• - الموافق2024/04/19م
  • تواصل معنا
  • تسجيل الدخول down
    اسم المستخدم : كلمة المرور :
    Captcha
الربيع العربي.. النافذة التربوية

الربيع العربي.. النافذة التربوية


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.. إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون{، }يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً{، }يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً{.

محاور المبحث:

أولاً: المدخل.

ثانياً: الاختلاط.

ثالثاً: الجريمة.

رابعاً: الصحة.

خامساً: الفقر.

سادساً: التعليم.

المحور الأول: المدخل:

هؤلاء الناس الذين خرجوا إلى الساحات وخرجوا في المظاهرات وفي الشوارع ورفعوا اللافتات ووزعوا المنشورات في كل مكان؛ ضموا ألواناً شتى من فئات المجتمع كافة وبأفكار مختلفة؛ فمنهم الإسلاميون، ومنهم الليبراليون، ومنهم القوميون، ومنهم العلمانيون. وكل فصيل من هذه الفصائل أيضاً بشرائحها المختلفة وكل فرد فيها له وضع اجتماعي معين وحالة اجتماعية خاصة به، وهذه الحالة الاجتماعية قد تتوافق مع حالة اجتماعية خاصة بزميله في التيار، وقد لا تتوافق؛ فهناك مجموعة من حالة اجتماعية صغيرة مندرجة في حالة اجتماعية كبيرة تمثل وضعاً اجتماعياً لتيار ونظرة اجتماعية لتيار. التيار الليبرالي ينظر إلى المجتمع وحركة المجتمع من خلال أفكاره الليبرالية، ومن ثم سيكون تحليله للوضع الاجتماعي من هذه الوجهة، كذلك التيار الإسلامي تكون نظرته إلى الواقع الاجتماعي من وجهة نظر إسلامية، ومن ثم فإن تحليله للواقع الاجتماعي وما ينبغي عليه أن يكون؛ نابعٌ أيضاً من هذه المنبع، والفرق المختلفة كلها تصب في هذا الإطار.

 إذاً خرج عدد كبير من الناس نادوا بإسقاط هذه الأنظمة وهم بخلفيات اجتماعية منوعة ومختلفة وبرؤى متفاوتة، ومن ثم فإنه عند سقوط النظام في تونس مثلاً، وسقوط النظام في ليبيا، وسقوط النظام في مصر، وسقوط النظام في اليمن، وسقوط النظام في سورية قريباً إن شاء الله؛ عندما تسقط تلك الأنظمة ستصل فئة أخرى إلى الحكم بإرادة شعبية وسوف تنظر إلى الواقع الاجتماعي الموجود في ذلك البلد: في تونس.. في مصر.. في ليبيا.. في اليمن.. في سورية.. إلخ؛ من خلال تحليل خاص بالمنطلق وعلى هذا الأساس سوف يكون هناك تفاوت في الحلول التي سوف تطرح في القضايا الاجتماعية.

وهناك أشياء تعد تقريباً مشتركة بين الفصائل كافة رغم اختلاف المشارب الفكرية، وأقصد أن العائلة الليبرالية تعاني التفكك، وكذلك العائلة الإسلامية تعاني المرض نفسه، والعائلة العلمانية، وهناك تفكك عائلي بسبب طبيعة الأوضاع والظروف والرؤى، وهناك تفكك عام، ويؤكد هذا الشيء أن عدد حالات الطلاق الموجودة التي سنتعرض لها في محاضرات مقبلة؛ كبير جداً، وإذا أردت أن تعرف ما المدى المؤثر في حالة تفكك لبنة عائلية فعليك أن تنظر إلى الأرقام الخاصة بالطلاق من خلال الإحصاءات التي تصدرها المحاكم، من خلال معرفة كم زيجة حصلت وكم طلاقاً حصل في مدة من كذا إلى كذا.

ولما نقول "طلاق" فهذا يعني تفككاً عائلياً، وحتى العائلة التي لم تتفكك بالطلاق قد تكون تفككت بالأواصر الداخلية، فالأب في مكان، والابن في مكان ثانٍ، والأم في مكان آخر، وكل واحد في رأي، وكل واحد في جهة، وقد لا يجتمعون، وربما عائلة لا تجتمع في منزل وهي عائلة.

وهناك تفكك في الجانب الاجتماعي انعكس على السلوك، فالعائلة الليبرالية والبيت الليبرالي لهما سلوك معين بالنسبة للوضع الاجتماعي فيما يتعلق بالتلفزيون والتماثيل المنصوبة والصور المعلقة في البيت، وإذا دخلت بيتاً إسلامياً فسوف تجد فيه مظاهر للجانب الإسلامي؛ تجد لوحات مكتوباً عليها بسم الله الرحمن الرحيم وآيات قرآنية، إلى آخره، وقد تجد في بيت إسلامي تماثيل وصوراً بسبب عدم التزام أهل البيت بالدين.

وللسلوك الاجتماعي نوافذ تطل عليه من الجهات كافة وتغذيه، ومن هذه النوافذ: السياحة، والتلفزيون، والفن بأنواعه: المسارح والغناء والرقص والسينما.. إلخ، وهذه النوافذ تسمح لرياح الغرب والشرق بأن تهب على بلادنا من الخارج لتؤثر في عقل المسلم وقلبه ومشاعره وسلوكه وتصرفاته، فإذاً نحن انعكاس لحالات وافدة من الخارج تحرك المجتمع والعائلة والقبيلة والناس جميعاً بدوافع تأتيهم من الخارج، ومن ثم فإن من يسيطر على هذه الرياح التي تأتي من الخارج يستطيع أن يتحكم بنا داخلياً واجتماعياً ويحركنا كما يشاء.

وفي الوقت نفسه فإن الواقع الاجتماعي الذي نحن فيه الآن ليس واقعاً يتحاكم عند الاختلاف إلى الشريعة الإسلامية، وإنما يتحاكم إلى التشريعات العلمانية التي لا تستطيع أن تحل المشاكل الاجتماعية؛ فلو أتيت بليبرالي وسألته: هل تستطيع القوانين الوضعية التي تدعو أنت إليها حلَّ قضية الطلاق؟ لعجز عن الجواب؛ لأن القوانين تلك لم تفلح في كبح ظاهرة الطلاق.

لكننا نحن المسلمين عندنا تشريعات إلهية تتعلق بالبنية الشخصية للفرد وبالبنية الاجتماعية للعائلة، والبنية المتكاملة للمجتمع، وتشريعاتنا مضبوطة بنصوص من الكتاب والسنة بشكل كامل وتام.

ومن ثم عندما يتجاهل الحاكم أو المشرع التشريعات التي جاءتنا من الكتاب والسنة والتي تتحكم بشكل طبيعي بمجريات الطبيعة الإنسانية التي خلقها الله سبحانه وتعالى وأنزل لها التشريعات، وأخذ بتشريعات أخرى من الخارج غير موافقة لحقيقة الفطرة الإنسانية؛ يحصل عندنا تفكك كبير جداً.

إذاً من المشاكل الاجتماعية التي نعانيها أننا بعيدون عن التشريعات الإسلامية، وهذه من التحديات التي ستقابل الإسلاميين إذا وصلوا إلى دفة الحكم.

وهناك ضوابط وضعها الشرع تتعلق بحفظ المصالح المتعلقة بالواقع الاجتماعي، من ذلك مثلاً: حفظ العرض، وحفظ العقل، وحفظ المال، أي لأجل حفظ العرض هناك تشريعات خاصة بالزنا، ولأجل حفظ العقل هناك تشريعات خاصة بحد شرب الخمر، وبالنسبة للمال فهناك تشريعات خاصة بالسرقة وبالحرب على الربا.. إلخ. إذاً نحن أمام واقع اجتماعي مشتت مفرق ومشاربه مختلفة وتوجهاته متباينة.

المحور الثاني: الاختلاط:

الموضوعات التي تتعلق بالاختلاط وسوف أتكلم عنها هي ما يلي:

أولاً: السياق تاريخي. وفيه خمس محطات:

المحطة الأولى: النصف الأول من القرن السادس.

المحطة الثانية: القرن التاسع الهجري.

المحطة الثالثة: بعد دخول الاستعمار.

المحطة الرابعة: تسلسل تاريخي في هذا الموضوع.

المحطة الخامسة: الاختلاط في التعليم.

هذا كله تحت عنوان سياق تاريخي.

ثانياً: الإحصاءات.

ثالثاً: الشهادات.

رابعاً: النتائج والتعليقات.

والنصوص التي سوف أستشهد بها في هذه المحاضرة مقتبسة من كتابين: الأول: بعنوان (الاختلاط بين الجنسين، للدكتور خالد بن عثمان السبت)، والثاني: لأخيكم الفقير وهو بعنوان (الإسلاميون والاختلاط) وقد كتبته في الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي.

وأبدأ أولاً بالسياق التاريخي:

السياق التاريخي معروف لديكم في الحقيقة؛ لأن الاختلاط ناجم في الأساس عن عدم الالتزام بالحجاب، والحجاب قد جاءت نصوصه في الكتاب والسنة في أماكن كثيرة جداً لكن سأقتبس شيئاً بسيطاً جداً للسرعة والتمثيل، قال تعالى عندما أمر المرأة بالحجاب: }ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن{ إلى آخر الآيات. وقال سبحانه: }يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين{، وقال تعالى: }وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب{.

واختلفت الأقوال في شمول الحجاب لوجه المرأة وكفيها على أقوال مختلفة وليس هذا محل تفصيل ذلك.

وأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات بأن يغض بعضهم بصره عن بعضهم الآخر من غير المحارم فقال تعالى: }قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم{، وقال في النساء: }وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن{، وأمر تعالى النساء أن لا يخضعن بالقول وأن يقلن قولاً معروفاً وأن يقرن في بيوتهن ولا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى فقال سبحانه: }يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى{، قال ابن كثير في التفسير: "هذه آداب أمر الله بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك". وهذه الآيات نزلت في ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة فعليكم أن تنتبهوا إلى تاريخ نزول بعض النصوص التي كان فيها اختلاط أو شيء من هذا القبيل.

فكيف طبق الصحابيات هذه الآيات التي نزلت، وكيف استقبل المجتمع المسلم في المدينة هذه التشريعات؟

روى البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله }وليضربن بخمورهن على جيوبهن{ شققن مروطهن فاختمرن بها.

قال الحافظ في الفتح في قولها فاختمرن: أي: فغطين وجوههن.

 وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع.

وقال الفراء: "كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار".

