في الثاني من فبراير 2011م تقدم الرئيس علي عبدالله صالح إلى اجتماع موسع ضم مجلسي النواب والشورى وقيادات عسكرية وأمنية وشخصيات علمية واجتماعية بمبادرة استباقية لدعوة أحزاب المعارضة للتظاهر يوم الخميس -3 فبراير- جاء فيها: نفيه لأي نية مبيتة للتأبيد أو التمديد أو التوريث، وتجميده لمشروع التعديلات الدستورية المعروض على مجلس النواب، ودعوته إلى استئناف الحوار مع قوى المعارضة؛ معتبرا ما جاء في هذه المبادرة تنازلات لمصلحة البلد.
في الثالث من فبراير شهدت صنعاء أول مظاهرة مطالبة بالتغيير قادتها المعارضة برموزها السياسية والحركية في شارع العدل أمام جامعة صنعاء الجديدة. كما شهدت مظاهرة مضادة خرجت لتأييد الرئيس صالح في ميدان التحرير، لكنها بزعم مصادر إعلامية كانت مدفوعة الأجر وبتجييش من الحزب الحاكم والحكومة.
وفي تقدير بعض وسائل الإعلام فقد خرج في مظاهرات المعارضة نحو مليون مشارك في مختلف محافظات الجمهورية، للضغط على الرئيس صالح لتقديم تنازلات حقيقية تفضي إلى تداول سلمي للسلطة. ولم تخل المظاهرات من مطالب برحيل صالح عن السلطة على الفور. وشملت المظاهرات العاصمة صنعاء، وعددا من المدن والمحافظات: كتعز، وإب، وعدن، وزنجبار، والوهط، وحجة، ومأرب، والبيضاء، وعتق، وذمار، وريمة، وعمران، والمحويت، والجوف، وحضرموت.
وفي حين كانت بعض هذه المسيرات سلمية وناجحة واجهت قوات الأمن عددا منها بالأعيرة المطاطية وإطلاق الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين والقنابل المسيلة للدموع واستخدام الهراوات. وقد أصيب في المكلا ثلاثة من المتظاهرين نتيجة إطلاق رجال الأمن النار على مسيرة انطلقت حاملة أعلاما تشطيرية وصوراً لنائب الرئيس السابق علي سالم البيض وشعارات انفصالية.
في الخامس من فبراير سلَّم عبدالكريم الإرياني -عضو اللجنة الرباعية في لجنة الحوار- قادة أحزاب اللقاء المشترك رسالة تتعلق بمقترحات رئيس الجمهورية الواردة في كلمته أمام مجلسي النواب والشورى لتسوية الوضع السياسي في البلاد؛ غير أن قادة المشترك طلبوا منحهم مهلة يومين لتدارس الرسالة مع شركائهم قبل الرد عليها عبر اللجنة الرباعية.
في التاسع من فبراير، قللت الحكومة اليمنية من مخاوف سقوط البلاد في أزمات سياسية مماثلة لتونس ومصر، مشيرة إلى أنها حافظت دائما على الحوار مع المعارضة. وجاء هذا الموقف على لسان وزير الخارجية د. أبوبكر القربي في تصريحات صحفية بباريس لوسائل إعلام فرنسية.
في 11 فبراير وعلى إثر تنحي حسني مبارك عن حكم مصر، وقعت صدامات واشتباكات بين متظاهرين في ميدان التحرير نادوا بسقوط النظام وآخرين مؤيدين له. وكانت السلطة قد استبقت المظاهرات المعارضة بخطوة نصب عدد من الخيام في ميدان التحرير واستقدام عدد كبير من أنصارها للإقامة فيها تحسبا لأي حراك شعبي معارض، وكان في مقدمة العناصر التي التحمت مع المتظاهرين قيادات مؤتمرية يتقدمها سلطان البركاني رئيس كتلة المؤتمر وأمين العاصمة عبدالرحمن الأكوع.
كما شهدت بقية عواصم المحافظات مظاهرات مشابهة، للمطالبة برحيل السلطة، والتغيير والإصلاح، ورفض التوريث وتمديد الحكم.
وأعلن بمحافظة الحديدة عن تأسيس اللجان الوطنية للانتفاضة والثورة السلمية ضد الفساد والاستبداد. وهو إعلان تبناه عدد من الشباب العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات، بالإضافة إلى ناشطين سياسيين وحقوقيين ومحامين وإعلاميين. وجاء في بيان التأسيس أن اللجان تهدف إلى مواصلة الثورة السلمية حتى ينعم الوطن ومواطنيه بالعيش الكريم الذي حوله النظام الحاكم الحالي إلى جحيم بفعل سياسات التجويع والإفقار؛ داعيا شباب اليمن في جميع المحافظات إلى المضي قدما في سبيل تغيير جذري لكافة أركان النظام.
