كانت بلادي أمّة
                                        
                                    
                                    
                                        
  قَدْ كَانَ يَوْماً ذِي الْبِلَادُ بِلَادِي
   فِي أَرْضِهَا نَبَتَتْ قِلَاع تِلَادِي
   كَانَتْ بِلَادِي أُمَّةً شَمْسَ الدُّنَا
   جِرْماً عَظِيماً هَائِلَ الْأَمْجَادِ
   فِي كُلِّ شِبْرٍ مَعْلَمٌ مِنْ عِزَّةٍ
   أَرْسَاهُ بَحْرٌ مِنْ دَمٍ وَمِدَادِ
   فِي أَرْضِهَا يَحْكِي الْحَصَى مُتَرَنِّماً
   تَارِيخَ  نُورِ حَضَارَةٍ وَجِهَادِ
   كَانَتْ بُحُورُ الْعِلْمِ رِيّاً لِلْوَرَى
   وَصَدَى ندَاهَا الدَّرُّ: هَلْ مِنْ صَادِ؟!
   كَانَ الظَّلَامُ يَجُولُ فِي كُلِّ الدُّنَا
   فَإِذَا أَتَاهَا صَارَ فِي الْأَصْفَادِ
   كَانَتْ سُيُوفُ الْحَقِّ عِزّاً لِلْإِبَا
   تَرْوِي الثَّرَى بِدِمَاءِ الِاسْتِبْدَادِ
   كَانَ الضِّيَاءُ يَشِعُّ فِي أَرْضِي هُنَا
   فَيُبِيدُ ظُلْمَ الْجَهْلِ وَالْأَحْقَادِ
   
   صَارَتْ مُمَزَّقَةً بِلَادِي لَا تَرَى
   شِلْواً يُعَانِقُ آخَراً بِوِدَادِ
   فَلَكُلُّ حَدٍّ خَنْجَرٌ فِي جِرْمِهَا
   فَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهَا وَفُؤَادِي
   صِرْتُ الْغَرِيبَ بِقَعْرِ دَارِي هَائِماً
   بِمَشَاعِرِي كَالنَّارِ دُونَ رَمَادِ
   قُطِعَتْ أَوَاصِرُنَا فَصَارَ نُوَاحُنَا
   كَأَجِيرَةٍ تَبْكِي رَدَى الْحُسَّادِ
   تَجْرِي دِمَانَا كَالْبُحُورِ وَإِنَّنَا
   غَرْقَى بُحُورِ الضَّيْمِ دُونَ أَيَادِي
   لَكِنْ يَقِينِي أَنْ سَيَصْحُو مَجْدُنَا
   لِيَسُودَ هَذِي الْأَرْضَ كَالْأَجْدَادِ
   وَيَظَلُّ حُلْمِي أَنْ أَرَى إِشْرَاقَهَا
   فَتَمُدَّ هَذَا الْكَوْنَ بِالْإِسْعَادِ
   سَتَعُودُ هَذِي الْأَرْضُ جِرْماً وَاحِداً
   وَتَعُودَ لِلْأَحْرَارِ خَيْرَ سِنَادِ
   فَتُعِيدَ لِلْإِنْسَانِ كُلَّ كَرَامَةٍ
                           وَتُنِيرُ هَذَا الْكَوْنَ بِالْأَمْجَادِ
    :: مجلة البيان العدد  355 ربيـع الأول  1438هـ، ديـسـمـبـر  2016م.