• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
طاجيكستان و الحرب على الإسلام

طاجيكستان و الحرب على الإسلام



من المعلوم أن التيارات الفكرية والمذهبية والأديان تعيش حالة من الصراع والتنافس المستمر سواء بشكل ظاهر أم خفي، ولكن يغلب على تنافسها طابع الاختفاء، بل يكاد لا يظهر، ولعل السبب الأهم في هذا الأمر هو اتفاق تلك التيارات على اتخاذ الإسلام عدواً لها ومحاربته بكل جهد، وهذا ما يبرر الحملات الإعلامية الغربية الكبيرة على أخطاء صغيرة يقوم بها المسلمون مقابل أخطاء جسيمة يقوم بها الغرب وتكاد لا تُذكر في وسائل الإعلام.

ومن الغريب والسخيف جداً أن تجد بعض ادوات الغرب ممن يحملون هويةً مكتوب فيها مسلم؛ يحاربون الإسلام وبشكلٍ أعنف واشنع من الغرب ذاته. ففي طاجيكستان؛ اعتقد الشعب الطاجاكي بعد انهار المعسكر الاشتراكي الذي حكم البلاد 7 عقود؛ أنه قد فلت من حملات القمع والاضطهاد والإرهاب المنظم وغرس مبادئ الشيوعية ونشر الإباحية والانحلال وتذويب الشعب في المجتمع الروسي ومحو الهوية الإسلامية رغم تناقص نسبة المسلمين من 98% في بداية القرن الماضي إلى نحو 82% عام 1991م، ثم ازدادت النسبة لترتفع إلى أكثر من 90% في الوقت الحالي.

أبرز ما يميز طاجيكستان هي أنها دون غيرها من الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي تشهد موجة كبيرة من انتشار الصحوة الإسلامية بين أبناء شعبها بشكل ملفت للنظر، حيث تتمسك أغلبية أهلها بالعقيدة الإسلامية رغم المحاولات المستميتة لطمس الهوية الإسلامية من قبل المحتلين الروس وادواتهم وأعوانهم.

وتتمثل الصحوة الإسلامية هناك في انتشار حركة النهضة الإسلامية التي تأسست عام 1978م بمبادرة من الشيخ عبد الله نوري، حيث اهتمت بشؤون التربية الإسلامية وبناء المساجد، إذ تم افتتاح أكثر من 200 مسجداً في العاصمة دوشانبه وحدها، وأعادت يوم الجمعة ليصبح هو العطلة الأسبوعية بدلاً من يوم الأحد، كما افتتحت كثيراً من المساجد بعد الاستقلال، وأعادت تعميرها، فضلاً عن بناء المدارس القرآنية. ولعل هذه هي الدوافع الحقيقية التي جعلت من البلاد هدفاً للحملات الغربية التي حاولت طمس الهوية الإسلامية هناك.

تشهد طاجكستان في السنوات الــ15 الأخيرة عمليات تنصير وعلمنة، حيث تنتشر حركات التنصير والمراكز الثقافية التبشيرية وممثلي الأديان الأخرى في البلاد مثل: البهائية، والنصرانية، والزرادشتية، وتعاليم كرشنة وغيرها للوصول إلى أهدافها. وتمَّ تشريد كثير من العلماء والمفكرين المسلمين إلى الخارج، وقتل بعضهم، ويجري دعم هذه المراكز بالأموال، والتراث الديني، والوسائل التعليمية الحديثة، والحاجات الضرورية الأخرى من قبل كنائس الفاتيكان، وأمريكا، وكندا، وسويسرا، وفنلندا وغيراها.

في الواقع لا يوجد رقم دقيق لعدد من تنصروا هناك، لكن بعض التقارير تشير إلى عشرات الشباب الذين تركوا الإسلام تحت تأثير الدعم المالي والمنح الدراسية والمغريات.

وفي سياق الجهود الرسمية لفرض العلمنة، أقدمت السلطات الرسمية على اتخاذ مجموعة من الإجراءات الكارثية، فبحث البرلمان مشروع قانون حظر الأسماء العربية أو ذات الطابع العربي في طاجيكستان, وذلك بطلب مباشر من الرئيس إمام علي رحمان، على أن يسري القانون بأثر رجعي. كما قدَّمت الحكومة قائمة أسماء مقترحة من أجل إجبار الوالدين على اختيار أسماء لمواليدهم منها.

وجاء قرار حظر الأسماء ذات الطابع العربي بناءً على اقتراح من قبل، مقدمٌ من وزارة العدل لتعديل قانون الأحوال الشخصية.وفي سياق ذي صلة؛ منعت سلطات مدينة "دوشانبي" التجار من استيراد وبيع الملابس الإسلامية السوداء للنساء للمسلمات- التي لا تتصل بالحضارة الطاجيكية حسب تعبير الحكومة.

أما في يتعلق بمحاربة الدين والحد من العبادة وممارسة الشعائر الدينية؛ قررت لجنة الشؤون الدينية في طاجكستان منع الشباب -من هم أقل من35 عاما- من أداء فريضة الحج, هذا في ضوء زيادة أعداد المقبلين على أدائها وخاصة من فئة الشباب .كما قررت الحكومة منع ارتداء الحجاب عموماً والتحذير من ارتدائه داخل المؤسسات التعليمية تحت دعاوى المحافظة على اللباس الطاجيكي ومنع اتداء ملابس ليست من الحضارة الطاجيكية.

وحتى الصلاة المكتوبة لم تسلم من الهجمة الشرسة على الهوية الإسلامية، حيث منعت السلطات الصلاة في الأماكن العامة, وقررت إشراف الشرطة بشكل مباشر على صلاة الجمعة بدعوى محاربة محاولات التعبئة والتحريض والاحتجاج أو تنظيم المظاهرات ضد الحكومة.

ويقضي القانون الذي أقره البرلمان بحظر الصلاة لمن هم دون سن الـ18 عاما في المساجد وذلك في محاولة لما تصفه السلطات كبح «التطرف الديني» ومنع انتشار الاصولية الدينية في البلد الذي تسكنه غالبية من المسلمين.

لم يعد للحرية الشخصية مكان، ولم يعد لقوانين حقوق الإنسان مكان في البلاد، حيث قامت الحكومة بمنع إعفاء اللحية لدى للرجال, وقررت مطاردة أصحاب اللحى وأجبرتهم على حلقها عنوة, وأغلقت الكثير من المساجد في العاصمة "دوشنبه" وغيرها بذريعة عدم تسجيها لدى الجهات الحكومية المختصة، فضلاً عن إغلاقها عدد من المساجد في اماكن مختلفة من البلاد.

وفي ضوء ما سبق؛ يمكن القول إن طاجيكستان مقبلة على موجات تغريب وعلمنة وتنصير لم يسبق لها مثيل، المستفيد الأوحد منها هو الغرب رغم أنها تتم بواسطة الأدوات الطاجيكية نفسها، وهذا يستلزم وقفة جادة من الدول العربية والإسلامية الأخرى مع الشعب الطاجيكي، سياسياً وإعلامياً ومالياً، وهذا ما بدا واضحاً من خطاب مندوب السعودية الدائم في الأمم المتحدة.

أعلى