يا أهل السنة في لبنان: خذوا حذركم!
اقتضت حكمة الله البالغة أن دينه الحق لا
ينتشر ولا يظهر إلا بجهد عباده المؤمنين ومدافعتهم للباطل، وبذلهم وتضحياتهم
بدمائهم؛ متسلحين في ذلك بالصبر واليقين، مستعينين بالله العزيز الرحيم في صراعهم
مع الباطل وأهله. ولو شاء الله لأظهر دينه من دون هذه الآلام والمعاناة
والابتلاءات، ولكنها حكمة أحكم الحاكمين. قال - سبحانه -: { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ
مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ { (محمد: 4)، فلو شاء
الله - عز وجل - لمحق الكافرين والمنافقين في لمحة بصر، ولكنها حكمة الابتلاء
والتمحيص ليحيا من حيَّ عن بينة ويهلك من هلك عن بينه. وكما جاء في الحديث القدسي:
« وإنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك » [1].
وإن سنة الابتلاء والتمحيص التي اقتضتها
حكمة الله - عز وجل - تعم الناس جميعاً مسلمَهم وكافرهم، وهي سنة مطّردة لا تختلف
ولا يحابي الله - عز وجل - فيها أحداً، ولكن عاقبتها خير وتمحيص وصلاح لأوليائه
الموحدين، وشر ودمار ومحق لأعدائه من الكافرين والمنافقين. قال الله - عز وجل -: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ
آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ{ (آل
عمران: 141)، وقال - سبحانه -: { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ
عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ { (آل عمران:179).
وإن ما يجري من أحداث مؤلمة في ديار
المسلمين وبخاصة على أهل السنة في العراق و أفغانستان و فلسطين، وآخرها ما يجري
لأهل السنة في لبنان على أيدي الرافضة؛
إنما هو للابتلاء والتمحيص، وفرز الخبيث وفضحه وظهور أمره للناس، وظهور الطيب
التقي الذي يستحق أن ينصره الله عز وجل. وكم من أناس سقطوا وسيسقطون في هذه
الابتلاءات! وقليل هم الذين يثبّتهم الله ويخرجون من هذه الابتلاءات طيبين
ممحَّصين، وهؤلاء هم الذين ينزل عليهم نصر الله ويمكِّن لهم في الأرض.
وتضامناً مع إخواننا السنَّة في لبنان وما
يواجهونه من عدوان وحقد دفين، وشعوراً بواجب النصح لهم؛ أكتب هذه الوصايا
والتحذيرات؛ علَّ الله - عز وجل - أن ينفعهم بها، وأن يخرجوا - بإذن الله تعالى -
من محنتهم هذه ممحَّصين طيبين منصورين.
* الوصية
الأولى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ {: ما أحوج المسلمين بعامة، ومن تصيبه المحن منهم بخاصة؛ إلى تدبُّر
هذه السنَّة الإلهية العظيمة؛ لأن في تدبرها طريقاً إلى النجاة ودفعاً للبلاء.
والموفَّق من عباد الله - عز وجل - فرداً كان أو طائفة؛ هو الذي يردُّه البلاء إلى
ربه - سبحانه - ويجعله يحاسب نفسه ويراجع أحواله، ويبدأ التغيير من الداخل قبل أن
يُلقي سببَ المصيبة والبلاء على الأعداء؛ فلعله أُتي من داخل نفسه، وبسبب ذنوبه
ومعاصيه وهو لا يشعر. قال الله - عز وجل -: { فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ { (الأنعام:43). وقال عن
أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- بعدما أصابهم من القرح في غزوة أحد: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { (آل عمران: 165).
