نداء تونس ... صراع على مراكز القرار

نداء تونس ... صراع على مراكز القرار

 

مثل صعود حزب نداء تونس ذراع النظام السابق للحكم، أحد نتائج الثورة المضادة،  جاء ذلك إثر  فوزه بأكثرية مقاعد مجلس البرلمان من ثم تولي الباجي قائد السبسي رئاسة البلاد، و منذ ذلك الحين دخل الحزب مرحلة جديدة من تاريخه بعد مرور عامين على نشأته و إعادة هيكلته على نمط نظام الرئيس المخلوع بن علي.

وبدأت الانقسامات والخصومات داخل الحزب تطفو على السطح مع انطلاق مفاوضات تشكيل الحكومة بقيادة الحبيب الصيد الذي واجه انقساما واضحا في داخل الحركة حول إشراك حركة النهضة من عدمها بالحكم، و توسعت رقعة الانقسامات في حركة نداء تونس بعدما أعلن الصيد عن تشكيلة حكومته النهائية والتي انضمّت إليها حركة النهضة، وهو ما خلق حالة من الغضب لدى جزء من النواب والقيادات داخل الحركة .   

وظهر الصراع الداخلي الخفي بين قادته، في ظل تواجد أكثر من توجه و تيار يبحث عن نفوذ متزايد  بالحزب، بين شق أول  تجمعي و ثاني دستوري و ثالث يساري، ومثلت التهديدات بالانسحاب من الحزب التي قدمها وزير الخارجية الحالي  و الأمين العام لنداء تونس الطيب البكوش  قبيل تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الحبيب الصيد، مثلت أولى بوادر الخلافات، و أصبح  الحزب مهددا بالانقسام بسبب الخلافات القائمة بين قادته حول مراكز القرار.       

 بدوره خرج عمر صحابو القيادي بنداء تونس عبر وسائل الإعلام التونسية، لينتقد سياسة حزبه و قادته على رأسهم سياسة الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي  الذي ترك فارغا كبيرا بالحزب إبان توليه رئاسة الجمهورية.                  

وبات جليا بأن الحزب يواجه أزمة قيادة حقيقية بسبب النزاع بين هيئاتها التأسيسية التي تتكون من 14 عضوا، وبين عدد كبير من نواب الحزب وأعضاء المكتب التنفيذي وأعضاء التنسيقيات الجهوية، إذ يسعى كل طرف للوصول لمركز القرار الذي يعد أحد أهداف كل طرف منهم  .     

 و اتضحت الخلافات حتى داخل عمل الحكومة و الرئاسة التي يقودها حزب نداء تونس،  بعد أن انتقد الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي عمل وزير الشؤون الخارجية و الأمين لنداء تونس الطيب البكوش في مسألة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول العربية .

 ووجهت أحد أعضاء حزب نداء تونس رجاء بن سلامة بداية هذا الأسبوع انتقادات كبيرة لأبن الرئيس التونسي الحالي حافظ قائد السبسي و قالت " حافظ قائد السبسي يريد الخراب للحزب و يبحث عن الاستحواذ عليه و السيطرة  بإسم الدستوريين و هو ما سنكون له بالمرصاد و سنفشل أي محاولة تسلق على حساب الحزب و إعادته إلى أجندات قديمة".   

و قام الحزب بتجميد وقتي لنشاط العضو خالد شوكات إثر سوء التفاهم الحاصل داخل الهيئة، حيث يتبادل الجميع التهم بعرقلة عمل الحركة، و يذكر كون خالد شوكات تناوب على العمل بأكثر من حزب، الأمر الذي جعله محل انتقاد لدى الرأي العام وحاليا داخل حزيه الجديد.

و حول سبب الصراع و النزاع الداخلي بالحزب،  يقول عضو المكتب التنفيذي والمحامي الشخصي للسبسي عبد الستار المسعودي، إنّ "تسيير الهيئة التأسيسية للحزب غير ديمقراطي وينم عن عقلية تسعى لاحتكار سلطة القرار و الاستحواذ عليها ".

من جهة أخرى، يقول المدير التنفيذي لحركة نداء تونس وعضو الهيئة التأسيسية بوجمعة الرميلي "إنّ حركة نداء تونس تواجه أزمات قديمة منذ نشأتها وتمثلت في صعوبة الدمج بين الروافد المختلفة التي تشكلها"، و يضيف الرميلي " أنّ حزبه أصبح يواجه صراع مواقع عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية وخصوصا عقب تقديم الباجي قايد السبسي استقالته من الحزب للتفرغ لمنصب رئاسة الجمهورية".

فنداء تونس تتكون من خليط غير متجانس شكله دستوريون بعقلية قديمة  وتجمعيون يمثلون النظام السابق الذين أجرموا في حق الشعب التونسي لطيلة 23 سنة من الحكم  ويساريون ونقابيون ومستقلون وحقوقيون اتحدوا لمعارضة حكومة الترويكا بقيادة حركة النهضة خلال الفترة الانتقالية الأخيرة .        

و فتحت نار التصريحات بين كل الأطراف داخل الحزب في ظل الخليط الأيديولوجي الموجود ، إذ يسعى الشق التجمعي بالخصوص إلى السيطرة و النفوذ، وإن تم لهم ذلك سيكشف حتما عن مرجعية الحزب للنظام السابق و مواصلة العمل وفق النهج القديم و سير نظام الديكتاتورية الأسبق .      

و لا يزال حزب نداء تونس ينتظر عقد مؤتمره الثاني بعد التأسيس و النشأة، الذي سيكون هذه المرة  حاسما و مهما في تاريخ الحزب،  الحاكم بالأكثرية في مجلس البرلمان و المستحوذ على الرئاسات الثلاث، رئاسة البرلمان لمحمد الناصر و رئاسة الحكومة للحبيب الصيد و رئاسة الجمهورية للباجي قائد السبسي، حيث ينتظر أن تحسم العديد من المسائل الداخلية و تطويق الأزمة ، لكن ذلك يبدو صعبا في ظل تواصل الصراع بين مختلف التوجهات و الأطراف .

أعلى