ونقفز بكم ستة قرون فالوقت لا يسع لئن أقول لكم ماذا حصل وهو مكتوب عندي، ففي النصف الأول من القرن السادس الهجري يقول ابن عربي رحمه الله: "ولقد دخلت نيفاً على ألف قرية من برية فما رأيت نساء أصون عيالاً ولا أعف نساء من نساء نابلس، فإني أقمت فيها أشهراً فما رأيت امرأة في طريق نهاراً إلا يوم الجمعة، فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهن، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى يوم الجمعة الأخرى". هذه محطة في القرن السادس، وأنتقل بكم الآن إلى محطة أخرى على خلاف ذلك في القرن التاسع حيث يقول الشيخ الإمام العلامة بدر الدين أبو محمد بن أحمد العيني المتوفى سنة 855 هجرية وصاحب الكتاب المشهور (عمدة القاري شرح صحيح البخاري)؛ في شرحه لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت بني إسرائيل) الحديث. ووصف حال زمانه في القرن التاسع فقال: "لو شاهدت عائشة رضي الله تعالى عنها ما أحدث نساء هذا الزمان من أنواع البدع والمنكرات لكانت أشد إنكاراً ولا سيما نساء مصر فإن فيهن بدعاً لا توصف ومنكرات لا تمنع منها، ثيابهن من أنواع الحرير المنسوجة أطرافها من الذهب والمرصعة باللآلئ وأنواع الجواهر، وما على رؤوسهن من الأقراص المذهبة المرصعة باللآلئ والجواهر الثمينة، والمناديل الحرير المنسوج بالذهب والفضة الممدودة، وقمصانهن من أنواع الحرير الواسعة الأكمام جداً السابلة أذيالها على الأرض مقدار أذرع كثيرة بحيث يمكن أن يجعل من قميص واحد ثلاثة قمصان وأكثر، ومنها مشيهن في الأسواق في ثياب فاخرة وهن متبخترات متعطرات مائلات متزاحمات مع الرجال مكشوفات الوجوه في غالب الأوقات، ومنها ركوبهن على الحمير الغرة وأكمامهن سابلة من الجانبين في أزر رفيعة جداً، ومنها ركوبهن على مراكب في نيل مصر وخلجانها مختلطات بالرجال وبعضهن يغنين بأصوات عالية مطربة والأقداح تدور بينهن، ومنها غلبتهن على الرجال وقهرهن إياهم وحكمهن عليهم بأمور شديدة، ومنهن نساء يبعن المنكرات بالإجهار ويخالطن الرجال فيها، ومنهن قوادات يفسدن الرجال والنساء ويمشين بينهن بما لم يرض به الشرع، ومنهن صنف بغايا قاعدات مترصدات للفساد، ومنهن صنف دائرات على أرجلهن يصطدن الرجال، ومنهن نصف سوارق من الدر والحمامات، ومنهن صنف سواحر يسحرن وينفثن في العقد، ومنهن بياعات في الأسواق يتعايطن بالرجال، ومنهن دلالات نصابات على النساء، ومنهن صنف نوائح ودفافات يرتكبن هذه الأمور القبيحة بالأجرة، ومنهن مغنيات يغنين بأنواع الملاهي بالأجرة للرجال والنساء، ومنهن صنف خطابات يخطبن للرجال نساء لها أزواج بفتن يوقعنها بينهم، وغير ذلك من الأصناف الكثيرة الخارجة عن قواعد الشريعة، فانظر إلى ما قالت الصديقة رضي الله تعالى عنها من قولها: لو أدرك رسول الله ما أحدثت النساء، وليس بين هذا القول وبين وفاة النبي إلا مدة يسيرة، على أن نساء ذلك الزمان ما أحدثن جزءاً من ألف جزء مما أحدثت نساء هذا الزمان" هذا كلام العيني. فماذا سوف يقول العيني لو جاء ورأى ما يجري الآن، وكلامه هذا ليس مقصوراً على مصر فقط وإنما هو وصف لما رآه فيها، وقد كانت هذه الأشياء منتشرة في أماكن كثيرة للأسف.

وأنتقل بكم الآن إلى مرحلة أخرى قريبة جداً في القرن قبل الماضي حيث قال الجبرتي رحمه الله في معرض ذكر الاحتلال الفرنسي لمصر: "كانوا يمشون في الشوارع مع نسائهم وهن حاسرات الوجوه لابسات الفستانات والمناديل الحرير الملونة، ويسدلن على مناكبهن الطرح الكشميري والمزركشات المصبوغة، ويركبن الخيول والحمير، ويسوقنها سوقاً عنيفاً مع الضحك والقهقهة ومداعبة المكارية معهم وحرافيش العامة، فمالت إليهم نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل والفواحش، فتداخلن معهم لخضوعهم للنساء وبذل الأموال لهن، وكان ذلك التداخل أولاً مع بعض احتشام وخشية عار ومبالغة في إخفائه، فلما وقعت الفتنة الأخيرة بمصر وحاربت الفرنسيس بولاق وفتكوا في أهلها وغنموا أموالها وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات وصرن مأسورات عندهم، فزينوهن بزي نسائهم وأجروهن على طريقتهن في كامل الأحوال، فخلع أكثرهن نقاب الحياء بالكلية وتداخل مع أولئك المأسورات غيرهن من النساء الفواجر"، كما جاء هذا في كتاب عجائب الآثار في المجلد الثالث صفحة 262، 263.

ويقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - رحمه الله: "وكان بداية السفور بخلع الخمار عن الوجه في مصر ثم في تركيا ثم في الشام ثم في العراق وانتشر في المغرب الإسلامي وفي بلاد العجم ثم تطور إلى السفور الذي يعني الخلاعة والتجرد من الثياب الساترة لجميع البدن فإنا لله وإنا إليه راجعون".

ويقول الدكتور محمد البرازي: "لقد بدأت مؤامرة السفور بالدعوة إلى كشف الوجه، وامتدت إلى الجلسات المختلطة المحتشمة – مختلطة لكن محتشمة يعني نساء محتشمات –، ثم إلى السفر مع غير محرم بدعوة الدراسة في الجامعة، ثم زينت الوجوه المكشوفة بأدوات الزينة، وبدأ الثوب ينحسر شيئاً فشيئاً حتى وقعت الكارثة، فخرجت المرأة سافرة عن مفاتنها كاشفة عن المواضع التي أمر الله بسترها حتى أضحت عارية".

ويقول المنفلوطي: "لقد كنا وكانت العفة في سقاء من الحجاب موكوء، فما زلتم به تثقبون في جوانبه كل يوم ثقباً والعفة تسيل منه قطرة قطرة حتى تقبض وتكرش، ثم لم يكفكم ذلك منه حتى جئتم اليوم تريدون أن تحلوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة" يعني من الحياء.

وقال الطنطاوي في كتابه (الذكريات) عن تركيا: "قال قائلهم أول الأمر ما دام الرجل التركي لا يقدر أن يمشي علناً مع المرأة التركية على جسر جلدة وهي سافرة الوجه فلست أعد في تركيا دستوراً ولا حرية"، يعني في ذلك الوقت كان النساء يغطين وجوههن فما دام هذا الأمر قائماً فلا توجد حرية! وقال: "ثم بعد هنيهة قال الآخر: ما دام الفتاة التركية لا تقدر أن تتزوج بمن شاءت ولو كان من غير المسلمين بل ما دامت لا تعقد مقاولة مع رجل تعيش وإياه كما تريد مسلماً أو غير مسلم، فإنه لا تعد تركيا قد بلغت رقياً"، انظروا كيف الفكر العلماني كيف الفكر الليبرالي يقدح الشرار الحارق في جسد هذه الأمة منذ تاريخ طويل؟ يقول الطنطاوي أيضاً: "وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن وتكوين أجسادهن، ثم من تشرف على تربيته النساء يلازمه أثر هذه التربية حياته كلها، يظهر ذلك في عاطفته وفي سلوكه وفي أدبه إذا كان أديباً".

ويتحدث الشيخ محمد رشيد رضا أيضاً عن تركيا فيقول: "حدثني الأمير شكيب أرسلان في جنيف سويسرا عن طلعت باشا الصدر الأعظم (رئيس وزراء الدولة العثمانية) أن عاهل الألمان لما زار الآستانة (إسطنبول) في أثناء الحرب (العالمية الأولى) ورأى النساء التركيات سافرات متبرجات عَذَلَهُ على ذلك, وذكر له ما فيه من المفاسد الأدبية والمضارة الاقتصادية التي تئن منها أوروبا وتعجز عن تلافيها. وقال له: إن لكم وقايةً من ذلك كله بالدين, أفتزيلونها بأيدكم". يعني: ليس لكم وقاية من هذا الأمر إلا بالدين الإسلامي، كيف تزيلون هذا الدين بأيديكم وتذهب الأمور هكذا هباء.

واجتمع سفير الدولة العثمانية في بلاد الإنجليز مع كبراء القوم فقال أحدهم للسفير: لماذا تصرون على أن تبقى المرأة المسلمة في الشرق الإسلامي متخلفة معزولة عن الرجال محجوبة عن النور؟ فرد السفير العثماني بذكاء وسرعة بديهة: لأن النساء المسلمات في بلادنا لا يرغبن في أن يلدن من غير أزواجهن. فخجل الرجل وسكت.

وننتقل الآن إلى الشام:

قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: "إن وكيلة ثانوية البنات جاءت إلى المدرسة سافرة فأغلقت دمشق كلها حوانيتها! – امرأة أسفرت عن وجهها فصار إضراب عام – وخرج أهلها محتجين متظاهرين حتى روعوا الحكومة، فأمرتها بالحجاب وأوقعت عليها العقاب مع أنها لم تكشف إلا وجهها"، في المقابل سلط حافظ الأسد في الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي زبانيته ورجاله على النساء في الشوارع يخلعون حجاب كل امرأة متحجبة بالقوة، فانظروا إلى الفارق بين الحالتين.

أذكر لكم هذا التسلسل التاريخي حتى تعرفوا كيف كان دور الغرب الشنيع في هذه القضية.

وفي عام 1894م - أي في القرن التاسع عشر - نشر فهمي المحامي كتابه (المرأة في الشرق) ونادى فيه بنداءات عدة، منها:

أولاً: القضاء على الحجاب الإسلامي.

ثانياً: إباحة الاختلاط.

ثالثاً: منع الزواج بأكثر من واحدة.

رابعاً: إباحة الزواج بين المسلمات والأقباط.

ثم تبعه قاسم أمين بعد خمس سنوات بكتابه المشهور (تحرير المرأة)، ثم جاء دور لطفي السيد عبر صحيفة جريدة ليكمل المسيرة.

وننتقل الآن إلى قضية حساسة جداً وهي الاختلاط في التعليم.

يقول الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: "ولا بد من التنبيه إلى أن دعاة الإباحية لهم بدايات تبدو خفيفة، وهي تَحْمِلُ مكايد عظيمة، منها في وضع لبنة الاختلاط، يبدؤون بها من رياض الأطفال، وفي برامج الإعلام، وركن التعارف الصحفي بين الأطفال، وتقديم طاقات - وليس باقات - الزهور من الجنسين في الاحتفالات، وإذا كان الاختلاط بين الجنسين في رياض الأطفال مرفوضاً؛ لأنه ليس من عمل المسلمين على مدى تاريخهم الطويل في تعليم أولادهم في الكتاتيب وغيرها؛ ولأنه ذريعة إلى الاختلاط فيما فوقها من مراحل التعليم؛ فالدعوة إلى الاختلاط في الصفوف الأولى من الدراسة الابتدائية مرفوضة من باب أولى، فاحذروا أن تخدعوا أيها المسلمون".