فالواجب عند حلول المحن والمصائب محاسبة
النفوس وإرجاعها إلى الله - عز وجل - وتفقُّدها من الذنوب الخاصة والعامة؛ فهذا
أول أبواب النجاة من المحن، وأهم أبواب المخارج من الفتن. والله - عز وجل -
يعلِّمنا في هذه السُّنة أنه لا يغير ما بقوم من المصائب ولا يرفع عنهم البلايا
حتى يغيِّروا ما بأنفسهم، ويتخلصوا من المعاصي والذنوب التي تبعدهم عن الله - عز
وجل - وتفتح عليهم أبواب الشرور والمحن. وقد بين الله - عز وجل - في كتابه الكريم
أن أعداء المسلمين من الكفار والمنافقين لا يفتؤون يكيدون للمسلمين، ويسعون
جُهْدَهم ومكرهم في إلحاق الأذى بالمسلمين، ولكن إذا تحلى المسلمون بالصبر والتقوى
(التي هي فعل ما أمر الله - عز وجل - وترك ما نهى عنه)؛ فإن كيد الأعداء لا يضر المسلمين،
بل يحبطه الله عز وجل. قال - سبحانه -: { إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ
وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ
يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ { (آل عمران: 120).
فاللهَ اللهَ يا أهل السنة في لبنان! خذوا
حِذْركم؛ فلا تُؤْتَوْا من قِبَلِ أنفسكم، وعودوا إلى بارئكم وتوبوا إليه، واحفظوه
يحفظكم وانصروه ينصركم.
وأَخُصُّ بذلك الدعاة والمصلحين؛ فهذا يومكم
في استنهاض الهمم ودعوة إخوانكم من أهل السنة إلى التوبة النصوح والرجوع إلى الله
- عز وجل -، وتوظيف الحدث في تغيير الأحوال إلى ما يرضي الله - عز وجل -، والتضرع
بين يديه - سبحانه - في إصلاح الأحوال وكشف الكربة.
* الوصية
الثانية: { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم {: إن من رحمة الله - عز وجل - ولُطفه أن
يقدِّر أحداثاً ظاهرُها المكاره والآلام، ولكن في أعطافها الخير والرحمة لأوليائه.
ومن ذلك ما يجري الآن في لبنان من أحداث وعدوان على أهل السنة، يتولى كِبْرَه حزب الرافضة الصفوي، الذي يسمونه زوراً وبهاتاناً: حزب
الله. ولقد كشفت هذه الأحداث أموراً ستكون عاقبتها خيراً - إن شاء الله تعالى -
لأهل السنة في لبنان وفي خارجها؛ لم تكن لِتُعرف لولا أن الله - عز وجل - قدَّر
هذه الأحداث. ومن هذه الأمور ما يلي:
1 - معرفة أهل السنة واقعَهم وحقيقةَ
أحوالهم، وإيقاظ النائم منهم، ومحاسبة أنفسهم في تقصيرهم مع ربهم - سبحانه - أو مع
بعضهم، وفي تفريطهم في الأخذ بأسباب المواجهة لأعدائهم المتربصين بهم. وفي هذا خير
إذا أدى بهم ذلك إلى اليقظة وقوة العزيمة، والتضرع إلى الله - عز وجل - والأخذ
بأسباب الحيطة والمواجهة مع أعداء الله وأعداء أوليائه.
2 - انكشاف حقيقة الحزب الرافضي في لبنان
وتعريته التامة لكل من له أدنى بصيرة وعقل من أهل السنة في لبنان وفي خارجها؛ حيث
كشّر عن أنيابه وأهدافه المبيّتة في بسط الدين الرافضي في لبنان، والقضاء على أهل
السنة هناك، وارتباطه بالمخطط الإيراني في المنطقة. كما انكشفت تقيَّته التي كان
يكيد بها السُّذَّج من أهل السنة من أن سلاحه وقتاله إنما هو لمقاومة اليهود
والمعتدين على أمن لبنان، وأنه لن يكون في صدر أي لبناني، والدم اللبناني حرام!
