• - الموافق2024/04/27م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
حوار مع رئيس المكتب السياسي للجبهة الإسلامية السورية

حوار مع رئيس المكتب السياسي للجبهة الإسلامية السورية


البيان: أفرزت الثورة تشكيلات متعددة من الفصائل العسكرية.. كيف يمكن وصف هيكلية هذه التصنيفات وآليات التنسيق بينها، وكيف تتوقعون أن يكون مستقبلها بعد إسقاط النظام؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

يغلب على هيكليات الفصائل العسكرية الطابع الشعبي الثوري، وهذا أمر طبيعي جداً يحصل في كل حراك من هذا النوع، وهذا في مراحل الثورة السابقة كان من إيجابيات الثورة، وأهم الأسباب التي هيَّأها الله لبقاء الثورة وعدم اختراقها وإخمادها، وأما بعد نضوج العمل الثوري داخل سورية، كان من اللازم الانتقال إلى ضبط الحراك الثوري وتنظيمه، وهذا من أهم الأمور التي أنشئت الجبهة الإسلامية السورية لأجلها، وبالتنسيق مع باقي الجبهات الإسلامية والحراك الثوري نقوم ببلورة هيكلية واضحة تجتمع عليها الأمة في سورية لأجل قطف ثمار الجهد العظيم الذي بذله شعبنا الصابر خلال ما يزيد على عامين؛ تشمل الحراك العسكري والحراك المدني، للانتقال به إلى التحدي الحقيقي وهو الاضطلاع بمسؤوليات إدارة شؤون البلاد.

أما التنسيق؛ فبحمد الله تعالى هناك تنسيق وتعاون وتحالف على عدّة مستويات يبدأ من الاندماجات إلى التحالفات الجبهوية، إضافة إلى التنسيق الدائم والتعاون المثمر على أعلى المستويات من عمليات مشتركة وتبادل للخبرات والتدريبات المدنية والعسكرية.
وللجبهة الإسلامية السورية تجربة رائدة في هذا الأمر؛ فقد انطلقت ابتداء من العمل الجبهوي الذي ارتبطت به تشكيلات الجبهة الإسلامية السورية بميثاق واضح الأهداف والرؤية والمرتكزات، وبرؤية شاملة لسورية المستقبل، وكان من أهم ما تتطلع إليه القيادة في الجبهة الإسلامية السورية هو الارتقاء بالمأسسة والهيكلة والعمل من حسن إلى أحسن، وذلك من خلال الاندماجات التي حصلت في تشكيلاتها المؤسِّسة، حيث اندمجت كل من (كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الإسلامية وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان في دمشق وريفها وكتيبة مصعب بن عمير)؛ في كيان واحد بمسمى جديد هو (حركة أحرار الشام الإسلامية)، وتلته خطوة اندماجية أخرى لثلاثة تشكيلات من تشكيلات الجبهة الإسلامية السورية في دمشق وريفها وهي: (كتيبة حمزة بن عبد المطلب وكتيبة صقور الإسلام وسرايا المهام الخاصة)؛ لتكوّن كياناً جديداً باسم (كتائب حمزة بن عبد المطلب)، وفتحت الجبهة أبوابها لكل من يطمح للمشاركة في هذا المشروع، وهو مشروع الأمة القادم بمشاركة الجميع، فنحن جزء من هذا الحراك الكبير وينبغي أن نشترك جميعاً في تحقيقه.

البيان: يلاحظ الجمهور الإسلامي أن في كل أيام الجمع تخرج مظاهرات بعناوين موحدة وشعارات يرفعها الثوار في جميع المدن، كيف يتم التنسيق لذلك، وعلى أي أساس يتم اختيار أسماء الجمع وتلك الشعارات التي ترفع؟

هذه الأمور تكون عبر استفتاءات على الفيسبوك يشارك فيها الثوار المهتمون بهذا الشأن، ويتم اختيار التسميات حسب الأحداث التي تجري على الأرض سياسياً أو عسكرياً.

