تسييس محنة ابن تيمية في مصر.. قراءة نقدية

تسييس محنة ابن تيمية في مصر.. قراءة نقدية


غدا استعمال أسلوب التسييس في تفسير التراث منهجاً أصيلاً في بحوث خصوم التراث الإسلامي، على اختلاف أصنافهم، من مستشرقين وحداثيين وغيرهم، مما يتطلب أجوبة نقدية تظهر مواطن الضعف والفساد في تلك المحاولات.

صدر هذا العام عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة كتابٌ بعنوان: «حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية»، ضمّنه الكاتب أنواعاً من التفسيرات الباطلة لمواقف ابن تيمية وفتاويه، والانتهاكات الصريحة للمنهج العلمي في التعامل مع الوثائق التاريخية.

وقد غطّى الكاتب في كتابه هذا جزءاً كبيراً من حياة ابن تيمية ومواقفه، وإن كان بحثُه أساساً متجهاً نحو تفسير فتاوى ابن تيمية المتعلقة بالطوائف غير السنية، من الرافضة والنصيرية والاتحادية، تفسيراً يجعلها غير صالحة للتفعيل في غير زمانها، فقد تعرض الكاتب أيضاً لغير ذلك، وكان مما تعرض له محنة شيخ الإسلام ابن تيمية في مصر (705 -709هـ).

وفي هذه الورقة: يسعى الباحث لتقديم نقدٍ علميّ لما ورد في هذا الكتاب مما يتعلق بالمحنة[1].

أولًا: تسييس المحنة.. بين أوهام الخيال ودلالات الوثائق:

أنتجَ خيالُ الكاتب دعوى عريضة، حكمت تعامله مع وثائق المحنة من ناحية السرد ومن ناحية التحليل، فادّعى أن ابن تيمية في هذا الطور من حياته كان يسعى أن يكون فقيهاً عضوياً للسلطان، يقوم بدور الشرعنة والتبرير لأفعاله.

وفي إطار ذلك، سعى الكاتب لصبغ المحنة بصبغةٍ سياسية صرفة. يفسر الكاتب خلاف ابن تيمية مع نصر المنبجي بأنه خلاف يقبع خلفه خلاف سياسي، وهو الخلاف بين الأميرين ركن الدين بيبرس الجاشنكير، أستاذ دار السلطان، وبين الأمير سيف الدين سلار، نائب السلطنة، فكان كل من ابن تيمية والمنبجي يتبع في خلافه الأمير الذي يدعمه.

هذه هي الدعوى التي لم يحرّكها في خيال الكاتب إلا تلك الغاية الأيدلوجية التي يتغيّاها في ما كتبه، ذلك أنه يريد «تحنيط» مواقف وفتاوى ابن تيمية، وإبطال تأثيرها في أبناء هذا العصر، وذلك باستعمال أسلوب التسييس لتلك الفتاوى والمواقف. وابن تيمية في ذلك هو الستار، والمستهدف الحقيقي هو الشريعة نفسها.

ومع ذلك؛ فقد اضطرب الكاتب اضطراباً ظاهراً في محاولته تفسير مواقف ابن تيمية بتبعيته السياسية لجهة في الدولة المملوكية، فهو تارةً يربط ابن تيمية بالأمير سيف الدين سلار، وتارة يربطه بالأمير جمال الدين الأفرم، نائب السلطنة بدمشق، مع أن الأفرم كان صديقاً لبيبرس الجاشنكير، مشتركاً معه في العرْق (الشركسي)، فالأفرم إذن - بحسب تحليلات الكاتب - جزء من الجبهة المعادية لابن تيمية.

والواقع: أن الكاتب في فهمه لموازين القوى في الدولة المملوكية اهتدى لأمورٍ لم يظفر بها كبار مؤرخي تلك الحقبة، فنفخ في خلافٍ مُدَّعى بين الأميرين سلار وبيبرس، وأهدر النظر في الاستقطاب الحقيقي في تلك المدة، وهو ما كان بين السلطان الناصر من جهة، وبين الأميرين المذكورين من جهة، وهو الذي أدّى في النهاية إلى اصطفاف عسكري حقيقي، كانت نتيجته انتصار الناصر، وظفره بالسلطنة، وتصفيته لخصميه هذين وغيرهما من الأمراء، ليتمكّن من الدولة حتى وفاته. وبطبيعة الحال لم يكن ابن تيمية جزءاً من هذا الاستقطاب ولم يكن له فيه دور، إذ بلغ الاستقطاب ذروته وابن تيمية في السجن، ولم يكن أصلاً ليدخل في مثل تلك الاستقطابات السياسية وهو الذي يُحذِّر من دخول الفقهاء في أهواء الملوك وولاة الأمور[2].

وبالنظر في أثر السياسة في تسيير أحداث المحنة: يمكن ملاحظة عدد من الشواهد الدالة بوضوح على ضرورة اعتبار النظر في العامل السياسي لدى تحليل أحداثها، ومن ذلك:

ساهم تمكن ابن تيمية في دمشق، بعد سنوات غزو التتار لها - وهو تمكنٌ لم يسعَ نائبُ دمشق في إحباطه - في إثارة خصومه وسعيهم في إضعاف نفوذه.

