• - الموافق2024/11/22م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الاخطاء التي أدت إلى فشل أمريكا بأفغانستان

الاخطاء التي أدت إلى فشل أمريكا بأفغانستان

 مع نية الولايات المتحدة للإعلان الرسمي عن بدء الجدول الزمني لسحب قواتها من أفغانستان، نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية تقريرًا مظلمًا عن الفترة الماضية للولايات المتحدة في احتلالها للبلاد منذ عام 2001، والتقرير كان عنوانه "الفشل الذي شكّل (وتقريبًا أدى إلى خسارة) الحرب على أفغانستان"، والتقرير للخبير الاستراتيجي أنطوني كوردسمان في 17 يونيو الماضي[1]، والذي جاء بمثابة الاعتراف النهائي بفشل حملة الولايات المتحدة على ذلك البلد المسلم، ويشير التقرير بوضوح إلى خطأ سياسي أدى إلى إخفاق الجهود الحربية، فالولايات المتحدة ظلت حريصة على عدم إعلان خطورة الوضع في أفغانستان واهتمت بالعراق بصورة مفرطة، ولم تعترف بانتصارات طالبان بل لم ترد أن ترى الوضع على حقيقته وما هو ظاهر للعيان بانتصارات طالبان وإخفاقات الولايات المتحدة.

فيشير التقرير صراحة إلى أن ذلك الفشل أدى إلى خسران الحرب على أفغانستان في الفترة ما بين 2002 و2008، فيقول أن هناك العديد من المحددات والأسباب التي أدت إلى عودة طالبان إلى أفغانستان واقتربت من الانتصار على المستويات السياسية والاستراتيجية أيضًا. وركزت الدراسة المكونة من سبعة أجزاء على التحديات المستمرة التي ساعدت على تشكيل نتائج الحرب، وكذلك مدى هشاشة الفترة الانتقالية الحالية في البلاد، وهناك أجزاء ترصد مدى نجاح استراتيجية الولايات المتحدة في الاحتفاظ بالمكتسبات والبناء عليها ثم تسليمها للدولة الأفغانية، وكذلك مدى قوة القوات الأمنية الأفغانية في الفترة الانتقالية، والجزء الأخير كان عن مشكلات العلاقة مع باكستان واحتمالية نجاح الاستراتيجية الكبرى التي تجمع ما بين أفغانستان وباكستان.

ويقول التقرير في مجمله أن الولايات المتحدة وحلفاءها فشلوا في توظيف مصادرهم بصورة صحيحة في الحملة على أفغانستان في الفترة ما بين 2002 و2009، فقد أعطت الولايات المتحدة الأولوية لحرب العراق إلى الحد الذي وصل إلى التقصير التام في توفير الأموال الضرورية لتمويل القوات المقاتلة هناك من أجل منع طالبان من العودة إلى الساحة الأفغانية وسيطرتها على معظم أنحاء البلاد. فقصور التمويل من الولايات المتحدة وحلفائها أدى إلى الفشل في تشكيل قوات الأمن الأفغانية حتى عام 2009، عندما نجحت طالبان وشبكات حقاني في أن تمثل تهديدًا حقيقيًا.

وقد أظهرت تقارير عدة وكالات حكومية أن ذلك الفشل كان بسبب عدم التخطيط والتمويل الجيدين وبسبب النقص التام للرقابة على الإنفاق وعلى جهود التعاقدات مع الأطراف المحلية؛ فإنفاق الجيش الأمريكي على قوات من المتعاقدين من الشركات الخاصة ـ تخطت عدد القوات التي تم نشرها في أفغانستان ـ أدى إلى إهدار كبير في الأموال وتضخم هائل في الأسعار، وإلى وجود مناخ مواتي للفساد، وانتهاكات مثل وجود صراع بين السماسرة والتساهل في دفع أموال للحماية لحركة طالبان. وهذا أدى إلى زيادة نفقات الحرب، وأدى إلى أضعاف الاقتصاد الأفغاني، والإضرار بسمعة الحكومة الأفغانية وبدعمها وتأييدها الشعبي.

