المسلمون في بورما

المسلمون في بورما

تقع بورما أو ما يعرف اليوم بدولة ميانمار في الجنوب الشرقي لقارة أسيا ويحدها من الشمال الصين والهند ومن الجنوب خليج البنغال وتايلندا ومن الشرق الصين ولاوس ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلادش، ويقع إقليم أركان المسلم في الجنوب الغربي لبورما وتشير الإحصائيات الرسمية في مينامار (بورما) إلى أن نسبة المسلمين في هذا ألبلد البالغ تعداده نحو 55 مليون نسمة تقل عن 5% وبالتالي يتراوح عددهم بين 5 و8 ملايين نسمة ويتركز المسلمون في ولاية أراكان المتاخمة لدولة بنجلاديش وينتمون إلى شعب روهينجا.

وصول الإسلام إلى بورما

و تذكر المصادر التاريخية أن الإسلام قد وصل إلى أراكان منذ عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد وذلك عن طريق التجار العرب والذين وصلوا إلى هناك واستقروا بعض الوقت واستطاعوا بأخلاقهم الإسلامية السمحاء وسلوكهم الحضاري والإنساني الراقي أن يؤثروا في السكان المحليين ويدخلوهم في الإسلام، وشيئا فشيئا تكونت هناك دولة إسلامية كبيرة استطاعت أن تستمر لأكثر من ثلاث قرون ونصف (1198/1784)، ولقد عرفت هذه الدولة ازدهارا ثقافيا وحضاريا لم تعهده المنطقة من قبل، من ذلك انه كان لها عملة خاصة مضروبة بالفضة وكتب عليها " لا إله إلا الله "، ولقد تداول على حكم هذه الدولة نحو 48 ملكا مسلما إلى أن أسقطها البوذيين في سنة 1784م، حيث احتلها الملك البوذي «بوداياي» وقام بضم الإقليم إلى بورما خوفاً من زيادة انتشار الإسلام في المنطقة، ولقد أمعن في اضطهاد المسلمين وأجبر عدد كبير منهم على مغادرة الإقليم وصادر ممتلكاتهم وأراضيهم، وفي سنة م 1824م احتلت بريطانيا الإقليم وعملت على إضعاف مكانة المسلمين فيه، وفي المقابل عملت على دعم وتقوية مكانة البوذيين في كل المجالات، كما أن بريطانيا قامت بضم بورما إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، ولقد استمر هذا الوضع لحوالي 100 سنة، وفي سنة 1937م جعلت بريطانيا من بورما وإقليم أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية وعرفت آنذاك باسم حكومة بورما البريطانية.

 معاناة مسلمي بورما التاريخية

بدأت المعاناة على أيدي البرتغاليين المستعمرين في القرن الرابع العشر الميلادي وفي سنة 1784م  بدأت قصة الظلم والاضطهاد على أشده حينما احتل الملك البوذي (بودا باية) أراكان وضمها إلى بورماً خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض الفساد.

ومن هنا بدأت قصّة معاناة شعب كامل من المسلمين وضاعت فصولها وسط جراحات الأمّة المتتالية، مع أنّ مجريات تلك القصّة الدامية سبقت قضيّة أمتنا الكبرى فلسطين ولكن شتّان ما بين القضيّتين في الإعلام الدولي، حيث أنّ معاناة مسلمي بورما كانت أنكى وأشد، فقد دمّر البوذيون كثيراً من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس وقتل العلماء والدعاة وأطلق العنان للبوذيين في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم فساموا أهلها سوء ألعذاب وأنزلوا عليهم أقسى أنواع الظلم والقسوة وسُوِّيَ فيها بالأرض كُلّ ما يخص الإسلام من حضارة أو آثر وأحرقت منازلهم ومزارعهم وأُسر فيها كثيرٌ من المسلمين واستُخْدِمُوا كعبيد وأرقاء سُخِّروا لأعمالهم من بناء المعابد وحرث الأرض دون أي مقابل مادي.