لولا نفوذ الاتحادية وأتباع ابن عربي في الدولة، المتمثل بوجاهة نصر المنبجي - المعظّم لابن عربي - عند الأمير بيبرس الجاشنكير[3]، وبلوغ ابن سعيد الدولة المسلماني السبعيني مكانةً مرموقة في الدولة تفوق مرتبة الوزير[4]؛ لم يكونوا ليتمكنوا من طلب ابن تيمية لمصر ومحاكمته.

صرّح ابن تيمية ببواعث خصومه وأغراضهم السياسية في هذه المحنة[5]، وميل بعضهم في الشام لدولة التتار، لكن دون أن يسمي شخوصاً، أو يذكر تفصيلات[6].

خروج ابن تيمية من السجن في المرة الأولى سنة 707هـ كان بشفاعة الأمير مهنا بن عيسى، أمير بادية الشام[7].

لعبت السياسة دوراً في انتهاء محنة ابن تيمية، وذلك بزوال دولة بيبرس الجاشنكير، ورجوع الحكم للسلطان الناصر محمد بن قلاوون، وذلك في سنة 709هـ[8].

وهذه الشواهد تفيد أن السياسة لعبت دوراً في التأثير على الأحداث المحيطة بابن تيمية، لا أنها حكمت مواقفه وفتاويه بشأن مخالفيه.

لقد كان إنكار ابن تيمية على الطوائف المخالفة له في هذه المحنة من الاتحادية والجهمية إنكاراً دينياً، على تعدد مراتب ذلك الإنكار، وهو من الناحية التاريخية إنكارٌ قديم، سبق سنة 700هـ، التي يجعلها الكاتب بدايةً لهذه المرحلة التي اشتعلت فيها طموحات ابن تيمية السياسية بحسب زعمه، وكان موقف  تلك الطوائف الاعتقادي عنصراً مستقلاً في التأثير على موقفه منهم، لا أنه عنصرٌ تابع لمواقفهم السياسية.

ثانياً: نصوص وثائق المحنة.. والتأويلات الموجهة:

نورد هنا عدداً من نصوص وثائق المحنة التي رجع إليها الكاتب، وأوَّلَها بما يتفق مع غاية التسييس للمحنة، ثم نتبعها بالمناقشة.

النص الأول:

في العقود الدرية لابن عبد الهادي أن شيخ الطريقة الأحمدية الرفاعية قال لابن تيمية: إن أحوالهم لا تستقيم إلا مع التتار.

وأصل هذا النص في تاريخ البرزالي[9]، وعنه نقلَهُ ابنُ عبد الهادي.

أورد المؤلف هذا النصّ وعلق عليه بقوله: «وكان قد رسخ عند ابن تيمية الثاني العلاقة بين الصوفية والتتار»[10].

المناقشة: يُفسِّرُ الكاتبُ موقفَ ابن تيمية من الطائفة الأحمدية الرفاعية في هذه الفترة من حياته التي يسمِّيها «ابن تيمية الثاني» بما يتَّسق مع الرؤية التي افترض أن ابن تيمية قد تبنّاها في هذه الفترة، وهي أن الفرق الإسلامية غير السنية تعتبر خصماً لارتباطها بخصم الدولة المملوكية وهم التتار، لا لموقف هذه الفرق من الشريعة. ثمّ إنَّ موقفَ ابن تيمية من التتار لدى الكاتب مبني على كونهم خصوماً للدولة المملوكية التي يطمح بالاتصال بدور وظيفي فقهي بها، ومبني على عصبية لديه للحنابلة لكون التتار قاموا بمجازر في الصالحية طالت الحنابلة. كما يؤخذ من مجموع كلام الكاتب.

والواقع أن مناظرة ابن تيمية لهذه الطائفة قد طفحت بالتصريح بأن موقفه منهم مبني على موقفهم من الشرع، إذ كان خروجهم عن الشرع سبباً في إنكاره عليهم، وهو السبب نفسه الذي أنكر من أجله على التتار بأعلى درجات الإنكار وهي القتال؛ إذ حرض عليه، وأفتى به، وشارك فيه.

النص الثاني:

من العقود الدرية لابن عبد الهادي: «دخلَ جيشُ الإسلام المنصور إلى دمشق المحروسة، والشيخ في أصحابه شاكّاً في سلاحه، داخلاً معهم، عاليةً كلمتُه، قائمةً حُجَّتُه، ظاهرةً ولايته، مقبولةً شفاعتُه، مُجابةً دعوتُه، مُلتَمَسَةً بركتُه، مُكرَّماً مُعظَّماً، ذا سُلطان وكلمةٍ نافذة. وهو مع ذلك يقول للمدَّاحين له: أنا رجلُ مِلَّة، لا رجلُ دولة»[11].

