الخاسرون

الخاسرون








 الحمد لله الخلاق العليم، الرزاق الكريم، الوهاب الحليم؛ خلق عباده فرزقهم وكفاهم، ووهب المؤمنين منهم إيمانهم، وأجزل لهم ثوابهم، وحلم على كفرهم وعصيانهم، فلم يعجل عقابهم، وهو سبحانه أعلم بمن يستحق الفوز والخسران منهم؛ نحمده على حسن أسمائه وجميل صفاته، ونشكره على جليل نعمه وجزيل عطائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ خلق عباده فجعل منهم مؤمنين وكافرين، وطائعين وعاصين، وفائزين وخاسرين، وكل عبد يجد يوم القيامة ما عمل {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ مَا سَعَى} [النَّازعات:35]  وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ حجة الله تعالى على خلقه، وأمينه على وحيه، ومصطفاه من عباده، وإمام أنبيائه ورسله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعملوا من الصالحات ما ينجيكم من غضبه وعذابه، ويقربكم من رحمته ورضوانه؛ فليس ثمة إلا فرصة واحدة فإما فاز فيها العبد أبدا، وإما خسر أبدا، {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1-3].

 أيها الناس: لا خسارة تعدل خسارة من خسر نفسه في الحياة الأبدية، وهي الخسارة التي توجب لصاحبها الخلود الأبدي في العذاب السرمدي، ومن هذه الخسارة ضج المؤمنون، وخاف الوجلون، وحاذر المشفقون، وفزع المتقون، ورعب الموقنون.

 وبسببها تجافت الجنوب عن مضاجعها، وهانت الأرواح على أصحابها، ورخصت الأموال عند ملاكها.

وبسببها لم يفرح أهل اليقين بما فتح لهم من دنياهم، ولم يغتر المعتبرون بأموالهم وقوتهم وجمعهم، ولم يهنأ أهل الخشية بطيب عيشهم في الدنيا وهم يرون أرتال الجنائز تحمل كل ساعة إلى القبور؛ فإما كانت فائزة وإما كانت خاسرة.

 وكل خسارة مذكور في القرآن فهي خسارة الدين، والخاسرون في القرآن هم من خسروا آخرتهم.

 ومعرفة أسباب الخسارة، وأعمال الخاسرين سبب لاجتنابها، والنجاة منها؛ والله تعالى قد بين لنا في كتابه العزيز كل طريق يؤدي إلى الخسارة، ويجعل صاحبه من الخاسرين.

 وكل كفر فهو طريق إلى الخسارة، وكل كافر فهو خاسر، وكل معصية فهي سبب للخسارة، وكل عاص يخسر بقدر عصيانه، بيد أن وصف بعض الذنوب في القرآن بالخسارة، وذكر أعمال الخاسرين وأوصافهم إنما كان لشناعة ما عملوا فكانت الخسارة فيه كبيرة؛ وذلك لتنبيه العباد وزجرهم، وتعظيم أسباب الخسارة في قلوبهم. وإما لكون العمل الموجب للخسران يكثر وقوعه من الناس فاقتضى تخصيصه بالتنبيه رحمة من الله تعالى بعباده. وإما لكونه ذنبا لا يظن من يقارفه أنه يوصله للخسارة، فاختص بذكره للعلم به. ومفردة الخسر وما اشتق منها كررت في القرآن في أكثر من ستين موضعا، مما يدل على أهمية الموضوع في القرآن.

 والكفر بالله تعالى أعظم الخسارة؛ لأنه يوجب خسارة أبدية، ويجعل صاحبه من الخاسرين {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [العنكبوت: 52] {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: 15] {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وكلما أوغلوا في الكفر بالله تعالى ازدادوا خسارا؛ فكما أن الكفر دركات فكذلك الخسران دركات، يزداد الكافر خسرانا كلما ازداد كفرا {وَلَا يَزِيدُ الكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا} [فاطر:39]. {وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} [نوح:24].

 والمال والولد نعمة ومع ذلك فقد تجني على صاحبها بظنه أن الله تعالى ما أعطاه إلا لرضاه عنه، فيكفر بالله تعالى، ويكون فتنة لغيره بأن يتبعوه كما قال نوح عليه السلام واصفا عامة الكفار من قومه {إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} [نوح:21].

ومن الكفر المستوجب للخسارة الكفر بآيات الله تعالى الكونية أو الشرعية {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [الزمر: 63] {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}  [يونس: 95]. وقال تعالى عن القرآن  {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121] ومنه التكذيب بالبعث والجزاء {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [يونس:45].

 ولا يظنن ظان أن الكفار لا يدينون بدين، ولا يعملون أعمالا يظنونها صالحة؛ فإن أكثرهم يدينون بدين، ويعملون أعمالا، ولكنها تعب في الدنيا، وخسارة في الآخرة {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف:103-104] لأن الله تعالى أمر عباده بدين الإسلام، وبما شرع فيه من عبادات وأحكام، فمن دان بغيره، أو عمل بعمل ليس من الإسلام فهو خسارة على صاحبه {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} [آل عمران:85] وهذا يكشف عظيم نعمة الله تعالى علينا بالهداية للدين الحق وهو الإسلام، كما يبرز حجم الضلال في البشر ولو اكتشفوا الذرة، وصنعوا الحضارة، وبلغوا الآفاق، وغاصوا في الأعماق.

