الفساد داخل أسوار عرش خامنئي وحاشيته

الفساد داخل أسوار عرش خامنئي وحاشيته

 

في الوقت الذي يعاني فيه الشعب الإيراني الأمرّين، الكساد الاقتصادي وتضييق الحريات؛ يتنعم قادة إيران في ثروات هائلة تقدر بالمليارات، فبإجمالي ثروة تصل 95 مليار دولار يتربع المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي على عرش الثراء في إيران.

يظهر مرشد الثورة الإيرانية حسن خامنئي، في سيارة مصفحة في شيراز بين مؤيديه عليه هالة نورانية، ما يثير إعجاب المحيين والمرحبين، تلك الهالة هي عبارة عن 12 إضاءة نورانية مخفية مسلطة عليه داخل سيارته الوحيدة التي يتنقل بها.

في مجلسه يستقبل ضيوفه على مفروشات فارسية قديمة، كرجل دين متواضع، عفيف، زاهد، ينتظر ساعة الموت ليلقى ربه عفيفاً بلا ذنوب وبلا "فساد"، كما يقول شركاءه في التدين، ومنذ ثلاثين عاماً لن تشاهد خلفه سوى (دين شعاري وحسين جباري) اللذان يخدمانه، فيما آلته الإعلامية تخلق أسطره العفة والنزاهة، فيما تهاجم خُطبه النارية الفاسدين العرب وحكامهم الطغاة، مستثيرة الشعوب لحب أدواتها "المقاومة للطغيان" التي ما أنبرت تعلن إيران المثل الأعلى في "النزاهة" و مرشدها المثل الأكثر زهداً.

ما يظهره خامنئي، ليس من كل ذلك صحيح، فهذا الرجل يملك ثروة تعادل ثلاثة أضعاف ثروة الشاه الذي قامت الثورة الإيرانية ضده، يمتلك 95 مليار دولار، حسب تحقيق لوكالة رويترز، الفارق فقط أن الشاه تعايش مع الفساد في حكمه فيما "المرشد" يواصل دجله على شعبه بـ"العفه" أو بالأحرى على الدائرة "الرسالية" في الدائرة الشيعية، فالإيرانيين يعرفون أكثر من أي وقت مضى كيف يعيش هذا الرجل، فبعد الثورة الخضراء 2009م خرج الكثير من القيّح النتن عن مؤسسة "بيت الإمام" التي تضم "الحرس الثوري" و "المرشد".

في عام 2011م نشر المخرج الإيراني المنفي محسن مخملباف "أسرار حياة خامنئي" الحياة المترفة التي يعيش فيها هذا الرجل، الفيلم في 48 دقيقة  تحكي عن امبراطور من حكايا "ألف ليلة وليلة"، الفيلم الذي نشر على سبعة أجزاء عام 2010م، أثار سخط العامة وأخاف الملالي في طهران.

الإمبراطورية المالية

بنى خامنئي امبراطوريته المالية في إيران من خلال مؤسسة تصادر أملاكا تركها إيرانيون في السنوات التي تلت الثورة عام 1979.

وحسب تحقيق لـ"رويترز" نشر في 2013م يطلق على المؤسسة بالفارسية اسم "ستاد إجرايي فرمان حضرت إمام"، أي "هيئة تنفيذ أوامر الإمام". وهذا الاسم يدل على مرسوم وقعه الإمام الخميني قبل فترة وجيزة من وفاته عام 1989، وأنشئ هيئة جديدة لإدارة وبيع العقارات التي تركها مالكوها بعد الثورة.

ويعد «ستاد» من بين أقوى الهيئات في إيران، رغم ضعف المعلومات عنها. وفي السنوات العشر الأخيرة تحولت إلى كيان تجاري عملاق يملك حصصا في كل قطاعات الاقتصاد الإيراني تقريبا، بما في ذلك المال والنفط والاتصالات وإنتاج حبوب منع الحمل وحتى تربية النعام.

ورغم صعوبة وضع رقم لحساب القيمة الإجمالية لـ «ستاد»، بسبب سرية حساباتها، لكن ممتلكاتها من العقارات والحصص في الشركات وأصول أخرى، لا تقل إجمالا عن 95 مليار دولار، وفقاً لحسابات أعدتها "رويترز"، ويستند هذا التقدير إلى تحليل لتصريحات مسؤولي الهيئة وبيانات من سوق طهران للأوراق المالية ومواقع شركات على الإنترنت ومعلومات من وزارة الخزانة الأميركية.

خلال أحداث يونيو 2009 التي جرت بعد تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية وأسفرت عن فوز أحمدي نجاد بولاية ثانية، واعتقال زعيمي المعارضة التي عرفت آنذاك ب”الحركة الخضراء” مير حسين موسوي ومهدي كروبي وزوجتيهما، قرر خامنئي تحويل قسم كبير من ثروته (22 مليار دولار) إلى المصارف السورية عن طريق تركيا، كان خامنئي يومها قلقا من احتمال سقوط "النظام الإسلامي"، فيعمد الثوار الجدد إلى مصادرة ثروته كما حصل مع الشاه المخلوع، لذلك قرر تهريبها، لكنه أعادها بعد استقرار الوضع.