يصف الكاتب ابن تيمية بأنه في كلمته هذه: «يبدي حرصَه بذكاء فقهي سياسي براغماتي، لم يكن يفتقر إليه، على تهدئة مدّاحيه - بلغة ابن عبد الهادي - الذين وجدوا أن ابن تيمية بلغ ذروة القوة في التحكم الأيدلوجي بالسلطة المملوكية بدمشق»[12].

المناقشة: يفسر الكاتب هنا كلمة ابن تيمية، بما يتّسق مع الملابسة التي افترضها لها، وهي ملابسة الطموح السلطوي لدى ابن تيمية؛ فهو يسعى أن يكون ذا علاقة وظيفية بالسلطان، ولذلك فهو إذ ينفي عن نفسه أنه رجل دولة إنما ينفي ذلك بقصد مصلحي سياسي براغماتي، وهو تهدئة المدّاحين والأتباع، حتى لا تكشف مطامعه السلطوية وتظهر إلى العلن. أي إنه يقول لهم: أنا رجل دولة، وأريد أن أكون كذلك، لكن لا أريد أن يصدر منكم ما يُشعر بذلك.

هكذا يكون التعامل مع الوثائق التاريخية الصحيحة لدى الكاتب، تفسيرها بما هو في حقيقته تكذيب لأصحابها، فهو يكذّب ابن تيمية في ما قاله عن نفسه لملابسة تاريخية خيالية افترضها. والواقع أن كلمة ابن تيمية صريحة في تجرده عن المقاصد الرئاسية السلطوية، وأنّ غايتَه وقبلة قصده في تصرفاته: صيانة الملّة والشريعة، وهي كلمة متسقة مع نهجه العام وسائر كلماته طوال حياته.

يقول الذهبي بعد أن ذكر اجتماع الناصر بابن تيمية بعد إطاحته بالجاشنكير: «لم يكن الشيخ من رجال الدولة، ولا سلك معهم تلك النواميس، فلم يعد السلطان يجتمع به»[13]. ولو كان ابن تيمية ذا طموح سلطوي كما يدّعي الكاتب لانتهز هذه الفرصة.

النصّ الثالث:

أورد المؤلف من رسالة ابن تيمية لنصر الدين المنبجي قولَ ابن تيمية: «وأما هؤلاء الاتحاديَّة فقد أرسَلَ إلى الداعي من طَلَب كشفَ حقيقة أمرهم، وقد كتبت في ذلك كتاباً»[14].

ثم يعلق الكاتب بقوله: «ابن تيمية لم يكن يتصرّف في موقفه من الاتحادية العرفانية من تلقاء نفسه بل بموجب طلب، أو أنه يغطي تصرفه مسبقاً بتنسيق مع بعض مراكز القوة المملوكية، ليعبر ذلك عن اكتساب الصراع الاعتقادي بعداً سياسياً مرتبطاً بتحولات مركز القوى في جهاز السلطنة المركزي في القاهرة، الذي يحكمه يومئذ الصراع بين الأميرين الجاشنكير وسلار»[15].

المناقشة: يكتسب لفظ «الطلب» عند الكاتب هنا دلالةً خيالية، لا تقتضيها اللغة، ولا تقتضيها استعمالات ابن تيمية لهذا اللفظ والأسلوب في رسائله وكتاباته، بل تقتضيها خيالات الكاتب، إذ هو يريد تدعيم دعواه بأن ابن تيمية كان في هذه الفترة يطمح أن يكون مفتياً للدولة، وذا علاقة عضوية بالسلطان، ولكن الكاتب لا يجد لدعواه ما يسندها من أدلة ووثائق فيذهب لتدعيمها بالخيالات، فتخيل صراعاً بين الأميرين الجاشنكير وسلار، ثم افترض أن الجاشنكير يدعم المنبجي - وهذا صحيح - وسلار يدعم ابن تيمية، ولذا طلب سلار أو من يقف في صفه من ابن تيمية أن يقوم بالرد على المنبجي، فكان الطلب هنا طلباً سياسياً في مصدره وغايته.

والواقع أنّ ابن تيمية كان حريصاً على تنقية الصف الصوفي من بدع الاتحادية، كما صرح بذلك في مواطن كثيرة، ولذا كتب مُنَاصحاً للمنبجي، ولم يكن يقصد بذلك غاية سياسية تخدم الأمير سلار في صراعه الذي تخيله الكاتب وهوّله مع بيبرس الجاشنكير.

أما علاقة ابن تيمية بسلار فسيأتي التعليق على النص المتعلق بها.

النصّ الرابع:

أورد المؤلف من تاريخ اليونيني نصاً يتعلق بالمجلس الثاني الذي عُقِد بدمشق للمباحثة في العقيدة بين ابن تيمية ومجموعة من القضاة والفقهاء، وهو قوله: «وسألوه عن أشياء ليست في العقيدة»[16].