ومن الناس من يكون إيمانه لأجل الدنيا، فإذا نال بإيمانه مالا وجاها ونعمة التزمه، وإن ابتلي بسبب إيمانه ترك إيمانه، وهذا من أشد الخاسرين؛ لأنه جعل إيمانه وسيلة لدنياه، ولم يجعل دنياه وسيلة لإيمانه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ} [الحج:11] وفي زمن العدوان الصليبي على الأندلس تنصر عدد من الوزراء والقضاة والتجار والأعيان حفاظا على أموالهم وضياعهم، ولو أنهم ضحوا بها فداء لإيمانهم لكان خيرا لهم، ولو أنهم قتلوا على إيمانهم لكان شهادة لهم، ولو أنهم فروا بدينهم لكان أسلم لهم {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5].

 والكفر بالقرآن باب إلى الخسران، سواء كفر به كله أو كفر ببعضه، وكثير من الناس قد يرد حكما مما جاء في القرآن ولا يدري أنه برده إياه صار من الخاسرين ولو كان من المصلين، وما أكثر الواقعين في ذلك في هذا الزمن الذي اجترأ فيه المنافقون والفساق على الشريعة فانتهكوها {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121].

ومن عجيب أمر القرآن أنه مصدر هداية للناس، ومع ذلك فلا ينتفع به أهل الخسران، بل يزدادون خسرانا بتكذيبهم آياته وأحكامه وعدم انتفاعهم بقصصه ومواعظه {وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82].

 وثمة أعمال وُصف مرتكبوها بالخسران لشناعتها وكثرة وقوعها؛ ليحذر الناس منها، كسفك الدم الحرام {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ} [المائدة:30]، وقتل الأولاد خشية الفقر أو العار {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام:140] ونقض العهد، وقطيعة الرحم، والإفساد في الأرض {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [البقرة:27] والأمن من مكر الله تعالى {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الخَاسِرُونَ} [الأعراف:99]، واللهو بالمال والولد عن ذكر الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ} [المنافقون:9] وسوء الظن بالله تعالى {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الخَاسِرِينَ} [فصِّلت:23] وطاعة الكفار وهي جالبة للخسارة في الدنيا وفي الآخرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [آل عمران: 149] وكذلك التفريط في الصلاة سبب للخسارة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أن أَوَّلَ ما يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يوم الْقِيَامَةِ من عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ» رواه الترمذي.

 ومنع حق الله تعالى من المال باب إلى الخسران؛ كما في حديث   أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «هُمُ الْأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَجِئْتُ حَتَّى جَلَسْتُ، فَلَمْ أَتَقَارَّ أَنْ قُمْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمُ الْأَكْثَرُونَ أَمْوَالًا، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ» رواه الشيخان.

والخاسرون قد تكون خسارتهم كليه وهم من فقدوا أصل الإيمان، واستوجبوا الخلود في النار، وهم من حقت عليهم كلمة العذاب {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [الأحقاف: 18] {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون:103]  ومنهم من خسارته جزئية كمن قارف سيئات قد يعذب بها في الآخرة، وأقل خسارة منهم من خسروا حسنات في الدنيا فسُبقوا إلى أعالي الدرجات في الجنة. وقد فضل النبي صلى الله عليه وسلم قبائل ضعيفة مغمورة سبقت إلى الإيمان على قبائل قوية مشهورة، حتى قال قائل في المسبوقة: خابوا وخسروا.

 نسأل الله تعالى أن يجنبنا أسباب الخسارة، وأن يهدينا لطرق الفلاح والفوز، وأن يجعلنا من عباده الصالحين.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

 الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

 أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وكونوا من أنصار الله تعالى، ومن حزبه وأوليائه؛ فإن {أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62] وإن {حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ} [المائدة:56]  وإن {حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُونَ} [المجادلة:22] وإن {حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ} [المجادلة:19].

 أيها المسلمون: اجتناب الخسران في الدنيا والآخرة لا يكون إلا باجتناب أسبابه؛ وذلك باجتناب الكفر والمعاصي، والتترس بالإيمان والعمل الصالح، ولكن الخطأ من سمات البشر، ولن ينجو صاحب المعصية من الخسران إلا بعفو الله تعالى ومغفرته ورحمته؛ ولذا كان حقا على العاصي أن يهرع إلى التوبة والاستغفار؛ لأنه وقع فيما يوجب الخسران، وهكذا فعل الرسل عليهم السلام حين وقعت منهم أخطاء؛ فإنهم هرعوا إلى التوبة والاستغفار اتقاء للخسران.

فآدم وحواء عليهما السلام لما أخطئا بأكلهما من الشجرة خافا الخسران {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

ونوح عليه السلام لما سأل الله تعالى نجاة ابنه وقد مات على الكفر عاتبه الله تعالى على مسألته تلك فبادر نوح إلى التوبة والاستغفار {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47].

وصالح عليه السلام رفض طاعة قومه في المعصية خشية الخسران وقال لهم {فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود:63].

 وقوم موسى لما وقعوا في الخطيئة الكبرى بعبادتهم العجل ندموا على ما كان منهم خشية الخسران وقالوا {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 149].

 ويوم القيامة تظهر الخسارة الحقيقة للخاسرين، ويعرفون أنهم قد خسروا، وحينها لا ينفعهم ندم ولا استعتاب {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ} [الجاثية:27] {وَقَالَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ الخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ} [الشُّورى:45].

 وصلوا وسلموا على نبيكم...


أعلى