التواجد العسكري الأمريكي بإفريقيا
ريك روزوف ـ جيوبوليتيكال مونيتور
5 مايو 2010 م
في العام الماضي صرح الجنرال ويليام وارد قائد قيادة المنطقة الإفريقية للبنتاجون "أفريكوم" أن وزارة الدفاع الأمريكية لديها شراكة عسكرية مع 35 دولية من إجمالي 53 دولة إفريقية، تمثل "العلاقات الأمريكية التي تنتشر حول القارة"، وقد ازداد هذا الرقم على المدى القريب أيضًا.
تحتل المنطقة الإفريقية أهمية استراتيجية لدى منظومة التخطيط العالمية للولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وهو ما يؤكده إنشاء تلك القيادة العسكرية الإقليمية في إفريقيًا التي أعدها البيت الأبيض في هذا القرن، وهي المنطقة الأولى التي يتم إنشائها منذ نهاية الحرب الباردة، والأولى منذ 25 عامًا أيضًا. فقد تم إنشاء قيادة "افريكوم" في البداية تحت القيادة الأمريكية الأوروبية في الأول من أكتوبر 2007، ثم بعد ذلك تحولت إلى كيان مستقل بعد ذلك بعام.
وتشتمل منطقة مهام القيادة الإفريقية 53 دولة فيما عدا مصر، والتي لا تزال تتبع القيادة المركزية الأمريكية، والجمهورية العربية الديموقراطية الصحراوية (الصحراء الغربية)، والتي هي عضو بالاتحاد الإفريقي ولكن تعترف بها الولايات المتحدة وحلفائها من الناتو على أنها جزء من المغرب، والتي احتلتها عام 1975، وهي ليست كبقية القيادات القتالية الموحدة الأخرى التابعة للبنتاجون، مثل القيادة الأوروبية والمركزية وقيادة الباسيفيك والقيادتان الشمالية والجنوبية (التي أنشأت عام 2002).
والولايات المتحدة هي الوحيدة التي تحافظ على قيادات عسكرية متعددة المهام في المناطق الإقليمية المختلفة في كافة بقاع العالم، وذلك في إطار السياسة الأمريكية المتبعة منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في العالم لأول مرة في التاريخ.
وحتى أكتوبر 2008 كانت إفريقيا تقع بصورة عامة داخل نطاق مهام القيادة الأوروبية، فيما عدا مصر وسيشل ودول القرن الإفريقي (جيبوتي إريتريا إثيوبيا كينيا الصومال والسودان)، والتي تتابعها القيادة المركزية، وثلاثة دول على هيئة جزر وتقع بعضها تحت السيطرة الفرنسية على سواحل القارة الشرقية (جزر القمر ومدغشقر وموريشيوس وريونيون) والتي تقع تحت قيادة الباسيفيك.
وسوف يتم تقسيم إفريقيا إلى خمس مناطق عسكرية، وقد أورد موقع أخبار الدفاع الأقسام الجغرافية التي وصفها تقرير وزارة الدفاع الذي صدر هذا الشهر، وفيه: "أن فريقًا سوف يكون مسئولاً عن القطاع الشمالي من موريتانيا إلى ليبيا، وآخر سوف يعمل في كتلة دول شرق إفريقيا وهي السودان وإثيوبيا والصومال وأوغندا وكينيا ومدغشقر وتنزانيا، والثالث سوف يمارس نشاطاته في الجزء الجنوبي الكبير الذي يحتول على جنوب إفريقيا وزيمبابوي وأنجولا، أما الفريق الرابع فسوف يركز على مجموعة من دول وسط إفريقيا مثل جمهورية الكونجو الديموقراطية وتشاد والكونجو برازافيل، أما الفريق الإقليمي الخامس فسوف يركز على الكتلة الغربية التي تغطي نيجيريا وليبيريا وسييراليون والنيجر والصحراء الغربية".
وتلك المناطق الخمسة تتصل باللجان الاقتصادية الإقليمية الرئيسية لإفريقيا، التي تبدأ من شمال القارة:
·اتحاد المغرب العربي: الجزائر، ليبيا، موريتانيا، المغرب وتونس.
·اتحاد شرق إفريقيا: بوروندي، كينيا، رواندا، تنزانيا وأوغندا.
·التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا: بنين، بوركينافاسو، الرأس الأخضر، كوت ديفوار، جامبيا، غانا، غينيا بيساو، ليبريا، مالي، نيجيريا، السنغال، سييراليون وتوجو.
·التجمع الاقتصادي لدول وسط آسيا: أنجولا، بوروندي، الكاميرون، جمهورية وسط إفريقيا، تشاد، جمهورية الكونغو برازافيل، جمهورية الكونجو الديموقراطية (كينشاسا)، غينيا الاستوائية، رواندا وساو توم وبرينسيب.
