• - الموافق2024/05/11م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الحملة الإسلامية للنصرة..  بداية صائبة للنصرة الإسلامية للثورة السورية

الحملة الإسلامية للنصرة.. بداية صائبة للنصرة الإسلامية للثورة السورية

تتحدث معاناة الشعب السوري عن نفسها حينما يتم مقارنتها بحسب بيان مجلس الثورة في مدينة حمص الأخير والذي يقول إن ما يحدث في المدينة التي تمثل عاصمة الثورة هو تطهير عرقي بامتياز، ولم يكن يخيل إلى ذهن المرء أن يتحول نظام الدولة في سورية إلى عصابة طائفية تستبيح القتل والاغتصاب والسرقة وكل جريمة يمكن أن يتخيلها العقل البشري، فيقول من كتبوا البيان بكلمات تعبر عن ألم كبير إن ما يرتكب بحمص أفظع بكثير مما أرتكب في مدينة سيبرينيتشا البوسنية، حيث هجَّرت عصابات النظام السوري أكثر من نصف مليون حمصي من منازلهم، ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إنها أقدمت على إسكان جيرانهم من الطائفة النصيرية في منازلهم مستغلة بذلك غياب الضمير العالمي والإسلامي.

واستخدمت تلك العصابات أساليب الترويع مثل القتل والسرقة وهدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها والحرق والاغتصاب وسيلة لترهيب السكان الأبرياء وإجبارهم على ترك منازلهم هرباً بحياتهم من الجحيم.

وقام النظام الأمني الذي تديره عصابات بشار الأسد على حد وصف البيان بتشكيل مجموعات متخصصة في سرقة المنازل التي هجرها أصحابها حتى لا يعود إليها السكان لاحقاً.

 تنوعت معاناة اللاجئين في سورية في الداخل والخارج وتعمقت كثيراً؛ لذلك استنهض أهل الخير من علماء المسلمين ممثلين برابطة علماء المسلمين وهيئة الشام الإسلامية هممهم لتنظيم فعاليات مؤتمر «الحملة الإسلامية لدعم الثورة السورية» في مدينة اسطنبول التركية في الفترة «12/13/04/1433 هـ»، وكان الهدف منه تقديم مبادرات عملية لمساعدة الشعب السوري في الداخل والخارج، ووضع حلول للأزمات التي يمر بها المتضررون من الأزمة سواء أكانوا داخل الأراضي السورية أم خارجها من خلال وضع مبادرات يتم تبنيها لاحقاً، بالإضافة إلى جمع تبرعات مالية وعينية لمساعدة اللاجئين والجيش السوري الحر.

وفي ورقة موجزة قدمت على هامش المؤتمر الذي اختتم فعالياته الخميس12/5/1433هـ يقول الدكتور حسان محمد حسان وهو يشغل منصب سكرتير عام الرابطة الطبية للمغتربين السوريين: «إن القطاع الصحي يعاني قبل الثورة من بنية تحتية سيئة بسبب الإهمال وخصوصاً في القرى البعيدة عن مراكز المدن، ومع بداية الثورة أخذ النظام في التضييق على السكان المدنيين ورفضت مستشفيات الدولة علاج الجرحى، ومنع تزويدهم بالأدوية اللازمة».

ولم يتوقف النظام عند هذا الحد من الإجرام بل إنه عمد إلى استخدام الكثير من المستشفيات كمراكز اعتقال وتعذيب، ومن أساليب الابتزاز التي اتبعها النظام وذكرها الدكتور حسان في ورقته هو أنه عمد إلى تقديم العلاج المضاد للقزاز بواسطة الرقم الوطني وهذا يعني أن يسلم الجريح نفسه للأجهزة الأمنية حتى يتم اعتقاله أو تصفيته.

وما يزيد الأمر سوءًا فيما تحدث عنه الطبيب السوري هو أن النظام أقدم على إقفال المستشفيات الخاصة التي تستقبل الجرحى وعمد إلى اعتقال أكثر من 50 من الأطقم الطبية التي شاركت بالتطوع لمعالجة الجرحى.