أقول لك يا شيخ بكر رحمك الله: إن هذا الاختلاط قد انتشر وعم المدارس الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية والجامعة وبعد الجامعة وأصبح من أعراف الناس الطبيعية في كثير من الدول الإسلامية.

ويقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله: "بدأ الاختلاط من رياض الأطفال، ولما جاءت الإذاعة انتقل منها إلى برامج الأطفال فصاروا يجمعون الصغار من الصبيان والصغيرات من البنات.

ونحن لا نقول أن لبنت خمس سنين عورة يحرم النظر إليها كعورة الكبيرة البالغة، ولكن نقول أن من يرى هذه تُذَكِّرُهُ بتلك فتدفعه إلى محاولة رؤيتها.

ثم إنه قد فسد الزمان، حتى صار التعدي على عفاف الأطفال منكراً فاشياً، ومرضاً سارياً، لا عندنا، بل في البلاد التي نعدُّ أهلها هم أهل المدنية والحضارة في أوروبا وأمريكا".

ويقول: "ثم سلموا التعليم في المدارس الأولية لـمعلمات بدلاً من المعلمين، ونحن لا نقول إن تعليم المرأة أولاداً صغاراً، أعمارهم دون العاشرة؛ محرم في ذاته" هذا حسب ما يقول علي طنطاوي "لا ليس محرماً في ذاته ولكنه ذريعة إلى الحرام، وطريق إلى الوقوع فيه في مقبل الأيام، وسد الذرائـع من قواعد الإسلام، والصغير لا يدرك جمال المرأة كما يدركه الكبير، ولا يحس إن نظر إليها بمثل ما يحس به الكبير، ولكنه يختزن هذه الصورة في ذاكرته فيخرجها من مخزنها ولو بعد عشرين سنة، وأنا أذكر نساء عرفتهن وأنا ابن ست سنين، قبل أكثر من سبعين سنة، وأستطيع أن أتصور الآن ملامح وجوههن، وتكوين أجسادهن".

ويذكر الشيخ الطنطاوي أنه في عام 1949م حضر إلى إحدى المدارس في دمشق ليلقي فيها درساً إضافياً، فسمع صوتاً من ساحة المدرسة، فتلفت ينظر من النافذة، فرأى مشهداً. قال: ما كنت أتصور أن يكون في ملهى، فضلاً عن مدرسة، وهو أن طالبات أحد الفصول وكلهن كبيرات بالغات قد استلقين على ظهورهن في درس الرياضة، ورفعن أرجلهن حتى بدت أفخاذهن عن آخرها". هذا قبل 60 سنة.

 ويقول الشيخ بكر أبو زيد عن الجامعات في مصر: "وأحمد لطفي الهالك سنة 1382هـ هو أول من أدخل الفتيات المصريات الجامعات مختلطات بالطلاب سافرات الوجوه لأول مرة في تاريخ مصر يناصره في هذا عميد التغريب طه حسين الهالك سنة 1393هـ".

وسأذكر لكم قصتين واقعيتين بخصوص هذا الأمر:

القصة الأول ذكرها الدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله حيث يقول: صارت "نزهة كويز" من تلميذاتي قبل ثلاث سنين، ولما عرفتْ ما أوجب الله عليها من ستر العورة والتمسك بالعفاف عزمت على أن تعصي والديها ولا تعود إلى المدرسة، فلما حان ابتداء السنة الدراسية أخبرت أهلها بذلك، فقالا لها: أجننت؟ كيف تتركين الدراسة بعدما نجحت في السنة الخامسة من الثانوي وتضيعيننا وتضيعي نفسك؟

فقالت لهم: إني قد علمت من دروس الدكتور محمد تقي الدين ابن عبدالقادر الهلالي الحسيني أن ما ترتكبه المدارس الثانوية من إجبار الفتيات على التجرد من ثيابهن بحيث لا تبقى إلا خرقة رقيقة تستر القبل ستراً كالعدم، وأخرى مثلها تستر الدبر ويكون ذلك أمام رجال المدرسة من معلمين وطلاب، ومن يمر بجانب المدرسة من عابري السبيل؛ لا يجوز.

وجاءتني باكية فذهبت إلى طبيب مشهور في مكناس، والتمست منه أن يكتب لها شهادة بأنها مريضة، وأن الرياضة البدنية التي يتستر بها المجرمون في تعرية الفتيات وهن ما بين السادسة عشرة والثانية والعشرين لا تتفق مع صحتها، فلما قدمت الشهادة إلى مدير المدرسة بعثها إلى طبيب فرنسي ففحصها ووجدها صحيحة لا مانع لها من الرياضة البدنية بل التعرية الشيطانية، فرجعت إليَّ باكية أيضاً وكان عندي سبعة من المعلمين في المدارس الثانوية يتلقون دروساً من كتابي (تقويم اللسانين)، فعرضت عليهم المشكلة، فقالوا: إن مدير المدرسة التي تدرس فيها نزهة متدين وقد حج بيت الله فنحن نتوجه إليه ونسأله إعفاءها من درس الرياضة البدنية الذي يتسترون به على كشف عورات النساء وتعويدهن على الوقاحة وقلة الحياء بل عدمه فيصلن بذلك الفجور.

فذهبوا إليه وإلى الحارس العام الذي يشاركه في التصرف - الحارس العام يعني المنتدب من الدولة ليس الحارس هو حارس المدرسة - فاعتذر المدير بأنه يخاف المفتش خصوصاً، وقد ثبت أنها تستطيع أن تلعب الرياضة، فقال الحارس العام: إذا وافقني المدير فنحن نعفيها من ذلك، فأُعفيت من تلك السنة، وكانت تحافظ على صلاة العصر في وقتها فيجتمع عليها سفهاء المدرسة من الرجال والنساء، ويقولون: هذه الجدة جاءت، هذه الحاجة جاءت، تقبل الله؛ استهزاء بها، فلا تبالي بهم، وتؤدي صلاتها بغاية الاطمئنان، لا تألو جهداً أن تصلي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وأذكر لكم قصة أخرى ذكرها المنفلوطي في كتابه العبرات في صفحة 750 من مؤلفاته الكاملة، هذه قصة جرت مع المنفلوطي بينه وبين أحد العائدين من الدراسة في الغرب، وقد ارتضى حياتهم المختلطة ففتح بيته للرجال يغشونه زاعماً بأن امرأته شرسة لا يقدر عليها الرجال، وفي نهاية هذا الاختلاط وقع ما لم يكن في الحسبان. يقول المنفلوطي: "وإني لعائد إلى منزلي ليلة أمس وقد مضى الشطر الأول من الليل إذ رأيته خارجاً من منزله يمشي مشية الذاهل الحائر وبجانبه جندي من جنود الشرطة كأنما هو يحرسه أو يقتاده فأهمني أمره ودنوت منه فسألته عن شأنه فقال:

لا علم لي بشيء سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سبباً وما أنا بالرجل المذنب ولا المريب فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي علني أحتاج بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشؤون؟ قلت: لا أحب إلي من ذلك. ومشيت معه صامتاً لا أحدثه ولا يقول لي شيئاً، ثم شعرت كأنه يزور في نفسه كلاماً يريد أن يفضي به إلي فيمنعه الخجل والحياء ففاتحته الحديث وقلت له: ألا تستطيع أن تذكر لهذه الدعوة سبباً؟ فنظر إلي نظرة حائرة وقال: إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادث فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة وما كان ذلك شأنها من قبل. قلت: أما كان يصحبها أحد؟ قال: لا. قلت: ألا تعلم المكان الذي ذهبت إليه؟ قال: لا. قلت: ومم تخاف عليها؟ قال: لا أخاف شيئاً سوى أني أعلم أنها امرأة غيور حمقاء فلعل بعض الناس حاول العبث في طريقها فشرست عليه فوقعت بينهما واقعة انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة. وكنا وصلنا إلى المخفر فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور فوقفنا بين يديه فأشار إلى جندي أمامه إشارة لم نفهمها ثم استدنى الفتى إليه وقال له: يسوؤني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل وامرأة في حال غير صالحة فاقتادوهما إلى المخفر فزعمت المرأة أن لها بك صلة فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها فإن كانت صادقة أذنا لها بالانصراف معك إكراماً لك وإبقاءً على شرفك وإلا فهي امرأة عاهرة لا نجاة لها من عقاب الفاجرات وها هما وراءك فانظرهما. وكان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته وإذا الرجل أحد أصدقائه، فصرخ صرخة رجفت لها جوانب المخفر وملأت نوافذه وأبوابه عيوناً وآذاناً ثم سقط مكانه مغشياً عليه، فأشرت على المأمور أن يرسل المرأة إلى منزل أبيها ففعل وأطلق سبيل صاحبها ثم حملنا الفتى في مركبة إلى منزله". ثم ذكر المنفلوطي رحمه الله آخر القصة وحاصلها أن الفتى مات كمداً وحسرة من هذه الفضيحة التي اختتم بها حياته.

وننتقل إلى الموضوع الثاني من محور الاختلاط وهو الإحصاءات، حيث سنقدم لكم إحصاءات مهمة عدة تتعلق بقضية الاختلاط.

فقد ألَّف القاضي لنس كتاباً بعنوان (تمرد النشء) من خلال اطلاعه على قضايا كثيرة من جنايات الفتيان على الفتيات؛ كونه كان رئيساً لمحكمة جنايات الصبيان في أمريكا، ومن الأرقام والإحصاءات الخاصة بأضرار اختلاط النساء بالرجال أن 70 إلى 90% من الموظفات العاملات في مختلف القطاعات ارتكبت معهن فاحشة الزنا، وأن 50% ممن أجري معهن استفتاء ممن يعملن في مجال الأمن ارتكبت معهن فاحشة الزنا من قبل رؤسائهن في العمل، حتى الجامعات وأماكن التربية والتعليم لم تسلم من هذه الموبقات، فأستاذ الجامعة يرتكب الفاحشة مع طالبته، والطلاب يفعلون ذلك مع الطالبات والمعلمات بالرضى أو الإكراه، وهذه الإحصاءات والأرقام رغم ارتفاع معدلاتها فهي قبل أكثر من ربع قرن من الزمان؛ فما الحال الآن؟

وكان لنس يتكلم عن أمريكا ولكن هذا الشيء انتقل إلينا للأسف، ففي إحدى الدول العربية أجريت دراسة ميدانية في بعض الجامعات المختلطة كشفت عن أن أكثر من 40% من الطلاب والطالبات عينة البحث يرتبطون بعلاقات عاطفية ببعضهم، وقال 90% منهم: إنهم متأكدون أن تلك العلاقات لن تنتهي بالزواج.