وكما يوضح الجزء الرابع من تلك السلسلة فإن الفشل تفاقم واستشرى بسبب وجود أهداف تنمية غير واقعية على الإطلاق فيما يتعلق بفاعليتها وبالتناسب فيما بين الإنفاق والخسائر، وقدرة الأفغان على استيعاب أموال المساعدات تلك داخل اقتصادهم، ولم يتم الانتباه إلى المشاريع التي يمكنها أن تفوز بدعم تأييد الشعب الأفغاني على المدى القصير، كما أدى تدفق أموال المساعدات إلى أيدي من سماهم التقرير بـ "سماسرة السلطة" إلى زيادة مشكلات التعاقد والفساد وأدى إلى ابتعاد الكثير من الأفغان عن حكومتهم.

ومشكلة المصادر كانت جزءًا من الصورة الأكبر التي أدت إلى أن الوضع في أفغانستان تدهور بصورة حادة بين عامي 2002 و2009، كما كان هناك فشل في تنسيق المجهود الحربي بين قوات أمريكا وقوات المساعدة الأمنية الدولية "إيساف" التابعة للأمم المتحدة بسبب وجود قرارات سياسية تجاهلت أو قللت من شأن طالبان ومكاسب من يصفهم التقرير بحركات التمرد في الفترة ما بين 2002 و2009، وتجاهلت كذلك المشكلات التي نتجت عن ضعف وفساد الحكم الأفغاني، والتقليل من شأن المخاطر التي تمثلها الملاذات الآمنة في باكستان، والتأكيد على قيمة الانتصارات التكتيكية المحدودة التي حققتها قوات إيساف في الوقت الذي تتجاهل فيه النمو المطرد لنفوذ طالبان وسيطرتها.

الفشل في نظام الحكم:

فيشير التقرير إلى الفشل أيضًا في محاولة إنزال القيم الأمريكية والأوروبية على البيئة الأفغانية في محاولة لإنشاء نظام سياسي أفغاني وبنية حكومة مركزية مطابقة للنظم الغربية بدون الوضع في الاعتبار الطبيعة القبلية والدينية الأفغانية، وذلك أدى إلى عدم وجود قدرة عالية لتحركات الحكومة الأفغانية أو فاعلية للإدارات المحلية وكذلك لنظام القضاء الذي يعتمد على منظومة القيم في ممارساته، فكانت النتيجة بنية حكومية مغرقة في المركزية أدت إلى مفاقمة مشكلات الفساد، وكذلك التركيز على الانتخابات المحلية بدون إنشاء نظام سياسي حزبي فعال، وكذلك الإفراط في التركيز على الانتخابات بدون دور وظيفي للبرلمان الجديد، وبدون التركيز على الحكم الفعال، وبدون تعريف الدور المناسب للتشريعات الجديدة.

الفشل الاستخباراتي:

يشير التقرير أيضًا إلى الفشل الأمريكي والغربي في جمع المعلومات الاستخباراتية، فيقول أنه كما أوضح كبار ضباط الاستخبارات الأمريكيين وفي قوات إيساف أدت الأخطاء الجسيمة في الجهود الاستخباراتية في البداية إلى التقليل كثيرًا من قيمة وقدرة القاعدة وطالبان على استعادة نشاطيهما والتأقلم بنجاح مع الوضع الجديد، ثم بعد ذلك ظلوا يركزون على الهزيمة التكتيكية المحدودة لطالبان وليس على التوسع المستمر لسيطرتها السياسية على أجزاء كبيرة من أفغانستان، كما أن الاستخبارات فشلت أيضًا في رصد أصداء التدهور الكبير في شعبية الحكومة الأفغانية ونواحي فشلها، وأثر سماسرة السلطة والفاسدين على النظام، وكذلك أثر الدور الباكستاني والملاذات الآمنة التي تقدمها لمن وصفهم بالمتمردين.