ثم علق بقوله: «هذه القضايا الإضافية التي سئل عنها ابن تيمية ليست معروفةً بوضوح كما أنها ليست واضحة في سرد ابن تيمية المطول للمجالس الثلاثة التي عقدت لمحاكمته/ مناظرته الاعتقادية في دمشق»[17].

والغاية لدى الكاتب من وصف تلك الأسئلة التي هي خارج العقيدة الواسطية بعدم الوضوح أن يُبقي مجالاً لاحتمال أن تكون تلك الأسئلة ذات طابع سياسي، إذ عنون لهذا البند من كتابه بقوله: «محاكمة ابن تيمية الاعتقادية في دمشق بين شكلها الأيدلوجي ومضمونها السياسي»[18].

المناقشة: القضايا التي هي خارج العقيدة الواسطية التي سُئل عنها ابن تيمية واضحةٌ في السرد الذي كتبه ابن تيمية للمناظرة في العقيدة الواسطية، إذ بحثوا في تأويل الشافعي ومجاهد للوجه في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْـمَشْرِقُ وَالْـمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 511][19]، وتأويل مالك للنزول[20]، وسألوه عن ألفاظ في «المسألة الحموية»[21]، وهي مسائل علمية اعتقادية صرفة، والجدل فيها ليس جدلاً سياسياً.

لكن المؤلف قصّر في النظر في الوثائق المتعلقة بهذه المناظرة للغرض الذي عنده، وهو رفع مستوى التسييس لأحداث المحنة، وذلك بإضفاء الطابع السياسي لهذه المناظرة، ولما لم يجد لذلك مستنداً ادّعى الغموض في الواضحات.

والواقع أن تلك المناظرة مناظرةٌ علمية، ظهر فيها أهل السنة بقوة الحجة والبيان لا بقوة السلطان، وهي كما وصفها الشيخ شرف الدين عبد الله - شقيق شيخ الإسلام - نصرٌ أكبَر، وفتحٌ مُبين، منَّ الله تعالى به عليهم وعلى المسلمين أجمعين[22].

النصّ الخامس:

يقول الكاتب: «برزت تداعيات هذا الصراع بين الجاشنكير (الأستادار) وسلار (النائب) في استدعاء ابن تيمية لمحاكمته في القاهرة، إذ تعصب الجاشنكير لنصر المنبجي في المحاكمة ضد ابن تيمية، بينما تعصّب سلار له، فغدت قضية ابن تيمية قضية صراع بين مراكز القوى المملوكية»[23].

ثم يُحيل الكاتب إلى نصَّين من كتاب الدرر الكامنة لابن حجر: النص الأول قوله: «ثم طُلب ابن تيمية ثاني مرة في سنة 705هـ إلى مصر فتعصب عليه بيبرس الجاشنكير وانتصر له سلار». والنص الثاني قال فيه: «وتعصب سلار لابن تيمية وأحضر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي وتكلم معهم في إخراجه».

المناقشة: يستعمل الكاتب هذين النصين في تدعيم الفكرة التي تبناها حول تغير فتاوى ومواقف ابن تيمية وارتباطها بالصراعات السلطوية، ويقصد من ذلك توهين قيمتها وإثبات عدم صلاحيتها للعصر الحاضر.

والواقع أن علاقة الأمير سيف الدين سلار بابن تيمية لم تكن علاقةً تتيح لسلار أن يكون ابن تيمية أداة له يستعملها في صراعه السلطوي، وتصل إلى أن يكون نتاج ابن تيمية العلمي مُسيَّساً لخدمته، كما نسجت خيالات الكاتب حول رسالة ابن تيمية لنصر المنبجي، وإنما غاية ما نستفيده من وثائق هذه المحنة أن تأثير نصر المنبجي في التأليب على ابن تيمية كان على الجاشنكير فحسب، ومع سلامة سلار من ذلك التأثير لم يكن ليتحامل على ابن تيمية بدون سبب، إذ الأصل حُسنُ العلاقة.

يقول ابن تيمية في الرسالة التي كتبها في سجنه بمصر: «أنا لم يكن بيني وبين أحد بمصر عداوةٌ، ولا بغضٌ، وما زلتُ مُحبّاً لهُم، مُوالياً لهم؛ أمرائهم، ومشايخهم، وقضاتهم»[24]. ويقول: «هؤلاء الذين بمصر من الأمراء، والقضاة، والمشايخ إخواني وأصحابي، أنا ما أسأت إلى أحد منهم قطُّ، وما زلت مُحسناً إليهم، فأيُّ شيء بيني وبينهم؟!»[25].

وهذا - بطبيعة الحال - لا يمنع أن يكون سلار قد مال لابن تيمية في بعض أطوار المحنة، كما تفيده عبارة ابن حجر، ولا يمنع أن يكون قد مال عنه أيضاً في بعض الأحوال، كما يظهر من الوثائق المعتمدة في التأريخ لتلك المحنة، التي هي أوثق مما يذكره ابن حجر. يقول البرزالي: «وفي يوم الجمعة التالي لليوم المذكور أُحضِر شرف الدين وحده، وحضر ابن عدلان في مجلس نائب السلطنة، وتكلَّم معه. وظهر من الأمير سيف الدين سلار كراهةُ الشيخ وإخوانه في هذا المجلس»[26].