الاستعمار البريطاني لبورما:

في سنة 1824م احتلت بريطانيا بورما، وتصدى المسلمون قبل البوذيين للاستعمار الإنجليزي والحقوا به العديد من الهزائم مما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلص من نفوذ المسلمين حيث عملت على إدخال الفرقة بين الديانات المختلفة في هذا البلد لتشتيت وحدتهم وإيقاع العداوة بينهم كعادتها في سياساتها المعروفة (فرق تسد)، فأشعلت الحروب بين المسلمين والبوذيين وعملت على إضعاف مكانة المسلمين في البلاد من خلال جملة من الإجراءات التعسفية تمثلت أساسا في:

1- طرد المسلمين من وظائفهم وإحلال البوذيين مكانهم.

2- مصادرة أملاكهم وتوزيعها على البوذيين.

3- الزج بالمسلمين وخاصة قادتهم في المسجون أو نفيهم خارج أوطانهم.

4- تحريض البوذيين ضد المسلمين ومد البوذيين بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحتهم عام 1942م حيث فتكوا بحوالي مائة ألف مسلم في أركان.

5 - إغلاق المعاهد والمدارس والمحاكم الشرعية ونسفها بالمتفجرات.

الاستعمار الياباني لبورما ومحرقة المسلمين

في بداية الحرب العالمية الثانية غزا الجيش الياباني بورما واحتلها لمدة 3 سنوات ( 1942م/1945م )، ولقد عمل الانجليز على استمالة المسلمين للوقوف في صفهم في محاربة اليابانيين مقابل وعدهم بالاستقلال بعد الانتصار على الجيش الياباني، ولقد لعب المسلمون دورا رئيسيا في إلحاق الهزيمة باليابان نظرا لمعرفتهم بتضاريس البلاد وإتقانهم حرب الأدغال حيث عجز الجيش الانجليزي عن حسم هذه المعركة لولا مهارة المسلمين واستبسالهم في قتال الجيش الياباني.

وفي سنة 1942م ولما انسحب الجيش البريطاني من بورما الى الهند ارتكب اليابانيون والبوذييون البورميون المتحالفون مع الجيش الياباني أعمال وحشية ضد المسلمين المتحالفين مع الجيش الإنجليزي، حيث قتلوا واحرقوا 307 من قرى المسلمين وشردوا أكثر من نصف مليون مسلم جراء هذه المجزرة، انها "هولوكست" اراكان كما يصفها العديد من المؤرخين نظرا لفظاعتها ووحشيتها وكثرة عدد ضحاياها ولازال المسلمين في اراكان يتذكرون هذه المجزرة والإبادة الجماعية والتي ارتكبت في حقهم في سنة 1942 والتي كانت فصولها كالتالي:

27 مارس 1942م  الإغارة من قبل البوذيين على أسواق ممبيا لسلب ونهب أموال المسلمين.

 23ـ 26 مارس 1942م قصفت الطائرات اليابانية على اكياب عاصمة اركان وقام البوذيون بحملاتهم ضد المسلمين الروهنجيا حيث قاموا بسلب ونهب اموال المسلمين والإغارة على قرية المسلمين في "نائنده" منطقة ممبيا. وقلدت الحكومة البريطانية في بورما زمام أمور اراكان إلى الإرهابي البوذي "اوشوخائن"، ولاذت بالفرار إلى الهند. 

26 مارس 1942م  السلب والنهب من قبل البوذيين على أموال المسلمين في أسواق اكياب.

28 مارس 1942م  الإغارة الثانية من قبل البوذيين على قرية المسلمين «نائنده» في ممبيا وقتل معظم المسلمين واستطاع الفرار قليل منهم وتم إحراق القرية بكاملها.

29 مارس 1942م  الإغارة الأولى على قرية المسلمين «شمبيلي».

30 مارس 1942م  الإغارة الأولى على «لمع سر» وتتألف هذه القرية من ألفا بيت من المسلمين ويقطن بها اثنا عشر ألف من السكان المسلمين.

31 مارس 1942م  الإغارة الثانية على لمع سر وقتل جميع السكان فيها البالغ عددهم اثنا عشر ألف من ألمسلمين وإحراق القرية بكاملها وكذلك تم إحراق القرى في ضواحيها كـ شمبيلي المؤلفة من ألف بيت وسانغري فارا ونالا فارا وقتل سكانها المسلمين والإغارة الاولى على «رائشنغ فنخا» من منطقة مي بون مديرية شوكفيو.

