أسرار من حياة كبير المعممين

أسرار من حياة كبير المعممين


ولد خامنئي في أسرة دينية وكان آباؤه من المعممين الشيعة، وأصله من مدينة خامنة في محافظة أذربيجان الشرقية، وهو تركي الأصل لكنه ولد في مدينة مشهد في بيئة فارسية. درس في مدرسة كان يتردد عليها المعمم الشيعي نواب صفوي الذي كان يخطط لقتل الوزراء ومسؤولي الحكومة الملكية في عهد رضا شاه. وتأثر خامنئي به تأثراً كبيراً وهو ابن 15 عاماً كما يذكر هو نفسه.

اسمه سيد علي حسيني خامنة واشتهر بسيد علي خامنئي كما هي العادة عند معممي الشيعة ينتسبون إلى مدنهم.

كان خامنئي في شبابه يهتم بالكتب والفن والشعر، لكنه سرعان ما اندمج مع حزب فدائيي الإسلام الذي أسسه نواب الصفوي الذي كان مهتماً باغتيال الوزراء وكبار مسؤولي الحكومة الملكية في عهد رضا شاه، لكن جماعته تلاشت مع قتل مؤسسها نواب الصفوي.

خامنئي انتقل إلى مدينة قم ليكمل دراسته الحوزية ويتعرف على خميني هناك، وكان ذلك عام 1963م. وبعده تم اعتقال الخامنئي الشاب عدة مرات، وأول مرة يتم اعتقاله فيها من قبل استخبارات الشاه كان عمره 24 عاماً، وذلك قبل أن ينتقل إلى مدينة قم. لكن بعدما تعرف على آية الله خميني تم اعتقاله وسجنه عدة مرات كان أقلها يوماً واحداً، وأطول مدة أمضاها في السجن كانت 10 أشهر، وقبل سنة من الثورة المسماة بالإسلامية نَفَوهُ إلى مدينة إيرانْشَهْر السُنية البلوشية في جنوب شرق إيران، وبعدما نجحت ثورة الشعب ضد الشاه رجع إلى مشهد مسقط رأسه. كل هذه الأحداث التي حصلت لخامنئي كانت بسبب خطاباته ضد حكومة شاه. وكل مرة يتعهد لدى ساواك (استخبارات الشاه) ألا يخطب في الناس على المنابر وفي كل مرة ينقض عهده ويتم اعتقاله ولم يكن لديه علاقة مع أي جماعة أخرى.

بعد ثورة عام 1979 يشير إليه آية الله مطهري أن ينتقل إلى طهران ويدخل في الحكومة الجديدة التي أسسها الخميني، وتم تعيينه عضواً في شورى الثورة، وأسس مع رفسنجاني وبهشتي حزب الجمهورية الإسلامية. وكان المقصد من تأسيس هذا الحزب التصدي للعلمانيين أمثال بازركان وبني صدر، أول وثاني رئيسَين للجمهورية.

رشح خامنئي نفسه في الانتخابات الأولى لمجلس شورى الأمة الذي تغير اسمه إلى مجلس الشورى الإسلامية وفاز في الانتخابات بوصفه الرجل الخامس.

وفي سنة 1982 تم تفجير مبنى حزب الجمهورية الإسلامية في طهران وقتل أكثر من 80 شخصاً من كبار أعضاء الحزب ومن العجيب لم يحضر الجلسة لا خامنئي ولا رفسنجاني وهما اللذان نجوا من الاغتيال وبعده نال أحدهما رئاسة الجمهورية وبعدها قيادة البلاد والثاني نال رئاسة مجلس الشورى وبعدها رئاسة الجمهورية وبعدها رئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام حتى وفاته قبل أيام.

قتل في هذ الانفجار أشخاص أكثر تأثيراً على الحكومة وعلى الشعب من خامنئي ومن رفسنجاني كآية الله بهشتي.

وبعد عدة شهور تمت محاولة اغتيال خامنئي في مسجد كان يخطب فيه لكنه نجا سالماً نوعاً ما!

خامنئي كان مخالفاً لبني صدر أول رئيس للجمهورية فخلعوه ثم تم تعيين خامنئي خلفاً لبني صدر. ورشح 46 شخصاً أنفسهم للانتخابات الرئاسية لكنهم منعوا من الترشيح إلا 4 فيهم خامنئي وباقي الثلاثة كانوا غير معروفين وفاز خامنئي فيها دون منافس.

ودامت رئاسته للجمهورية ولايتين متتاليتين حتى هلك خميني عام 1989، وبسبب رواية ذكرها رفسنجاني في مجلس الخبراء تم تنصيب خامنئي مرشداً أعلى للجمهورية الإسلامية حيث قال: إن الإمام الخميني قال لي شخصياً عندكم شخصية ممتازة لقيادة الثورة قلت للإمام من هو؟ قال السيد خامنئي. وهو المرشد الأعلى للجمهورية منذ ذلك التاريخ حتى يومنا هذا.

