الحرب على

الحرب على "داعش" ستعزز مكانة إيران


في الوقت الذي تسارع فيه دول عربية للانضمام للحرب الأمريكية على "داعش"،فأن نخباً صهيونية ترى أن إيران ستكون أكبر الرابحين من هذه الحرب. ونقلت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر الأحد الماضي في مصداقية تشديد الإدارة الأمريكية على أنها لن تستعين بإيران في هذه الحرب،مشيرة إلى أن الجميع يعي أنه بدون الدعم الإيراني،فأن قدرة الولايات المتحدة على ضرب "داعش" في العراق،على وجه الخصوص ستكون محدودة.

وحسب منطق هذه النخب،فأنه كلما أحس الغرب، وبشكل خاص الولايات المتحدة بأهمية وضع حد لتهديد "داعش"،فأن هذا سيخدم مصالح إيران وسيعزز من مكانتها الإقليمية بشكل كبير.وتنطلق هذه النخب من افتراض مفاده أنه يكاد من المستحيل أن يتمكن الغرب من مواجهة "داعش" دون الاستعانة بخدمات إيران بشكل كبير،وهذا ما سيمنح القيادة الإيرانية القدرة على "ابتزاز" الغرب ودفعه لتقديم تنازلات في كثير من الملفات.

 ويجزم ناحوم شليف، الباحث في "مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا" إنه سيكون بإمكان طهران مطالبة الولايات المتحدة بدفع ثمن لقاء الخدمات التي تقدمها هي أو الجماعات الشيعية العاملة في العراق. ويوضح شليف في مقال نشره موقع "وللا" الاخباري  الخميس الماضي أنه مقابل أي دور في مواجهة "داعش"، فأن الإيرانيين سيطالبون واشنطن بإبداء مرونة في محادثات "جنيف" الهادفة للتوصل لاتفاق نهائي بشأن برنامج طهران النووي، إلى جانب اشتراطهم رفع العقوبات الاقتصادية مقابل التعاون في مواجهة "داعش".

 ولا يستبعد شليف أن تطلب إيران من الولايات المتحدة ممارسة ضغوط على الدول العربية التي تقدم دعماً للقوى التي تقاتل النظام في سوريا لوقف تقديم الدعم لها. وينوه شليف إلى أنه على الرغم من أن الكيان الصهيوني لا يمكنه أن يذرف دمعة واحدة في حال تعرضت "داعش" لضربة أمريكية قوية،إلا أنه يشير إلى ضرورة إلا يسفر هذا الواقع عن تعزيز مكانة إيران الإقليمية.

ويلفت شليف الأنظار إلى أن القضاء على "داعش" في هذا الوقت تحديداً يعني التأثير سلباً على مصلحة الكيان الصهيوني المتمثلة في إطالة أمد المواجهة الداخلية في سوريا،والعمل على تأجيل حسمها،على اعتبار أن هذا من شأنه إضعاف كل الأطراف،ويمكن تل أبيب من اعداد البدائل الكفيلة بمواجهة الواقع في سوريا. ويوضح شليف أن حسم المواجهة في الوقت الحالي لصالح نظام الأسد سيمثل تحدياً أمنياً وسياسياً للكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن هذه النتيجة تعني تعزيز المحور الإيراني في المنطقة.ومما يدلل على أن  الكيان الصهيوني ينظر بخطورة إلى إمكانية أن تبدي واشنطن مرونة بشأن برنامج إيران النووي بتأثير متطلبات مواجهتها مع "داعش. لكن هناك من المعلقين الصهاينة من يرى أن مواجهة "داعش" يمكن أن تقرب بين طهران وتل أبيب وليس العكس.

وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف" الأحد الماضي نوه يوسي ميلمان، معلق الشؤون الاستخبارية إلى هناك العديد من القواسم المشتركة بين إيران والكيان الصهيوني التي يمكن أن تسمح لهما بالتعاون مستقبلاً. وحسب ميلمان، فأن هناك دلالة كبيرة للاجتماع الذي عقده مؤخراً وزير خارجية إيران محمد ظريف مع رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني في عاصمة الإقليم "أربيل"، حيث أعلن برزاني أن طهران تزود الأكراد بسلاح وذخائر لمواجهة "داعش"، وهو ما يقوم به الكيان الصهيوني أيضاً.