النص السادس:

نقل جُمَلاً من رسالة ابن تيمية التي كتبها وهو في السجن، وسنورد هنا النص الذي اقتبس منه تلك الجُمَل بتمامه، يقول ابن تيمية: «والضرر في هذه القضية ليس عليَّ، بل عليكم، فإن الذين أثاروها من أعداء الإسلام، الذين يبغضونه، ويبغضون أولياءه، والمجاهدين عنه، ويختارون انتصارَ أعدائِه من التتار ونحوهم، وهم دَبَّرُوا عليكم حيلةً يُفسِدون بها مِلَّتَكم ودولَتَكُم، وقد ذهب بعضُهم إلى بلدان التتار، وبعضهم مقيمٌ بالشام وغيره، ولهذه القضية أسرارٌ لا يمكنني أن أذكرها، ولا أسمي من دخل في ذلك، حتى تشاوروا نائب السلطان، فإن أذن في ذلك ذكرتُ لك ذلك، وإلا فلا يقال ذلك له، وما أقوله فاكشفوه أنتم. فاستعجب من ذلك، وقال: يا مولانا! ألا تسمي لي أنت أحداً؟ فقلتُ: وأنا لا أفعل ذلك، فإن هذا لا يصلح، لكن تعرفون من حيث الجملة أنَّهُم قصدُوا فسادَ دينكم ودنياكم، وجعلوني إماماً تستُّراً، لعلمهم بأني أواليكم وأسعى في صلاح دينكم ودنياكم، وسوف إن شاء الله ينكشف الأمر»[27].

ثم يعلق الكاتب بقوله: «ردّ ابن تيمية ضمنيّاً على اتهامه غير الرسمي بقضية أنه يعمل كي يكون كالمهدي ابن تومرت ويستولي على السلطان بدعوى إقامة الدين؛ بأنه افتراء عليه من قبل أولئك الذين يتعاملون مع التتار»[28].

وقد كان الكاتب في ما سبق ذكر أن تهمة ابن تيمية بأنه يسعى ليقوم بالدور الذي قام به ابن تومرت قد صدرت عن المنبجي، ونقل ذلك من المقفى الكبير للمقريزي.

ويستنتجُ الكاتب أن ابن تيمية لم يكن يتورع عن اتهام خصومه بأنهم عيون وأياد للإيلخانيين[29]. ويقصد الكاتب باستنتاجه أن يثبت عدم أخلاقية ابن تيمية أو تشدده في التعامل مع خصومه.

المناقشة: الكاتب لا يعلم من هم هؤلاء الموصوفون بالخيانة، ولا يعلم ما يثبت استحقاقهم لهذا الوصف أو عدم استحقاقهم له، لكنه مع ذلك يومئ إلى أن ابن تيمية كان يتعامل بعدم أخلاقية مع خصومه، بما يعني أنهم لا يستحقون ذلك، وهو ما لا دليل للمؤلف عليه.

والواقع أن الشيخ بيّن في رسالته المذكورة أنَّ مُحرِّكي هذه القضية في الشام أعداء للإسلام وللدولة المملوكية، وأن بعضهم سافر إلى بلاد التتار، ولم يذكر تفصيلات، ولا أسماء أشخاص متعلقة بذلك، بل رفض أن يسميهم فضلاً عن أن يبين تفاصيل ما قاموا به، ليبقى ذلك سراً من أسرار التاريخ! إلا إن ما نستطيع أن نعرفه أن ذلك السرّ جعلَ القضية لدى ابن تيمية قضيةً عامة لا قضية شخصية، أي إنه رأى أنَّ ضررها يعود على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لا على شخصه فحسب.

والوصف بالخيانة لمن يستحقها لا إشكال فيه، ولا يدلّ على تشدد ولا انتهاك للأخلاق، كما أومأ المؤلف.

أما أن يكون ابن تيمية في كلامه هذا يردّ ضمناً على التهمة التي اتهم بها المنبجي ابن تيمية بأنه يسعى للقيام بدور ابن تومرت، فهذا الربط بين هذا التهمة وبين جواب ابن تيمية ليس ربطاً صحيحاً، إذ هذه قضية وهذه قضية، وابن تيمية لا يقصد المنبجي بكلامه آنف الذكر. وقضية اتهام ابن تيمية بأنه يريد أن يقوم بدور ابن تومرت لم ترِد في رسالته تلك.

ثالثًا: التعامل مع مصادر ووثائق المحنة.. العبث في ثوب التحقيق:

لا يدقق الكاتب في تواريخ الوثائق التي يوردها، ولذلك ذكر قيام ابن تيمية بتحطيم صخرة النارنج في سرده للأحداث المتعلقة بتمكن ابن تيمية وقوته بعد حملة كسروان سنة 705هـ[30]، مع أن تحطيم تلك الصخرة كان في رجب من سنة 704هـ[31].

