• - الموافق2024/05/01م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha

اليـمـن .. ثـورة شعـب! إجراءات السلطة 2

في التاريخ ذاته، التقى الرئيس علي عبدالله صالح في جامع الصالح بجمع من العلماء في جمعية علماء اليمن ومن خارجها؛ وألقى كلمة أثنى فيها على العلماء واعتبر ما يجري تقليدا ليس إلا، مشيرا إلا أنه دعا إلى طاولة الحوار والاحتكام إلى شرع الله (!) سابقا، لا كما يحدث في أقطار عربية وأجنبية أخرى يجري فيها الحوار بعد أن تسال الدماء وتهدر الطاقات ويدمر الاقتصاد.

 ووصف صالح بأن المعارضة والمعتصمين يهربون من الحوار لأنهم "يضمرون شرا للوطن"، و"لأن لديه أجندة فوضوية"، محملا العلماء "مسؤولية ما يترتب على الفوضى من إزهاق للأرواح وهدر للطاقات وإخافة للطفل والمرأة".

 وأشار صالح إلى جملة المبادرات التي أعلن عنها، وحزم الإصلاحات التي تقدم بها، دون أن يسمع "أي إجابة عليها على الإطلاق"، وأضاف بأنه في الوقت الذي تحتكم المعارضة فيه إلى الشارع فإن الأغلبية تحتكم إلى الشعب "فهو مالك السلطة ومصدرها"؛ مؤكدا أن المعارضة: "تتأبط شرا بالوطن"، وأنها "مغامرة"، ومتهما لها بالتضامن مع من يتلفوا الممتلكات ويسطوا على مراكز الدولة من المخربين الذين "قتلوا أفرادا من الشرطة" و"أزهقوا الأرواح" و"أطلقوا النار".

 وحذر صالح من التجزئة والتقسيم والتشطير؛ معتبرا المعتصمين أمام الأمن السياسي من أهل المعتقلين على ذمة تهم الإرهاب بأنهم من أحزاب اللقاء المشترك، وأنهم يطالبون بإطلاق عناصر "تنظيم القاعدة" الذين يقتلون ضباط وأفراد في الشرطة والجيش. 

وأكد صالح أن تنفيذ المبادرة لا يمكن أن يتم في ظل الأزمة، لأنه ليس من المستطاع اتخاذ إجراءات إلا في أجواء هادئة وآمنة. وأكد بأن الرحيل عن السلطة سيتم عبر "صناديق الاقتراع، والالتزام بالدستور والقانون، وليس بالفوضى"، وأردف قائلا: "نحن مستعدين نرحل، لكن ليس عن طريق الفوضى"، مؤكدا أنه قد ملَّ وسئم من السلطة لمدة 32 سنة، وأن هناك أناس سئموا منه.

 ودعا صالح المعارضة للمجيء "إلى السلطة عبر القنوات الرسمية والقنوات الشعبية"، في الوقت الذي طالبها فيه بتسمية ممثليهم في حكومة وحدة وطنية.

 وفي الختام تساءل رئيس الجمهورية عن من يحرك الشباب؟ ويصرف عليهم؟ ويتولى نقلهم بالباصات؟ ويمولهم بالأموال؟ مؤكدا سمعه وطاعته للعلماء!

 وفي هذه الأثناء أصدر المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني بيانا اعتبروا فيه دعوة المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك لهبة شعبية في يوم غضب بأنها عبارات تهديد ووعيد، ودعوة سافرة تستهدف الأمن والاستقرار في الوطن، واستغلال للمناخ الديمقراطي في ارتكاب أعمال تخريب واعتداء على المواطنين وممتلكاتهم وإزهاق الأرواح.

 وحيا البيان السلطات المحلية ورجال الأمن الذين يقومون بمسؤولياتهم بكل إخلاص والتزام وتضحية ويؤدون أقدس الواجبات –حسب تعبير البيان.

