الخامسة عشر متأثرة بجروح
نتيجة إصابتها بشظايا.
ومازال علم "القذافي"
يرفرف على نقطة العبور الحدودية مع تونس يوم الاثنين لكن حركة المرور المنتظمة التي
كانت تزود المناطق التي يسيطر عليها "القذافي" بالإمدادات تباطأت بشدة. وقال
مسافرون إن الطريق مفتوح فقط لمسافة 70 كيلومتراً وهو ثلث الطريق إلى طرابلس.
ويقول الثوار إن السيطرة على
غريان سيغلق خط الإمداد الرئيسي الثاني للعاصمة وهو طريق سريع يربط طرابلس مع الجزائر
ويمكن استخدامه أيضا في الوصول إلى الشرق.
وشاهد مراسلو رويترز طائرات حربية
تابعة لحلف شمال الأطلسي تقصف غريان يوم الأحد.
وتقدم قوات المعارضة يريح حلف
شمال الأطلسي وخاصة فرنسا وبريطانيا اللتان كانتا في طليعة الدول التي شاركت في حملة
القصف منذ مارس آذار والتي يقولون أنها لن تنتهي إلى أن يترك "القذافي" السلطة.
ومن المقرر أن يجتمع سفراء الدول الأعضاء في حلف الأطلسي يوم 31 أغسطس آب لبحث تمديد
العملية في ليبيا لمدة 90 يوماً.
ذكر ليبيون يفرون جنوبا بسياراتهم
أنهم سمعوا دوي إطلاق نار في معارك بمنطقة يطلق عليها الحرشة بين طرابلس والزاوية.
وقال شخص رفض ذكر اسمه
"سمعت دوي إطلاق نار في معارك اليوم في طريقنا إلى هنا" وأضاف أن الثوار
اشتبكوا مع قوات "القذافي" داخل
طرابلس الليلة الماضية.
وتابع "لا يوجد بنزين أو
كهرباء وأسعار المواد الغذائية ارتفعت 300 في المئة ولا يمكن أن نعيش على هذا النحو."
وجاء أحدث توجيه من "القذافي"
لأنصاره في كلمة وجهها في ساعة مبكرة من صباح الاثنين عبر خط هاتف رديء وبث التلفزيون
الصوت فقط. وهذه أول مرة يتحدث فيها "القذافي" منذ أن شن مقاتلو المعارضة
أكبر هجوم لهم منذ أشهر.
وحث "القذافي" الليبيين
على السير إلى الأمام والتحدي وحمل السلاح والذهاب للقتال من أجل تحرير ليبيا
"شبر شبر من الخونة وحلف الأطلسي."
وفي الزاوية قال المقاتل "خالد
الزاوي" الذي ينتمي للمعارضة "القذافي" مجنون. ويمكنه عمل أي شيء. هذا
شيء يجب أن نضعه في تفكيرنا."
ويصعب التكهن في مصير "القذافي"،
حيث كلما اشتد الخناق عليه قلة خياراته، ويقول بعض المحللين إن شخصية "القذافي"
المضطربة تؤهله لفعل أي شئ، مثل الانتحار أو القتال حتى مقتله على يد الثوار أو
بقصف الناتو، لكن آخرين قالوا إن "القذافي" ظاهره فيه شجاعة لكن باطنه
مجبول بالجبن ولا يستطيع الصمود والدليل على ذلك أنه حينما رأي الرئيس العراقي
السابق "صدام حسين" يعدم أعلن عن برنامج التسلح النووي الذي كان يعتزم
تنفيذه وقام بتسليم الإدارة الأمريكية كل ما لديه في تنازل استغربه العالم، وبذلك
يبقى خيار وحيد وهو اللجوء إلى إحدى الدول الإفريقية التي كان يدعمها أثناء حكمه،
بحيث يجد حماية تمنع المحكمة الدولية من اعتقاله ومحاكمته.