يتحدث الكاتب عن وثائق افتراضية، ويسرد الأحداث بناء على هذا الافتراض، فهو ينقل نصاً من تاريخ ابن أيبك الداوداري يتعلق بمراسلة ابن تيمية للمنبجي وكريم الدين الآملي، والمضمون الذي ذكره الداوداري مخالف لمضمون الرسالة الموثقة المحفوظة المطبوعة التي أرسل بها ابن تيمية للمنبجي، ثم يفترض أن هناك رسائل عدة من ابن تيمية للمنبجي، بعضها رسائل لينة سبقت الأخيرة التي تحدّث عنها الداوداري[32]، دون استنادٍ لدليل على وجود هذا الكم من الرسائل، وليست الرسالة المحفوظة إلا رسالة واحدة، وما ذكره الداوداري جدير بالنقد وعدم الاعتماد أصلاً.

رجع الكاتب إلى وثيقتين كتبهما ابن تيمية وشقيقه شرف الدين عبد الله تتعلقان بالمناظرة التي جرت بدمشق في الاعتقاد بين ابن تيمية وبعض القضاة والفقهاء سنة 705هـ، ويصفها بأنها «أشمل وثيقة وصلتنا عن هذه المحاكمة»، لكنه يتطوع بذكر بيانات إضافية حول هذه الوثائق فيرجح أن ابن تيمية كتبهما في سجنه بمصر[33]، دون سلوك أي طريق علمي مما يسلكه المحققون في إثبات تواريخ الكتب والرسائل والوثائق، ثم هو يغفل البيانات الصحيحة الثابتة حول هاتين الوثيقتين فيعزو وثيقة شقيق ابن تيمية شرف الدين عبد الله له[34]، مع أن الوثيقة مصرح بكونها لشرف الدين[35]، ويدّعي عدم وضوح القضايا التي تمت المباحثة فيها خارج العقيدة، مع أنها مصرح بها، كما سلف ذكره.

يقدم الكاتب للنصوص التي يوردها من الوثائق بتنبيهات تتعلق بأصحابها ليس لها فائدة علمية، وهذا يظهر في ما ذكره في أحداث المناظرة في العقيدة الواسطية، فهو ينقل عن البرزالي أن بعض أعضاء المجلس حاول إدانة ابن تيمية، منبهاً إلى أن البرزالي - وهنا الشاهد الأول -: «من أصحاب ابن تيمية»، ويتبعه بنقلٍ عن اليونيني وهو قوله: «وسألوه عن ألفاظ ليست في العقيدة»، وينبه إلى أن اليونيني من المؤرخين! - وهنا الشاهد الثاني. وهذان التنبيهان لا يعطيان أي مدلول علمي يفيد في نقد النقول التي نقلها، لأن النص الذي نقله عن اليونيني ذكره البرزالي، ومضمون ما نقله عن البرزالي ذكره اليونيني[36].

قام الكاتب بإيراد نقلٍ من المقفى الكبير للمقريزي فيه أن المنبجي يتهم ابن تيمية بسعيه للقيام بنظير الدور الذي قام به ابن تومرت في المغرب، ونقلٍ منه أيضاً فيه أن ابن تيمية يسعى للبيعة لغير السلطان، ثم يورد نصوصاً من رسالة كتبها ابن تيمية في السجن ويجعل تلك النصوص أجوبةً على تلك التهمة. فهو عقدَ محاكمةً خياليةً، تتعلق بتهمةٍ سياسية يعطي فيها نصوص المقريزي - التي تضمنت كلام المنبجي - قوة لائحة الادعاء، ويعطي نصوص ابن تيمية قوة لائحة الدفاع، ثم يتطوع وينصب نفسه قاضياً ليبدي رأيه في التهمة السياسية لابن تيمية[37]. والواقع أنّ التعامل مع هذه الوثائق بهذه الطريقة غير علمي، إذ هو تلفيق بين وثائق لا يمكن الجزم بأنها جاءت في سياق واحد.

 نقل الكاتب نقلاً فيه أن ابن تيمية أشهد المجلس الذي عُقِد له بعد خروجه من السجن أنه أشعري، وكتب في الهامش ما يأتي: «ابن عبد الهادي، ص 196، وقارن مع النويري ج32، ص115-116»[38]، والواقع أن هذه الطريقة في العزو ليست علمية، إذ لم يرد هذا النص عند ابن عبد الهادي وإنما عند النويري فقط.

رابعاً: اغتيال شخصية ابن تيمية.. ابن تيمية المتشدد:

يقول الكاتب: «فلم يكن ابن تيمية في النهاية أكثر من فقيه متشدد... وإن كان فقيهاً مميزاً بتقواه السلفي، ولم يكن ابن تيمية يتورع عن الهش بالاعتماد على السلطان في مواجهة خصومه من فقهاء الأشاعرة، واتهام خصومه بأنهم عيون وأياد للإيلخانيين، بل لم يكن يتورع عن تكفير بعض أعيانهم خلافاً لقواعده في تكفير المعين»[39].