 واعتبر البيان أن أحزاب المشترك باتت أحضانا مشجعة وخنادق حامية للمتورطين في أعمال إرهابية؛ محملا إياها ما سوف ينتج عن دعوتها من أعمال فتنة وتخريب. واصفا مواقفهم بالمخطط الانقلابي ضد دولة الوحدة والأمن والاستقرار والشرعية الدستورية.

 في 1 مارس، أصدر الرئيس صالح توجيهاته إلى رئيس مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة وزير الدولة عضو مجلس الوزراء عبدالقادر علي هلال، وعضوية المحامي العام طه علي صالح، ونقيب المحامين اليمنيين عبدالله راجح، ووكيل وزارة الإدارة المحلية عمر العكبري، ورئيسة اللجنة الوطنية للمرأة حورية مشهور، للتحقيق في أحداث العنف التي شهدتها محافظة عدن ونتج عنها سقوط عدد من الضحايا وتدمير بعض الممتلكات الخاصة والعامة؛ في خطوة لامتصاص الغضب الجماهيري الذي نشأ عن المواجهات الدامية بعدن.[1]

 كما ظهر رئيس الجمهورية في خطاب بكلية الطب بصنعاء متهما إسرائيل والولايات المتحدة بإدارة موجة الاحتجاجات التي تعم العالم العربي، وقال: إن الأحداث "من تونس إلى سلطنة عمان.. تدار من تل أبيب، وتحت إشراف واشنطن"! وأضاف: "شاهدنا كيف يتابع ويتدخل الرئيس الأمريكي" باراك أوباما.

 وجدد صالح دعوته المعارضة لاستئناف الحوار، وقال: "لا حل إلا بالحوار وصندوق الاقتراع".

 وفيما جرى تسريب أخبار عن اتفاق جرى بين السلطة وأحزاب المعارضة في سبيل حرب الشائعات التي اعتمدتها السلطة لفك الاعتصامات والتشكيك في مواقف أحزاب اللقاء المشترك، نفى ناطق رسمي باسم اللقاء المشترك في 2 مارس صحة الأنباء التي تحدثت عن قبول أحزاب اللقاء المشترك الدخول بحوار مع السلطة, وأضاف الدكتور محمد صالح القباطي بأنهم في المعارضة ليسوا ضد أي حوار يشمل كافة القوى الوطنية؛ لكنه كرر بأنه "لا حوار مع هذه السلطة"! منوها إلى أنه في حالة وجود حوار فينبغي أن يكون من أجل النقل السلمي والسلس للسلطة فورا؛ استجابة لمطالب الشعب, مع كافة الأطراف السياسية والوطنية في اليمن. ومن جهتهم أكد الشباب المعتصمون في ساحة التغيير في بيان صادر عنهم تمسكهم بمطلبهم المتمثل بإسقاط النظام ورحيل كافة رموزه, داعين العلماء إلى عدم الانجرار وراء فخ نظام الرئيس صالح.

 في 4 مارس، انتشرت عدد من دبابات الجيش وفرق مكافحة الشغب حول المجمع الحكومي وعدد من المنشآت بمحافظة مأرب؛ وأكد مصدر محلي أن هناك انتشار كثيف لمدرعات وأطقم عسكرية حول اعتصام شباب مأرب المطالب بتنحي رئيس الجمهورية، مضيفاً بأن مجلس تحالف قبائل مأرب والجوف وشباب فرع مجلس التضامن الوطني نصبوا الخيام اليوم دعما للشباب المعتصمين منذ منتصف الأسبوع الجاري.

 في 6 مارس، أقر اجتماع لقيادات الدولة السياسية والعسكرية والأمنية الدعوة لمؤتمر وطني عام تشارك فيه مختلف الفعاليات والقوى السياسية والاجتماعية، للوقوف أمام تطورات الأوضاع الراهنة على الساحة الوطنية والخروج برؤى موحدة إزاء كل ما يهم الوطن وأمنه وسلامته والحفاظ على وحدته ومكاسبه التي حققها في ظل راية الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.