1 ابريل 1942م  الإغارة الثانية على رائشنغ فنخا حيث تتألف هذه القرية على ثلاثة آلاف بيت وثمانية عشر ألفا من السكان المسلمين وقتل معظمهم وإحراق بيوتهم كما وقع قتل الامام الجليل الشيخ عبد الجبار واعظ دين في قرية اندانغ على يد البوذيين.       

2 ابريل 1942م  الإغارة الأولى على قرية «علي جوين بهارفارا» وهي القرية التي تمتد طولا أكثر من أربعة أميال ويسكن فيها ثلاثون ألفا من المسلمين حيث يوجد فيها مدرسة كبيرة لدراسة العلوم الإسلامية وكانت تعرف باسم مدرسة اشرف العلوم.

7 ابريل 1942م  انعقاد مؤتمر حزب «ثاكين‘‘البوذي في معبد «مهامني باغودا» وذلك بقصد تدبير مؤامرة لتوسعة نطاق الأعمال الإجرامية البشعة من القتل وسفك الدماء وحملات الإبادة ضد المسلمين في كل مكان في بورما.

8 ابريل 1942م  الإغارة الثانية على علي جوين بهارفارا  وقتل إثنى عشر ألفا من المسلمين بما فيهم أربعين من العلماء الكبار والمشايخ العظام وتم إحراق وتدمير العديد من القرى المسلمة مثل قرى مهامني، فكتولي، شوتيلي، بارغوافارا، ميوك تنغ، آمباري، قاضي فارا، روانئي فارا، تنسافارا، سادتيه فارا، ملنغ، خنغ، فلواري، تنغ تنغ وغيرها من قرى المسلمين.

12 ابريل 1942م  الاغارة على قرية غوفيتنغ، فيدا، آفق (قيم) وقتل أربعين ألفا من المسلمين وإحراق قراهم.

16 ابريل 1942م  خدعة السيد «سوئيشا» البوذي صاحب الشركة التجارية في خطاب موجه إلى المسلمين وذلك لخداعهم ولطمأنتهم كي يربح المزيد من الوقت ليفسح له المجال لقتلهم وإبادتهم وذلك في غفلتهم.

ابريل 1942م  إشعال نار الفتنة من قبل البوذيين في راثيدنغ وبوثيدنغ ضد المسلمين وقتلهم كما تم إحراق قرى المسلمين في مري بنغ، شوكفيو، شوك نيميو حيث تم احراق خمس مائة بيت من بيوت المسلمين وفي قرى كيوكتو، فكتو، اتارنغ، بوناغري، سندامه، ميوركل، قيني برانغ، قائم برانغ، شولي برانغ، توئن فارا، تنغفرو، تودائنغ، نوناخالي، زولافارا، جيجه حيث قتل آلاف المسلمين.

28 ابريل 1942م  إخلاء اكياب من قبل الجيش البريطاني ليفسح المجال للبوذيين لعمليات تصفية المسلمين بحرية. تامة حيث عيين رسميا البوذي الإرهابي اوشوخائن حاكما لأراكان ليقود حملات الإبادة ضد المسلمين قبل إخلائه المنطقة.

5 مايو 1942م  إحراق قرية «شابق»، وقتل ثلاثين من أعيان المسلمين في آمباري وسينافارا في اكياب حيث شاهد الناس كومة جماجم القتلى لفترة طويلة من الزمن.

6 يونيو 1942م   قتل الشيخ كريم فقير بيد البوذيين في بيته.

7 يونيو 1942م   وضع المسلمون الحد من هذه المجزرة بفتح بوثيدنغ.