يورد الكاتب هذه الأوصاف في صدد ذكره للنتائج التي توصل إليها، وهذه النتائج مما يتعلق بجزء وقائع محنة ابن تيمية في مصر، وهي كلها أوصاف تدور حول عدم هوادة ابن تيمية في التعامل مع المخالفين، بل تجاوز الضوابط الأخلاقية في التعامل معهم.

المناقشة: لو نظر الباحث في وثائق هذه المحنة نظرة منصف، لحصّل مجموعة من الشواهد الدالة على تسامح ابن تيمية مع خصومه، وسأورد هنا جملةً مما يدل على ذلك، مما قاله ابن تيمية بخصوص هذه المحنة فحسب، وإلا فكلامه في ذلك كثير جداً.

بعد انعقاد مجلس القضاء الظالم وأمر ابن مخلوف بأخذ ابن تيمية وشقيقيه إلى السجن في رمضان سنة 705هـ يذكر ابن رجب حواراً جرى بين ابن تيمية وأخيه يدل على مبلغ تسامحه فيقول: «ويقال: إن أخاه الشيخ شرف الدين ابتهل، ودعا الله عليهم في حال خروجهم، فمنعه الشيخ، وقال له: بل قل: اللهم هب لهم نوراً يهتدون به إلى الحق»[40].

في ما كتبه ابن تيمية في الإنكار على ابن مخلوف: لم يتجاوز الحد، ويعم بالإنكار الشديد الذي أنكره على ابن مخلوف لكونه القاضي الذي أصدر الأحكام والمراسيم المخالفة للشرع؛ لم يعم به خلقاً لا يستحقونه، ممن لم يدخلوا في الحكم الجائر، وإن كانوا يخالفونه في معتقده في الصفات، فبينما نجده يصف ابنَ مخلوف بأنَّه «رجلٌ كذَّابٌ، فاجرٌ، قليلُ العلم والدين»[41]؛ نجِده يُنزّه غيره من القضاة بِمصر، كقاضي قضاة الشافعية الإمام بدر الدين ابن جماعة الحموي، وقاضي قضاة الحنفية شمس الدين السَّرُوجِي، عن أن تكون لهم صلة بالحكم بحبْسِه، يقول: «فأمَّا القاضي بدر الدين؛ فحاشا لله! ذاك فيه من الفضيلة والديانة ما يمنعُه أن يدخُل في هذا الحكم المخالف لإجماع المسلمين من بضعة وعشرين وجهاً.. وكذلك نزَّهتُ القاضي شمس الدين السَّرُوجي عن الدخول في مثل هذا الحكم»[42].

يقول في وصف ابن مخلوف خصمه الذي بغى عليه في رسالته التي كتبها في السجن: «أنا والله من أعظمِ الناس مُعاونةً على إطفاء كل شر في هذه القضية، وفي غيرها، وإقامة كل خير، وابنُ مخلوف لو عمل مهما عمل؛ والله ما أقدر على خيرٍ إلا وأعمَلُه معَه، ولا أُعينُ عليه عدوَّه قطُّ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي وعزمي، مع علمي بجميع الأمور، فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين، ولن أكون عوناً للشيطان على إخواني المسلمين، ولو كُنتُ خارجاً لكنتُ أعلم بماذا أعاونه»[43].

ويقول أيضاً: «ليس غرضي في إيذاء أحد، ولا الانتقام منه، ولا مؤاخذته، وأنا عافٍ عمَّن ظلمني»[44].

ويقول أيضاً: «وأنا أبذل غايةَ ما وسعني من الإحسان، وتركِ الانتقام، وتأليفِ القُلُوب»[45].

ويقول أيضاً: «فإني إنما أنا لونٌ واحد، والله ما غششتُهُما [يعني المنبجي وابن مخلوف] قطُّ، وأنا مساعدٌ لهما على كل بِرٍّ وتقوى»[46].

ويقول بعد خروجه من السجن في رسالة له لبعض أصحابه: «وقد أظهر الله من نور الحق وبُرهانه، ما رد به إفك الكاذب وبهتانه، فلا أُحبُّ أن يُنتَصَر من أحدٍ بسبب كذبه عليّ، أو ظُلمه وعُدوانِه فإني قد أحللت كُلَّ مُسلم، وأنا أُحبّ الخيرَ لكُلِّ المُسلمين، وأريد بكُلِّ مؤمن من الخير ما أُحِبُّه لنفسي، والذين كذَبُوا وظلمُوا فهم في حلٍّ من جهتي، وأمَّا ما يتعلَّقُ بحقوق الله فإن تابوا تاب الله عليهم، وإلا فحكمُ الله نافذٌ فيهم»[47].

بل يتجاوز الشيخ مسألة العفو عنهم إلى شكرهم - لو صح ذلك -: «فلو كان الرجل مشكوراً على سوء عملِه؛ لكُنتُ أشكرُ كُلَّ من كان سبباً في هذه القضيَّة، لما ترتَّبَ عليه من خيرِ الدُّنيا والآخرة، لكن الله هو المشكور على حسن نعمه وآلائه وأياديه التي لا يُقضى للمؤمن قضاء إلا كان خيراً له»[48].