وتؤكد الدراسات الميدانية في مصر أن نسبة 66% من الفتيات تتعرض للعنف والمضايقات في أماكن عملهن من قبل الرجال. ويأخذ العنف والمضايقة في مجال العمل طابعاً جنسياً يتراوح ذلك ما بين المعاكسة بالكلام والألفاظ في المعاني الجنسية ونسبته 30%، والتحرش الجنسي باللمس 17%، والغزل 20%.

 كما كشفت دراسة علمية جامعية أن 68% من النساء العاملات في الحكومة والقطاع العام بالعاصمة المصرية يتعرضن للتحرش الجنسي من قبل رؤسائهن وزملائهن، سواء كان ذلك بالقول أو العمل، والدراسة قام بها أستاذ علم النفس ظريف شوقي وأستاذ علم النفس المساعد عادل محمد الهريري وقدمت إلى جامعة القاهرة للحصول على ترقية علمية ونشرت في مجلة كلية الآداب المتخصصة في الأبحاث التي يجريها أساتذة الجامعة.

وتكونت عينة الدراسة من مائة موظفة من الأجهزة الحكومية والقطاع العام المقيمات بمدينة القاهرة الكبرى، وتشكل نسبة المتزوجات منهن نسبة 64%، مقابل 33% عانسات، وتمثل أكثر السلوكيات التي اتفقت النساء على وصفها تحرشاً في لمس اليد بطريقة متعمدة 78%، ولمس أجزاء من الجسم 76%، والنظر إلى أماكن حساسة من الجسم 76%، ومحاولة التقبيل 73%، وامتداح القوام 72%، والتهديد والإغراء للتجاوب معه جنسياً 72%.

والملفت للنظر كما ذكرت الدراسة أن 24% من النساء رأين أن لمس جزء من الجسم لا يعد تحرشاً، بينما ذكرت 22% أن لمس اليد ليس سلوكاً تحرشياً  كذلك، بل إن 27% من المشاركات عددن محاولة التقبيل لا تعد تحرشاً، وهو ما يعني حسب الدراسة ارتفاع السقف فيما يعد تحرشاً في أذهانهن ليقتصر فقط على الممارسة الجنسية الكاملة، وهو ما قد يجعلهن أكثر تسامحاً وتحملاً لما عدا ذلك من سلوكيات تعد تحرشاً من وجهة نظر أخريات.

وفي دراسة أعدها مركز دراسات المرأة والطفل بالقاهرة على 1472 فتاة وسيدة؛ أظهرت أن 70% تعرضن لمضايقات وإهانة في مكان عملهن، و40% من المضايقات تأخذ شكلاً جنسياً، و30% معاكسة بالألفاظ الجارحة، و17% تحرش جنسي، و23% يبدين حالة الإحباط والارتباك والخوف بسبب مضايقات فتولد لديهن إحساساً بالإهانة والغضب والرغبة في الانتقام والمواجهة. إذاً هذه إحصاءات تبين الواقع الاجتماعي الذي نبع فيه الربيع العربي.

وننتقل إلى الموضوع الثالث من محور الاختلاط وهو: الشهادات، وسأقرأ لكم شهادات عدة تتعلق بموضوع الاختلاط.

شهادات غربية:

يقول الدكتور صولفن: "إن السبب الحقيقي في جميع مفاسد أوروبا وفي انحلالها بهذه السرعة هو إهمال النساء للشؤون العائلية المنزلية ومزاولتهن الوظائف والأعمال اللائقة بالرجال في المصانع والمعامل والمكاتب جنباً إلى جنب" يعني مع الرجال.

وتقول الدكتورة إيدا إيلين: "إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل تلك الأسرة فزاد الدخل وانخفض مستوى الأخلاق، إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى نظام الحريم هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ جيل جديد من التدهور الذي نسير فيه".

وقالت سلمى الحفار الكزبري إحدى زعيمات الحركة النسائية المعاصرة: "عدت من رحلتي للولايات المتحدة منذ خمسة أعوام، أنا أرثي لحال المرأة التي جرفها تيار المساواة الأعمى فأصبحت شقية في كفاحها لكسب العيش وفقدت حتى حريتها".

وقال قاسم أمين في آخر حياته وهو من أحد دعاة إفساد المرأة: "لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن لاقتفاء أثر الترك بل الإفرنج في نحو تحرير نسائهم، فغاليت في هذا المعنى حتى دعوت إلى تمزيق الحجاب وإلى اشتراك النساء في أعمالهم ومآدبهم وولائمهم، ولكني أدركت الآن خطر هذه الدعوة بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعت خطوات النساء في كثير من أحياء العاصمة والإسكندرية لأعرف درجة احتراف الناس لهن، وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيت فساد أخلاق الرجال بكل أسف ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي واستنفر الناس إلى معارضتي، فرأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها للأسف بالبذاء، ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا تناولتها الأيدي والألسن جميعاً".

وتقول ليلى عثمان وهي كاتبة كويتية معروفة: "سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يسمى حرية المرأة، تلك الحرية التي تكون على حساب أنوثتها وعلى حساب كرامتها وعلى حساب بيتها وأولادها، سأقول إنني لن أحمل نفسي كما تفعل كثيرات مشقة رفع شعار للمساواة بينها وبين الرجل، نعم أنا امرأة، ثم تقول: هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت الذي هو جنة المرأة على أنه سجن مؤبد، وأن الأولاد ما هم إلا حبل من مسد يشد على عنقي، وأن الزوج ما هو إلا السجان القاهر الذي يكبل قدمي خشية أن تسبقه خطواتي، لا أنا أنثى أعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيت ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملة أخدم خارج نطاق الأسرة ولكن يا رب اشهد بيتي أولاً ثم بيتي ثم بيتي ثم العالم الآخر".

ونشرت مجلة الأحد اللبنانية رسالة من أنثى افتتحتها واختتمتها بهذه العبارة: "ليتني لم أكن أنثى". وقالت في ثناياها: "إنني مضطرة لمسايرة بنات جنسي، ولأكسب إعجاب الرجال، أن أطلي وجهي بالأحمر والأبيض والأسود، وإذا ما كنت في مجتمع رجالي حاولت أن أتقمص الشخصية التي تروقهم، فأنا حيناً رصينة هادئة، وطوراً لعوب مغناج، وآونة أخرى ساذجة غريرة، وفي أحيان كثيرة أتصنع الهبل، كل ذلك في سبيل أن أحوز إعجاب كل طائفة من الرجال. ولذا أعجز عن تخطيط شخصيتي أو فهم نفسيتي، ليتني لم أكن أنثى.. إذن لانطلقت في هذا العالم الواسع أمشي على هواي وألبس على هواي وأتحدث على هواي". هذا ما آل إليه الأمر.

وننتقل الآن إلى الموضوع الأخير من محور الاختلاط، وهو: النتائج والتعليقات المتعلقة بالاختلاط:

أولاً: الحجاب والاختلاط مؤشران للوضع العام في الالتزام.

ثانياً: الوضع الحالي عدم الالتزام بالحجاب ومؤشر على:

1- عدم الاحتكام إلى شرع الله.

2-  ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

3- ضعف الإيمان في النفوس.

4-  ضعف الغيرة في القلوب.

5- تأثر بما عند اليهود والنصارى من سفور وتعر وغيرهما.

6- انتشار منابر السفور والاختلاط من قنوات ومقاه وسياحة وشواطئ وإنترنت وسينمات ومسارح وملاه وهواتف نقالة مرتبطة بكل ما في برامج الحواسب.

7- عزوف الأمة عن الجهاد.

8- جمع المال بالحرام.

ثالثاً: بعد ما حصل أثناء تجمعات الربيع العربي وأنتم شاهدتم وكتبت الصحف ما كان يجري أحياناً في الخيام في الليل.

رابعاً: ما هو مخطط الإسلاميين إزاء الاختلاط والحجاب.

أ- التهرب من تبعات المهمة، وهذا حاصل من بعض الإسلاميين.

ب- أقول لمن يتهرب من هذه المهمة انظروا ماذا فعلت إيران الصفوية بالنسبة إلى حجاب النساء كيف حجبت النساء وكيف أمرت بعدم الاختلاط في كثير من مؤسساتها وهي على الباطل.

ج- ما يجب على الإسلاميين فعله:

1. تشريعات حول الموضوع.

2. إجراءات عملية لمنع الاختلاط في الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس والمعاهد وما يمكن فعله في هذا الخصوص.

3. نشر ثقافة تقوى الله بنشر الحجاب وعدم الاختلاط المحرم.

خامساً: أن يكون كل ذلك ضمن خطة عامة لنقل المجتمع نحو السبيل القويم فهو متكامل مع غيره من الإجراءات.

سادساً: لا بد أن يعطى الزمن حقه في الوصول إلى مثل تلك الأهداف فلا بد من تهيئة الساحة والأجواء ضمن تحرك شامل على أساس خطوات مدروسة ومرتبة.

إصلاح الخلل الكبير الذي وقع في الأمن الاجتماعي يكون من خلال:

1-  مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

2-  وأن يكون القيام بتلك المهمة بوساطة الدولة والمؤسسات والنقابات والأفراد، قال تعالى: }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون{، وقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).

3- حصول تصور لدى الإسلاميين الذين أصبحوا الآن في الواجهة السياسية والاجتماعية والشرعية، عن حجم الجهد الذي عليهم أن يقوموا به للإصلاح، وليضعوا لذلك البرامج التفصيلية، مع مراعاة أمور عدة:

الأمر الأول: مستوى الناس الديني.

الأمر الثاني: الإمكانات المتاحة.

الأمر الثالث: المدى الزمني للإصلاح.

الأمر الرابع: التقييم والمتابعة.

الأمر الخامس: الحكمة في إطار مفهوم أن الشريعة مبنية على رفع الحرج، وعلى التيسير، وعلى عدم التنفير.

الأمر السادس: إقامة الحدود الشرعية للوصول إلى الأمن الاجتماعي.

واخترت نموذجاً من نماذج الربيع العربي وهو: مصر.

لماذا اخترت مصر؟ مع العلم بأن ما سوف أقوله بخصوصها يمكن أن ينطبق أيضاً على بقية الدول كتونس، وليبيا، واليمن، وسورية، لكن اخترتها هي بالذات؛ لأنها:

 أولاً: حاضرة العالم الإسلامي، ولها تأثيراتها على العالمين العربي والإسلامي.

ثانياً: لأنها محط الأنظار بعد وصول الإسلاميين إلى الوجهة الإسلامية.

ثالثاً: لارتفاع عدد سكانها فقد بلغ 85 مليوناً تقريباً.

رابعاً: حجم الفساد الذي خلفه حكم العَلْمانيين منذ سقوط الخلافة العثمانية عام 1924م وخاصة فترة حكم العَلْمانيين خلال فترة عبد الناصر والسادات ومبارك على مدى نحو 60 عاماً، وليتبين لنا ماذا خلف هذا النظام من فساد اجتماعي وواقع يحتاج إلى تغيير.