والآن ها هو، سلاح المقاومة، يحصد أجساد
اللبنانيين، وليس كل اللبنانيين؛ وإنما أهل السنة منهم! وفي هذه المعرفة والفضح
خيرٌ لمن كان أعشى البصر قبل ذلك؛ لأن من يعرف الرافضة وحقيقة معتقداتهم وأصولهم لا يحتاج في
البراءة منهم ومنابذتهم إلى مثل هذه الأحداث حتى يعرفهم. وهذا ما ذكرته منذ سنتين
أيام الفتنة بهذا الحزب الرافضي يوم كان في حرب مع اليهود، وذلك في المقالة التي
نُشرت في مواقع كثيرة بعنوان (احذروا فتنة حسن نصر الله وشيعته)؛ بيّنت فيها عقيدة
القوم وأهدافهم الطائفية. ومن بقي من أهل السنة على تعاطفه وانخداعه بهذا الحزب
المشؤوم قبل هذه الأحداث؛ فأحسب - إن كان عنده أدنى فهم لعقيدة التوحيد وأدنى عقل
وبصيرة - فإنه لن يتردد بعد عدوان هذا الحزب على أهل السنة وتدمير مؤسساتهم في
لبنان؛ في أن ينفض يده منهم، ويأخذ حذره وبراءته منهم.
وفي هذا خير - إن شاء الله تعالى - لم يكن
ليتحقق لولا تقدير الله لهذه الأحداث.
3 - تعرية حال الحكومة المهترئة في لبنان
وإصغائها للإملاءات الأمريكية، وأنها حكومة من ورق، وبيان أن الحكومة التي لا
تتعلق بهوية الأمة المسلمة وعقيدتها وشريعتها؛ فإنها مخذولة خائنة تحركها المصالح
والكراسي. ومثل هذه الحكومات الجوفاء سرعان ما تتهاوى وتذل عند أدنى هزة تهدد
دنياها ومصالحها الشخصية، ولا يشفع لها ما تبذله من عمران للبلاد وتحسين للمعيشة.
كما بيّنت هذه الأحداث عداوة جيش الحكومة وأكثر أركانها لأهل السنة الصادقين؛ ذلك
أن المراقب للاعتداءات التي تمت على مؤسسات الحكومة و تيار المستقبل وتدمير مراكزه
الإعلامية والسياسية؛ لَتصيبه الدهشة وهو يرى ذلك الحياد أو الاستسلام من جيش
الحكومة أمام هذه الاعتداءات؛ حيث لم يحرك ساكناً! ويطرح سؤالاً كبيراً يفرض نفسه؛
ألا وهو: أين تلك العنتريات والشجاعة والحراك السريع الذي بذله الجيش على أفراد
فتح الإسلام مع عوائلهم في مخيم نهر البارد؟ حيث أبادوا الأخضر واليابس، وطال
الدمار كل أهل السنة في المخيم ممن هم من فتح الإسلام وغيرهم.. أهكذا الشجاعة
والحميّة من أهل السنة على بعضهم؟ أم أنه كما قال القائل: أسد عليّ وفي الحروب
نعامةٌ؟
ومن يدري..؟ فلعل ما يصيب الحكومة الآن
ومؤسساتها والموالين لها هو عقوبة من الله - عز وجل - على ما فعلوه بأهل السنة في
مخيم نهر البارد.. والله سريع العقاب!
* الوصية
الثالثة: (خذوا حذركم): لقد حذر الله - عز وجل - عباده المؤمنين في القرآن من كيد الكافرين
والمنافقين، وجاء في أكثر من آية الأمرُ بأخذ الحذر من الأعداء؛ فقال - سبحانه -
عن المنافقين: { هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ { (المنافقون: 4)، وقال - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا
حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا { (النساء: 71).
وامتثالاً لأمر الله - عز وجل - فإن على أهل
السنة في لبنان وغيرها أن يحذروا من مشروعات أعدائهم التالية:
1 -
خذوا حذركم من المشروع الرافضي الصفوي:
لم يعد خافياً ما تخطط له دولة التشيع
والرفض (إيران) من بسط نفوذها ونشر معتقداتها في المنطقة، إما بشكل مباشر، أو عن
طريق عملائها وأوليائها في بلدان أهل السنة؛ كما هو الحاصل في حكومة العراق
الرافضية الأمريكية، أو في لبنان عن طريق الابن البار لدولة الرفض حسن نصر الله
وحزبه المغبون.
والمراقب لما تقوم به إيران في المنطقة
وأحزابها المنتشرة يشاهد ذلك مصحوباً بالسرعة والجرأة، ولا أدل على ذلك مما يحصل
الآن من الرافضة في العراق ضد أهل السنة، وفي شمال اليمن
على أيدي الحوثيين الموالين لها، أو ما يدور في لبنان على أيدي حزب الرفض هناك.