من جانبها وصفت صحيفة"واشنطن
بوست" الأمريكية إن الحالة الاقتصادية في العاصمة طرابلس التي يسيطر عليها العقيد
"القذافي" في حالة سيئة في حين أن الحياة في بنغازي تتحسن يوماً بعد يوم.
وتشير الصحيفة إلى أن الأمن بدأ يستتب شيئاً فشيئاً
في مدينة بنغازي مع انتشار رجال الأمن، كما أنه من المتوقع أن يعاد فتح المدارس ثانية
في شهر سبتمبر القادم.
وقال ممثل عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "عابد
داده"، إن المدينة آمنة حاليا، فالمخابز عادت لعملها المعتاد في صنع الحلويات،
كما أن سعر قارورة الغاز بلغ 4 دولارات أقل مما كان قبل الثورة إضافة إلى أن المكالمات
الهاتفية تتم مجاناً. أما في طرابلس فالظروف المعيشية تبدو صعبة مع ارتفاع الأسعار
وضعف الإمدادات.
وتتابع الصحيفة قائلة إنه عندما زار "الساعدي
القذافي"، أحد أبناء الزعيم الليبي، بنغازي في فبراير، دعا السكان إلى الهدوء
ووعدهم بأنه سيحول بنغازي إلى "سان دييغو". واعترف بعد أن قام بجولة في المدينة
أنها تحتاج إلى إعادة تهيئة وأن الكثير من الأخطاء ارتكبت.
ولمدينة
بنغازي طابع معماري خاص ولكن مواقع البناء بها غير مكتملة، حيث أن عديد البنايات
لم يتم انجازها. كما حصلت عديد عمليات الاحتيال في العقارات. ولا يوجد سوى اللافتات
والمستنقعات. وقد بدأ بناء المستشفى الحكومي بألف سرير سنة 1973 ولم يتم افتتاح الجناح
الأول (من بين ثلاثة) سوى السنة الماضية.
وهو نفس الوضع بالنسبة لملعب كرة القدم الذي بناه
الملك إدريس في الخمسينات. وقد انطلقت عمليات التجديد منذ خمسة سنوات وما تزال متواصلة
إلى حد الآن. من ناحية أخرى، ما تزال عشرات الآلاف من الشقق التي بنيت في غرب بنغازي
شاغرة.
وقد قام "القذافي" بعد اندلاع الثورة بقطع
الشبكة الهاتفية "ليبيانا" التي يترأسها أحد أبنائه. ولكن الثوار أعادوا
تشغيلها. وحالياً كل المكالمات الهاتفية المحلية مجانية. ولكن من الواضح أنه من الصعب
إيجاد بطاقات هاتفية التي تباع في السوق السوداء والتي يصل سعرها إلى 150 دولارا.
و تقول الصحيفة إن النشاط الاقتصادي في بنغازي يبقى
معلقا وما يزال سكان المدن الشرقية يشعرون بالقلق من المستقبل وينتظرون نهاية الصراع
رغم فرحتهم بأنهم أحرار، أخيراً، فلا توجد أموال ولا قروض، ولا تسمح البنوك إلا بسحب
أقساط صغيرة من النقود لافتقارها للأوراق النقدية، كما أن الرواتب الحكومية لم تدفع
منذ أشهر.
وتضيف الصحيفة أن الليبيين لا يقومون بالكثير من
الأعمال اليدوية التي كان يتكفل بها العمال الأجانب من إفريقيا. وكان المصريون والفيليبنيون
والصينيون يقومون بأعمال البناء. وقد غادروا البلاد بعد الثورة. وهو ما حصل أيضا مع
الشركات الأجنبية من استراليا وتركيا والصين التي غادرت أيضاً.
أما بالنسبة لنظام الصرف الصحي ومعالجة المياه فهو
لم يكن يعمل من قبل حيث يتم صب كل المياه الملوثة في البحر والبحيرات، وفقا لقول مدير
العمليات والصيانة في الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، عبد الحكم عبد الملك، والذي
أشار أنه طلب الاستقالة أكثر من مرة ولكن طلب منه العودة.