خامساً: قد تكون بلاد عربية أو إسلامية أسوأ حالاً من مصر، وتعالَج كل دول بحسبها.

وأما الملفات التي سأعرضها عليكم الليلة فهي:

الملف الأول: في الواقع الاجتماعي، ويتألف من مباحث عدة، وهي:

الأول: الطلاق.

الثاني: البطالة.

الثالث: الهجرة.

الرابع: الجريمة.

الخامس: الانتحار.

السادس: المخدرات.

السابع: الخمر.

الثامن: الزنا.

التاسع: اللواط.

العاشر: السياحة.

الحادي عشر: موقف أهل الفن من قضيتين: الأولى: صعود الإسلاميين إلى الواجهة السياسية، والثانية: المرأة.

الثاني عشر: الغناء.

الثالث عشر: الرقص.

الرابع عشر: السينما.

الخامس عشر: المسارح.

وهذه الملفات كبيرة جداً وواسعة ولا أستطيع أن أقدمها لكم بالتفصيل في هذا الوقت الضيق، وسأمر عليها مروراً سريعاً.

الملف الأول: الطلاق.

كشف الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء النقابَ عن وجود ما يقرب من مليوني مطلقة في مصر، وأنه يتم كل ساعة عقدُ 87 زواجاً مقابل 16 حالة طلاق.

وذكر الدكتور عزت كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن نسبة الطلاق في مصر في عام 2008م وصلت إلى 45% من حالات الزواج في العام نفسه بزيادة قدرها 20% عن عام 1908م من القرن الميلادي الماضي.

وأوضح الدكتور عزت أن الفضائيات تعد أهم أسباب الخلافات الزوجية وارتفاع نسبة الطلاق، وبيَّن أن أغنيات الفيديو كليب التي تعرضها تلك الفضائيات باستمرار من العوامل الرئيسة للطلاق، حيث إنها تركز على الغرائز الجنسية وإبراز صور المرأة بالشكل الذي يثير الرجل بأساليب مستفزة بداية من الكلمة ومروراً بالحركات الإيحائية الجنسية ونهايةً بمرحلة التصوير للكليبات داخل غرف النوم.

وأكد أن العديد من الزوجات يشعرن بالاستفزاز من الفيديو كليب ويعانين مشكلة مقارنة أزواجهن المستمرة بينهن وبين تلك الفتيات اللاتي يظهرن في الكليبات.

ومن أسباب الطلاق أيضاً زيادة عنف الأزواج في المرحلة الحالية، وسبب ذلك صورة الرجل القاسي التي أصبحت شيئاً طبيعياً في الدراما المصرية.

وبينما عمَّ الطلاق الشرائح الاجتماعية كافة في مصر، إلا أن هناك شرائح برز الطلاق فيها أكثر من غيرها، وفي مقدمتها شريحة الفنانين والفنانات، حيث إن الزواج في هذه الشريحة لا يدوم طويلاً ومثالاً على ذلك: الفنانة اللبنانية كريس ديب، حيث طلقت في الأسبوع نفسه الذي تزوجت فيه، والمطربة الكويتية شمس، وأحمد فيشاوي وزوجته وسام، حيث افترقا بعد شهر فقط من زواجهما، وهند عاكف مع فريد عبد الحميد بعد ستة شهور فقط، وبثينة رشوان بعد أربعة شهور... إلخ.

بالإضافة إلى ذلك حالات الخلع من قبل الفنانات أو زوجات الفنانين.

والطلاق يعني تفكك اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وزيادة عدد النساء المطلقات، ونشر تشرد الأبناء، وانتشار المفاسد الخُلقية، وزيادة نسبة الجريمة، والأمراض النفسية.

ومن الملفات المهمة المتعلقة بالفساد الاجتماعي في مصر: قضية البطالة.

وملف البطالة لديّ ملف كبير جداً ويحوي تقارير عدة، منها:

- تقرير حقوقي أصدره مركز الأرض لحقوق الإنسان كشف فيه عن انهيار خدمات البنية التحتية وخاصة في المناطق الريفية بمصر، حيث وصلت نسبة البطالة في الريف إلى 60%، بينما وصلت معدلات الفقر إلى 75%، في حين تضاعفت معدلات الجريمة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

- تقرير صادر عن معهد البروكنز الأمريكي ذكر أن البطالة الإجمالية في مصر بشكل عام هي في تراجع لكن سجلت معدلات في عام 2009 مقدارها 16.7% مقابل 25% كانت في عام 1998.

- دراسة قدمها الدكتور محمد ناجي حسن خليفة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا بعنوان "البطالة والنمو الاقتصادي في جمهورية مصر العربية"، والدراسة ضخمة جداً وأذكر لكم بعض الأشياء المهمة فيها، حيث قال د. محمد ناجي:"إن اقتصاد مصر يشير إلى وجود ثلاثة مصادر للبطالة، أولاً: القادمون الجدد لسوق العمل والذين يقدر عددهم بنحو 750 ألفاً أو أكثر ولا توجد هناك وظائف تستوعبهم، ورصيد البطالة المتراكم بسبب العجز في توفير فرص العمل للقادمين الجدد، ورصيد البطالة الناشئ عن انكماش بعض الصناعات أو نتيجة لبرنامج الخصخصة، والثالث وحدات انقطاع العام، ووصلت نسبة معدلات البطالة في مصر بين الشباب من عمر 15 سنة إلى 25 سنة؛ إلى 64.5% في عام 2000، والبطالة بين النساء في هذا العمر أكثر منها في الرجال، حيث تصل نسبتها إلى 42.8% من قوة العمل.

والسؤال المطروح هنا: ما أسباب البطالة في مصر؟

والجواب: هناك أسباب عدة، منها:

أولاً: الخلل في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي والضبط الهيكلي.

ثانياً: الخلل في تطبيق برنامج الخصخصة وبيع وحدات القطاع العام.

ثالثاً: الركود الاقتصادي خلال التسعينيات الميلادية من القرن الماضي وما بعدها.

رابعاً: انخفاض المدخرات المحلية والاستثمارات العامة والخاصة والأجنبية.

خامساً: عدم قدرة المشروعات الصغيرة على توفير قدر كافٍ من فرص العمل.

سادساً: انخفاض معادلات البحوث والتطوير اللازمة لتحسين المنتجات وتطويرها.

سابعاً: انخفاض معدلات التصدير ومستوى الجودة.

ثامناً: استمرار عجز الموازنة وتفاقم الدين الداخلي.

تاسعاً: عودة العمالة المهجرة مؤقتاً وخاصة من الدول العربية.

عاشراً: ضعف نظم التعليم والتدريب عن ملاحقة التغير في سوق العمل.

حادي عشر: عدم توفر معلومات دقيقة عن سوق العمل والعمالة.

إذاً هناك بطالة شديدة في مصر، وهذه الحال تؤدي بالطبع إلى: تفتت العائلة، ونمو الجريمة، وتفقد الأمة كثيراً من طاقاتها الفاعلة. ولحل تلك المشكلة لا بد من مشاريع تنموية تستوعب العاطلين، وعلى الإسلاميين الآن أن يفكروا في كيفية توفير سبل عمل شريف وعزيز لهؤلاء الناس.

الملف الثالث: الهجرة من مصر:

هناك هجرة كبيرة من مصر، وذكر تقرير أصدره مكتب المنظمة الدولية للهجرة في مصر أنه بعد الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك ونظامه لم يتغير أمر الهجرة عما كانت عليه من قبل، وقالت ممثلة منظمة الهجرة الدولية في الشرق الأوسط باسكال لوبولي: إضافة إلى الذين فقدوا وظائفهم بسبب الأحداث التي حصلت في مصر فإن ما يقرب من 200 ألف مصري عادوا من ليبيا. وهذا طبعاً سيزيد نسبة البطالة في مصر.

وجاء في تقرير وزارة القوة العاملة والهجرة أن هناك 246 ألف شاب مصري يطلبون الهجرة إلى 14 دولة حول العالم.

ويبلغ عدد المصريين العاملين في الخارج قرابة 2.7 مليون مصري يقيم 70% منهم في دول عربية، ويقيم 30% منهم في أوروبا والولايات المتحدة.

وأما أسباب هذه الهجرة فهي:

أولاً: فقدان الأمل في الحصول على عمل في مصر.

ثانياً: الأمل في تحسين الأوضاع الاقتصادية للعائلة من خلال التحويلات من الخارج.

ثالثاً: وجود طاقات مصرية عظيمة من مختلف التخصصات غير معتنى بها في مصر فيدفعها هذا إلى الهجرة إلى دول العالم وخصوصاً الغربية منها.

ونحن بذلك نصدر طاقات تحت عنوان "الهجرة" إلى أوروبا وإلى أمريكا؛ منهم علماء ذرة، ومنهم علماء كيمياء، وعلماء في الزراعة، وعلماء في الصناعة، وفي الطب، وفي التعليم، وفي غيرها، ويفقد البلد هذه الطاقات لصالح الغرب الذي يدفع مبالغ كبيرة جداً ورواتب كبيرة لمثل هؤلاء لأجل أن يستفيد منهم ويوظفهم لصالح مشاريعه على حساب سوء التنمية التي تمر بها مصر.

الملف الرابع: الجريمة:

وهو أيضاً ملف كبير ومهم حيث يذكر تقرير إحصائي من وزارة العدل المصرية أن الجرائم التي تداولتها المحاكم المصرية بلغت 1.896.594 قضية في عام 2004 فقط، وفي تقرير آخر من مركز الإحصاء القضائي بوزارة العدل ذكر أن قضايا الجرائم بلغ عددها في عام 2004م 15.900.000 قضية، أي 16مليوناً تقريباً، شملت: قضايا مدنية، وجنائية، وأحوال شخصية، والقتل العمد، وجرائم الضرب المفضي إلى الموت، وجرائم الضرب، والسرقات، والشروع في السرقة، وتزييف النقود، وجرائم الاختلاس، والعنف، وهتك العرض، والاغتصاب، وقضايا الأحداث، والقتل العمد بين الأحداث، وقضايا السلاح، والمخدرات، وجرائم النصب، وخيانة الأمانة، وجرائم الإصابة الخطأ، وجرائم السكة الحديدية، وقضايا التنظيم والإدارة، وقضايا التشرد، وجنح الصيدليات، والهروب من المعاقبة، وقضايا المحال العامة والصناعية.. إلخ.