كما شهدت مدينة زنجبار بأبين مسيرة جماهيرية لأنصار الحراك الجنوبي استجابة للدعوة التي وجهها طارق الفضلي، طافوا خلالها شوارع المدينة مرددين شعارات وهتافات مناهضة للنظام؛ من قبيل: (لا وحدة.. لا فيدرالية.. ثورتنا ثورة سلمية) و(ثورة، ثورة.. يا جنوب). وتقدم طارق الفضلي جموع المشاركين الذين ارتدوا ثيابا بيضاء -في إشارة إلى استعدادهم للموت في أي لحظة.
في 12 فبراير، شهد ميدان التحرير صدامات بين مظاهرتين خرجت أولاها لتأييد الرئيس صالح، فيما خرجت الثانية -وبعدد لا يتجاوز نصف الألف- مباركة نجاح الثورة الشعبية في مصر، ومطالبة النظام الحاكم في اليمن بالرحيل، لتنتهي الصدامات التي استخدمت فيها العصي والهروات والأسلحة البيضاء بانسحاب الثانية.
في 13 فبراير، أحاطت الجهات الأمنية ميدان التحرير بالعاصمة ومجلس النواب ومقار الأمن السياسي بالسلك الشائك, وسدت جميع المنافذ؛ في حين استولى أنصار المؤتمر الشعبي العام على ساحة ميدان التحرير، حيث نصبت به خياما لإقامة معرض للأشغال اليدوية لمنع التظاهر فيه.
في المقابل انطلقت مظاهرة من أمام جامعة صنعاء واستقرت أمام مقر الأمن المركزي بالقرب من دار الرئاسة، هاتفة بـ"الشعب يريد رحيل النظام".
كما عممت حركة "3 فبراير" الشبابية -حسب وصفها لنفسها- قائمة بأسماء ومناصب أقارب الرئيس علي عبدالله صالح، وطالبت في بيان لها بتنحية هؤلاء الأقارب من مناصبهم، وبإفساح المجال للكفاءات المعطلة من أبناء الشعب. وقال البيان إن على الرئيس القيام بإجراءات ملموسة وعاجلة إن أراد أن يجنب نفسه السقوط ويجنب الشباب تبعات التظاهر.
في 14 فبراير، قام موظفون يعملون في هيئة موانئ خليج عدن باقتحام مكاتبها الإدارية، وبإخراج رئيس مجلس إدارتها وكبار الإداريين منها. كما شارك المئات من المحتجين في مظاهرة جابت شوارع عدن، والتحمت مع رجال الشرطة برشقهم بالحجارة، وقال سكان إن قوات الأمن استخدمت الهراوات لتفريق المتظاهرين، واعتقلت خمسة أشخاص منهم.
وفي صنعاء طارد أنصار للسلطة مسلحين بزجاجات مكسورة وخناجر وحجارة الآلاف من المتظاهرين المنادين بالإصلاح، ليتحول الاحتجاج -الذي استلهم الثورة الشعبية المصرية- إلى عنف متزايد. وهتف المحتجون المناهضون للسلطة برحيل النظام.
وشهدت تعز –لليوم الرابع- مظاهرات مماثلة شارك فيها آلاف المواطنين، واعتقلت الشرطة 120 شخصا منهم -حسب بيانات منظمات المجتمع المدني- وجرح ثمانية آخرون.
في 15 فبراير، شكل الشباب المعتصمون بمدينة تعز لجان نظام من مئات الشباب لتأمين مقر الاعتصام من جميع الطرق المؤدية إليه، ووفروا مولدات كهرباء بعد فصل التيار عن مكان التظاهرة والأحياء المجاورة؛ وواصلوا اعتصامهم لليوم الخامس على التوالي.
من جهته ألقى عبدالملك الحوثي كلمة بمناسبة المولد النبوي في صعدة طغى عليها الجانب السياسي، حيث أعلن عن خروجه إلى الشارع ومطالبته السلطة بسرعة الرحيل من البلاد؛ مؤكدا أن إرادة الشعوب هي القادرة على التغيير، وأن إرادة الله تعالى ستنضم إلى إرادة الشعب اليمني في حال خرج إلى الشارع بصدق وجدية وبشكل واسع وشامل. وحرض الحوثي كافة أبناء اليمن إلى الخروج ضد السلطة والاستفادة من ثورتي مصر وتونس، وقال: "إننا سنكون في طليعة الشعب اليمني في حال خروجه بشكل واسع" حاثا الجماهير على سرعة الخروج.
وقالت مصادر محلية: إن وفودا كبيرة من محافظات صنعاء وحجة والمحويت وعمران والجوف ومأرب والبيضاء وذمار وشبوة حضرت الاحتفال؛ موضحة أن على رأس الوفود المشاركة الشيخ ناجي الغادر، إضافة إلى شيخ قبلي كبير من محافظة مأرب.
اليـمـن .. ثـورة شعـب! مجريات الثورة الشعبية والاعتصامات 2
اليـمـن .. ثـورة شعـب! مجريات الثورة الشعبية والاعتصامات 3
اليـمـن .. ثـورة شعـب! مجريات الثورة الشعبية والاعتصامات 4