 كما أقرَّ الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات الأمنية اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار الوطن والسلم الاجتماعي وملاحقة العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة والعناصر الخارجة عن القانون وإلقاء القبض عليها وتقديمها للعدالة.

 ووقف الاجتماع أمام ما تعرض له عدد من الضباط والجنود من عمليات اعتداء أدت إلى مقتل ضابط وأربعة جنود في محافظة مأرب، ومقتل ضابط في سيئون بمحافظة حضرموت، ومقتل ضابط في محافظة أبين على يد عناصر من تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أحد الجنود على يد عناصر الحوثي في محافظة صعدة.

 في 7 مارس، أحال مجلس النواب طلباً للحكومة بتعديل قانون الانتخابات يتضمن فتح باب القيد والتسجيل في جداول الناخبين لمن بلغوا السن القانونية إلى اللجنة الدستورية لدراسته وتقديم تقرير للمجلس بشأنه؛ وكانت كتلة الحزب الحاكم قد أقرت بأغلبيتها في المجلس نهاية العام المنصرم مادة مضافة إلى قانون الانتخابات تنص على اعتبار سجلات الناخبين الحالية نهائية.

في 8 مارس، قام أفراد من الجيش باقتحام ثلاث حافلات كانت تنقل طالبات من جامعة الإيمان التي يترأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني, بطريقة وصفت بالاستفزازية, وذلك في خطوة استفزازية وسابقة هي الأولى من نوعها في مجتمع محافظ، وذلك بحسب مراقبين للضغط على الشيخ عبدالمجيد الزنداني لإثنائه عن موقفه المؤيد لثورة الشباب الداعية إلى إسقاط النظام.

 في 9 مارس، أطلقت قوات من الشرطة والحرس الخاص الرصاص الحي على منزل النائب محمد عبدالإله القاضي، وهو ابن شقيقة الرئيس صالح وينتمي لقبيلة سنحان, الكائن بصنعاء، ما أدى إلى إصابة شقيقه وأحد مرافقيه, أعقب ذلك توجه وفد مكون من عدد من المشايخ والشخصيات العسكرية برئاسة اللواء علي محسن الأحمر إلى منزل القاضي لاحتواء الموقف. ويأتي استهداف القاضي بعيد إقدامه على الاستقالة من الحزب الحاكم, وإعلان انضمامه لكتلة الأحرار للإنقاذ الوطني التي يترأسها البرلماني المستقيل من الحزب الحاكم عبده بشر. وهي أول عملية تهديد تنفذ في حق الشخصيات المستقيلة من الحزب الحاكم تباعا.

 في الوقت ذاته، دعا الرئيس صالح لإقامة مؤتمر وطني عام، وصرح مصدر رئاسي بأن المبادرة التي تقدمت بها المعارضة "يكتنفها الغموض والالتباس"، وأنها فهمت خطأً.

 من جهته تحدث موقع الجيش اليمني على شبكة الإنترنت إن الأجهزة الأمنية رصدت تواجد عدد من عناصر تنظيم القاعدة ضمن المعتصمين أمام جامعة صنعاء. وقال مصدر أمني -طبقا لما جاء في موقع الجيش: إن العناصر التي تم رصدها مدرجة في القوائم الأمنية الخاصة بالمشتبه بعلاقتهم بالإرهاب ومعظمهم من "الجهاديين" الذين سافروا إلى الشيشان وأفغانستان. وكان قد لوحظ في الآونة الأخيرة -طبقا للمصدر الأمني- انضمام مجاميع مسلحة من الحوثيين وعناصر القاعدة بالإضافة إلى عناصر قبلية مسلحة إلى خيام المعتصمين أمام جامعة صنعاء، وشوهد العديد منهم وهم يتجولون في أوساط المعتصمين وبحوزتهم أسلحة مختلفة.