وارتفعت المخالفات المرورية إلى ما يزيد على 3.5 مليون مخالفة في عام 2004، وتقول الدكتورة عزت كريم الخبيرة الاجتماعية عن هذه الأرقام: إنها تعطي مؤشراً عاماً يعكس حجم الاضطرابات التي يعانيها المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

ولدي تقرير ضخم جداً صادر من جامعة النجاح الوطنية يتكلم عن الجريمة والعنف والفقر في مصر وأذكر لكم هنا بعض الأشياء المهمة فيه؛ حيث ينقل عن تقرير برنامج الأمم المتحدة للإنماء الصادر مؤخراً والذي يتحدث عن التنمية البشرية في مصر في عام 2005؛ أن مصر تقع ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة وترتيبها بين 120 و177 دولة، وفي المقابل نجد ترتيب دولة الكيان الصهيوني 22 والبحرين 40 والكويت 44.

وأما عدد الفقراء في مصر في آخر إحصاء بلغ 34 مليون فقير، أي: نصف الشعب تقريباً، ويعد الأشخاص الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار أي 30 دولاراً في الشهر؛ الأكثر فقراً ويقدر عددهم بنحو 2.1 مليون شخص.

وأوضح تقرير التنمية البشرية أن 20%من السكان الأغنياء يحصلون على 43.6% من الدخل القومي، بينما 20% من الفقراء لا يحصلون سوى على 8.6% من الدخل القومي، وهذا يعكس التفاوت الطبقي وسوء توزيع الدخل القومي.

وفي هذا التقرير إشارة مهمة، حيث يقول: إن الفقر في مصر يقاس بمؤشرات أخرى لا تتعلق بالدخل، إنما أيضاً تتعلق بالصحة والتعليم، فنسبة الأمية في مصر عالية جداً وتبلغ نحو 35%، وسوف أتكلم عن الأمية حينما أتكلم عن النافذة الثقافية، وتصل الأمية إلى 50% في الريف، وفي الجانب الصحي يبلغ عدد الأطفال الذين يموتون قبل بلوغهم 5 سنوات 39 من كل 1000 من المواليد الأحياء.

وهناك طبقة في مصر تسمى طبقة المهمشين، وهم الذين يعملون على هامش الاقتصاد في المجتمع، وليس لهم دخل محدد، ولا تعترف لهم الدولة بوضع قانوني ولا تمنحهم أي تأمين اجتماعي أو صحي، ومن بينهم الباعة الجائلون في الشوارع والأسواق، والعمال في التراحيل، والعمال في القطاع العائلي، وعمال اليومي والمواسم، والعمالة غير الماهرة، وخدم المنازل ومن في حكمهم من العمالة المعاونة، والعمال غير الثابتين في المنشآت الكبيرة، والعمال الأطفال، فضلاً عن الذين يحترفون حرفاً ومهناً خدمية وإنتاجية مختلفة ولكنهم في الوقت نفسه لا يملكون منشآت يمارسون عبرها حرفهم ومهنهم وقد يملكون بعض أدوات عملهم أو لا يملكونها، فهم يعملون بالقطعة أو اليومية أو بالساعة أو بالمهمة أو حتى في المواسم، وقد يعملون في منازلهم أو في المنشآت الصغيرة، يضاف إلى هؤلاء أيضاً العاطلون عن العمل، فهؤلاء كلهم من المهمشين.

ويشكل هؤلاء المهمشون في المجتمع المصري ما بين 75 إلى 80% من تعداد سكان مصر، أي 60 مليون مهمش من 85 مليوناً، وهو العدد الإجمالي لسكان مصر، وتسمى هذه الشريحة الأغلبية الصامتة بحسب التعبير السياسي السائد وتسعى الدولة إلى تحييدها بشكل كامل رغم أهميتها في عملية التغيير الشعبي.

وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى وجود 5.2 مليون مصري يعيشون في فقر مدقع، ودخلهم الشهري أقل من 100 جنيه.

وكشف تقرير حديث للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن 12 مليون مصري يعيشون في العراء بلا مأوى، وأوضح التقرير أن هؤلاء يعيشون في المقابر والعشش ومواقف السيارات والمساجد وتحت السلالم، وأشار أيضاً إلى أن 1.5 مليون مصري في القاهرة يعيشون في مقابر البساتين والتونسي والإمام الشافعي وباب الوزير والغفير والمجاورين والإمام الليثي وجبانات عين شمس ومدينة مصر ومصر الجديدة... إلى آخره.

وذكرت صحيفة لوس أنجلوس في 21/ 2 /2012 في التقرير الذي أعده جيفري فليشمن وعمرو حسن عندما تحدثت عن ارتفاع الجريمة في مصر؛ أن العصابات على ما يبدو اشتد عودها وقويت بعدما تمكنت من التفوق على قوات الشرطة، وأطلقت الثورة العنان لجو مخيف يراه المصريون غير مألوف، وزادت الجريمة في مصر لهذا السبب.

ونشرت صحيفة الديلتي غراف تقريراً عن نسبة الجريمة في الشارع المصري خلال شهر فبراير ومارس الماضيين أكدت من خلاله أن النسبة ارتفعت بمعدل 200%، وسبب ذلك يتمثل في:

أولاً: هروب آلاف من السجناء خلال فترة الثورة.

ثانياً: أن مصر كانت دولة بوليسية، وكانت الشرطة ضابط الحياة العامة، ولما تراجع دور الشرطة زادت الجريمة.

ثالثاً: تراجع معنويات أفراد الشرطة الذي تعرضوا خلال الثورة لمجموعة مضايقات تجسدت في سرقة الأسلحة وإحراق المراكز.

ومن الأشياء التي ظهرت بعد الثورة ظاهرة البلطجية، فهناك نصف مليون بلطجي يرتكبون جرائم في مصر مقابل 5000 جنيه يومياً، هذا ما كشف عنه المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل المصري، وطبعاً هناك مشكلة بين الشعب المصري والشرطة ناتجة عن الوضع السابق؛ ففي تقرير لنيويورك تايمز ذكرت فيه أن محمود قطري ضابط الشرطة السابق ألف كتاباً ينتقد فيه استخدام القوة أيام حكم النظام السابق وقال إن أفراد الشرطة كانوا يعاملون الناس كما لو أنهم حشرات، ولهذا ازدادت الجريمة في مصر.

ونستخلص مما سبق:

أولاً: ملف الجريمة ضخم وشائك.

ثانياً: لا بد أن تكون الحلول شاملة لكل أسباب الجرائم التي ذكرت في التقارير.

ثالثاً: يحتاج الموضوع إلى عمل ضخم يشمل جميع مرافق الدولة على المستوى الديني بإقامة الحدود، والاقتصادي والأمني والتعليمي والصحي.

 

الملف الخامس: الانتحار:

ارتفعت معدلات الانتحار في مصر بشكل كبير جداً، وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقريرها الصادر في يناير عام 2010، أن معدلات الانتحار في مصر بلغت 4200 حالة سنوياً، وتم تسجيل 104000 حالة محاولة انتحار خلال عام 2009، منها 8055 حالة من النساء و2500 حالة من الشباب من سكان القاهرة والجيزة، وفي عام 2008 بلغت حالات محاولة الانتحار 54 ألف حالة.

وأكدت الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذة القانون بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية أن الشعور بالفشل والإحباط هو أهم أسباب الإقدام على الانتحار، مشيرة إلى أن الإحباط يولد العنف، سواء كان ضد الذات أو ضد الآخرين، وقالت: إن للفشل أشكالاً كثيرة، منها: الفشل في الحب أو التجارة أو العمل، إلى جانب الفشل النفسي المتمثل في تعاطي المخدرات.

وأنا أقول: الأصل هو الفشل في الشعور الديني، في الخوف من الله سبحانه وتعالى وتقوى الله عز وجل؛ لأنها إذا ذهبت من القلب، أصبح مرتعاً لكل ما يؤدي إلى فقدان الطمأنينة.

إن الانتحار سببه ضعف التدين والبطالة والفقر والمرض، ويعد كارثة اجتماعية على صاحبه وعائلته، وتتحمل الدولة المسؤولية كاملة أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الشعب في هذا الموضوع.

الملف السادس: المخدرات:

ذكرت دراسة رسمية في مصر صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن حجم تجارة المخدرات وصل خلال العام الماضي فقط إلى 18.2 مليار جنيه، وقالت هذه الدراسة أيضاً: إن نسبة قيمة ما يتم إنفاقه على المواد المخدرة تصل إلى 2.5% من عوائد الدخل القومي المقدر بنحو 731.2 مليار جنيه للعام 2006 /2007، حيث بلغت كمية المواد المخدرة الطبيعية المضبوطة في عام 2007 نحو 47 ألف كيلو غرام من البانجو، و6 آلاف كيلو غرام من الحشيش، و49كيلو غراماً من الأفيون.. إلخ.

وأمامي إحصاءات كثيرة جداً تتعلق بموضوع المخدرات وهي آفة كبيرة ومشكلة عظيمة جداً، وهذا التقرير يشمل أشياء متعددة، منها: بيان بجهود جميع الأجهزة الأمنية على مستوى مصر في ضبط كميات من المواد المخدرة خلال الفترة من 1/ 1/ 2011 حتى 23/5/2011، يعني 5 أشهر، وبلغت كمية المضبوطات 3832 كيلو غراماً من الحشيش، و16645 كيلو غراماً من البانجو، و55 ألف فدان من زراعات القنة بالهند، وإحصاءات كثيرة جداً.

وأوضح التقرير أن جهود الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أسفرت عن ضبط 3609 كيلو غرامات من الحشيش و364 من البانجو.

وبحسب آخر إحصاء فإن عدد المتعاطين للمخدرات في مصر يبلغ نحو 7 ملايين شخص، وذكر تقرير المجلس الوطني لمكافحة إدمان المخدرات أن نسبة المدمنين من المصريين تصل تقريباً إلى 9%.

إذاً فالمخدرات تمثل حالة إحباط وهروب من الواقع بسبب البطالة واليأس، وبيئة المخدرات بيئة موبوءة بأنواع الجرائم وخاصة السرقة والقتل والاغتصاب والزنا وسائر الموبقات، ولا بد من حرب لا هوادة فيها على كل من له علاقة بالمخدرات.

الملف السابع: الخمر:

أكدت الموازنة العامة للدولة لعام 2008 /2009 أن واردات الدولة من الضرائب على البيرة المسكرة بلغت 188,094,651 جنيهاً مصرياً، وأن واردات الدولة من الضرائب على الكحول بلغت 109 ملايين جنيه مصري، وأن واردات الضرائب على الكحول المستورد بلغت 5 ملايين جنيه مصري.

والخلاصة: أن مجموع الضرائب التي تجنيها مصر من الخمور بأنواعها كافة 6 مليارات جنيه تقريباً.

وتقول الدكتورة خديجة النبراوي في كلام طويل جداً أقتطع منه: إن عادة شرب الخمر في المواد الإعلامية التي يبثها التلفزيون من أفلام ومسلسلات كسرت الحاجز النفسي تجاه الخمور وجعلتها مجرد عادة.