ويقول عن خصومه بعد أن أعيد للسجن مرةً أخرى: «وكم أجد عليهم، وما أدعو عليهم»[49].

ويقول بعد نهاية المحنة وبعد أن أفرج عنه: «من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي». وهو ما اعترف به ابن مخلوف بعد انقضاء المحنة إذ قال: «ما رأينا مثل ابن تيمية، حرضنا عليه، فلم نقدر عليه، وقدِرَ علينا فصفَح عنَّا، وحاجَج عنا»[50].

فهذا هو شيخ الإسلام ابن تيمية، في تسامحه مع خصومه، وإغضائه عنهم، وإسقاطه لحقّ نفسه، وانضباطه في الإنكار عليهم بضابط الشرع.

أراد الكاتب التهوين من قيمة ابن تيمية ومواقفه، لأنه يقلل بذلك من قيمة الشريعة التي يحملها، والتي يراها فُعِّلت ضمن شروط زمانية ومكانية لا تصلح بغيرها. وهو في سبيل تحقيق ذلك الغرض السيئ لا يعبأ بموافقة ما يكتبه للحقائق التاريخية أو مخالفتها.


 


[1] يشكل عشرين صفحة فقط من الكتاب (ص171-191)، وأرجأت مناقشته في سائر ما ذكره في الكتاب لمناسبات أخرى.

[2] انظر: مجموع الفتاوى (4/451-452).

[3] انظر: ذيل مرآة الزمان (2/860)، المقتفي على الروضتين (3/379)

[4] انظر: الصفدية (1/271-272)، المقتفي على الروضتين (3/429).

[5] مجموع الفتاوى (3/269).

[6] مجموع الفتاوى (3/215-216).

[7] المقتفي على الروضتين (3/354).

[8] انظر: المقتفي على الروضتين (3/445)، البداية والنهاية (18/93-94).

[9] المقتفي على الروضتين (3/298-299).

[10] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص174).

[11] العُقُود الدُرِّيَّة (ص228).

[12] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص174-175).

[13] الدرة اليتيمية في السيرة التيمية، ضمن «تكملة الجامع لسيرة ابن تيمية» (ص47).

[14] مجموع الفتاوى (2/464).

[15] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص178).

[16] ذيل مرآة الزمان (ص846).

[17] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص179).

[18] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص178).

[19] مجموع الفتاوى (3/193).

[20] جامع المسائل (8/193).

[21] مجموع الفتاوى (3/206).

[22] من رسالته لأخيه زين الدين بشأن تلك المجالس، مجموع الفتاوى (3/202).

[23] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص183).

[24] مجموع الفتاوى (3/260).

[25] مجموع الفتاوى (3/216).

[26] المقتفي على الروضتين (3/347).

[27] مجموع الفتاوى (3/215-216).

[28] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص186).

[29] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص253).

[30] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص176).

[31] المقتفي على الروضتين (3/277).

[32] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص177).

[33] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص179).

[34] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص181).

[35] وثق شرف الدين عبد الله المناظرة في رسالة كتبها لأخيه الشيخ زين الدين عبد الرحمن، ونشرها ابن قاسم في مجموع الفتاوى (3/202 - 210). ونُشر من توثيقات ابن تيمية للمناظرة مذكرتان: الأولى مطولة، أثبتها ابن عبد الهادي في العقود الدرية (262-306)، ونشرها ابنُ قاسِم في مجموع الفتاوى (3/ 160 - 193)، والثانية مختصرة، نشرها محمد عزير شمس في جامع المسائل (8/181-199) عن مخطوطة بخطِّ ابن تيمية، ومع اختصارها ففيها ما ليس في الأولى. وهناك مذكرة نشرها الفيومي في مجموعة الرسائل الكبرى (1/ 413 - 421)، وابن قاسم في مجموع الفتاوى (3/194-201) في أولها أنها بنقل البِرزالي. 

[36] المقتفي على الروضتين (3/301)، وذيل مرآة الزمان (ص846).

[37] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص185).

[38] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص190).

[39] حملات كسروان في التاريخ السياسي لفتاوى ابن تيمية (ص252-253).

[40] ذيل طبقات الحنابلة (4/512).

[41] مجموع الفتاوى (3/236).

[42] مجموع الفتاوى (3/236).

[43] مجموع الفتاوى (3/271).

[44] مجموع الفتاوى (3/266).

[45] مجموع الفتاوى (3/267).

[46] مجموع الفتاوى (3/277).

[47] العقود الدرية (ص326-327).

[48] العقود الدرية (ص327).

[49] رسالة إبراهيم الغياني ضمن الجامع لسيرة ابن تيمية (ص146-147).

[50] البداية والنهاية (18/94-95). 

أعلى