ويذكر في تفاصيل ورقته أن اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان والأردن يعانون بشكل مأساوي من نقص الرعاية الطبية بسبب قلة المستشفيات والأخصائيين، كما تحدث عن مقترحات يجب الأخذ بها من قبل القائمين على المؤتمر مثل إنشاء مشافي ميدانية في المدن السورية لمساعدة السكان، وأشار إلى أن تكلفة كل مشفى يصل إلى 50 ألف دولار.

أما الشيخ الدكتور علاء الدين الزاكي الأستاذ في جامعة الخرطوم فقد افتتح جلسات المؤتمر يوم الخميس بمبادرة دعا فيها علماء المسلمين إلى القيام بواجبهم في نصرة الثورة السورية، والوقوف في وجه المشروع الصفوي في المنطقة العربية.

واقترح في مبادرته وضع آليات إستراتيجية للتعامل مع الأزمة، وتوفير الوسائل التي تمكن من سد إحتياجات الثورة كما اقترح بعض الآليات التي تساعد في ذلك.

وقال الزاكي: «إنه لا بدَّ من الإشارة إلى أن طول الثورة السورية وتماديَ النظام في قمعها قد فتحا في جسد الشعب السوري ثغرات عظيمة، ولا بدَّ أن يتفق الجميع على سدها، وتضافرت عدة أسباب جعلت بالضرورة القيام بواجب سد هذه الثغرات، ومن ذلك إفراط النظام في قمعها مستفيداً من تأييد روسيا والصين باستخدام حق النقض في مجلس الأمن، ممَّا أكسب النظام تماسكاً على المستوى السياسي والدبلوماسي».

 وتابع قائلا: «ترك الكثير من الثوار مصانعهم ومزارعهم وتوجهوا نحو الثورة، ممِّا أوجد كثيراً من التغيرات في جسد الشعب السوري، وبالتالي ازدياد حاجة السوريين في الداخل للمستلزمات الطبية والغذائية والحاجة لعلاج الجرحى والمصابين، وتأهيل المستشفيات الميدانية وعلاج الآثار المستقبلية للثورة سواء أكان ذلك صحياً أم اجتماعياً أو غير ذلك.

كما حث الشيخ الزاكي على دفع المال للتبرع من أجل سورية وقال: «يقول القرطبي - رحمه الله - واتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة، تعين دفع زكاة المال إليهم. وبما أن الشعب السوري الثائر بعد ثورته ظهرت له حاجات عظيمة، فعجز هو عن سدها فلزم الأمة المسلمة بسدها تحقيقاً لإرادة الإخوة الإسلامية».

تنصير اللاجئين:

زيد الحماد مدير جمعية الكتاب والسنة في الأردن يقول: إن كل يوم لدينا مآسي جديدة،: «في الساعة الثانية عشرة ليلاً اتصل بي أحدهم وتحدث إلي بلهجة أقرب إلى التوبيخ منها إلى طلب المساعدة، ذهبت إليه مسرعاً أحمل بعض الأغذية، وعندما وصلت إلى مستودع يفتقر إلى مقومات الحياة يعيش فيه مع عائلته أخذ يبكي.. فسألته ما الذي يبكيك.. ظننت في بادئ الأمر أنه يبكي لأن أبناءه قد ناموا جياعاً هذه الليلة، لكنه قال إنني حزين لأنني أزعجت مسلماً في منتصف الليل؛ هذا الرجل له يومان لم يذق للأكل طعماً.