البيان: هل حانت اللحظة المناسبة لضبط السياسة الداخلية للثورة، وتوجيهها بشكل تنظيمي بعيداً عن الخطوات الارتجالية والتداخلات الموجودة، وما هو المستقبل السياسي المأمول للثورة في ظل تنوع أطيافها؟

نعم أخي الكريم قد حانت، والجبهة الإسلامية السورية منذ تأسيسها بدأت بجهود كبيرة لضبط سياسة الداخل بالتعاون مع الفصائل الكبيرة العاملة على الأرض، وتم بفضل الله تحقيق تنسيق عالٍ بين ثوار الداخل بما يخص الرؤى وردود الأفعال السياسية. وأما عن المستقبل السياسي فنأمل أن يكون مشرقاً إن شاء الله؛ لأن عدل الإسلام سيعم كل الأطياف الأخرى، فالجميع يعلم أن الأقليات كانت أفضل فترات حياتها في ظل الحكم الإسلامي، وما أصابها الظلم إلا في ظل الحكومات البعيدة عن منهج الله عز وجل.

البيان: تحت ذريعة الدفاع عن حقوق الأقليات والمشاركة السياسية هل يمكن أن يعود العلويون إلى السلطة في إطار تصالح سوري داخلي؟

حقوق الأقليات ورفع الظلم ونشر العدل هي مما قد فرضه الله عز وجل علينا جميعاً، وعلى كل مسلم أن يلتزم بأوامر خالقه سبحانه وتعالى، فالضامن الوحيد لحقوق الأقليات في أي بقعة على الأرض هو التمكين لشرع الله، وما يتردد من غير ذلك فهو من الوهم والممارسات الإقصائية التي تمارسها الحركات والأفكار اليسارية الموغلة في التشويه والافتراء، والفترة السابقة أكبر دليل على ذلك الظلم الذي كانت تعانيه الأقليات في ظل النظام الأسدي.

البيان: استُخدم مشروع اجتثاث البعث في العراق لتصفية السنة وإبعادهم عن السلطة، ألا يمكن أن تعاد الكرة في سورية بعد الثورة على الرافضة في إطار تصالح سوري داخلي؟

كان الشعب السني في تلك المرحلة مخدوعاً تماماً بالطغمة الحاكمة في إيران، وما يسمى «حزب الله»؛ لذلك استطاعوا تمرير مشروعهم في العراق الحبيب، أما اليوم في سورية فالأمر مختلف تماماً، فالنظام الصفوي في إيران بات شريكاً أساسياً في قتل الشعب، خاصة المسلمين السنة، والشعب يعرف ذلك تماماً، فلن يكون الاجتثاث بإذن الله إلا للمشروع الصفوي الذي يحاول طغاة طهران تصديره بعد أن ساموا أهل السنة في إيران المسلمة سوء العذاب، حتى المعارضة من الشيعة فيها عانت الكثير والكثير من بطش هذا النظام الصفوي كما هو الحال في معسكر أشرف الذي يعاني أهله بطش الحكومة الصفوية العراقية والإيرانية بتواطؤ مخزٍ من الإدارة الأمريكية.

البيان: الجيش السوري النظامي بُني على عقيدة قتالية كانت غايتها الأولى حماية طائفة معينة والدفاع عن مشروعها السياسي، كيف تتصور آليات بناء الجيش السوري الجديد بعد إسقاط النظام؟

ستكون نواته كما ذكرنا سابقاً هذه الكتائب المقاتلة والمجاهدة التي خرجت للدفاع عن الشعب المظلوم والمقهور ضد هذا الجيش الأسدي الخائن، وأما بناؤه فسيكون مؤسساتياً بعيداً عن حماية مصالح شخصية، فهو جيش للمسلمين ينصر المظلوم ويكف يد الظالم ويبسط الأمن في البلد لينعم المسلم وغير المسلم بعدل الإسلام.

البيان: العلماء الربانيون الذين واجهوا النظام أو لم يناصروه الحاجة ماسة لإعادة الاعتبار لهم وإعادتهم للواجهة، ما التصور للخطوات في هذا الطريق؟

العلماء الربانيون موجودون في ساحات الوغى مع المجاهدين؛ يعلمون جاهلهم، ويذكرون المؤمنين بحق الله عليهم، ويربون وينصحون، فهم في الواجهة ولم يتخلفوا عنها يوماً، حتى لو كانوا بعيدين عن شاشات الإعلام، ومن علماء الأمة أيضاً من يجاهد بالكلمة والموقف والبيان والإفتاء والدعم، وهم طليعة المسلمين في مواجهة مكر الأعداء، وهم صمام الأمة إن التزموا وعملوا بما علموا.