فما هو موقف حزب الحرية والعدالة وحزب النور والأزهر من هذه القضية؟

فقد ذكر صبحي صالح نائب الحرية والعدالة عن دائرة الرمل بالإسكندرية أن السياحة في مصر ليست عرياً أو عهراً، وحزب العدالة سيمنع الخمر، ومن يختزل صناعة السياحة في تلك المفاسد، فهو يسب المصريين جميعاً؛ لأن هذا الشعب لا يتعايش على العري والخمر والتهتك.

وذكر صالح أن حزب الحرية والعدالة سوف يقوم بمنع الخمر، مشيراً إلى أن من يدافع عن تلك الفواحش باسم السياحة هو غير أمين على شعب مصر.

وأما حزب النور فقد قال نائب الأمين العام لحزب النور، والمتحدث الإعلامي لحزب النور، نادر بكار: إن حزب النور راجع موقفه فيما يخص الخمور وأنه سيسمح باصطحاب السائح للخمور معه؛ لأن هذا لا ينفي ولا يغير من موقفنا شيئاً بأنها حرام شرعاً، وقال بكار: إن الحزب يخشى من نسبة البطالة في مجال السياحة ومن ثم يحمّل الناس السلفيين وحزب النور المسؤولية عن ذلك، مؤكداً أن الحزب ليس ضد انتعاش مجال السياحة الذي يعد من أكبر القطاعات الخدمية جذباً للعمالة في مصر، وأوضح أن هذه التصريحات هي رسالة طمأنة للقوى الليبرالية بشأن موقفهم من قضية تحريم الخمور ومنع السياحة الذي أثار جدلاً بين كثير من أبناء الشعب المصري.

وهذا الكلام في غاية الخطورة وخاصة عندما يصدر من حزب النور الذي يمثل السلفيين، أنا أتمنى أن يكون هذا الكلام غير صحيح، لكن لم أقرأ أي شيء يتعلق بنفيه وبإمكانكم أن ترجعوا إليه.

وأما الأزهر ففي 11/ ديسمبر / 2011 أفتى الدكتور عبد المعطي البيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بعدم جواز إصدار الدولة لقانون يحرم الخمر في مصر ما دام يعيش بها مواطنون وسياح يرون أنها حلال، مؤكداً في الوقت نفسه أن اجتهاد المسيح في الشريعة مقبول طالما يتوافق مع الإسلام.

وفي المقابل رفض الدكتور مصطفى عمارة أستاذ علوم الحديث في جامعة الأزهر في تصريحات لـ mbc.net، مسألة عدم جواز إصدار قانون بتحريم الخمر على الإطلاق، موضحاً أن من حق الدولة إصدار قانون يحرم الخمر على المسلمين كونه محرماً في الإسلام ولكن لا يلزم غير المسلمين بهذا القانون ما دامت الخمر عندهم حلالاً.

وأقول: لا بد من منع الخمر بناء على منعه شرعاً، والخمر يؤدي إلى إيجاد بيئة موبوءة، وأداة غربية لتلويث عقول المسلمين وهدر طاقاتهم، ويؤدي إلى نشر الجريمة، وهو هدف رئيس من أهداف أعداء الإسلام لإضعاف هذه الأمة.

الملف الثامن: الزنا:

ذكر الدكتور أحمد المجذوب أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن 24% ممن ارتكبوا جرائم زنا المحارم هم من الطلبة، و25% منهم من العاطلين، أما الحرفيون فلم تزد نسبتهم على 5.2%، والمهنيون 5.8%، والتجار 10%، أما الموظفون فتصل نسبتهم إلى 11%.

ومن أسباب وقوع حالات كثيرة من الزنا أن 33% من الأسر المصرية تقيم في غرفة واحدة بمتوسط 7 أفراد في الغرفة.

وأوضح المجذوب أنه طبقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يوجد في مصر 4 ملايين فتاة فوق 38 لم يتزوجن، مقابل 6 ملايين شاب لم يتزوجوا، أي 10 ملايين عازب ممن بلغوا سن الزواج ولم يتمكنوا منه، وهذا يؤدي إلى وقوع الطامة الكبرى.

والجدير بالذكر أن القانون الذي يتعلق بالزنا في مصر يجرم النساء المتزوجات فقط، أما إذا قام الزوج بهذا الفعل خارج منزل الزوجية فلا يعد مرتكباً لجريمة الزنا، أما الزوجة فتعد مرتكبة لجريمة الزنا سواء كانت داخل البيت أو خارجه وتعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، وغير ذلك لا يعد الزنا جريمة، فإذا قام رجل وامرأة غير متزوجين بممارسة الرذيلة برضاهما ودون مقابل فلا يقعون تحت طائلة القانون.

وفي ختام هذا الملف أذكر قضيتين أساسيتين:

الأولى: لا حل إلا في إقامة الحد الشرعي.

والثانية: لا بد من توفير الوسائل التي تؤدي إلى الزواج لتقليل هذه المصيبة.

الملف التاسع: اللواط:

ويسمونه الشذوذ الجنسي حتى يخففون الوقع التعبيري له على مسامع الناس، وفي مصر للأسف مقاهٍ متخصصة في هذا، وهذه المقاهي منها للشباب ومنها للنساء وهي معروفة، ويتجمع فيها المثليون، والمثليات، ومن أراد شيئاً يذهب إلى هذه المقاهي.

وفي مقابلة مع المخرجة السينمائية إيناس الدغيدي أجراها الإعلامي المصري عمرو أديب، تقول: إن الدين الإسلامي لم يحرم الشذوذ الجنسي، والدليل على ذلك - حسب قولها - أن الله وعد المسلمين في الجنة بولدان مخلدين من أجل ممارسة اللواط معهم باعتبار أنه مظهر من مظاهر النعيم في الجنة. نعوذ بالله من هذا الكلام الساقط.

وأيدتها في رأيها هذا الكاتبةُ إقبال بركة، ومنى مكرم عبيد.

والعجيب أن إيناس الدغيدي هذه ضمن الشخصيات العامة المرشحة للانضمام إلى لجنة كتابة الدستور المصري القادم؛ فهل سيقرون الشذوذ الجنسي في القانون المصري الجديد؟!

والحل للقضاء على ظاهرة اللواط هو إقامة الحد الشرعي.

الملف العاشر: السياحة:

وما أدراك ما السياحة!

ذكر وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور أن إيرادات السياحة في مصر بلغت خلال العام 2010 بالنسبة لتقرير العام الماضي نحو 8.8 مليار دولار، وأن عدد السائحين بلغ نحو 9.8 مليون سائح.

والسؤال الذي يطرح نفسه: عندما يأتي هذا العدد الهائل من السياح من أمريكا وأوروبا وينتشرون في الشعب المصري.. فماذا يفعلون؟

وبلغ عدد الليالي السياحية في عام 2010، 114 مليون ليلة سياحية، وهذا يعني أن هؤلاء السائحين قضوا في مصر 114 مليون ليلة سياحية.

ووصل إلى مصر في عام 2011 نحو 7211600 سائح.

وبلغ الإنفاق اليومي للسائح 85 دولاراً يومياً في عام 2010، وتراجع إلى 72.2 دولار يومياً في العام الماضي.

وبلغت نسبة السائحين العرب والمسلمين 42.6 من إجمالي السياحة العربية الوافدة، وبلغ عددهم نحو 110 آلاف سائح.

وتُدخل السياحة إلى مصر دخلاً كبيراً يغطي حاجات 3 ملايين مصري.

وتمثل نسبة السياحة الشاطئية - وهي أخطر أنواع السياحة – بعد الثورة 99%.

وهناك حملة كبيرة يشنها العلمانيون على الإسلاميين بسبب احتمال أن يقيد الإسلاميون قضية السياحة بضوابط.

ومن الجهات المرغوبة لدى السائحين أكثر من غيرها، المعابد في مصر، والقصور القديمة، مثل: قصر البطالمة، ومعبد الأقصر، ومعبد أدفو، ومعبد خنسو، ومعبد نكتانبو، ومعبد دندرا، ومعبد كوم أمبو، ومعابد أخرى.

وأقول ختاماً: إن السياحة معظمها دخل اقتصادي محرم مزهق للبركة، ولا بد للحكومة من تأمين سبل عيش حلال لكل العاملين في السياحة، وهذا تحدٍّ كبير. والقضية مرتبطة بالتقوى وإقامة شرع الله سبحانه وتعالى في تأمين الرزق للناس وليست مرتبطة بالسياحة. قال تعالى: }ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض{.

الملف الحادي عشر: موقف أهل الفن من قضيتين: الأولى: صعود الإسلاميين إلى الواجهة السياسية، والثانية: المرأة:

ماذا يقول أهل الفن بالنسبة لوصول الإسلاميين إلى الواجهة السياسية؟

ذكرت الفنانة لوسي أنها لن تعتزل الرقص في حال سيطرت التيارات الدينية على الحكم، وأضافت أنها كانت تنوي اعتزال الرقص في غضون سنوات قليلة وباستطاعتها أن تذهب إلى أي دولة في العالم وتصبح مدربة رقص شرقي كبيرة وتحقق مكاسب هناك، ولو كان الرئيس الذي سيأتي سلفياً أو إخوانياً ستكون تجربة لمدة 4 سنوات فقط ولن يجثم على صدورنا هذا الرئيس طوال العمر وفي النهاية الحكم للجمهور وصندوق الانتخابات.

وأما المخرجة إيناس الدغيدي فقد هددت بالرحيل عن مصر إذا وصل الإخوان والسلفيون إلى الحكم، وذكرت أنها تعرف رأي الجماعات الإسلامية مسبقاً فيما تقدمه من أعمال سينمائية، وأن الإخوان سبق لهم أن طالبوا بإقامة الحد عليها وإهدار دمها بسبب أفكارها المتحررة، كما تقول.

من جانبها، ذكرت الممثلة إلهام شاهين أنها غير قادرة على تخيل ما يحدث إذا وصل الإسلاميون إلى السلطة.

وأوضحت الممثلة نيلي كريم أنها لا تعرف ما سيحدث غداً، وقالت: الفن سيظل كما هو ولن يتغير مهما تغيرت طبيعة النظام الحاكم في البلاد.

وأما صابرين فقالت: إنها تمثل بالحجاب أو مستعينة بباروكة، وهذا لا يعني تشجيعها وصول الإسلاميين إلى الحكم، معربة عن حرصها على مستوى أعمالها الفنية.

من جانبها، ذكرت علا غانم أنها ستعتزل الفن في حال حكم الإسلاميون مصر.

وأوضحت داليا البحيري أنها لن تعطي صوتها للإسلاميين في الانتخابات وأنها قلقة على الفن.

أما إيناس مكي فقالت: مصر هي بلدي ولن أخرج منها مهما حدث، وسواء فاز الإخوان أو السلفيون، فلن أغادرها وأبعد عنها؛ لأن وجودي في مصر لا يرتبط بفوز أو خسارة حزب سياسي أو تيار ديني أو غيره.

ويتضح لنا من موقف أهل الفن بشكل عام أنهم يخافون من وصول الإسلاميين إلى الواجهة السياسية؛ لأسباب عدة، منها:

أولاً: هم ضد الدين بشكل عام؛ لأنه يقيدهم.