 تبلغ الفاتوة الشهرية لإيجارات الوحدات السكنية التي يعيش فيها اللاجئون مليون ريال بحسب ما ذكر الحماد، ويقول أيضاً: وما يأتي من تبرعات لأكثر من 100 ألف لاجئ كلها طرود غذائية ولدينا منها الكثير؛ لكننا نريد تبرعات أخرى مثل حليب الأطفال وأمور خاصة بالنساء.. نريد أن يحصل اللاجئ على بعض المال، لا نريد أن نعطيه فقط الأرز والسكر، لأن عائلته بحاجة لأمور أخرى.

ويتابع الحماد في كلمته خلال جلسات المؤتمر قائلاً: «الأعجب من ذلك أن أحد الإخوة الموظفين في الجمعية عندما ذهب للاجئ سوري ضرير ليقدم له المساعدة، فوجد عنده اثنين من المبشرين يعطونه فتات ما نقدم.. يقولان له: «أنت ابن المسيح، اليسوع هو المخلص قل: آمين». عندما خرجا سألنا هذا الرجل: ألا تعلم أنه لا يجوز لك أن تفعل ذلك؟ فأجاب إجابة شرعية قائلاً: {إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} [النحل: 106].

كما لفت إلى قصة مؤلمة لفتاة تعرضت أمام والدتها للاغتصاب وتريد العلاج، ويقول الحماد هذه وغيرها الكثير يردن علاجاً نفسياً لكي يخرجن من أزمة نفسية صعبة.

بدوره تحدث الدكتور عدنان محمد أمامة رئيس جمعية غراس الخير في لبنان عن الموقف اللبناني من الثورة السورية، وقال: «إن لبنان يختلف عن غيره بعدة نواحي، فهناك ما يزيد عن 200 كيلو متر يتقاسمها لبنان مع سورية في الحدود، لبنان وقع تحت النفوذ السوري لما يزيد عن 27 عاماً ولا يختلف القمع والاضطهاد على ما جرى على اللبنانيون جميعاً باستثناء أزلام النظام، كل اللبنانيين تنفسوا الصعداء حينما بدأت هذه الثورة المباركة، والكل يرجو أن تتكلل مساعي الإخوة في سورية بالنجاح.

وتحدث أمامة عن تباين واضح في المواقف مابين السنة والشيعة وكذلك ما بين السنة أنفسهم، فالشيعة مؤيدون للنظام ويراهنون على بقائه. أما أهل السنة فهم منقسمون ما بين مؤيد ومعارض. أما الحكومة اللبنانية فتحاول النأي بنفسها عن الثورة، ولا تريد أن تعترف بمأساة اللاجئين السوريين. وتحاول - بحسب رئيس جمعية غراس الخير - الجمعيات الخيرية تقديم المساعدة للسكان الأبرياء.

ومن المغرب شارك في المؤتمر الدكتور مولاي عمر حماد نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح في المغرب، الذي صرح خلاله قائلاً: «انخرطنا في دعم الثورة السورية المباركة، وأصدرنا جملة مواقف لدعم الثورة ونتابعها في كل وقت وحين، ومؤمنون بانتصار هذه الثورة، لا يمكن لهذا التاريخ أن يعود للوراء، لا يمكن لأحد مهما كانت الجهات الداعمة له أن يوقف إرادة الشعوب المدعومة بمدد من الله سبحانه وتعالى، نرى بأن هذه المرحلة قد هبَّت فيها رياح من الخيرات ستعم كل البلاد ولو بعد حين.

وأكد على ضرورة توحيد الجهود وتفعيل دور العلماء ومؤسساتهم؛ ليأخذوا دورهم البارز والفعال في الأمة بعد أن غيبوا لسنوات.