 في 10 مارس، وأمام حشد كبير عقد في العاصمة صنعاء تحت مسمى مؤتمر وطني عام، قدم الرئيس صالح مبادرة جديدة لحل الأزمة اقترح فيها: الاستفتاء على دستور جديد للبلاد قبل نهاية السنة الجارية تصوغه لجنة مشكلة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية، والانتقال إلى نظام برلماني تتمتع بموجبه حكومة منتخبة برلمانيا بكافة الصلاحيات التنفيذية، وتطوير نظام حكم محلي كامل الصلاحيات على أسس لا مركزية مالية وإدارية، وعلى إنشاء الأقاليم في ضوء المعايير الجغرافية الاقتصادية. كما اقترح "تشكيل حكومة اتفاق وطني تقوم بالإعداد للانتخابات بما في ذلك القائمة النسبية"، و"تشكيل لجنة عليا للانتخابات والاستفتاء". مشيرا إلى أن مبادرته يقدمها "كبراءة ذمة" أمام الشعب، وأنه متأكد من أن المعارضة المطالبة برحيله سترفضها.

 وقد صدر عن المؤتمر - الذي عقد تحت شعار "الاحتكام للشعب والشرعية الدستورية على طريق التداول السلمي للسلطة"- بيان ختامي أيد مبادرة الرئيس صالح، وجدد عهد وولاء المشاركين للرئيس صالح وتمسكهم بالشرعية الدستورية والتزامهم بما ورد في بيان جمعية علماء اليمن من نقاط ثمان كأساس لعملية الحوار وعناوين بارزة له.

وشدد البيان على ضرورة وحتمية استئناف الحوار الوطني، وتوسيع قاعدة المشاركة فيه، بما يحقق اصطفاف الجميع في خندق "حماية الجمهورية اليمنية"، وأيد المساعي الهادفة إلى تشكيل حكومة وفاق وطني من كافة الأحزاب السياسية بناء على توافق كامل فيما بينها، وبحيث يوكل إليها وخلال فترة زمنية محددة تحمل المسؤوليات الوطنية في تسيير العمل الحكومي والمشاركة في إدارة شؤون البلاد.

 كما أكد البيان على أهمية الإعداد لخوض الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفقا للدستور، ويحث كافة التنظيمات والأحزاب السياسية للإعداد لذلك وترتيب أمورها لخوض تلك الانتخابات بحيث تأتي كما يريدها الشعب اليمني انتخابات نموذجية تنافسية حرة ونزيهة تخضع للرقابة الداخلية والدولية. كما أكد على أهمية إنجاز التعديلات الدستورية وقانون الانتخابات العامة والاستفتاء.

 وأشار البيان إلى المظاهرات والاعتصامات المناهضة للنظام بكونها "محاولات إشعال فتنة واحتراب وفوضى"، و"أعمال تستهدف أمن واستقرار الوطن وتخدم أعداء وحدته وديمقراطيته"، و"سعي للبعض لتحقيق مآرب خاصة ضد الشعب والوطن والأمن والاستقرار".

 واعتبر المؤتمر الوطني العام البيان الصادر عنه "بكل ما احتوى عليه من قرارات وتوصيات، عهدا أدبيا والتزاما وطنيا، ومنهجا سوف يلتزم به الجميع، ويعملون مع الآخرين الذين لم يتسن لهم المشاركة في المؤتمر الوطني العام من أجل تحقيقه، باعتباره يمثل رؤية وطنية معبرة عن ما يريده شعبنا اليمني بكل فئاته وتكويناته الرسمية والشعبية من أقصاه إلى أقصاه".


 


[1]  في 7 مارس، غادرت مدينة عدن اللجنتان الرئاسية والبرلمانية المكلفتان بالتحقيق في أحداث عدن, قبل أن تستكمل عملها في تقصي الحقائق حول الأحداث. وقيل بأن مغادرة اللجنة جاءت بعد استياء عم أعضاء المجلس المحلي بعدن جراء التصريح الذي أدلى به رئيس اللجنة البرلمانية سنان العجي والتي حملت براءة لرجال الأمن واتهاما لطرف ثالث بالتمركز في أسطح المنازل والعمارات واستهداف أفراد الأمن والمتظاهرين من الشباب.

  

أعلى