والواجب على أهل السنة في كل مكان، وبخاصة
من يواجهون مثل هذه التحركات، الحذرَ الشديد والمواجهة الصريحة لهذه المخططات،
وفضحها للسذج من المسلمين السنة ليأخذوا حذرهم ولا تنطلي عليهم تَقِيَّة الرافضة وخداعهم. وإن من السذاجة النظرَ إلى أحداث
لبنان الأخيرة على أنها مؤقتة، وأن الرافضة
سينسحبون من بيروت ويكفوا عدوانهم إذا استجابت الحكومة لمطالبهم التي يدلِّسون على
الناس أنها سبب هذه الأحداث. وها هي الحكومة قد انصاعت لمطالبهم وأرجعت مدير
المطار الرافضي إلى منصبه؛ فهل يا ترى سيكفُّ حزب الرفض عن مشروعه التوسعي
والتضييق على أهل السنة؟
الجواب: لا، حتى لو انسحب وكَمَنَ وقتاً من
الزمن وهدأ فيه؛ فإنه يخطط لهجمة أوسع وأشنع على أهل السنة عندما يرى الوقت
مناسباً، وعندما يرى أن سياسة الخداع والتقية قد فشلت في تحقيق أهدافه.
فيا أهل السنة حذوا حذركم! فإن المعركة مع
المشروع الإيراني لم تنتهِ، بل إنها الآن تبدأ.
2 -
خذوا حذركم من المشروع الأمريكي اليهودي:
إن أخذ الحذر من المشروع الإيراني لا يعني
الاستنامة والغفلة عن المشروع الأمريكي في المنطقة، ولا يعني الانحياز إلى تيار
المستقبل وحكومة السنيورة ذات التوجه العلماني الأمريكي، ولو كانوا محسوبين على
أهل السنة، بل يجب الحذر من المشروع الأمريكي الذي يحاول فرض نفسه في المنطقة،
ولولا فضل الله - عز وجل - برفع راية الجهاد في العراق لتم له ما أراد في كل دول
المنطقة، ولكن الله - عز وجل - أفشل مشروعه على أيدي المجاهدين الأبطال، جزاهم
الله عن أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- خير الجزاء.
وإنّ فشلَه في العراق لا يعني فشله في مناطق
أخرى؛ فقد ينجح في بعض الأماكن إن لم يكن أهلها من المسلمين على حذر ويقظة ومواجهة
له. ولِقائل يقول:
إن أمريكا لم تتدخل في لبنان بشكل مباشر كما
هو الحال في العراق! وهذا صحيح، لكن عملاءها ينوبون عنها، وهذا متمثل في الحكومة
والتيارات العلمانية؛ فالحذرَ الحذرَ من أمريكا وعملائها.
وقد يقول قائل آخر: إن الحكومة أهون علينا
من الروافض! وهذا أيضاً صحيح عند المقارنة، ولكنهم كلهم أعداء للسنَّة الصادقين،
ثم إنه لا يبعد أن يكون هناك تنسيق وصفقات خفية بين أصحاب المشروع الإيراني
والمشروع الأمريكي اليهودي يقدِّم فيه كل طرف تنازلات للطرف الآخر، والضحية في ذلك
هم أهل السنة. فالحذرَ الحذرَ من هذه التواطؤات الخطيرة! ولا يغرنا ذلك العداء
المعلن بين المشروعين، بينما هما متفاهمان في الباطن على تقاسم الكعكة. والمحرك
لأمريكا هو مصالحها وليس لها صديق ثابت؛ وإلا فكيف نفسر ذلك الموقف الأمريكي
اليهودي الهادئ إزاء أحداث لبنان وتركهم لعدوهم المزعوم يصول ويجول؟ ولا يبعد أن
أمريكا بموقفها الهادئ إزاء أحداث لبنان أنه لا يسوؤها ما حدث، ولربما كانت هناك
صفقة مقايضة بين المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي تغض فيه أمريكا الطرف عن
أحداث لبنان مقابل تنازلات تقدمها إيران في مشروعها التوسعي في المنطقة.
