حوار مع حسام بدران
لا أحد يستطيع إنكار الأزمة الحقيقية التي تعيشها حركة حماس بسبب التجاذبات
الإقليمية بين الأقطاب في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في ظل تمسكها بأحد أصولها
التي قامت عليها، وهو طرد اليهود من فلسطين التاريخية وعدم الاعتراف بقرارات
المنظومة الدولية برمتها بما فيها قرارات الرباعية الدولية التي دعت حماس إلى
الاعتراف بالكيان الصهيوني لتجنب محاصرتها واستنزافها سياسيًا وماليًا وعسكريًا، في
الحوار التالي مع القيادي في حركة حماس المقيم في قطر حسام بدران نتحدث عن مستجدات
الحالة السياسية التي تعيشها حركة حماس في قطاع غزة والخارج.
البيان: ما هي خيارات «حماس» في ظل تصدرها المقاومة المسلحة لمواجهة المشاريع
المخيبة لآمال الشعب الفلسطيني؟ وهل تعقد الحركة أملًا على ملف المصالحة لتصحيح
أخطاء السلطة؟
حماس تتحرك في إطار مشروع المقاومة الشاملة وعلى رأسها العمل المسلح، وهي بذلك تتفق
مع موقف الغالبية العظمى من أبناء شعبنا. وبالتالي خيارنا الأول هو مواصلة المقاومة
وتفعيلها بالضفة في المرحلة القادمة، وللأسف فإن العائق الأكبر يتمثل في إصرار عباس
على محاربة المقاومة والوقوف في وجه كل من يريد مواجهة الاحتلال.
كنا نسعى كي تسهم المصالحة في تقريب وجهات النظر خلف مشروع المقاومة إلا أن السلطة
حتى الآن ما زالت تسير بعكس التيار، وهي بذلك تخالف اتفاقية المصالحة نفسها التي
وقعت عليها، ومع ذلك فنحن ماضون بمشروعنا ومعنا العديد من القوى والفصائل.
البيان: كيف يمكن تقييم علاقة حركة حماس بالنظام المصري الجديد؟ وهل يمكن أن نرى
تحسنًا في العلاقات بين الطرفين؟
نحن من حيث المبدأ حريصون على علاقات طبيعية مع كل الدول العربية ومن ضمنها مصر؛
وذلك لدورها التاريخي ومكانتها الجغرافية، وقد كانت لنا اتصالات مع المصريين طيلة
المراحل السابقة بغض النظر عمن يحكم مصر، إذ إن هذا شأن داخلي مصري، ونحن التزمنا
بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.
نعم العلاقات تراجعت مؤخرًا ولكن ليس بسببنا وقد أسهم في جزء من ذلك الإعلام المصري
بتشويه صورة حركة حماس والمقاومة الفلسطينية وتخريب العلاقة، وكل ما وجه إلينا من
اتهامات لا أساس له. حتى الآن الاتصالات لم تنقطع لكنها ليست بالدرجة الكافية
المطلوبة.
البيان: أثير جدل صاخب عن علاقات سرية بين حركة حماس وغريمها السابق محمد دحلان، ما
صحة ذلك؟ وهل تتوقع أن ينجح مثل هذا التحالف؟
لا يوجد أي تحالف أو علاقة سرية بيننا وبين دحلان، ونحن لسنا طرفًا في الخلاف بينه
وبين عباس، وهو له أنصاره الموجودون في غزة وبعضهم يشارك في لجان وجمعيات مهمتها
تقديم المساعدة والإغاثة لبعض الفلسطينيين، وهذا أمر متاح لكل جهة تريد أن تقدم
مساعدة لأهلنا في غزة بعد العدوان الأخير عليها.
البيان: بعد أن تنازلت عن السيطرة الإدارية على قطاع غزة، ليس بمقدور حماس أن تقدم
شيئًا للسكان من أجل وقف معاناتهم، وفي ظل إهمال متعمد من السلطة في رام الله فإن
الأزمة ستستمر وحماس في وجه المدفع، ما هي الحلول المطروحة أمام الحركة لمواجهة
الوضع الراهن؟
نحن تنازلنا عن الحكومة من أجل التوصل للمصالحة وللأسف فإن حكومة التوافق حتى الآن
لم تقم بواجبها خاصة في غزة.
وهي مع رئاسة السلطة تتحمل المسؤولية الكاملة عن تأخر الإعمار وعدم فتح المعابر
لرفضها تسلمها برغم تقديمنا كل ما يلزم في هذا الأمر. من جانبنا، وبرغم ذلك نحن لن
نتخلى عن شعبنا وسنقوم بكل ما يلزم كحركة خدمة لأبناء شعبنا، ونحن نجري ما يلزم من
تحركات واتصالات من أجل تخفيف المعاناة عن أهلنا في غزة.
وقد دفعت الحركة مبالغ كبيرة من مالها في هذا الموضوع، وتبقى كل الخيارات مفتوحة في
حال استمر الحصار وتعطل الإعمار.
البيان: بصفتكم قياديًا من قيادات الحركة المقيمين في مطبخ السياسة الخليجية..