عدا الأملاك المجمدة والسيولة النقدية التي في حساباته البنكية، فهو يملك خامنئي ما قيمته مليار ونصف المليار دولار من الألماس، وما قيمته مليار دولار من الذهب، إضافة إلى ما مجموعه مليار دولار من العملات الأجنبية.

خلافاً لتلك الأموال فحسب تحقيقات المخرج الإيراني فإن مليار دولار في روسيا، مليار دولار في سوريا، مليار دولار في الصين، مليار دولار في فنزويلا، 2 مليار دولار في أفريقيا الجنوبية، 2 مليار دولار في بريطانيا و2 مليار دولار في دول أخرى، ما مجموعه 10 مليار دولار.

وعلاوة على تجارة السلاح والنفط والأراضي، يملك خامنئي آليات تجارية خاصة لجني الثروات، هي التجارة المذهبية كما يذكرنا الإيرانيين، دائماً، فقد أنشأ عددا من المؤسسات الدينية، في مختلف المدن الإيرانية، مهمتها تجميع أموال النذورات التي يهديها المسلمون الشيعة لمقام الإمام الرضا في مشهد ومقام شقيقته المعصومة في قم. ويبلغ عدد الزوار إلى تلك الأضرحة والأماكن ما يقرب 3 ملايين سنوياً، عدا الرسوم الواجبة من المراكز الدينية المنتشرة من أجل "زواجي المتعة والمسيار".

يسيطر خامنئي بشكل كامل على قطاعي النفط والغاز في إيران، إلى جانب الحرس الثوري، ويحتكر قطاع التسليح العسكري من روسيا والصين حصرا، ويحصل على مبالغ طائلة من البلدين، ويمتلك أكثر الأسهم في شركات تصدير الأرز وشركات استيراد السكر، وشركة “بي أم دبليو”، وشركات انتاج القند على الصعيد المحلي، ويملك عقود استثمار تجارية باسم العتبة الرضوية المقدسة في كل من: دبي، ألمانيا، العراق، أفريقيا الجنوبية، فنزويلا، لبنان والصين.

يشير هذا الفيلم النادر، إلى أن تعداد حراسة خامنئي يبلغ تعداد فريق حماية خامنئي عشرة آلاف شخص، من بينهم اثنان فقط (دين شعاري وحسين جباري) يعملان في خدمته منذ حوالي ثلاثين سنة، كحارسين شخصيين، يحق لهما الدخول إلى غرفته الخاصة، وحراستها ليلًا نهارًا، و الاقتراب منه وهما مسلحان أما الباقون فلا.

عدا الـ10 آلاف هناك 700 حارس، القريبين من خامنئي، مقسمين إلى مجموعتين:

الأولى: الحراس الفدائيون المقربون ويبلغ عدد الحراس 200 شخصاً، يرافقون خامنئي في كل رحلاته وسفراته ويعيشون في محيط قصر المرشد بمنازلهم الفخمة، ويخضع الحراس المقربون لنظام حياة صارم، بمشاعرهم وعلاقاتهم ومحيطهم، أشبه بحراس "المدينة المحرمة" مع بعض الامتيازات لحرس خامنئي.

    المعروف عن خامنئي أنه قليلا ما يغير معاونيه التجاريين، ويبخل في ضخ دماء جديدة في عروق شركاته منعا من التوسع.

الثانية: "حراس العائلة" ويبلغ عددهم قرابة 500 شخصاً، ومهمتهم حماية 40 شخصاً من عائلة خامنئي بدءً من الأبناء والزوجة وعائلتها والأعمام وزوجتاهم والبنات وأبنائهم وزوجاتهم وحتى الأحفاد والأخوال.

عندما يكون خامنئي على سفر، يظل على تماس مع مساعديه، وقد خصص طائرة تقل إليه يوميا من يرسل في طلبه أينما كان، كما يرتفع عدد حراسه، فينقل معه حوالي 1200 حارس، من بينهم فئة الحراس المقربين كلهم، حيث ينتشرون في المنطقة التي يقيم فيها، ويتوزعون على نقاط وأبراج مراقبة طيلة مدة إقامته وعلى مدى 24 ساعة. كما خصص خامنئي للرحلات البرية (كارفان) ضد الرصاص بالطبع، مجهز بغرفتي نوم، وحمامين، ومطبخ صغير.

یوجد أسفل القصر الذي يسكنه خامنئي في شمال طهران، مستشفى كامل التجهيز، يشرف عليه أربعة أطباء مختصين على مدار 24 ساعة، وترافقه في رحلاته البرية سيارة إسعاف ضخمة عبارة عن مستشفى صغير نقال، مجهز بأحدث الأجهزة للحالات الطارئة، وتحوي غرفة عمليات، للرحلات الجوية، جهز خامنئي طائرته الخاصة بما لا يقل أهمية وتطورا عن المستشفى البري عدا أنها تحوي غرفتي عمليات حديثة.