وبعد سنتين من تعيين خامنئي مرشداً أعلى فاز رفسنجاني في انتخابات الرئاسة وتولى الرئاسة مدة 8 سنوات متوالية. ويتميز دوره بالتضييق والاغتيالات والإعدامات. وكان أسوأ ما رآه الإيرانيون في حياتهم بعد الحرب. وقتل خلال مدة رئاسة رفسنجاني عشرات بل مئات من السياسيين والكتاب والشعراء وعلماء ودعاة أهل السنة والشيعة على سواء في الداخل وخارج البلد.

نقلاً عن أحد أعضاء شورى مدينة طهران في كتابه "ثمة طريق" أن الرئيس خاتمي زار السجون حتى يطمئن إلى وجود بعض الإرهابيين الذين اغتالوا سعيد حجاريان ولم يجده في السجن ثم بعد ذلك ذهب إلى الخامنئي يستفسر عن عدم وجوده في السجن فيرد عليه خامنئي: أليس من الحيف أن يبقى ذلك الفتى في السجن!

سعيد حجاريان كان العقل المدبر للإصلاحيين آنذاك وتم اغتياله من قبل سعيد عسكر الذي كان في قوات الباسيج وتم تكريمه بإرساله إلى العمرة بعدما اغتال سعيد حجاريان.

في عهد رفسنجاني تم تأسيس قسم اقتصادي للحرس الثوري على يد رفسنجاني وسماه مقر خاتم الأنبياء. ويمول هذا المقر من بيت المال وتضخم حتى أصبح أكبر شركة اقتصادية في إيران وفي المنطقة. الشق الاقتصادي في الحرس الثوري نما حتى صار أكبر قوة اقتصادية ولا يتجرأ أحد أن ينافسهم. واحتكر الحرس الثوري كلَّ المشاريع المرتبطة بالنفط والغاز والموانئ ودخل في صناعة السفن الحربية وغيرها حتى لم يبق مجال من مجالات الاقتصاد إلا وقد دخله. لا أحد يستطيع أن ينافسهم بسبب قوتهم العسكرية وإذا أرادوا أن يشتغلوا في حرفهم وصناعتهم وتجارتهم عليهم أن يدخلوا ويشتغلوا في سلك الحرس الثوري وبهذا بنوا ثروة عظيمة لا يستهان بها.

واهتم خامنئي في هذه الفترة بالجناح الأمني في الحرس الثوري وأنشأ قوة عسكرية خاصةً بحفظ المرشد الأعلى وتسمى حراس الولاية. وحسب ما يقوله محمد حسين تركمان المنشق عن حراس الولاية فإن القوة تتشكل من 15 ألفاً منهم 3 آلاف من النساء.

يترأس هذه القوة العسكرية السرية الضخمة شخص يدعى إبراهيم جباري وكان قائد الحرس الثوري في مدينة قم سابقاً. وأثناء المظاهرات الخضراء (عام 2009) أظهر جباري نفسه قائداً قاسي القلب وفي الوقت نفسه مطيعاً لخامنئي وهاجم جموع المعترضين بقوته العسكرية وفض اجتماعاتهم بقوة الضرب والتنكيل. في هذه الأثناء هاجم جباري بيت آية الله منتظري وآية الله صانعي من كبار مراجع الشيعة لأنهما ضد سياسات والمرشد الأعلى.

بعد عام 2010 بدأ القائد جباري بتغيير وتطوير حراس الولاية وجعلها تشتغل في القسم الاقتصادي الخاص بالمرشد الأعلى ويديرون شركاته ومصانعه والأموال التي تصل المرشد من الأضرحة والقبور والنذور.

أما قسم الحماية في حراس الولاية فينقسم إلى أقسام. الحلقة الأولى خاصة المرشد وهم معه في كل المناسبات ويظهرون معه في القنوات ويحضرون اجتماعاته ويسافرون معه في أسفاره الخاصة. والحلقة الثانية هم الذين يسافرون معه في أسفاره العامة للمدن من أجل خطاب أو تفقد المدن.

لا يسافر خامنئي جواً لأنه لا يثق بالجيش والحرس الثوري أيضاً، ولهذا نرى أنه لا يسافر إلا بالباص الخاص الذي صنعته شركة "رانيران" الإيرانية.

أما هذه القوة الخاصة بحماية المرشد، فليس كل عملها حماية المرشد، بل إن منهم مهندسين ورجال أعمال يديرون مؤسسات وشركات تابعة له كمؤسسة مستضعفين أو مؤسسة عتبة قدس الرضوي ومؤسسة الحرس الثوري التعاونية، وهؤلاء يشتغلون في هذه المؤسسات التي لا يستطيع أي جهة رسمية أو حكومية أن يراقبها وهذه المؤسسات لا تدفع الضرائب للدولة وتستخدم الأموال العامة أو كما تسميها الحكومة بيت المال لصالح شخص خامنئي.