ونوه ميلمان إلى حقيقة أن إيران والكيان الصهيوني تتشاركان نفس الهدف في سوريا،وهو عدم السماح  بسيطرة الحركات "الجهادية" على مقاليد الأمور،معتبراً أن نجاح قوى المعارضة المسلحة بالسيطرة على الحدود مع الكيان الصهيوني مؤخراً فاقم من خطورة الوضع بشكل غير مسبوق. ويضيف ميلمان أنه على الرغم من أن مصلحة الكيان الصهيوني تتمثل في إضعاف إيران وحزب الله،إلا أن لها مصلحة أكبر في عدم تمكين الحركات الجهادية من السيطرة على سوريا أو معظم أجزائها. وينقل ميلمان عن محافل استخبارية صهيونية قولها إن السماح بتمركز الحركات الجهادية في سوريا يعني أنها ستكون مسألة وقت قبل أن تتمكن هذه الحركات من بناء قواعد لها في جنوب لبنان،واستهداف الكيان الصهيوني انطلاقاً من هناك.

في الوقت ذاته اتهمت  الحكومة الصهيونية الرئيس التركي طيب رجب أردوغان بأن كل ما يعنيه هو أن يتم اسقاط نظام بشار الأسد لتسقط سوريا في أيدي الإسلاميين. ونقلت الإذاعة العبرية اليوم الثلاثاء عن محافل رسمية في تل أبيب قولها أن رفض أردوغان  الانضمام للحرب التي أعلنتها الولايات المتحدة على تنظيم "الدولة الإسلامية" يأتي بناءً على هذا الاعتبار. وأشارت المحافل إلى أنه في الوقت الذي وافقت الدول العربية: مصر والعراق والأردن ولبنان والدول الخليجية الست على المساهمة في الحرب على "داعش" إلا أن أردوغان لم يبدي حماسة كبيرة للحملة وأخذ يضع شروطاً على طابع تعاونه مع الأمريكيين.

وأكدت المحافل أن الإدارة الأمريكية لازالت تراهن على قدرتها على إقناع حكومة أنقرة بالمشاركة بشكل فاعل في الحرب على "داعش". وعزت المحافل سلوك أردوغان إلى خلفيته الأيدلوجية كإسلامي وبسبب تأييده للحركات الإسلامية وضمنها جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس، مشيرة إلى أن أردوغان يأمل أن تسقط سوريا في يد الجماعات القريبة من "الإخوان المسلمين".

وشددت المحافل على أن سلوك أردوغان يدلل على أن تركيا اختارت أن تدعم الحركات الإسلامية ذات النزعة المعادية للغرب.من ناحية ثانية نقلت صحيفة "جيروسلم بوست" في عددها الصادر اليوم الثلاثاء عن فرانسيك ريكاردون، السفير الأمريكي السابق في أنقرة قوله أن تركيا تؤيد تنظيم "جبهة النصرة"،الذي وصفه بالفرع السوري لتنظيم "القاعدة".

ونقلت الصحيفة عن البرفسور إفرايم عنبار، مدير "مركز بيغن السادات للدراسات الإستراتيجية" التابع لجامعة "بار إيلان" قوله إن أردوغان لا يتصرف كحليف للغرب. واضاف عنبار: "كل سلوك تركيا تحت قيادة اردوغان يشذ عن الطابع العالم للدول الأعضاء في حلف ناتو،حيث أنها تؤيد حماس ولا تلتزم بقرار مقاطعة إيران، وتتعاون مع الصين وتشتري منها منظومات دفاعية".

وشدد عنبار على أن أردوغان يريد أن يؤكد أنه وعلى الرغم من أن تركيا عضو في حلف "الناتو" إلا أن لها سياسات مستقلة عن الغرب في كل ما يتعلق بالموقف من قضايا المنطقة.ونقلت الصحيفة أيضاً عن مخيائيل روبين،الباحث في مركز "إنتربرايز" والمسؤول الرفيع السابق في وزارة الدفاع الأمريكية قوله أن تركيا ترفض وصف تنظيم "داعش" بـ "التنظيم الإرهابي". وزعيم روبين أن أردوغان يميل إلى تنظيم "داعش" أكثر من ميله لحلف الناتو لأن الرئيس التركي "يريد احتضان التطرف الإسلامي".

أعلى