يا ثوّار سوريا.. قوتكم في تطاوعكم

يا ثوّار سوريا.. قوتكم في تطاوعكم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين.. وبعد:

فقد مرت الثورة السورية بأطوار متعددة، وحققت إنجازات كثيرة، ووقعت في إخفاقات عديدة، تقدمت أحياناً، وتأخرت في أحيان أخرى، وقدمت تضحيات كبيرة وكبيرة جداً.. لكن اللافت للنظر في جميع المراحل استمرار ظاهرة التفرق والاختلاف في صفوف الثوار، وإخفاق أكثر مبادرات الاجتماع والتنسيق، وفي أكثر الأحيان لأسباب غير موضوعية!

ثم أُعلن قريباً تشكيل مظلة جديدة (مجلس قيادة الثورة) تضم معظم الفصائل الثورية في سوريا، وهذه مبادرة مشكورة محمودة ينبغي أن تُعزَّز وتقوى، ويتعاون الجميع في الداخل والخارج لإنجاحها. فظاهرة التنازع والاختلاف نتيجتها المتوقعة: الفشل وذهاب الريح، وتبديد الطاقات، وإنهاك القوى؛ فهذه سنة ربانية لا تتبدل ولا تتغير: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46].

نحن ندرك كما يدرك إخواننا في سوريا أنَّ ثمت اختلافات كثيرة توجد بين بعض الفصائل والكتائب، لكن نحسب أن كثيراً من تلك الاختلافات يمكن تأجيله، وإدارته بوعي وحكمة، وتغليب المصالح العامة للبلد وللثورة على حساب بعض المصالح الجزئية العارضة لبعض الفصائل أو الأشخاص.

والسنة النبوية التي يجب العضُّ عليها بالنواجذ: «تطاوعا ولا تختلفا»؛ فلا يمكن أن يتحقق الاجتماع والائتلاف إلا بقدر من التنازل والتطاوع، وواجب العقلاء من العلماء والدعاة وأهل الرأي - في داخل سوريا وخارجها - أن يرعوا هذا الكيان الجديد بالنصيحة والتسديد، ويحرصوا على إنجاحه، ويخففوا من دواعي التدافع والاختلاف؛ فما ثم إلا طريقان: الاجتماع لتحقيق النصر، أو الاختلاف لتحل الهزيمة! قال الله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْـحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ 34 وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:34-35]. 

أعلى