البيان: شهدنا في ليبيا تضحيات الإسلاميين في الثورة ومشاركتهم الفاعلة التي كلفتهم الكثير، ومع نهاية الانتخابات حصد الليبراليون النتائج.. كيف ترى سورية المستقبل، هل هي دولة مدنية، أم مدينة ذات مرجعية إسلامية، أم دولة سنية، أم دولة الحرية والعدالة؟

رؤية الجبهة في هذا الباب نُصّ عليها مفصلاً في ميثاقها. الثورة السورية والمجاهدون فيها تعلموا الكثير من الثورات التي سبقتهم، وبإذن الله لن تتكرر تلك الأخطاء غير المقصودة طبعاً من الإسلاميين في البلاد العربية، فالثورة السورية قادها أهل الإسلام، وهم من قدم الشهداء والغالي والنفيس في سبيل إسقاط هذا النظام، وكتائبهم منتشرة في كل سورية، والحمد لله اليوم هم يضطلعون بخدمة المناطق المحررة ويديرونها، من يريد أن يخدم البلد ويشارك فمرحباً به، ونظرتنا منطلقة من مبادئ شرعنا الحنيف، وكل السوريين هتفوا بالولاء لله ورسوله من أول يوم في المظاهرات، وأما عن شكل الدولة القادمة فهي دولة تحكم بشرع الله الذي ارتضاه بغض النظر عن شكلها، فما يهمنا هو المنطلقات والمضمون.

البيان: ألا يُخشى أن تدخل البلاد في أتون حرب طائفية بعد سقوط النظام، لا سيما بعد الجرائم التي ارتكبت باسم الطائفية خلال الثورة، وكيف سيتم القضاء على أي مطالبات بانفصال سياسي مثل الأكراد؟

الحرب الطائفية هي ما يسعى إليه النظام المجرم من أول يوم في الثورة، ولا يمكن أن نتجاهل تورط غالبية الطائفة النصيرية في هذه الحرب، ونحن كمسلمين لدينا ما يضبطنا حتى في الحرب، فلن نظلم أحداً بسبب طائفته، ولن نترك عقوبة أحد دون طائفته، فمحاكم الثوار ستحاكم كل من قتل وأفسد وكل من وقف مع العصابة بغض النظر عن طائفته. وأما بالنسبة للإخوة الكورد فموقف الجبهة منهم واضح جداً، وقد صدر بيان من الجبهة يحدد الموقف، وللعلم هناك في الجبهة الإسلامية السورية كوادر كوردية تعمل جنباً إلى جنب مع باقي إخوانهم، فنحن نحترم القوميات ولا نتعصب لها والمصالح الكوردية والعربية وغيرها من القوميات المختلفة في سورية تتلاقى ولا تتنافر.

البيان: المجلس الوطني الذي نرى وجوده الإعلامي كممثل رئيسي للمعارضة السورية في الخارج، ما هو مستقبله السياسي في نظر العسكريين في الميدان، وخصوصاً كونه وسيلة الاتصال الرسمي مع الحكومات الأجنبية؟

المجلس الوطني وغيره من الهيئات السياسية التي تدَّعي تمثيل الثوار، هي جهات تمثل بعض الحراك السياسي في الخارج، لكنهم فشلوا جميعاً في تقديم أي شيء حقيقي للثورة، وذلك يعود لانفصالهم عن واقع الثوار، وبات هذا معروفاً حتى لدى الحكومات العربية والغربية، والمستقبل السياسي يحدده ثوار الخنادق لا ثوار الفنادق، وأنوّه هنا إلى مغالطة كثيراً ما يقع فيها المتحدثون في شأن الثورة السورية، وهي وصف الحراك الداخلي الثوري وتأطيره بوصف «العسكري»، وهذا مصادرة لا نرتضيها، فالثوار في الداخل فيهم المهندس والطبيب والاقتصادي والمحامي والسياسي، وغيرهم من كافة الاختصاصات، وهم يشاركون في الحراك الثوري الداخلي عسكرياً ومدنياً، فاقتضى التنبيه.