وفي واقع الأمر نجد أن تلك المجازر الرهيبة قد طالت كل أسرة مسلمة من الروهنجيا حيث قتل احد من أعضائها أو أكثر، ومن ضمن مائة ألف مسلم شهيد عشرون ألفا من العلماء والقادة إضافة إلى ذلك خمس مائة ألف من المشردين بلا ملجأ ولا مأوى وحوالي خمسون ألفا من اللاجئين في مخيمات "رنجبور" في البنغال، وبقتل علماء وقادة المسلمين أحدثت الفجوة والأزمة في القيادة لدى صفوف ألمسلمين ومن جراء ذلك لم يفلح المسلمون الروهنجيا في الحفاظ على حقوقهم المشروعة والاعتراف بصفتهم وهويتهم في المجلس التشريعي لبورما إبان الاستقلال، وهذا هو الهدف الرئيس لأعداء المسلمين الذين أحرزوا تقدما كبيرا في هذا السياق بان جعلوا المسلمون لا يستطيعون الحصول على حقوقهم المشروعة ولا حتى أدنى ضمانات في دستور بورما وبالتالي فتح الباب على مصراعيه لاستمرار الأعمال التعسفية وحملات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضدهم، بل إن استمرار سياسة التمييز العنصري  ضدهم يعتبر من الأمور المشروعة.

وفي عام 1947م وقُبيل استقلال بورما، عقد مؤتمر في مدينة (بنغ لونغ) البورمية للتحضير للاستقلال ودعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين (الروهنجيا) لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير المصير، وفي يوم 4 يناير من سنة 1948 منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تمنح كل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إن رغبوا في ذلك.

و لكن ما إن حصل البورميون على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم وعملوا على إحكام قبضتهم على أراكان وقاموا بممارسات بشعة ضد المسلمين متجاهلين حقوق سكان أراكان التاريخية والدينية والثقافية والجغرافية واللغوية والعرقية حيث لا تزال حتى يومنا هذا بعض آثار مساجدها ومدارسها وأربطتها تحكي مآثر مجدها التليد.

حملات التهجير ومخيمات اللجوء والبؤس:

أمّا حملات التهجير الجماعي والتشريد إلى المصير المجهول فيصل عددها إلى 6 حملات منظّمة وكبرى وشرد من خلالها قرابة مليون ونصف مسلم خارج وطنهم، وهكذا لا يكاد الأراكانيون يلتقطون أنفاسهم من محنة إلا وتغشاهم أخري، واستمر الاضطهاد والظلم وإلغاء الحقوق والمواطنة تدريجياً إلى يومنا هذا.

و لقد تمت عمليات التهجير الجماعي عبر 4 مراحل كبرى وهي:

الأولى: عام 1938م إبان الاحتلال البريطاني.

والثانية: عام 1948م مع بداية الاحتلال البورمي.

الثالثة: عام 1978م.

والأخيرة: عام 1991م.

سياسة التطهير العرقي ضد المسلمين:

أما التطهير العرقي والديني والإبادة الجماعية للمسلمين فهي مستمرة ولم تنقطع في ظل عزلة الإقليم عن العالم بالإضافة إلى أن جميع حكام المناطق التابعة للإقليم من البوذيين، ويكفي للتدليل على ذلك أنه بعد وصول الحكم العسكري عام 1962م شردت بورما أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش المجاورة، وفي عام 1982 ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنون في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني إلى بورما) رغم أن الواقع والتاريخ يكذّبان ذلك، وفي عام 1991م شردت بورما حوالي ثلاثمائة ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.

وأما من تبقى من المسلمين في بورما فتمارس ضدهم سياسة الاستئصال عن طريق برامج إبادة الجنس وتحديد النسل، فالمسلمة ممنوع أن تتزوج قبل سن الـ25 أما الرجل فلا يسمح له بالزواج قبل سن الـ 30 من عمره، وإذا حملت الزوجة فلابد من ذهابها طبقاً لقرار السلطات الحاكمة إلى إدارة قوّات الأمن الحدودية (ناساكا) لأخذ صورتها الملوّنة كاشفة بطنها بعد مرور كلّ شهر حتّى تضع حملها، وفي كلّ مرّة لا بدّ من دفع الرسوم بمبلغ كبير وذلك للتأكّد كما تدعي السلطة من سلامة الجنين ولتسهيل إحصائية المولود بعد الولادة، ولكن لسان الواقع يُلوِّح بأنّ الهدف من إصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين وتأكيدهم على أنّه ليس لهم أيّ حقّ للعيش في أراكان بأمن وسلام، بالإضافة إلى عمليات الاغتصاب وهتك العرض في صفوف المسلمات اللاتي يموت بعضهن بسبب الاغتصاب، كما يتم إجبار المسلمين على العمل بنظام السخرة في معسكرات الاحتلال، وتم نقل مئات المسلمين من وظائفهم ويمنع أي مسلم من دخول الجامعات والكليات.

ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى بـ"القرى النموذجية" في شمال أراكانحتى يتسنى تشجيع أسر «الريكهاين» البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق، كما أصدرت السلطات قراراً بحظر تأسيس مساجد جديدة وعدم إصلاح وترميم المساجد القديمة وتدمير المساجد التي تم بناؤها أو إصلاحها خلال عشر سنوات منصرمة في الإقليم، وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت عشرات المساجد والمراكز الدينية واعتقلت المئات من علماء الدين وطلبة العلم.

ولقد انطلقت منذ بداية عقد التسعينيات وبعد إلغاء نتائج الانتخابات موجة من الاضطهاد أخذت شكل سياسة التطهير العرقي إزاء مسلمي أراكان المتمركزين خاصة في القسم الشمالي من البلاد ونتج عن ذلك تهجير ما بين 250 إلى 280 ألفا منهم نحو بنجلاديش، التي رفضت استقبالهم إلا بعد عدة جهود ليعيشوا في شروط قاسية داخل مخيمات تفتقد أدنى مقومات الحياة.

قانونا الجنسية في بورما:

سنت الحكومة البورمية عام 1948م  قانونين كانا يكفلان الجنسية للمسلمين هناك، وبعد سنوات أشاعت الحكومة أن في القانونين مآخذ وثغرات وقدمت في 4 يوليو 1981م  مسودة القانون الجديد الذي ضيق على المسلمين وصدر عام 1982م وهو يقسّم المواطنين كما يلي:

1- مواطنون من الدرجة الأولى وهم (الكارينون والشائيون والباهييون والصينيون والكامينيون).

2- مواطنون من الدرجة الثانية: وهم خليط من أجناس الدرجة الأولى.

3- مواطنون من الدرجة الثالثة: وهم المسلمون حيث صنفوا على أنهم أجانب دخلوا بورما لاجئين أثناء الاستعمار البريطاني حسب مزاعم الحكومة فسحبت جنسيات المسلمين وصاروا بلا هوية وحرموا من كل الأعمال وصار بإمكان الحكومة ترحيلهم متى شاءت.

ثم اقترحت حكومة البطش البورمية أربعة أنواع من الجنسية هي:

1- الرعوي.

2- المواطن. 

3- المتجنس. 

4- عديم الجنسية.

وللفئتين الأولى والثانية التمتع بالحقوق المتساوية في الشؤون السياسية والاقتصادية وإدارة شؤون الدولة.

أما الفئة الثالثة: فالجنسية إنما تؤخذ بطلب يقدم للحكومة بشروط تعجيزية، والفئة الأخيرة (عديم الجنسية) فيحتجز في السجن لمدة ثم تحدد إقامته في (معسكرات الاعتقال) ويفرض عليهم العمل في الإنتاج فإذا أحسنوا العمل يسمح لهم بشهادة تسجيل الأجانب على أن يعيشوا في منطقة محددة، وبهذا القانون طاردوا المسلمين وأصبحوا كاليتامى على مائدة اللئام مما عرضهم للاضطهاد والقتل والتشريد.

الحرمان من التعليم:

كما يتم حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعلُّم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية ومن ثم يُعتقل عند عودته ويُرمى به في غياهب السجون ولا يقتصر الأمر عند ذلك بل يتم فرض عقوبات اقتصادية على مسلمي بورما مثل الضرائب الباهظة في كل شيء والغرامات المالية ومنع بيع المحاصيل إلاّ للعسكر أو من يمثلهم بسعر زهيد لإبقائهم فقراء أو لإجبارهم على ترك الديار، وهذا يبين لنا بجلاء المخطط البوذي البورمي لإخلاء إقليم أراكان من المسلمين وذلك بطردهم منه أو إفقارهم وإبقائهم ضعفاء لا حيلة لهم ولا قوة كي يسهل استخدامهم كعبيد وخدم لهم.