وقال التقرير أن تلك التقارير الاستخباراتية كانت مدفوعة أيضًا بقرارات سياسية من أجل تجاهل أو التقليل من قدرة مكاسب طالبان والمتمردين في الفترة ما بين 2002 و2009، وتجاهل المشكلات التي سببها ضعف وفساد الحكومة الأفغانية، والتقليل من أهمية المخاطر التي مثلتها الملاذات الآمنة في باكستان، والتركيز على الانتصارات التكتيكية لقوات إيساف في الوقت الذي تجاهلوا فيه النمو المتزايد لنفوذ وسيطرة طالبان.

كما يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة كانت تتعامل مع حلفائها في البداية على أنهم مجرد قوات حفظ سلام للحفاظ على "الانتصار" الذي حققته الولايات المتحدة، ورغبت أن تكون الغالبية العظمى من القوات المشاركة في صورة مساعدات ونشاطات أمنية بدون النظر إلى فاعليتهم. ويركز التقرير في جزئيه الثالث والرابع على هذا العنصر ويقول أن عناصر الجيش الوطني الأفغاني تم وضعهم في إطار عدة فرق لإعادة البناء في عدة أقاليم، ولكن هذه الهيكلية لم تستطع العمل بصورة جيدة بعدما أصبحت الحرب في أفغانستان أكثر خطورة، وفشلت قوات إيساف والناتو في أن تنسق فيما بينها بصورة فاعلة حتى جاءت خطة ماكريستال عام 2009، بالرغم من بقاء مشكلة التعاون والتكامل بين خطط العسكريين والمدنيين في أفغانستان.

يركز التقرير في جزئيه الثاني والخامس على أنه لم تكن هناك جهود حقيقية لإنشاء قوات وطنية أفغانية حتى 2007، ولم يتم التمويل الجيد لتلك الجهود أو دعمها بأي عدد مناسب من المدربين أو التأكيد على الشراكة والمرحلة الانتقالية في تسليم السلطة حتى عام 2010. وقد فاقم تلك المشكلات الفشل في توفير منشآت وتجهيزات مناسبة أو البدء في تشكيل قوات قتالية تتمتع بالتوازن الذي يسمح لها بالعمل بصورة مستقلة وتستبدل القوات الأمريكية في النهاية.

يقول التقرير أنه كان هناك فشل أيضًا في إفراز نظام قضائي رسمي من قمته إلى قاعدته، وما فاقم المشكلة القضائية في البلاد هو سوء تدريب قوات الشرطة وتشتيت جهودها، وأن ذلك سمح لحركة طالبان ولسماسرة السلطة المحليين بأن يصبحوا واقعيًا هم نظام القضاء المحلي، وأن المحاكم الرسمية أو السجون كانت تفتقر إلى المقومات الأساسية للعمل بصورة جيدة.

كما يشير التقرير أيضًا أنه لم توجد جهود حقيقية حتى عام 2011 لوضع وتنفيذ خطة طويلة الأمد لإنشاء مزيج من الحكم الأفغاني والقدرات الأمنية التي تستطيع أن تقف بمفردها، كما لم توجد أهداف واضحة يمكن أن تسمح لقوات إيساف والولايات المتحدة أن تسحب قواتها وانحسار جهودها العسكرية والإغاثية بمرور الوقت، ولكن في المقابل ظهرت سلسلة جديدة من السياسات والخطط من الولايات المتحدة ومن إيساف ومن بعض الأطراف الخارجية أيضًا كانت تهدف إلى جعل كل سنة تمر هي بمثابة "السنة الأولى" في أفغانستان والبدء من جديد دائمًا.


 

 


[1]http://r20.rs6.net/tn.jsp?llr=c8yuvmcab&t=it9uldgab.0.qd8yldgab.c8yuvmcab.1243&ts=S0627&p=http://csis.org/files/publication/110617_AfghanMetrics.pdf 

 

 

 

أعلى