• - الموافق2024/11/29م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
هل تكون الجوف اليمنية مقبرة للحوثي؟!

هل تكون الجوف اليمنية مقبرة للحوثي؟!


 

منذ أكثر من شهرين وأبناء قبائل محافظة الجوف اليمنية، يخوضون حرباً شرسة للدفاع عن أراضيهم من التوسع الحوثي المسلح، الذي يريد إسقاط مديرياتها تحت سلطته كما حصل في مدينة عمران.

ويتولى أبناء القبائل المشاركين في اللجان الشعبية بمساندة كتائب الجيش المرابط في محافظة الجوف، مهمة صد الهجمات المتتالية للمليشيات الحوثية التي تصر على اقتحام بعض مديريات محافظة الجوف بعنوة ومحاولة إخضاعها تحت الحكم الحوثي.

وتعد مدينة الجوف حلماً كبيراً للمشروع الحوثي منذ اللحظات الأولى لسيطرتهم على صعدة، حيث تعد الجوف من المحافظات الغنية بالثروات النفطية والزراعية، بالإضافة إلى قربها الشديد من الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية وموقعها على الطريق الواصل بين العاصمة صنعاء ومحافظات صعدة والجوف ومأرب.

وخلال الشهرين الماضيين، أثبتت قبائل "دهم" و"جهم"  في محافظة الجوف، صموداً اسطورياً في الدفاع عن مديريتي الغيل والصفراء من محاولات التوسع الحوثي الرامي إلى إسقاط المدينة تحت سلطة الحكم الحوثي، وإلزام أهلها بالفكر الشيعي وعدم الخروج عن أمر زعيمهم عبدالملك الحوثي.

وتعود أطماع الحوثيين لمحافظة الجوف، منذ عام 2011م، حيث حاولوا استهداف بعض معسكرات الجيش والمقرات الحكومية، أثناء انشغال السلطات في صنعاء بمواجهة الثورة الشبابية التي أسقطت نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ولكن محاولتهم باءت بالفشل بعد تلقيهم صفعات كبيرة من القبائل الجوفية التي تداعت من كل مكان لحماية المدينة ومكتسباتها وطردتهم من المحافظة بعد مواجهات دامية بين الطرفين سقط فيها مئات القتلى والجرحى من الطرفين، وتكبد الحوثي فيها الكثير من الخسائر المادية والبشرية.

العودة إلى نقطة البداية

نتيجة التقدم العسكري الكبير الذي أحرزته جماعة الحوثي في منطقة دماج، وتهجير أكثر من 15 ألف نسمة من سكانها، والسيطرة على منطقة حاشد معقل الشيخ الأحمر، وصولاً إلى إسقاط مدينة عمران تحت سيطرة الجماعة العسكرية، نتيجة ذلك عادت الأطماع للحوثي بالرجوع إلى نقطة الصفر في خطته التوسعة على المدن اليمنية، حيث بدأت الحركة بتحشيد مليشياتها وتوجيهها إلى الجوف، وبدأت بعض العناصر الحوثية بالتسلل إلى مديرتي الغيل والصفراء وافتعلت بعض المشكلات مع أهالي المنطقة وقامت باختطاف شاب من أهالي الجوف بحجة أنه يمتلك شريط فيديو للقاعدة.

ورغم محاولة عقلاء الجوف إطفاء المشاكل التي افتعلها الحوثي، إلا أن العلامات كانت تنذر بنوايا مبيته لاستحداث جبهات حربية حوثية من ضمن أهدافها ضم بعض مديريات الجوف إلى سيطرتهم العسكرية، وهو الأمر الذي أزعج قبائل الجوف وجعلها تتداعى من كل مكان للوقوف أمام ما أسموه "بالغزو الحوثي" على المنطقة.

وخلال تلك المواجهات التي تشتد أوقاتاً وتهدأ أوقاتاً أخرى، سقط مئات من القتلى والجرحى في صفوف الحوثيين بحسب مصادر قبلية في الجوف، فيما بلغ عدد القتلى من رجال الجيش والقبائل حوالي 70 شخصاَ وعشرات الجرحى.