البيان: هل تعتزمون إعلان مجلس تنفيذي يدير البلاد في ظل غياب السلطة عن بعض المدن أو القرى؟

هناك محاكم وهيئات إغاثية أنشئت في المناطق المحررة تقوم بهذا الدور الكبير، ونسعى مع كل الفصائل والجبهات الإسلامية والتشكيلات الثورية العسكرية والمدنية الملتزمة والمنضبطة؛ إلى تطويرها، فهي نواة إدارة مستقبلية ناجحة إن شاء الله لسورية المستقبل.

البيان: كيف تنظرون للمقترحات الدولية التي تبحث عن الحل السياسي للأزمة؟

في الوقت الذي تنتقل فيه السياسة الدولية من فشل إلى فشل - للأسف - دون أفق واضح، تأتي سلاسل انتصارات كبيرة يحققها الثوار المجاهدون على الأرض من فقدان النظام السيطرة على مناطق أوسع في دمشق وريفها، مروراً بمعارك التحرير في إدلب وتحرير المطارات، والصمود الكبير للثوار في حماه وحمص والساحل، ومعارك دير الزور والحسكة، ثم حلب التي شهدت بمناسبة الذكرى الثانية للثورة السورية المباركة، السيطرة على مستودعات الذخيرة والسلاح في منطقة خان طومان ضمن عملية «أبشري حلب» التي أطلقتها حركة أحرار الشام الإسلامية بالاشتراك مع فصائل وجماعات أخرى في المنطقة.

ونحن كجبهة إسلامية سورية، إحدى القوى العاملة على الأرض السورية بشقيها العسكري والمدني، نقول: على المعارضة السورية الشريفة في الخارج العودة إلى الداخل المحرر ومعاينة الواقع قبل العمل على تشكيل حكومة لتسيير واقع لا يعرفونه.

وأي حكومة مؤقتة تتم دون أن تنبثق من الداخل ومن معاناة شعبنا الذي تتوافر فيه كافة الاختصاصات والكوادر التي تلزمنا؛ فهي مرفوضة ابتداء.

وأي دعم لا يصب مباشرة في مواجهة الظلم والطغيان والقتل الذي يقع على شعبنا، فهو دعم مشبوه، ولن نسمح بأي دعم يصب في مشروع تقسيم سورية المرفوض رفضاً باتاً.

الثوار على الأرض قادرون على تحمّل مسؤولياتهم في المعارك، وهناك حراك ثوري مدني على الأرض قادر على القيام بمهام إدارة البلاد بما لديه من كوادر، فشعبنا شعب مثقف عامل نشيط والحمد لله، فرغم كل المعاناة أكثر ما يهمّ الأسرة السورية هو تعليم وتثقيف أبنائها.

البيان: سمعنا عن قيام الحكومة الأردنية بتسليم نشطاء لنظام الأسد.. هل هذه المعلومات صحيحة، وكيف ترون هذا السلوك؟

لا نمتلك أي معلومات حقيقية عن مثل هذا الشيء، ولا يمكن أن نبني موقفاً على ظن، لكننا ندعو كل الحكومات إلى بناء علاقات قوية وعلى أساس الثقة مع الشعب السوري الثائر بشقّيه المدني والعسكري؛ وذلك بالتواصل مع القادة في الداخل، فهم الباقون للمستقبل والعصابة زائلة بإذن الله.

البيان: كلمة صغيرة توجهونها للعالم الإسلامي، ماذا تقولون؟

نشكر كل من وقف مع الثورة السورية في العالم الإسلامي، ورسالتنا لهم أن الثوار لا يدافعون عن سورية وعن هوية سورية السنية، بل يدافعون عنهم جميعاً ضد عدو واحد، ولن نكون بمأمن من الخطر الصفوي إن نجح مشروعهم في سورية، لذلك ندعوهم لدعم الثورة السورية بكافة المجالات وبكل الوسائل المتاحة لديهم، فهي معركة الأمة.

::  "البيان" تنشر ملف شامل ومواكب لأحداث الثورة السورية

:: مجلة البيان العدد 311 رجب 1434هـ، مايو - يونيو 2013م.

أعلى