المنازل والخدمات اللوجستية

علاوة على استخدام المرش كل قصور الشاه التي حولتها الثورة إلى متاحف، فقد أضاف إليها أجنحة خاصة أكثر بذخاً واسرافاً من "الشاه". وهو يستعمل كل الأدوات الموجودة فيها خصوصا ملاعق الذهب والأواني الفضية وأكواب الكريستال.

يقع منزل خامنئي الرسمي في شارع باستور في قلب طهران، وقد بنى أسفله ملجأ بعمق 60 مترا، زوده بسقف وجدران عازلة للسلاح النووي، وقد بلغت كلفة مصاعده فقط، 5 ملايين دولار، وكذلك الحال في قصر وكيل آباد في مدينة مشهد.

طائرة ايرباص يملكها خامنئي طائرة ايرباص خصوصية يسافر على متنها وحده، أما عائلته فقد خصص لها طائرة بوينغ 707 ومثلها للحراس، ويملك أيضا خمس طائرات هليكوبتر من نوع فالكون، يبلغ ثمن كل واحدة منها 400 ألف دولار، وحين تحلق إحدى طائراته الخاصة في سماء طهران تتوقف حركة الطيران في مطاراتها، إضافة إلى أسطول الطائرات، يملك خامنئي أسطولا من السيارات، ولديه 17 سيارة ضد الرصاص، و1200 سيارة حديثة.

يهتم أطباء متخصصون بالتغذية،  الخاصة بالمرشد بانتقاء أنواع اللحوم التي ينبغي أن يتناولها خامنئي، وبناء على نصائحهم، فهو يتناول من الأسماك السلمون المرقط، الذي يرسل إليه من مزارع خاصة على ضفاف نهر “لار”، إضافة إلى الكافيار الرشتي، وهو من أجود أنواع الكافيار الإيراني الذي لا يعثر عليه إلا في أوقات معينة من السنة في بحر الخزر مقابل شواطئ مدينة رشت في الشمال، ويرسل إليه بواسطة إمام الجمعة في المدينة.

لا يتناول خامنئي لحم الدجاج والبط أبدا، وينصحه أطباؤه بتناول لحم طيور الدراج والسمان والنعام لخلوها من الدهون والكليسترول. وقد أنفق خامنئي مبلغ 500 ألف دولار على شراء آلة أميركية الصنع لفحص الطعام، تصدر إشارة في حال كان مسموما بعد إضافة مادة كيميائية، وجريا على عادة الملوك والسلاطين فإنه لا يتناول طعامه قبل أن يتذوقه أحد حراسه.

يبلغ عدد الأحصنة التي يملكها خامنئي 100 حصان، ثمنها يناهز 40 مليون دولار، أغلاها ثمنا حصانه المعروف باسم “ذو الجناح” قيمته تتجاوز 7 مليون دولار.

يهوى خامنئي جمع العباءات والعصي والخواتم والغليونات، ولديه تشكيلة منها تساوي أثمانها ملايين الدولارات.

في البدء كان خامنئي مدخنا عاديا، يحمل علبة الدخان في جيب سترته كأي مدخن، أجبره حرصه على “البرستيج” حين أصبح رئيسا للجمهورية على ترك السيجارة، يومها قرر ومير حسين موسوي، رئيس الوزراء آنذاك، أن يقلعا عن التدخين، لكن خامنئي استبدل السيجارة بالغليون، ومنذ ذلك الوقت نشأت علاقة بينه وبين الغليون، وهو يملك حاليا مجموعة كبيرة من الغليونات الثمينة يصل عددها إلى 200 غليون، وتبلغ قيمتها 2 مليون دولار، ثمن أحدها يصل إلى 250 ألف دولار، ويعود تاريخ صنعه إلى 300 سنة، وهو مغطى بالذهب ومرصع بالحجارة الكريمة، وبعضها هدايا من رؤساء جمهوريات وزعماء عالميين. ويملك خامنئي تشكيلة نادرة من الخواتم الثمينة، تعدادها 300 خاتما لا مثيل له في العالم، ثلاثة منها وصلت إليه من مدينة القدس من جهة غير معروفة، تعتبر تحفا فنية تاريخية.

يملك خامنئي أكثر من 170 عصا “أنتيك”، يثمنها بحوالي مليون ونصف المليون دولار، بعضها مرصعة بالجواهر الثمينة ويتجاوز عمرها 170 عاما. ويبلغ عدد العباءات التي يملكها خامنئي 120 عباءة، ثمنها يقارب 400 ألف دولار، إحداها يتجاوز سعرها 30 ألف دولار، وأغلب عباءاته بيضاء اللون، وكلها من وبر الجمل الخالص.

أعلى