وما سوى المشروع الرافضي الصفوي والمشروع
الأمريكي اليهودي في لبنان؛ إنما هي أحزاب: بعضها يدور في فلك المشروع الرافضي؛
كالأحزاب الموالية لسورية وبعض الأحزاب الباطنية كالدروز، وبعضها يدور في المشروع
الأمريكي الغربي؛ كالأحزاب النصرانية المارونية وغيرها، وكلهم حرْبٌ على الإسلام
والمسلمين، والكفرُ ملة واحدة.
* الوصية
الرابعة: أجمعوا أمركم وائتوا صفاً: يا
أهل السنة في لبنان وغيرها من بلدان المسلمين! كفى بنا نوماً وغفلة عمَّا يراد
بنا! ولْنعتبر ولنتعظ بما يجري لإخواننا السُّنة في العراق على أيدي الشيعة الرافضة، ولْنعتبر بما جرى لأهل السنة على أيدي
النُّصيرين الباطنيين في سورية.
ماذا ننتظر..؟ أننتظر حتى يجرّونا كالخراف
للذبح؟! يا أهل السنة في لبنان! إن لم تجمعوا أمرَكم الآن، وتوحدوا صفوفكم، وتعدوا
ما استطعتم من قوة للدفاع عن دينكم وأعراضكم..؛ فمتى تجتمعون؟ ومتى تستعدون؟ إنه
لا مُنقذ لكم بعد الله - عز وجل - إلا اجتماعكم وتناسي خلافاتكم، وأن تجمعوا أمركم
على منازلة العدو الصائل والدفاع عن السنة وأهلها. ووالله لا تنفعكم هيئة الأمم
والشرعية الدولية بشيء؛ فهي من ألدِّ أعدائكم الكفرة، ولن تنفعكم جامعة الدول
العربية بشيء؛ لأن الشوك لا يُجنى منه العنب، كيف وأكثرهم ذنب للغرب أو الشرق؟!
إنه لن ينفعكم إلا الله - عز وجل -
والاستعانة به وحده، ثم الأخذ بالأسباب التي أمر بها - سبحانه - في مدافعة العدو
الكافر عن الدين والنفس والعرض. وإنه قد آن الأوان لتعرفوا قدر المجاهدين السنَّة
في بلادكم؛ فهم الملجأ بعد الله - عز وجل - لكم، وهم الذين سيرفعون رؤوسكم
وسيُذِلون عدوكم بإذنه - سبحانه - كما كان ذلك منهم في بلاد الرافدين؛ حيث كانوا
صخرة وسداً منيعاً أمام هجمات أهل الرفض على مدن أهل السنة. ولولا الله - عز وجل -
ثم هؤلاء المجاهدون الأبطال؛ لكان أهل السنة في العراق في عالم النسيان، ولقيل:
إنه كان في يوم من الأيام سُنّة في بغداد. فاعرفوا للمجاهدين عندكم حقهم، والتفوا
حولهم وساندوهم تفلحوا وتعزوا، إن شاء الله تعالى.
إذن فلا خيار لكم - يا أهل السنة - وأنتم
تنأون عن المشروع الإيراني والمشروع الأمريكي إلا أن يكون لكم مشروعكم الجهادي
المتماسك أسوةً بالمشروع الجهادي الذي قام به إخوانكم السُّنة في العراق وفصائله
الجهادية، الذين أحبط الله بهم مشروعات الأعداء وأفشلها ولله الحمد.
والحذرَ الحذرَ من أن يجرَّكم أحد
المشروعَين الكافرَين إلى صفِّه لمقاتلة المشروع الآخر! فإنما هي رايات عِمِّية
وفتنة جاهلية؛ فاحذروها، واستقلوا برايتكم النظيفة التي تجاهد في سبيل الله - عز
وجل - ونصر الله وتأييده.
أسأل الله - عز وجل - أن ينصر دينه، ويعلي
كلمته، وأن يجنبنا شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.
:: البيان تنشر - مـلـف
خـاص- (الـخـطـر الإيـرانـي يـتـمـدد)
(1) مسلم،
2865.