ويريد خامنئي من هذه القوات أن تدير شركاته حتى لا يخرج مسارها من يده. ويعطيهم رواتب ما بين 4 ملايين التي تساوي 1200 دولار إلى 12 مليون وتساوي 3600 دولار شهرياً لكل واحد منهم وهذا الرقم يعتبر خيالياً بالنسبة للإيرانيين.

سن مجلس الشورى الإسلامي قانوناً بموجبه يحق للجهات الأمنية أن تتنصت على مكالمات المواطنين ومن ثَم يحول المكالمات ذات الطابع القضائي أو الأمني إلى القضاة الذين عينهم خامنئي ولا يحق لأي جهة حكومية أن تسأل هؤلاء القضاة حول الملفات إلا شخص المرشد وعددهم 100 قاضٍ. وقال وزير الاستخبارات الإيرانية التابعة لحكومة حسن روحاني أننا نسير وفق ما يرسمه المرشد الأعلى لنا. وهذا معناه أن الرئيس روحاني هو جناح خامنئي ولا يستطيع الرئيس أن يفعل شيئاً.

خامنئي له سهم في كل المشاريع الاقتصادية في البلد، ناهيك عن الخُمس الذي يأخذه من الشيعة المقلدين له، وهو 20% من خالص مال كل شيعي يدفعه إلى المرجع عند نهاية كل سنة. وإن خامنئي يأخذ من كل سيارة تصنع في إيران الخمس أيضاً ويدفع الخُمس المشتري المسكين.

على سبيل المثال كان هناك سيارة تصنع في إيران واسمها "بيكان" قال مدير الشركة "إيرانخُودرُو" سنة 2000: إن شخص المرشد يأخذ مليون تومان (3000 دولار) عن كل سيارة لحسابه الشخصي، وكان سعر بيكان آنذاك 5 مليون تومان (12000 دولار). وأنتجت سيارة بيكان منذ تولية خامنئي حتى نهاية إنتاجها سنة 2005 أكثر من 5 مليون سيارة.

أما عن الخرافة ونشرها، فإن خامنئي يحب أن يُمتَدح وأن يُظن بأنه يشفي المرضى كما في مقطع فيديو له يمسح رأس كبير في السن وهو يقول يا زهراء ويبكي وخامنئي بعدما مسح رأس الرجل يمسح وجه نفسه https://www.youtube.com/watch?v=LxD2rgYm8UY  .

أو يروي نائبه الخاص آية الله سعيدي في مدينة قم قصة عن أخت خامنئي، أنها سمعت عندما خرج خامنئي من بطن أمه قال يا علي! والمقطع الفيديو على الإنترنت  https://www.youtube.com/watch?v=3w_VocORRPg .

مجتبى خامنئي ابن سيد علي خامنئي هو الآخر من سلسلة المعممين من أسرة خامنئي. يدرس في قم ويتمنى أن يكون هو المرشد بعد والده. وهو الذي أدار القمع الذي حصل بعد انتخابات سنة 2009 في إيران.

تقول المصادر إنه أخذ ما يقارب 80 ألف دولار رشوة من شهرام جزائري الذي كان تاجراً في طهران سابقاً، وأُدين بسبب فساده وأخذه الأموال من خزانة الحكومة وإعطائه لأصحاب القرارات رشوة لجني أموال أكثر. وكان ملف فساد شهرام جزائري أكبر ملف فساد في الحكومة بعد الثورة الخميني حتى ذلك الزمان. لكن الآن يعتبر الأمين الصادق عندما نرى حجم ملفات الفساد في هذه السنوات. 

مجتبى خامنئي هو العقل المدبر لكثير من المناسبات السياسية والأمنية والاستخباراتية في إيران وهو المسؤول عن الغش الذي حصل في الانتخابات عام 2009، وهو يتنصت على كثير من الوزراء ومسؤولي الحكومة. مجتبى له علاقة عميقة مع حسين طائب رئيس أمن الحرس الثوري وهذه العلاقة والصداقة أعطته اليد العليا في القرارات الأمنية في إيران. وجدير بالذكر أن حسين طائب ممنوع من الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بسبب نقضه الحقوق المدنية والحرية في إيران وكل حساباته البنكية مغلقة في الاتحاد.

واستولى الخامنئي على الحوزات العلمية خاصة حوزة قم العلمية، واستولى على موقوفاتها وهو الذي يعطي رواتب المعممين هناك، وبهذا الأمر جعل من الحوزة منبراً لحكومته وولايته المطلقة ولا يستطيع أحد أن يتكلم بكلمة مخالفة لولايته وإلا سيتم طرده من الحوزة وسجنه في بيته.

أعلى