خلاصة المآسي التي يعانيها المسلمون من قبل النظام في بورما:

أولاً : إلغاء جنسية المسلمين الروهنجيا في أراكان بموجب قانون المواطنة والجنسية والذي وضع في سنة 1982م.

ثانياً: حرمان المسلمين من حرية السفر والتنقل داخل البلد وخارجه.

ثالثاً: اعتقال المسلمين وتعذيبهم في المعتقلات بدون محاكمة.

رابعاً: إجبار المسلمين على القيام بأعمال السخرة دون أجر كتعبيد الطرق وحفر الخنادق في المناطق الجبلية البورمية.

خامساً: تهجير المسلمين وتشريدهم وتوطين البوذيين محلهم.

سادساً: مصادرة أوقاف المسلمين وأراضيهم الزراعية لفائدة البوذيين.

سابعاً: نهب أموال المسلمين ومنعهم من الاستيراد والتصدير أو ممارسة الأعمال التجارية.

ثامناً: أبواب الوظائف الحكومة مسدودة أمام مسلمي أراكان والنسبة الضئيلة منهم ممن تقلدوا الوظائف في عهد الاستعمار البريطاني أُجبروا على الاستقالة من وظائفهم.

تاسعاً: إقامة العقبات والعوائق أمام تعليم أبناء المسلمين في المدارس والجامعات الحكومية.

عاشراً: عدم السماح للمسلمين بالمشاركة في الندوات المؤتمرات الإسلامية العالمية.

وفي سنة 2010م صدر تقرير أوروبي عن الأوضاع المأساوية للمسلمين في بورما "أصدرته لجنة الشعوب المهددة بالانقراض" حيث أكد هذا التقرير على الحالة المأساوية للمسلمين الذين تمارس عليهم الحكومة العسكرية البورمية أبشع أنواع الإبادة كما أكد هذا التقرير أن أكثر من 1160من اللاجئين المسلمين والذين فروا من الاضطهاد من بورما تم اعتقالهم بعد وصولهم إلى بنغلادش في يناير 2010م وتم ترحيلهم إلى بورما، كما حذرت منظمة حقوق الإنسان الأمريكية " أطباء من اجل حقوق الإنسان" في تقرير صدر لها مؤخرا أن 20000 مسلم لاجئين في بنغلادش يعانون اليوم أوضاعا مأساوية ومهددين بالمجاعة كما يوجد  75000 لاجئ آخرين يعيشون في مخيمات اللاجئين على الحدود، كما تحدثت منظمة هيومان رايتش ووتش لحقوق الإنسان عن الانتهاكات الفظيعة التي يتعرض لها مسلمو الروهنيجا بإقليم أركان حيث تفرض عليهم أعمال السخرة والأحكام العرفية وتقيد حرية حركتهم وتدمر منازلهم ومساجدهم، إن هذه المأساة الإنسانية والتي يعيشها مسلمي أراكان ولعدة عقود من الزمن تعد واحدة من اشد مآسي الشعوب المسلمة في تاريخنا المعاصر، وما تقوم به اليوم الحكومة العسكرية الشيوعية والعنصرية في بورما في حق المسلمين يفوق بكثير ما تقوم به دولة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين وخاصة في ظل تعتيم إعلامي عالمي عن هذه المأساة وتخاذل الدول المسلمة وخاصة تلك المجاورة لبورما في مد يد العون لهم، واليوم لابد من العمل على وضع إستراتيجية عمل عربي وإسلامي عاجلة لتعريف كل العالم بقضية مسلمي أراكان العادلة والعمل على نصرتها بكل الوسائل القانونية والمادية والمعنوية، ويتوجب على منظمة المؤتمر الإسلامي الاعتراف بمسلمي اراكان كعضو فيها ذلك ان كل القرارات والتوصيات التي أصدرتها المنظمة وأهمها الإقرار بالاضطهاد الواقع على مسلمي اراكان وحثَّ الدول الأعضاء على مساعدتنا سياسيًا ومعنويًا لم يعد كافياً.

:: موقع مجلة البيان الالكتروني


أعلى