ثانياً: يصرون على نشر الفساد ويعتقدون أنه فضيلة.

ثالثاً: بيئتهم بيئة موبوءة.

رابعاً: يعادون الإسلاميين لأنهم يفضحون تصرفاتهم من جهة الزاوية الشرعية.

الملف الثاني عشر: الغناء:

ملف الغناء في مصر كبير جداً، وهناك كلام عن تطور تاريخي في الغناء، لكن يهمني أنا ما وصلنا إليه خلال القرن العشرين، فهناك كثير ممن لهم أثر في الغناء والتلحين والأداء، والكتابة، فمن الملحنين: سيد درويش، والقصبجي، وزكريا أحمد، ورياض السنباطي، ومحمود الشريف، وفريد الأطرش إضافة إلى كونه مغنياً، وكمال الطويل، والموجي، ومحمد فوزي، ومنيف حمدي، وسيد مكاوي، ومن المغنين: منيرة المهدية، وفتحية أحمد، ومحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، وأسمهان، وليلى مراد، وعبد الحليم حافظ، واشتهر عدد كبير في الموسيقى الأكاديمية والعزف والأوكسترا وغيرها، وشهدت فترة القرن العشرين عودة قوية إلى الأغاني الوطنية وإحياء التراث الموسيقي القديم؛ فأنشأ عبد الحليم النويرة فرقة الموسيقى العربية في القاهرة، وأنشأ محمد عفيفي فريق كورال، وفي السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة جديدة من الأغاني سميت أغاني فيديو كليب وظهرت أسماء عديدة في عالم الغناء مثل: عمرو دياب، ومحمد منير، وعلي الحجار، وهاني شاكر، ومحمد الحلو، وانتشرت موسيقى الجاز بين الشباب واشتهر بعض العازفين مثل: يحيى خليل، وأيضاً كثرت أماكن تعليم الموسيقى في مصر ومنها مركز الإشعاع.

وأعطيكم فكرة بسرعة عن أجور الفنانين، فالفنان عمرو دياب يحصل في الساعة الواحدة على 600 ألف دولار، والمغنية اللبنانية أليسا تحصل على 200 ألف دولار في الليلة، ويحصل المغني راغب علامة على 100 ألف دولار، وهيفاء وهبي على 150 ألف دولار، ووائل جسار على 100 ألف دولار، وفضل شاكر على 250 ألف دولار قبل أن يتوب.

وبعد الثورة المصرية حصل نوع من التقلص والركود في الحركة الفنية، واعتقد بعض النقاد أن هذه حركة ركود طبيعية، فقد قال الناقد الغنائي الدكتور أشرف عبد الرحمن: المرحلة الانتقالية الحالية تشبه المرحلة الانتقالية التي مرت بها مصر بعد ثورة عام 1919، حيث سبقتها أغنيات هابطة تورط فيها كبار الفنانين منهم أم كلثوم التي غنت الخلاعة والدلاعة مذهبي، وكذلك زكريا أحمد الذي لحن أغنية أرخي الستار، وهو ما حدث قبل ثورة يناير حيث ظهرت كلمات مثل بحبك يا حمار، مشيراً إلى أن الفن المصري تطور بعد ثورة 19 بعامين وظهر سيد درويش بأعظم 9 مسرحيات غنائية التي قدمت أعظم الأغاني الوطنية التي تغذي الروح الوطنية وتشد من العزم ولذا يتوقع عبد الرحمن تكرار الموضوع نفسه بعد ثورة يناير.

إذاً نقول: على مدى عشرات السنين أصبح الشعب كلهم مغنين؛ الأطفال والنساء والرجال، والغناء في كل مكان، ولا بد من دراسة شرعية وميدانية للانتقال بهذا الفن إلى الساحة الشرعية.

الملف الثالث عشر: الرقص:

وُجد الرقص في مصر منذ 4 آلاف سنة وقبل الميلاد، ويكاد يكون موجوداً الآن في كل مكان في مصر؛ في المسارح، والساحات العامة، والمهرجانات، وحفلات الزواج.. إلخ.

وتباع أدوات الرقص في كل مكان، وهذا يؤكد أن مصر أصبحت بلد الرقص الشرقي، فستجد كل ما يلزم للرقص، وستجد طبولاً مختلفة الأشكال والأحجام وعوداً بأشكال وأحجام مختلفة، ولن تكتمل الحفلة الراقصة سوى بالبدلة، لذا ستجد كثيرا ًمن المحلات التي تخصصت في بيع بدل الرقص، وإتماماً للحفلة ستجد الكثير من المحلات التي تبيع الشيشة والمعسل.

ولم يعد تعلم الرقص شيئاً صعباً بعد حلول القنوات الفضائية في بيوت الناس، وقد خاطبت امرأة غيورة في النت البنات قائلة: آنستي.. أنتِ الآن لا تحتاجين لتعلم الرقص إلى معلمة أو معهد لأنه قد حضر إليك بكل أدواته، اضغطي على ريموت كنترول وابحثي بين كل المحطات عن آخر أغاني الفيديو كليب إلى آخره. وهذه الكاتبة هي أميمة العيسى.

وأقول: إن الرقص يدل على أن الأمة غير جادة، وأنها سهلة الاختراق من قبل العدو، وحفلة حزيران 67 خير شاهد على ما حصل؛ فإنه في ليلة 5 حزيران أقيمت حفلة كبيرة جداً حضرها الطيارون وغيرهم ثم خمروا وسكروا وناموا وجاءت إسرائيل في الصباح ودمرت المطارات والقواعد العسكرية، فلا بد من إيقاف هذه المهازل الجماعية بالقانون والأحكام الشرعية والوسائل المتاحةكافة.

الملف الرابع عشر: السينما:

دخلت السينما المنازل في مصر عن طريق آلات العرض المنزلية منذ الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، وتربت شرائح كبيرة من المجتمع على أفلام السينما، وشاع بسببها الفساد الأخلاقي، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة، وكذلك شاعت الجرائم مثل: القتل والسرقة والاغتصاب وغيرها، واستنفدت أموالاً كبيرة من المتفرجين سوى أجور الممثلين والإخراج وغيرهما، وقلَّت بسببها خصلة الفضيلة والأمن في المجتمع مقابل توسيع دائرة الفسوق والفجور والانحلال الاجتماعي.

ويعد عدد دور السينما في مصر كبيراً جداً، ففي القاهرة فقط 31 دار سينما، وتعد مصر الدولة الثانية على مستوى العالم بعد فرنسا في إدخال اختراع السينما ومنذ بدايتها في عام 1898، ولذلك فإن تاريخها طويل في هذا الأمر.

وبعد ثورة يناير يشكو المخرجون والممثلون من تدني الأجور، وهناك أرقام كثيرة عن الخسائر، لكن أعطيكم فكرة سريعة عن أجور الفنانين؛ فالفنان تامر هجرس حصل على 800 ألف جنيه عن فيلم شارك في إنتاجه بعنوان (عمليات خاصة)، ونيلي كريم حصلت على 300 ألف جنيه عن أحد أفلامها، وحصلت غادة عبد الرزاق على 200 ألف جنيه عن بعض أفلامها.

إذاً مئات الآلاف من الجنيهات التي يحصل عليها هؤلاء الفنانون مقابل الأدوار السيئة التي يقومون بها في تحريض الفجور والفسوق في الأمة ونشره.

ومن الأشياء المزرية أنه بعد الثورة افتتح مهرجان في الإسكندرية يعد أول مهرجان سينمائي في الإسكندرية، وفي بداية الاحتفال قالت مقدِّمة الحفل: "بسم الله الرحمن الرحيم باسم الأب والابن وروح القدس" تعبيراً عن الوحدة الوطنية، وأن التغيير طال المهرجانات بعد الثورة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وما يمكن أن يقال في هذا أنه:

أولاً: لا بد من تحويل دور العرض السينمائي إلى دور عرض ثقافي واجتماعي وأخلاقي.

ثانياً: لا بد من تشريعات حازمة بشأن صناعة السينما وما يتعلق بها من الممثلين والمنتجين والمخرجين، وما يتعلق بنشر الفساد في هذا الجانب.

الملف الخامس عشر: المسرح:

أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في يوم السبت 26 مارس عام 2011 أن عدد المسارح بمصر في عام 2009 بلغ 38 مسرحاً.

وأنا عندي إحصائية عن القاهرة فقط بالعناوين والأسماء، حيث يوجد فيها 33 مسرحاً، وهذا يجعلني أن أشك في ذلك التقرير.

ويبلغ عدد مقاعد المسارح كما جاء في التقرير 23035 مقعداً، وعدد الفرق المسرحية الوطنية 64 فرقة، وعدد العروض 310 عروض، وبلغ عدد المترددين على المسارح 897000 متردد، وكان هناك استعداد في المسارح للاحتفال بمرور عام على ثورة 25 يناير لأن كل واحد ينظر إلى هذه الثورة من زاويته.

وللاستعدادات لهذا الحفل قال خالد الذهبي مدير المسرح القومي: من المحتمل أن نفتتح مسرحية في بيتنا شبح على مسرح ميامي احتفالاً بالعيد الأول للثورة، وقال: إذا تعثر ذلك فسوف نعيد عرض مسرحية حكايات الناس ثورة 19 التي تتناول ما حدث للمصريين بعد ثورة 19 وهي قريبة جداً مما يحدث الآن وسوف يقدم العرض في 24، 25، 26 يناير.

وما يقال في آخر هذا الملف أنه:

 أولاً: المسارح غالباً هي للنخبة.

 ثانياً: الاختلاط فيها كمثله في السينما.

 ثالثاً: لا بد من ترشيد المسرح من حيث الشكل والمضمون والأهداف والتقييم وفق المنظور الإسلامي.

رابعاً: الوضع الحالي مزرٍ شكلاً ومضموناً وأهدافاً، ويمثل في الأغلب حالات هابطة وبعضها هابط جداً.

وبعد أن عرضت لكم هذه الملفات الخمسة عشر أقول:

أولاً: }وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين{، وأنا تحدثت عن هذه الملفات بسرعة لأضعها بين يدي الإسلاميين الذين قالوا عن أنفسهم إنهم ذهبوا للواجهات السياسية للتغيير، هذه الملفات بين أيديكم بالإحصاءات والأرقام، فماذا أنتم فاعلون؟

ثانياً: على الإسلاميين وضع أمام أعينهم مسؤولياتهم الشرعية.

ثالثاً: مسؤولية التغيير عامة وشاملة، وكل واحد مسؤول عن تفريطه في القيام بمسؤوليته.

رابعاً: الموضوع بحاجة إلى مزيد من الأبحاث المفصلة.

خامساً: لا بد من وضع إحصاء سنوي لرصد نتائج الجهود المبذولة في هذا الشأن.

وما كان من الحق فمن الله وحده، وما كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العظيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



أعلى