وخلال الأسبوع الماضي، بلغت المواجهات بين الطرفين أشدها بعد وصول تعزيزات عسكرية للحوثيين من محافظة عمران وصعدة، الأمر الذي دفع الجيش بالتدخل بالطيران الحربي، حيث قصفت طائرات حربية مخازن أسلحة ومواقع حوثية، وحسب المصادر فقد سقط خلال القصف الحربي حوالي 50 قتيلاً من عناصر الحوثي.

وحسب المصادر الخاصة، فقد وجه الرئيس عبدربه منصور هادي بتشكيل لواء عسكري من اللجان الشعبية من قبائل الجوف، يتولى هذا اللواء مهمة مساندة قوات اللواء 115 العسكري المرابط في المحافظة، ووجه الرئيس بجعل قيادة لواء اللجان الشعبية تحت إمرة قائد اللواء 115 الذي حقق انتصارات كبيرة على الحوثيين منذ بداية المواجهات.

ويقول مراقبون، أن تشكيل لواء من رجال القبائل تحت سلطة الدولة، يدعم صمود الجيش أمام الهجمات الحوثية، حيث يدافع أبناء القبيلة عن منطقتهم بشراسة أكبر مما لو كانوا مجرد جنود من محافظات أخرى، بمكانهم الفرار في أي لحظة حاسمة.

الجوف ليست عمران

رغم كل المخاوف التي تظهر على السطح من سقوط مدينة الجوف تحت سيطرة الحوثيين كما سقطت من قبلها عمران وصعدة، إلا أن الكثير من الدلائل تعكس صحة هذه الرؤية، كون الجوف تختلف عن محافظة عمران التي سقطت في أمر دبر بليل.

في عمران كان عامل الخيانة من الداخل حاضراً بقوة، كون المحافظة خليط غير متجانس من القبائل الأساسية والوافدة وطابور طويل من السياسيين الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقادة جيش يبيعون ويشترون بقضايا الناس وشرف المهنة، ولذلك حققت للحوثي ما أراد، عندما تواطأت معه وأدخلته إلى المدينة بدون أي قتال، وبقي اللواء 310 مدرع صامداً حتى النهاية من دون أن يحصل على أي إمداد من قبل وزارة الدفاع.

أما محافظة الجوف، فإن أكثر ما يميزها، هو تكاتف أبناء القبيلة تحت قيادة واحدة، ممثلة بقبيلتي "دهم" و"جهم" المرتبطة بالمنهج السني الشافعي، بالإضافة إلى أن العامل القبلي في المحافظة مقدم على العامل الحزبي، ولذلك تجد أبناء القبيلة من كل الأحزاب يقفون وقفة رجل واحد أمام أي طارئ يغزو المنطقة.

وقد أكد ذلك تصريحات محافظ محافظة الجوف محمد سالم بن عبود، حيث قلل من إمكانية سيطرة الحوثيين على الجوف كما سيطروا على عمران، مؤكداً أن الجوف تختلف عن عمران، لأن قوات الجيش والأمن واللجان الشعبية من القبائل كلهم أبناء قبيلة واحدة (قبيلة دهم)، وأن أبناء الجوف بمختلف توجهاتهم الحزبية والفكرية يقفون في وجه أي غاز أو معتد على أراضيهم ومناطقهم. وهو الأمر الذي جعل أبناء القبيلة يقفون بصلابة أمام الأسطورة المكسورة التي تروج أن (جماعة الحوثي لا تقهر)، بل وقفت القبائل وقفة صمود وثبات وعززت من وحدتها رغم كل التجاهل الرسمي للدور الذي تقوم به في مواجهة الغزو الحوثي المتعطش للحكم السلالي الطبقي عبر بوابة الدماء.

حتى الآن، لا تزال الأمور تحت سيطرة الجيش ورجال القبائل المساندة له في الجوف، ولا تزال المواجهات بين كر وفر مع تفوق واضح للجيش ورجال القبائل، وفيما اذا استمر صمود الجيش والقبائل على نفس المنوال، فإن النتيجة بالتأكيد ستكون مختلفة عن مجمل المواجهات السابقة، إذ أن الحوثيون إذا أصروا على التقدم فإنهم يحفرون قبورهم بأيديهم وأيدي رجال قبائل الجوف، معلنين بذلك نهاية طغيان حركة سلالية تحتكر لنفسها الحكم والسلطة وتريد أن تستقوي على الشعب اليمني بقوة السلاح، وتفرض فكرها على الناس ولو كلفها ذلك أنهار من الدماء.

أعلى