·تجمع تنمية جنوب إفريقيا: أنجولا، بوتسوانا، جمهورية الكونجو الديموقراطية، ليسوتو، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، موزمبيق، ناميبيا، سيشل، جنوب إفريقيا، سوازيلاند، تانزانيا، زامبيا وزيمبابوي.
وقد حافظت الولايات المتحدة على قاعدتها العسكرية في جيبوتي، معسكر كامب ليمونيه، منذ عام 2003، وأنشأت وحدة مراقبة بحرية في سيشل الخريف الماضي، ولديها قدرة على الوصول إلى معسكرات قواعد وإلى مواقع متقدمة في كينيا وإثيوبيا والمغرب ومالي ورواندا ودول أخرى عبر القارة.
وأفريكوم تعمل كمقار مركزية في القارة، ولكن مقارها الرئيسة تظل في شتوتجارت الألمانية، بالرغم من أن معكسر كامب ليمونيه في جيبوتي يعمل كمركز قيادة حقيقي في إفريقيا، بخمس مواقع أقمار صناعية إقليمية في الشمال والجنوب والشرق والغرب ووسط إفريقيا.
أما قوات التأهب الإفريقية فتعمل تحت قيادة الاتحاد الإفريقي، ولكن قواتها يتم تدريبها وتوجيهها من الولايات المتحدة ومن الناتو ومن الجناح العسكري من الاتحاد الأوروبي.
وقد أعلنت أفريكوم مؤخرًا أن قيادة إفريقيا للعمليات الخاصة "سوف تسيطر على وحدة المهام العملياتية الخاصة المشتركة الخاصة بدول عبر الصحراء، بالإضافة إلى القيادة والتحكم للعمليات الخاصة وكذلك عمليات القرن الإفريقي لتركيز نشاطات القوات الخاصة في إفريقيا.
تحديات أمام أفريكوم:
وقد تعثرت الجهود لإنشاء قوة التأهب الإفريقية في شمال إفريقيا لعدة أسباب، منها أن مصر ليست عضوًا في الاتحاد المغاربي، كما أنها لا تقع في نطاق مسئولية أفريكوم، كما إن ليبيا واحدة من أكبر المعارضية لأفريكوم، وهناك توتر دائم بين الجزائر والمغرب بسبب الصحراء الغربية، والتي تعترف بها الجزائر كدولة مستقلة، ولكن الجزائر ومصر وموريتانيا والمغرب وتونس كلها عضو في برنامج الشراكة للحوار من أجل المتوسط التابع للناتو.
ولكن خطط أفريكوم للتدخل العسكري الإقليمي تمشي بصورة أفضل في شرق وغرب وجنوب إفريقيا، وفي يونيو 2008 قامت اللجنة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بتدريبات عسكرية، وهي تدريبات جيجوي عام 2008، في مالي مع 15 دولة من الدول الأعضاء، "ولأول مرة لأول مرة احتوت تدريبات القوى الإقليمية قوات من الاتحاد الإفريقي ومن لجنة تطوير جنوب إفريقيا ومن لواء الاستعداد الدولي المتمركز في الدنمارك، ومن قوة التأهب لشرق إفريقيا المتمركز في إثيوبيا.
وكافة التدريبات العسكرية دعمتها الحكومات المستضيفة لها بالإضافة إلى فرنسا والدنمارك وكندا وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وقبل ذلك بعام استضافت السنغال مناورات عسكرية مع عدة دول من غرب إفريقيا، وهي بوركينافاسو وجامبيا وغينيا بيساو وجمهورية غينيا ومالي، لاختبار قدرة انتشار تلك القوات المدعومة بالطائرات الحربية والمدرعات والسفن التي وفرتها فرنسا، وقد تدربت الدول المشاركة لتشكيل كتيبة غربية من 6500 مقاتل للتدخل السريع والمقرر إنشائها هذا العام في 2010.
وفي الشهر الماضي تم عقد تدريبات في بنين والتي كانت تهدف إلى تقييم الجاهزية العملياتية واللوجستية للكتيبة الشرقية والتي هي جزء من الجاهزية العامة لقوات الاستعداد الإفريقية التي من المتوقع أن تعمل في ديسمبر 2010.
وقد كشف تقرير نشرته مجلة الجيش الأمريكي في 2 مايو الماضي أنه في "قاعدة عسكرية نائية في مدينة كيسانجاني الاستوائية قام فريق من القوات الأمريكية بمحاولة إعادة تدريب كتية من المشاة الكونجولية"، حيث توجد أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة في إحلال السلام في الكونجو حيث إنها غنية بمصادرها الطبيعية مثل الكوبلت، والذي يعد عنصرًا هامًا في تصنيع خلايا الهواتف والإليكترونيات الأخرى، وتحتوي الكونجو على 80% من احتياطي الكوبلت في العالم، وفي تقرير للكونجرس نشر عام 2009 أوضح أن ضمان الوصول إلى أسواق المعادن حول العالم يعد من المصالح العليا للأمن القومي الأمريكي".