أما الشيخ رائد حليحل من لبنان فإنه يرى في مداخلة ألقاها على هامش فعاليات المؤتمر بأن الاجتماع يستلزم من الحضور الخروج بقرارات واضحة يكون لها ترجمة عملية، ويذكر أن هناك خطران يهددان الثورة السورية: الخطر الأول هو أن تبتز من قبل قوى دولية، حتى تأخذ من هذه الثورة أكثر مما تأخذه من ذلك النظام، مقابل أن تعطيها الأمان من هذا النظام والإطاحة به، والخطر الثاني وهو خطر دخول التكفيريين على الخط، هذا الأمر لا بد أن نحذر منه، فسورية اليوم تستهوي كل محب أو غيور للجهاد في سبيل الله، ولا نريد أن تتكرر مأساة العراق في سورية، لذلك أقول أغيثوا إخوانكم، مساعدتكم ليست مشروطة، لكن معونات غيركم مشروطة؛ لذلك تأخرت المساعدات العالمية، حيث إن الثورة السورية لم تعطها الثمن المقابل لتلك المساعدات.

وعلى الهاتف من العاصمة المصرية القاهرة شارك الدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين برسالة صوتية وجهها إلى الجيش السوري وعناصره وقال: «إن إجماع علماء المسلمين على أن الإكراه لا يكون عذراً، بمعنى لا يحل أن يقول أحد الجنود: إنني مكره على قتل إخواني، وإن لم أقتلهم فسوف يقتلوني.. إن الإكراه معفو عنه فيما دون قتل النفس». كما دعا إلى رصِّ الصفوف والتوحد من أجل دعم الثورة.

توصيات المؤتمر:

وفي نهاية اليوم الثاني تقدم المؤتمر بعدد من المبادرات العلمية والعملية تضمنت صياغة الرؤية الشرعية للثورة، وإنشاء مجلس إفتاء خاص بالثورة، لسد الفجوة التي ظهرت خلال الثورة، وتوجيه الشباب الثائر نحو التوسط والاعتدال، وكذلك توجيه المترددين والمؤيدين للنظام نحو الثورة.

وكذلك إنشاء جهاز للإرشاد الديني للجيش السوري الحر، كما طرح السيد بسام الصفدي مبادرة تحدث فيها عن ضرورة تكوين مؤسسات المجتمع المدني، وكذلك إنشاء مؤسسات إعلامية وإعداد كوادر فنية لإداراتها، بالإضافة إلى إنشاء جمعيات داعمة للثورة في البلاد الأجنبية.

كما تم طرح مبادرات إغاثية لمساعدة اللاجئين على تخطي محنتهم، وطرحت مبادرة كذلك لتشكيل لجنة من الحكماء لحل الخلافات التي قد تنشأ بين شرائح وأطراف الثورة السورية خاصة بعد إسقاط النظام.

واختتم المؤتمر بإلقاء الشيخ فايز الصلاح عضو المكتب العلمي لهيئة الشام الإسلامية لتوصيات المؤتمر والتي تضمنت بث روح النصرة الشرعية في الأمة، والتصدي للنوازل الحادثة وبيان الحكم الشرعي فيها من خلال فتاوى جماعية؛ لأنها أقرب إلى الحق والصواب من الفتاوى الفردية.

كما أوصى المجتمعون بضرورة إصدار فتاوى تحذر من المد الرافضي والإيراني وخطره على الأمة، وتوجيه خطاب للحكام والأغنياء والمؤسسات الخيرية، والهيئات والمنظمات الإسلامية، بإغاثة إخوانهم في بلاد الشام، والتعامل مع الهيئات والجمعيات الموثوقة، لحسن توزيع المساعدات للشعب السوري.

ودعت التوصيات إلى الحض على الجهاد المالي، الذي هو مقدمة للجهاد بالنفس، وبيان أن الزكاة الواجبة والمستحبة من أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله لنصرة إخوانه المسلمين.


ودعا المؤتمر إلى تشكيل لجنة إغاثة عليا في العالم الإسلامي تهتم بالواقع السوري ويكون لها في كل بلد فرع خاص بها. كما اتفق المجتمعون على بعث روح الجهاد في الأمة وكذلك الاعتناء بالجهاد الإعلامي لفضح السياسات الجائرة والعقائد الباطلة.

:: "البيان" تنشر ملف شامل ومواكب لأحداث الثورة السورية ..



أعلى