الدوحة، كيف تنظر للعلاقات المستقبلية بين حركة حماس وقطر، لاسيما عقب التصالح
القطري الخليجي؟
علاقة قطر بالقضية الفلسطينية علاقة قديمة وثابتة وهي تتبنى دعم الفلسطينيين عمومًا
سياسيًا ودبلوماسيًا وماديًا، وعلاقتنا كحماس على حالها والتقارب الخليجي شأن داخلي
لا علاقة له بنا بل نحن من حيث المبدأ نرحب بكل توافق عربي، حماس ليست طرفًا في أي
محور أو تحالف ونحن لسنا في حالة عداء مع أحد سوى الاحتلال، وبالتالي نحن لسنا نقطة
خلاف بين الأطراف العربية المختلفة.
البيان: ما هي طبيعة الدعم الذي تقدمه قطر لحركة حماس، وهل يتضمن دعمًا عسكريًا؟
قطر تستضيف عددًا من قيادات حماس وفيهم أسرى محررون من سجون الاحتلال، وهي تدعم
الكل الفلسطيني سياسيًا ودبلوماسيًا وماديًا، وهي مساهم أساسي في تخفيف معاناة غزة
ومشارك مركزي في إعادة الإعمار منذ سنوات وهو موقف نباركه ونثمنه كثيرًا.
البيان: على المستوى العقائدي يوجد تقارب كبير بين حركة حماس والجماعات الإسلامية
المتواجدة في غزة، ألا تملك الحركة مشروعًا وحدويًا يجمع الشتات الإسلامي
الفلسطيني، في ظل تشرذم اليسار والتيارات التقليدية؟!
علاقتنا إيجابية مع الفصائل الإسلامية على الساحة الفلسطينية ومستوى التنسيق عالٍ
ودائم على المستوى السياسي والميداني، وحتى عسكريًا خاصة أثناء الحرب والمواجهة،
ونحن حريصون على تطور هذه العلاقة في كل المجالات، ونحن نلتقي معًا في قضايا كثيرة
خاصة في مشروع المقاومة والموقف من المحتل.
البيان: هل تراهن حماس على الزمن أم على إيجاد حلفاء جدد لإنهاء الحصار المفروض
عليها؟
نحن منفتحون على كل الأطراف الدولية والإقليمية التي من شأنها دعم القضية
الفلسطينية ونحن نجري اتصالات بشكل كبير مع كل طرف يمكن أن يسهم في رفع الحصار عن
شعبنا، ونملك أوراق قوة ذاتية ستكلف الاحتلال غاليًا إذا واصل حصاره ومنع إعادة
الإعمار، وشعبنا عمومًا لديه من القدرة والخيارات ما يمكن أن يفاجئ العالم كله.
البيان: هل يمكن الرهان على تركيا كبديل عن قطر أو إيران بالنسبة لحركة حماس،
وقيادتها في الخارج؟ وكيف جرت الأمور في زيارة وفد حركة حماس الأخيرة لطهران؟ وهل
حُدد موعد لزيارة السيد مشعل؟
نحن لا نبني علاقاتنا مع الدول على أساس البدائل وقوة العلاقة مع دولة ما لا يعني
تراجعها مع أخرى، والعلاقة مع تركيا على حالها وهي جزء من الموقف الإيجابي لتركيا
مع القضية الفلسطينية عموماً.
الزيارة لإيران مؤخرًا جاءت في إطار رفع مستوى العلاقة التي لم تنقطع أصلًا لكنها
تأثرت بسبب مسائل إقليمية لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية ذاتها، الزيارة كانت
إيجابية ونحن نأمل أن تشكل رافعة للعلاقات مع إيران في المستقبل.
البيان: ما هي أهم خمسة أهداف تتطلع لتحقيقها حركة حماس في الذكرى الـــ27
لانطلاقها؟
التوصل إلى تطبيق حقيقي للمصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية ورفع الحصار وإعادة الإعمار
في غزة وزيادة وتيرة المقاومة في القدس والضفة بكافة الأشكال والأساليب، وإشراك
فلسطيني الشتات بصورة أكبر في مقاومة الاحتلال بكل الطرق المتاحة وبحسب أماكن
وجودهم وتوسيع حجم علاقاتنا الخارجية وفتح خطوط مع أطراف جديدة في العالم خاصة من
ناصرنا أثناء العدوان الأخير على غزة مثل أمريكا اللاتينية.
البيان: هل يوجد جديد بخصوص المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال؟ وهل تعتقد أن مصر
تعرقل استمرار هذه المفاوضات بشكل مقصود؟ وكيف يمكن تخطي هذه العقبة في ظل رفض حماس
لحوار مباشر مع «إسرائيل»؟
حتى الآن لا جديد بموضوع التفاوض غير المباشر مع الاحتلال لاستكمال متطلبات
التهدئة، والوضع الداخلي المصري له دور في تأخر جولات التفاوض، والاحتلال أصلًا
يماطل ويحاول تعطيل المسألة والامتناع عن دفع مستحقات العدوان الظالم على غزة، نحن
لا نجري تفاوضًا مباشرًا مع الاحتلال وهذا الأمر ليس مطروحًا للنقاش عندنا، هذه
المسألة لا تخص حماس وحدها إذ إن وفد التفاوض غير المباشر مشكل من كل الفصائل،
وبالتالي هذه مسألة تحتاج إلى موقف فلسطيني موحد، إذا استمر هذا الضغط والتجاهل
والتسويق فإن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، والانفجار إذا جاء سيكون بوجه المحتل ومن
يحاصر شعبنا.
:: مجلة البيان العدد 332 ربيع الآخر 1436هـ، يناير - فبراير 2015م.